الدورات الصيفية تظاهرة علمية ثقافية تنير دروب الأجيال بالمعرفة والوعي وهدى الله
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
يمانيون – متابعات
تظاهرة علمية وثقافية واسعة باتت تشكلها الدورات والمدارس الصيفية بشكل سنوي في اليمن كتجربة رائدة كرستها القيادة الثورية لما لها من أهداف سامية ترتبط بواقع ومستقبل البلد والأمة بشكل عام.
ولعل من أبرز وأهم الأهداف والغايات النبيلة لهذه المدارس التي شارفت على اختتام أنشطتها أنها تمثل حاضنة لإعداد جيل يحمل من القيم والمبادئ والعلوم المختلفة ما يؤهله لتحمل مسؤولية بناء أمة قوية قادرة على مواجهة التحديات والأخطار المحدقة بها من كل صوب.
بدأت هذه التجربة في تسعينيات القرن الماضي بمحافظة صعدة تحديدا في عام 1991م، والتي أحياها السيد العلامة بدرالدين الحوثي وكانت تقام في بعض المساجد والمدارس مثل مسجد ومدرسة الإمام الهادي وتركز على تعليم الطلاب تلاوة وحفظ القرآن وعلومه والجوانب التوعوية المرتبطة بالمسؤولية تجاه واقع ومستقبل الأمة.
عقب ذلك توسع هذا النشاط سنة بعد أخرى إلى أن انتشر في عدة محافظات مثل صعدة وعمران وصنعاء وذمار والتي كانت تحظى بالاهتمام الكبير من العلامة بدرالدين الحوثي والشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي ويشرف عليها السيد العلامة محمد بن بدرالدين الحوثي.
أولى الشهيد القائد هذه الدورات اهتماما كبيرا وكان يحرص على زيارتها وإلقاء محاضراته التوعوية على الطلاب والتي كانت تشمل الكثير من المواضيع مثل المسؤولية الدينية والأخلاقية على طلاب العلوم الدينية وكذا الوعي السياسي تجاه أحداث وقضايا الأمة وكذا التربية الإيمانية والثقافة الجهادية وغيرها من الأمور التي تربط الملتحقين بها بواقع وقضايا الأمة والجهاد في سبيل الله.
وفي ظل واقع البلد والأمة باتت هذه المدارس ضرورة ملحة تقتضيها المرحلة نتيجة الهجمة الغربية الشرسة على منظومة القيم والمبادئ التي شكلت الهوية الإيمانية الجامعة للشعب اليمني والتي كانت وستظل الحصن الحصين لحمايته والحفاظ على كيانه.
ونتيجة لغياب الاهتمام بترسيخ الهوية الإيمانية في غالبية البلدان العربية والإسلامية باتت شعوب تلك الدول عرضة للاختراق من قبل الأعداء، وبدا ذلك واضحا في ما تشهده من انحدار أخلاقي بشكل تدريجي جعل من بعضها نسخة مشابهة للمجتمعات الغربية بثقافتها المنحلة.
وفي مقابل حملات التشويه والتضليل الذي تمارسها الأبواق الحاقدة من ضعاف النفوس ممن ارتموا في أحضان الأنظمة المطبعة لمحاولة رسم صورة سوداوية عن هذه المدارس، في سياق الأدوار الموكلة إليهم من أعداء الأمة، تشهد الدورات الصيفية من عام لآخر إقبالا أكبر من قبل الطلاب إيمانا من أولياء أمورهم بأهميتها وفائدتها الكبيرة لأبنائهم.
جسد ال- مإقبال والتفاعل الواسع على هذه الدورات لهذا العام مستوى الوعي الكبير الذي بات يحمله أبناء الشعب اليمني، وادراكهم أن ما يصدر من ضجيج وبلبلة مصدره انزعاج الأعداء من هذه المدارس واستماتتهم في إبعاد الأمة عن دينها ونهجها الإيماني القويم الذي يمثل مصدر قوتها وعزتها ليتسنى لهم إخضاعها والسيطرة التامة عليها.
ومما يجعل هذا الضجيج والانزعاج لا قيمة له لدى أحرار الشعب اليمني هو أن من يقف وراءه هم أنفسهم من شنوا وأيدوا العدوان والحصار على الشعب اليمني، وارتكبوا بحقه أفظع الجرائم، وهم أنفسهم من يساندون الكيان الصهيوني في عدوانه الإجرامي على الشعب الفلسطيني، ويدفعون بمرتزقتهم وذبابهم الإلكتروني لشن حملات التشويه ضد موقف الشعب اليمني المساند لشعب فلسطين وضد كل ما يقوم به من تحركات لإفشال مخططات ومؤامرات الأعداء ضد اليمن والأمة.
لهذا فإن من المتوقع أن ينزعج هؤلاء ويستميتون لتشويه المدارس والدورات الصيفية لمعرفتهم أنها جزء لا يتجزأ من معركة الوعي التي يخوضها الشعب اليمني بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، والتي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية ضد العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي ومن بعده العدوان الأمريكي البريطاني.
