ترزح ليبيا تحت وطأة أعمال تهريب الذهب وتزوير العملات بكيمات كبيرة، حيث كشف تقرير نشرته صحيفة "موند أفريك" الفرنسية عن تفشي النهب وتزايد تداول العملات المزيفة في البلاد، الأمر الذي يلقي بظلاله بشكل سلبي على الاستقرار النقدي، فضلا عن مساهمته في تغذية المليشيات المختلفة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ سقوط الدكتاتور الليبي معمر القذافي في سنة 2011، اشتبكت قوتان بلا هوادة وهما حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر المتمركز في بنغازي.



وأضافت أنه على الرغم من عملية السلام الطويلة، التي بدأت من خلال ماراثون من مؤتمرات المصالحة، فإن الأسلحة لم تتوقف أبدا عن اكتساب اليد العليا، حيث يتم دعم الطرفين من قبل الجهات الراعية لكل منهما، وهما تركيا وقطر لحكومة الوفاق الوطني الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية للجيش الوطني الليبي.

وأشارت إلى أن المليشيات الخارجة عن السيطرة تقوم بتوفير الأسلحة والذهب والعملات المزيفة في الأسواق الموازية.


وأوضحت أنه تم تفكيك شبكة تجارة واسعة لتهريب الذهب في مدينة مصراتة. وينظم هذه العملية مسؤولون رفيعو المستوى من جمارك المطار الدولي للمدينة الواقعة على بعد مائتي كيلومتر من طرابلس. وعلى خلفية ذلك، أمر النائب العام بالقبض على مدير عام الجمارك نظرا لخطورة القضية.

واستهدفت العملية تهريب نحو 25875 كيلوغراما من الذهب بقيمة تقارب 1.8 مليار يورو، وفقا لسعر السوق الحالي، على شكل سبائك. ووفقا للتشريعات الليبية في هذا المجال، فإن مصرف ليبيا المركزي هو الجهة الوحيدة المخولة بنقل الذهب خارج البلاد، وفقا للتقرير.

مصراتة 
وأوردت الصحيفة أن مصراتة هي ثالث أكبر مدينة في البلاد بعد طرابلس وبنغازي. وقد تطوّرت المدينة بفضل التجارة الإقليمية، خاصة مع تركيا وقطر. وتشتهر المدينة بأنها معقل جماعة الإخوان المسلمين، حيث دفع عميد بلديتها محمد اشتيوي حياته ثمنا لذلك بعد اختطافه في مطار مصراتة في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2017، إثر عودته من تركيا. وحسب اللجنة المشتركة لإحصاء عناصر الجماعات المسلحة، فقد قُدّر عدد الميليشيات المسلحة في مصراتة بأكثر من 200 مليشيا يتجاوز عدد أفرادها 20 ألف رجل.

وقبل وقت طويل من اعتقال ضباط جمارك مصراتة، ندّدت منظمة "سينتري" الأمريكية غير الحكومية بتهريب الذهب، حيث تلعب مدينة مصراتة دور منطقة العبور لتهريب الذهب إلى تركيا والإمارات العربية المتحدة. وتكشف المنظمة المتخصصة في التحقيق في الشبكات متعددة الجنسيات التي تستفيد من الصراعات العنيفة والقمع والكليبتوقراطية عن خريطة للتهريب. وتشير إلى وجود منافسة على تهريب الذهب بين موانئ ومطارات مدن مصراتة وزليتن والخمس التابعة لحكومة طرابلس وميناء ومطار بنغازي الخاضع لسيطرة جيش حفتر، حسب التقرير.

وتتهم المنظمة غير الحكومية الكيانين بالسيطرة على تهريب الذهب من منطقة الساحل من أجل تمويل استمرار الحرب. والغريب أن الذهب يتم نقله إلى الدولتين (تركيا والإمارات) الداعمتين لحكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي اللذين يتقاسمان ثروات البلاد.

سلاح العملات المزورة
ذكرت الصحيفة أن جميع التحركات مسموحة، مهما كان الضرر الذي لحق بدولة تعاني من ضعف في التكوين. وبالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي أصبح علامة مميزة للبلاد منذ سنة 2011، تقوم ليبيا بعمليات تهريب بجميع أنواعه، من الاتجار بالبشر إلى أوروبا، وتهريب الأسلحة إلى منطقة الساحل، ولكن أيضا تهريب العملة داخل البلاد.

