د. محمد فؤاد يكتب: عن الفيل الأبيض.. الدعم وأشياء أخرى
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
هل تعرفون مفهوم «الفيل الأبيض» فى الاقتصاد؟.. هذا المصطلح الذى يشير إلى شركة خاسرة لكن لا توجد قدرة على التخلص منها وفى ذات الوقت يمثل استمرار وجودها إشكالية كبيرة لمالكيها بسبب تكاليف تشغيلها الباهظة، فلا وجودها مربح ولا يمكن بيعها.
المصطلح مستمد من قصة ملوك تايلاند الذين كانوا مُعتادين على إهداء رجال الحاشية الملكية المكروهين فيلاً أبيض من أجل تدميرهم بسبب التكلفة العالية للعناية به، ويستخدم الغرب تعبيراً آخر يُعرف بـ«الفيل فى الغرفة» وهو تعبير مجازى يشير لموضوع أو قضية مثيرة للجدل تكون واضحة ويعرفها الجميع ولكن لا يذكرها أحدهم أو يريد مناقشتها.
ويأتى «الفيل الأبيض» و«الفيل فى الغرفة» كعنوان جامع فى إطار حديث اقتصادى دائر حول الدعم. يصور الحديث الدائر الدعم كما لو أنه يمثل العبء الأكبر على الميزانية ولا بد من التعامل معه فوراً.
فوفقاً لأرقام الموازنة، فإن فاتورة الدعم قد بلغت 332 مليار جنيه فى العام المالى 2017/2018، وهو ما يعادل 21 مليار دولار، فى حين تستهدف الحكومة صرف 636 مليار جنيه، أى ما يعادل 14 مليار دولار فقط، فى موازنة ٢٤-٢٥.
فى حين تضخم الدين العام -الفيل الأبيض الحقيقى- الذى بلغ 380.69 مليار جنيه عام 2017/2018 وهو ما مثَّل وقتها 25% من الموازنة، مقارنة بـ3.4 تريليون جنيه بنسبة 62% من موازنة العام المالى المقبل.
فقبل كل شىء هناك حاجة لفهم ما أوضحته آنفاً ومصارحة المواطن به قبل الحديث عن أى مخططات تخص هذا الملف الحساس للغاية، وحتى لا يُفهم حديثى بشكل مغاير فلطالما ناديت بتنظيم الدعم بشكل تدريجى وتحويله لدعم نقدى مشروط، لكن بالطبع لا بد أن يدار الأمر بأسس وخطوات مدروسة قد لا أراها الآن وسط فقه حل مشكلات الاقتصاد بشكل قطاعى.
لكن نفاجأ بحديث عن أزمة ما وتتركز تصريحات الحكومة حولها وتُصدر كما لو أنها المشكلة الأكبر، وبعد فترة يتضح الأمر بألا نشهد تطوراً فى الموقف، بل على العكس تزداد المشكلة الرئيسية فى التوغل للدرجة التى ترتب صعوبات أكبر فى حلها، ولنا فى أزمة الدولار والكهرباء عبرة، خاصة أنهما كانا عرَضاً للمرض الرئيسى.
لذا فقبل أى حديث عن الدعم والجدل بشأن التحول نحو الدعم النقدى، يجب فى البداية تبيان إلى أى مدى يمثل هذا الملف عبئاً على الموازنة وهل هو الملف الذى يستوجب كل هذا الاهتمام والتركيز أم أن هناك أولويات أخرى أجدر منه، مثل تفحل الدين العام وسبل استدامته أو تعاظم الإنفاق العام وانهيار وحدة الموازنة.
أما فيما يخص الدعم النقدى كبديل لنظام الدعم العينى المعمول به حالياً، ففى تقديرى تمثل الآلية النقدية فرصة أكبر للوصول الفعلى للمستحقين حال تطبيقها بشكل صحيح دون أى يمثل ذلك أى تأثير على الموازنة، خاصة أنها «تكلفة» سوف تُدفع نقداً أو فى شكل سلع، لا فرق إلا لو ارتبط التطبيق باستبعاد غير المستحقين رغم أن ذلك ممكن مع النظام الحالى.