فبعد أن فشل هذا العدوان الأرعن عسكريا وتلاشى أمام صلابة وقوة وتماسك الشعب اليمني والتفافه حول قيادته الصادقة، ووقوفه خلف قواته المسلحة، ها هو اليوم يحاول العودة بطرق أخرى وتحت عناوين عدة من ضمنها الحملات الإعلامية المسعورة وتزييف الوعي ونشر الأفكار المغلوطة والثقافات الدخيلة في إطار حرب ناعمة هدفها الأساسي إفساد المجتمعات وبالأخص فئة النشء والشباب وغيرها من الفئات ليكون من السهل اختراق هذه المجتمعات من الداخل والتحكم بمصيرها.
من هنا تبرز الأهمية الكبيرة للأنشطة والدورات الصيفية في تحصين الطلاب والطالبات والنشء والشباب بشكل عام من الثقافات المغلوطة وحمايتهم من كل هذه الأخطار المحدقة بهم، وذلك من خلال تبصيرهم وتوعيتهم وربطهم بهدى الله وكتابه العزيز الذي هو حبل الله المتين والحصن الحصين لمن يحمل ثقافته ويعمل به.
كما أن هذه الواحات الايمانية هي بمثابة الاستثمار الأنسب لأوقات الفراغ خلال العطلة الصيفية والتي يكون الطلاب فيها أكثر عرضة للضياع نتيجة للكثير من الأسباب التي من أهمها تعدد وسائل الغزو الفكري التي يستخدمها الأعداء، وباتت موجودة في كل شارع وبيت مثل الهواتف الذكية والانترنت والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من الوسائل التي يستغلها الأعداء لاستهداف النشء والشباب وحرفهم عن المسار الصحيح وجعلهم وسيلة هدم للمجتمعات الإسلامية.
لا تقتصر الدورات والأنشطة الصيفية على تعزيز الجانب الثقافي والإيماني للملتحقين بها بل إنها تحفل بالكثير من البرامج والأنشطة الهادفة، تشمل الجوانب التربوية والرياضية والعلوم والمعارف المختلفة، إلى جانب اكتشاف وتشجيع وتنمية المواهب والقدرات المختلفة للطلاب والطالبات.
تعول القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى كثيرا على هذه المدارس في إعداد جيل واع يحمل من القيم والمبادئ الإيمانية والمعرفة ما يؤهله لتحمل مسؤولية بناء أمة قوية قادرة على مواجهة التحديات والأخطار، وعصية على الاختراق مهما كانت مؤامرات الأعداء.
تستمد القيادة هذه الرؤية من منظور قرآني وباستقراء أحداث طويلة مرت بها الأمة وما أحدثته البعثة النبوية من تغيير جذري في واقعها حتى أوصلها هدى الله إلى القمة، قبل أن تعاود الانحدار بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نتيجة ابتعادها التدريجي عن كتاب الله وتعاليمه، وصولا إلى ما هي عليه اليوم من سقوط على كافة المستويات.
لهذا يؤكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي على أن الأمة لا يمكن لها أن تفلح أو تصلح إلا بما صلحت به في أولها، معتبرا الأمية القائمة في هذا العصر لدى كثير من نخب المجتمع، أخطر بكثير من الأمية التي كانت سائدة في الجاهلية الأولى، نتيجة المفاهيم المقلوبة والتصورات الخاطئة التي أدخلها الأعداء إلى أوساط الأمة.
كما أن حالة التراجع والشتات والفرقة والتخلف التي وصلت إليها شعوب الأمة تعود إلى جهلهم، وانحرافهم، وسوء فهمهم، وما دخل إليهم من ثقافات وتصورات وأفكار خاطئة غيرت نظرتهم إلى الدين، والحياة والواقع والناس والأعداء، وكل شيء فأوصلتهم إلى ما وصلوا إليه.
وعليه فقد بات الجميع في حاجة ماسة للعودة إلى القرآن وهدى الله، وتعليماته المباركة، لبناء نهضة وحضارة إسلامية تعتمد على المفاهيم القرآنية الصحيحة، وهو ما تهدف إليه المدارس الصيفية من خلال تعليم الأجيال القوة والبأس الشديد والثقة بالله والروحية الجهادية والوحدة مع الأمة الإسلامية لتكون جديرة بحمل هم الأمة وقضاياها الأساسية.
– سبأ / يحيى جارالله
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: بدرالدین الحوثی الدورات الصیفیة الشعب الیمنی هذه المدارس التی کانت
إقرأ أيضاً:
تداعيات سقوط سوريا
راشد بن حميد الراشدي
وسقطت دمشق لتدك حصونها ويسحق جيشها وعدتها وعتادها وقوام عصب حياتها في مختلف أوجه عزتها ومن أعدائها المتربصين بها فقد تنادت الأسود نحو القصعة والقلعة الباقية التي تزود عن شرف الأمة وكرامتها، فقد فضحت بسقوطها كل الأنظمة العالمية والعربية من خلال اجتماعهم للقضاء على الرجل المريض الذي خارت قواه ودُك عرشه فأصبح شريدًا بعد أن كان عصيًا بجبروته وملكه ليستسلم وطن عربي آخر ويسقط في فلول الطامعين الذين باتوا اليوم يُقطِّعون جسد سوريا والأمة ويضعون سكاكينهم أيهم يغنم أكثر، تحت شعارات الحرية ومحاربة الإرهاب لتُقسَّم سوريا إلى مناطق متناحرة من خلال مخططاتهم والتي بُنيت لتأجيج الطائفية والمذهبية وليتقاتل أبناء الوطن الواحد في عصابات تكفيرية مأجورة، كما نرى اليوم، وتذهب هيبتهم وكرامتهم ويتمكنوا من الوطن ومن خيراته ومقدراته ليقتات عدوهم اللدود وأعداء الأمة من ثروات البلاد ويأمن العدو جانبه.