وكشف مصرف ليبيا المركزي، الذي يقع مقره في طرابلس والتابع لحكومة الوفاق الوطني، نهاية أبريل/ نيسان عن وجود عمليّة جارية لزعزعة الاستقرار المالي. لقد غُمر سوق المال بالأوراق النقدية المزورة من فئة 50 دينارا (ما يعادل 10 دولارات). وسحبت وزارة المالية  النسختين من هذه الأوراق النقدية من السوق النقدي للبلاد ودعت الليبيين إلى إيداع الأوراق النقدية المتأثرة في المؤسسات المصرفية.

ومن جانبها، لم تتأخر الصحافة الطرابلسية في تحديد المذنب، وأشارت إلى وجود مزرعة في ضواحي بنغازي تسيطر عليها ميليشيات فاغنر الروسية (تسمى الفيلق الأفريقي)، التي تعد بمثابة دعم عسكري للجيش الوطني الليبي التابع للمشير حفتر. ومنذ فشله في الاستيلاء على طرابلس سنة 2019، وخسارة 9 مدن كبرى في 24 ساعة، دخل المشير في أزمة مالية مع ميليشيا فاغنر الروسية.


كما طالبت منظمة بريغوجين بدفع أرصدة موظفيها البالغة 150 مليون دولار. ومنذ آب/أغسطس 2023، تحسنت العلاقات بين السلطتين العسكريتين العنيدتين. ولم تجد أزمة حفتر والميليشيات الروسية حلا إلا بزيارة نائب وزير الدفاع الروسي إنغوش يونس بك يفكوروف إلى بنغازي فقط. ويبدو أن إعادة هيكلة ميليشيا فاغنر، من خلال دمج عملياتها ضمن الجيش النظامي، بعد اختفاء مؤسسها يفغيني بريغوجين، قد سهّلت المصالحة، وفقا للتقرير.

زعزعة الاستقرار النقدي
أوضح التقرير أنه خلال شهر أيلول/ سبتمبر 2019، بعد خمسة أشهر من فشلها في الاستيلاء على طرابلس، اعترضت البحرية المالطية سفينة تحمل شحنة من النقد بالدينار الليبي مطبوعة في روسيا متجهة إلى ميناء طبرق في شرق ليبيا الذي يسيطر عليه جيش حفتر. وذكرت وكالة رويترز أن "أكثر من 4.5 مليار دينار كانت قيمة الأوراق النقدية المزورة التي تم ضبطها".

وسبق أن كشفت صحيفة "ليبيا هيرالد" في صيف 2016 عن وجود أوراق نقدية مزورة في السوق النقدية الليبية دون تسمية المسؤول عن التزييف. وجاء خبراء من الشركة البريطانية المسؤولة عن إصدار الدينار الشرعي لفحص مدى التزوير. وتشتبه حكومة طرابلس في أن شركة جوسناك، وهي شركة روسية مملوكة للدولة، كانت وراء مناورة إغراق السوق النقدية في سنتي 2019 و2020، مباشرة بعد فشل جيش حفتر في الاستيلاء على طرابلس.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه بين سنتي 2015 و2020، طبع الروس ما يقارب 12 مليار دينار في ليبيا. وتم استخدام النقود المزورة كرواتب لميليشيات برقة المختلفة، مما تسبب في تضخم متسارع. وتهدف هذه الخطوة إلى دفع قيمة الدينار الليبي الصادر عن بنك ليبيا المركزي التابع للحكومة الرسمية إلى الانخفاض.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ليبيا حفتر مصراتة ليبيا مصراتة حفتر سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الوفاق الوطنی الوطنی اللیبی تهریب الذهب

إقرأ أيضاً:

غدًا.. اجتماع لجنة السياسة النقدية وسط ترقب اقتصادي واسع.. هل تبدأ دورة التيسير؟

تتجه أنظار الأسواق المحلية والدولية نحو اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري والمقرر عقده يوم الخميس 17 أبريل 2025، في ثاني اجتماعات اللجنة لهذا العام. ويمثل هذا الاجتماع لحظة حاسمة في مسار السياسة النقدية للبلاد، في ظل توقعات قوية باتخاذ قرار خفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ مارس 2022.

لجنة السياسة النقدية 

وتُعد أسعار الفائدة الحالية في مصر من بين الأعلى عالميًا، حيث تبلغ 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض. وتُثار التساؤلات حاليًا حول ما إذا كان البنك المركزي سيبدأ دورة تيسير نقدي تدريجية أم سيُفضل الإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة لفترة أطول لدعم استقرار الاقتصاد الكلي.