وقد سبق أن أعددت بحثاً مطولاً حول نظام الدعم النقدى فى ٢٠١١، أكدت فيه ضرورة وجود بعض العوامل بشكل مسبق قبل تنفيذ عملية التحول أهمها الاستهداف، بمراجعة بيانات مستحقى الدعم واستبعاد غير المستحقين بما يسمح بمنع الهدر من ناحية وأيضاً تنظيم مراجعة قيمة الدعم المقدم خاصة فى ظل حالة التضخم التى يشهدها الجميع.
فالدعم النقدى وفقاً للعديد من الدراسات العلمية «نظام كفء»، لأنه لا توجد فيه مشاكل التوزيع والهدر التى يتسم بها الدعم العينى، كما أنه يمكن ربطه بمستهدفات التنمية فى حالة التحول للدعم المشروط مثل مشروطيات التعليم والرعاية الصحية، فنساعد بذلك مؤشرات التنمية المجتمعية على التطور ونستطيع قياس الأثر التنموى للإنفاق. ولنا فى تجارب «فومى زيرو» و«بولصا فاميليا» فى البرازيل أسوة حسنة فيما قدمته من تطور فى هذا الملف.
لكن إشكاليته التى آمل الانتباه إليها حتى يحدث فارق، أنه لا يجوز تطبيقه إلا بآليات جيدة ودراسة وضع الاقتصاد الكلى، خاصة فى حالة وجود معدلات تضخم خارج السيطرة ترتب غلاء الأسعار بشكل مستمر للدرجة التى لا تجعل الدعم، سواء كان نقدياً أو عينياً، يفلح معه.
فالأمور يجب ألا تدار بهذه الطريقة التى صدرت ملف الدعم على المشهد خلال ٤٨ ساعة مع قرار بالتحول نحو نظام جديد للدعم بداية من العام المقبل دون أى دراسات مسبقة أو خطوات تدريجية لضمان فاعلية التطبيق ودراسة أبعاده.
نحتاج إلى الاعتراف أولاً بحقيقة الأزمة التى يعانيها الاقتصاد (الفيل الحقيقى)، والتركيز على المرض الرئيسى الذى يؤلمه، حتى ننخرط فى الأساسيات ولا نكون مثل عازفى الموسيقى فى فيلم تايتنك.. تغرق سفينتهم بينما هم منهمكون فى العزف!
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الاقتصاد اقتصاد مصر الموازنة المالية الدعم النقدى
إقرأ أيضاً:
بدء الأعمال الإنشائية في 3 أحياء بمدينة السلطان هيثم ودخول 3 أخرى مرحلة التشييد قريبًا
يشهد قطاع البناء في مدينة السلطان هيثم نشاطًا متسارعًا مع دخول عدد من الشركات والمطورين مرحلة التنفيذ الفعلي، إذ بدأت الأعمال الإنشائية في حي الوفاء العام المنصرم، بينما استهل حي مساكن يناير وحي واحة الصاروج أعمال التشييد مؤخرًا، ومن المتوقع أن تبدأ الأعمال الإنشائية لحي النهى في الربع الثاني من العام الجاري، على أن تتوالى الأعمال الإنشائية لبقية الأحياء خلال هذا العام، وبروح الفريق الواحد تتكامل الجهود على الأرض لتنفيذ شبكات البنية الأساسية وتهيئة المواقع وفق الجدول الزمني المعتمد، ويعكس هذا الحراك الميداني التحول الحقيقي من مرحلة التخطيط إلى مرحلة البناء والتطوير، ويؤكد جاهزية المدينة لاستقبال مشاريع سكنية ومعيشية متكاملة.
بيئة استثمارية متماسكة
وقال جمال بن ناصر الهادي، المستشار الإعلامي لوزير الإسكان والتخطيط العمراني: إن عام 2024 شهد تقدمًا ملموسًا في مدينة السلطان هيثم، تُرجم من خلال توقيع مجموعة من الاتفاقيات النوعية مع مستثمرين محليين ودوليين، ما يعكس تنامي الثقة في البيئة الاستثمارية التي توفرها المدينة، باعتبارها أحد المرتكزات الحضرية الجديدة ضمن "رؤية عُمان 2040"، وانطلاقًا من قناعة راسخة بأن التخطيط العمراني لم يعد مجرد عملية تنظيم للمساحات، بل أداة استراتيجية لتعزيز جودة الحياة ودعم التنويع الاقتصادي، حرصت الجهات المعنية على تطوير منظومة متكاملة تيسر الإجراءات، وتعزز جاهزية البنية الأساسية، وتوفر بيئة استثمارية متماسكة ومتقدمة.