ومع انحدار الزمن وضعف الأمة التي باتوا يقطعون أوصالها إلى دويلات تخدم الصهيونية ومصالحها في مقابل أن تُقدم لها ثروات الأوطان على طبق من ذهب من عملاء مأجورين فما حدث ويحدث اليوم في العراق وليبيا والسودان ولبنان ليس ببعيد لتلحق سوريا بكل تلك المكائد وليحل يوم أسود جديد على الأمة العربية والإسلامية الخانعة الضعيفة تحت ذل عدو جاثم على صدرها والتي استسلمت لسكين جزار لا يرقب الرحمة في ذبيحته فهو يقطعها قطعةً قطعةً حيَّة قبل أن يذكيها بذبح حلال من خلال آلاف القتلى والجرحى المتناحرين بينهم ومن خلال عبيدهم المحبين للدم وللسلطة والمال والجاه، والذين يتبعون أوامر أسيادهم أينما يوجهون لا يرفضون لهم أمرًا ولا شرطًا سوى طاعة عمياء مجندة لخدمة أسيادهم فهم عبيد للصهيونية العاهرة التي انكشف عهرها وفسادها وظلمها أمام أعين العالم من خلال ما حدث من أحداث متتالية ومن خلال صمود واستبسال رجال الحق في غزة وفلسطين ولبنان واليمن على نصرة الحقيقة المطلقة التي محصت الحق من الباطل ومن خلال الحق الأبدي للأمة في أوطانها والذين أرادوا طمس الحقيقة بخداعهم وكذبهم الذي ابتدعه بنو صهيون وأرادوا به خداع العالم.
سقطت دمشق وستسقط عواصم أخرى إذا لم تستيقظ عواصم الأمة العربية والإسلامية من سباتها وتعرف مكانتها بين الأمم وتُعيد تاريخها التليد الماجد، فلقد أثبت العدو- لعنه الله- أنه ماضً في تمزيق جسد الأمة فهو لا عهود له ولا مواثيق تذكر إنما نقض أزلي لكل عهوده ومواثيقه وإذا لم تتحد الأمة اليوم فلن تبلغ الغد وأنا على يقين أن إرادة الله هي الباقية وهي اليد العليا وأن مكائد الشيطان واتباعه هي اليد السفلى الفانية فبإذن الله سيشرق غدًا فجرٌ جديدٌ، وسيخرج الله من هذه الأمة رجال يحبون الله ويحبهم سوف يسيمون أعداء الله أشد العذاب وسيلقنونهم دروسًا في النزال تمزقهم شر ممزق وتقطع شوكتهم وتكبت جشعهم، فلا غالب إلّا الله فمن معه ربه سينتصر ومن معه الطاغوت وأعوانه من شياطين الإنس سيخسر ويندثر فالغلبة بإذن الله للمؤمنين.
سوريا نموذج جديد لأطماع الغرب وللقيطتهم القابعة في فلسطين المحتلة فهم ليسوا سوى شتات وبشهادة مؤرخيهم وكتابهم وسيظلون شتاتاً يبحثون عن سراب واهم هو أوهن من بيت العنكبوت، فلتصحو الأمة العربية والإسلامية لتلك المطامع المتجذرة منذ مئات السنين ولتصحو سوريا وأطيافها وطوائفها ومدنها وتتحد ولتدرك بأنَّ المراد لها من خلال هذه الأحداث هو شق صفوفهم واقتيادهم إلى نار حرب أهلية لا تطفئها بعد ذلك مياه الصالحين.
فلينتبهوا وليوحدوا أنفسهم تحت لواء الحق ففي الاتحاد قوة وهزيمة لعدوهم فعسى يغلب الخير الشر ويذهب الباطل جفاء كزبد البحر وتعود الأمة والأوطان كسابق عهدها يسودها السلام والوئام فسوريا ليست الجائزة الكبرى للمعتدين إنما الجائزة هو مخططهم الذي ينادون به منذ احتلالهم لفلسطين من دجلة والفرات إلى النيل فهيهات هيهات لهم تحقيق مأربهم وبإذن الله نحن الغالبون وبه نستعين.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين في شهرك الكريم في غزة وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق وليبيا والسودان وسائر بلاد المسلمين اللهم اخز عدوهم وأذنابه وشتتهم ومزقهم كل مُمزق يا رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
رابط مختصر