مواعيد اجتماعات لجنة السياسة النقدية 2025 

حسب الجدول المعلن من البنك المركزي المصري، فإن مواعيد الاجتماعات المتبقية للجنة السياسة النقدية لعام 2025 هي كالتالي:

الثاني الخميس 17 أبريل 2025الثالث الخميس 22 مايو 2025الرابع الخميس 10 يوليو 2025الخامس الخميس 28 أغسطس 2025السادس الخميس 2 أكتوبر 2025خفض الفائدة مرجّح رغم التحديات.. وهذه الأسباب

رغم رفع أسعار الوقود الأخيرة في مصر وزيادة التكاليف الناتجة عنها، إلا أن خبراء الاقتصاد والمصرفيين يرجّحون أن يتجه البنك المركزي المصري إلى خفض الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% و2%. ويعزز هذا التوجه:

تراجع معدلات التضخم السنوي، حيث سجل التضخم الأساسي 9.4% في مارس، مقارنة بـ10% في فبراير.تأثير "سنة الأساس" الذي يُظهر تباطؤًا في وتيرة التضخم.تحسن صافي الأصول الأجنبية بالبنوك، مما سمح بخروج آمن لاستثمارات أجنبية.استمرار جاذبية أدوات الدين المصرية للمستثمرين الدوليين.
 رامي أبو النجا نائب محافظ البنك المركزيتصريحات مطمئنة من البنك المركزي.. و"خطوات تدريجية"

أكد رامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي، في تصريحات إعلامية، أنَّ السياسة النقدية في مصر تُبنى على بيانات استباقية وليس على أرقام وقتية، مشددًا على أن البنك "لن يتردد في خفض الفائدة عندما تتوفر مؤشرات كافية لاستدامة انخفاض التضخم". 
وأوضح، في معلومات منسوبة إليه، أنّ الهدف الرئيس للسياسة النقدية "ضمان استقرار الأسعار على المدى المتوسط".
 

تأثيرات محتملة لخفض الفائدة.. الاقتصاد بحاجة إلى انتعاش


يرى خبراء اقتصاديون أن خفض أسعار الفائدة المرتفعة سيكون له أثر إيجابي مباشر على الاستثمار والإقراض، وخاصة في القطاعات الحيوية مثل العقارات والصناعة، إذ يعاني الاقتصاد المصري حاليًا من تباطؤ نسبي ونقص في تمويلات الشركات والمشروعات الصغيرة.
خفض تكلفة التمويل للمطورين العقاريين والمستثمرين.
تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر.
تخفيف عبء الديون على القطاع الخاص.
تحريك السوق العقارية بعد فترة من الركود بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض.
ما السيناريو الأقرب؟ توقعات بخفض يتراوح بين 1.5% إلى 3%
يرجّح عدد من المؤسسات المالية أن يقوم البنك المركزي المصري بتخفيض الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس (1.5%) خلال اجتماع الخميس، مع احتمال خفض أكبر يصل إلى 3% في حال تسارع تراجع التضخم واستمرار استقرار الأوضاع الاقتصادية.
 

مقالات مشابهة

  • صمت المدرجات يُشعل قمتي ليبيا.. الجماهير تُمنع من حضور ديربي طرابلس وبنغازي
  • تنتوش: الاجتماع مع ناجي عيسى سيحدد مصير الإصلاحات النقدية والمالية
  • الروبل يصبح الذهب الجديد في الأسواق العالمية
  • الأهلي طرابلس يكمل عقد الفرق المتأهلة إلى الدور الـ16 من مسابقة كأس ليبيا لكرة القدممنتصف مايو القادم ينطلق الدور الـ16 من مسابقة كأس ليبيا
  • غدًا.. اجتماع لجنة السياسة النقدية وسط ترقب اقتصادي واسع.. هل تبدأ دورة التيسير؟
  • أسعار النفط تهبط تحت وطأة الحرب التجارية
  • أوروبا تشتعل وتغرق في وطأة التغير المناخي
  • أزمة وقود تغلق مخابز في بني وليد.. وأصحابها يرفضون التزود من مصراتة
  • المركزي يصدر بياناً هامّاً بخصوص الأوراق النقدية
  • البدري: نفوق 1831 بقرة في مصراتة والإهمال الرسمي فاقم الخسائر