وأوضح أن مدينة السلطان هيثم تواصل مراحل التنفيذ العملي، ففي عام 2025 باشر عدد من الشركاء أعمالهم الميدانية ضمن الأحياء المعتمدة، بدعم من المكتب التنفيذي للمشاريع المستقبلية، الذي يعمل على تذليل التحديات التنسيقية والفنية، وتوفير ممكنات النجاح في مختلف الحزم والمواقع، وفي الوقت ذاته، يواصل فريق استقطاب الاستثمارات جهوده في تمكين المستثمرين وتسهيل دخولهم إلى السوق العقاري للمدينة، بما يسهم في تنوع المشاريع ويعزز من زخم التطوير في مختلف الأحياء، ويمثل هذا التقدم في التنفيذ تمهيدًا لتوقيع مجموعة من الاتفاقيات الجديدة خلال العام الجاري، ضمن خارطة متكاملة تعكس التوجه نحو إنشاء بيئة حضرية ذكية، ومجتمع عمراني متكامل، يجعل من مدينة السلطان هيثم نموذجًا عمليًا للمدن المستقبلية في سلطنة عُمان والمنطقة.
التطبيق الفعلي
وقال المهندس ناصر الحضرمي، المدير التنفيذي للمشاريع المستقبلية بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني: إن مدينة السلطان هيثم تشهد خلال العام 2025 مرحلة مهمة من مراحل التنفيذ، حيث باشر عدد من المطورين العقاريين أعمالهم الميدانية في عدد من الأحياء والمشروعات المعتمدة، وتعد هذه الخطوة امتدادًا طبيعيًا لجهود التخطيط والتحضير التي أُنجزت خلال الفترة الماضية، وتجسد الانتقال من التصور إلى التطبيق الفعلي.
وأشار إلى أن المكتب التنفيذي للمشاريع المستقبلية يعمل على تمكين هذا التحول من خلال متابعة تنفيذ حزم البنية الأساسية، وتنسيق الجهود بين الجهات المختصة، ومتابعة تطورات العمل في المواقع الميدانية لضمان الانسجام والتكامل بين مختلف عناصر المشروع، مشيرًا إلى أن القيمة الإجمالية للعقود المرتبطة بالبنية الأساسية في المرحلة الأولى بلغت ما يزيد على 190 مليون ريال عُماني، وتشمل أعمال التهيئة العامة، وإنشاء الطرق، وشبكات الخدمات، والمرافق التشغيلية، وقد وصلت نسبة الإنجاز في أعمال التهيئة إلى 100%، في حين حققت محطة الكهرباء الأولى نسبة إنجاز تقارب 30%، وتجاوزت بعض الحزم الأخرى، مثل مركز التجربة والتحكم، نسبة 50%، وتستمر الأعمال في بقية الحزم بوتيرة متصاعدة وفق الجداول الزمنية المعتمدة.
جاهزية أول فيلا
وقال المهندس ناصر بن سالم السيابي، المدير التنفيذي لشركة الأبرار العقارية "حي الوفاء": يمثل حي الوفاء أحد مشاريع النهضة المتجددة التي يقودها بكل اقتدار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - وهو حي متكامل الخدمات يتميز بالاستدامة ونمط الحياة الراقي، إذ يتكون الحي من 2200 وحدة سكنية تنقسم إلى خمس مراحل، وهو أول حي تم الإعلان عنه وباشر الأعمال الإنشائية مباشرة.
وأوضح أن مراحل المشروع تسير وفق المخطط، بل تجاوزت إطارها الزمني بنسبة مرضية، ويمثل جاهزية أول فيلا بالحي مؤشر نجاح كبير لمشروع مدينة السلطان هيثم، والعمل يمضي قدمًا في المشروع، وبالتأكيد هناك تحديات كأي مشروع، ولكن بتعاون الجميع وجهود وزارة الإسكان والتخطيط العمراني يتم تجاوز تلك التحديات.
وأضاف: حققنا مبيعات في المرحلة الأولى بنسبة تتجاوز 97%، وأطلقنا المرحلة الثانية من المبيعات، وسيكون العائد على الاستثمار جيدًا جدًا وفقًا لدراسات السوق التي أجريناها، وكذلك نتيجة الإجراءات الحكومية المصاحبة لتعزيز القطاع العقاري.
وأكد أن نسبة التشجير والاخضرار في المدينة عالية جدًا وفقًا لما أُعلن عنه سابقًا، وهي تتجاوز المعدلات العالمية في المدن المشابهة، وتعد المرافق التعليمية والترفيهية في الحي عامل جذب كبير، إذ شجعت الكثير على الشراء، وقد انتهت مراحل التصميم لثلاث مدارس وسيتم إسناد العمل قريبًا، وإضافة إلى المدارس، يتميز الحي بوجود عدد من المرافق كالجوامع والمراكز الصحية، وحضانات الأطفال، والحدائق، وغيرها، كما أن مداخل المدينة والشوارع المرتبطة والمرافق التي أعلنت عنها الحكومة ستُسهم في جعل مدينة السلطان هيثم وجهة للسكن الراقي.
مساكن يناير حيز التنفيذ
وقال قيس الكندي، الرئيس التنفيذي للعمليات بشركة الإدراك العقارية "مساكن يناير": حقق مشروع مساكن يناير إقبالًا ملحوظًا منذ تدشينه، حيث تم تسجيل عمليات شراء من قبل مستثمرين ينتمون إلى 11 جنسية مختلفة، مما يعكس الثقة المتزايدة في جودة المشروع وموقعه الاستراتيجي ضمن مدينة السلطان هيثم.
وأكد أن أعمال البناء دخلت حيز التنفيذ في شهر أبريل الجاري، في خطوة تعكس الانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ الفعلي، كما تعتزم الشركة المطورة تنفيذ زيارات ترويجية لعدد من الدول الآسيوية والأوروبية، بهدف تعزيز الحضور الدولي للمشروع واستقطاب مزيد من الاستثمارات النوعية.
"النهى" الربع الثاني
وقال يونس بن خصيب الحراصي، الرئيس التنفيذي لشركة تبيان العقارية "حي النهى": يمتد حي النهى على مساحة تتجاوز 58 ألف متر مربع، ويضم 113 وحدة سكنية و35 معرضًا تجاريًا، وتجمع تصاميم الحي بين مكونات العمارة العُمانية والحداثة، كما تعد إحدى أبرز سماته ضمّه لمرافق متكاملة كالمرافق التعليمية، والصحية، والتجارية، والثقافية والدينية، بالإضافة إلى مساحات مخصصة للتنزه والرياضة، وتتميز وحداته العقارية بمساحاتها الرحبة وتصاميمها الفريدة، مما يجعله نموذجًا مثاليًا للأحياء السكنية الراقية، ولذلك يوفر هذا الحي فرصة فريدة للراغبين في تملك وحدات سكنية فاخرة أو مساحات تجارية في مدينة عصرية كمدينة السلطان هيثم، ومن المؤمل البدء في العمليات الإنشائية مطلع النصف الثاني من هذا العام.
واحة الصاروج
بدأت الأعمال التنفيذية في واحة الصاروج، الذي تطوره شركة "الصاروج للتطوير العقاري"، وتشمل 210 وحدات سكنية بين فلل "عهد" وشقق "أزها" بتصاميم متعددة وخيارات تمويل ميسّرة، ومن المتوقع جاهزية أول فيلا خلال 2025، مع تسارع وتيرة التشكل العمراني للحي خلال الفترة القادمة.
وادي زها
يستعد حي وادي زها لبدء التنفيذ الفعلي للمشروع خلال العام الجاري من قبل شركة "الأهلي صبور"، بعد تحقيق مبيعات قياسية منذ تدشين المشروع في يناير المنصرم، ويتميز الحي بتنوع وحداته السكنية، التي يبلغ عددها 760 وحدة سكنية، وموقعه القريب من الحديقة المركزية، ما يجعله خيارًا مميزًا للتملك في المدينة.
حي الأحلام
تُشرف شركة "دريم فيلا" على تطوير حي الأحلام، وقد اكتمل بيع المرحلة الأولى بالكامل، ومن المقرر بدء الأعمال الإنشائية خلال هذا العام، في مشروع يمتد على مساحة تتجاوز 33 ألف متر مربع، ويضم 47 وحدة سكنية وثلاث حدائق ومساحات خضراء تزيد عن 4 آلاف متر مربع، بما يوفر بيئة سكنية متوازنة تدعم جودة الحياة.
تكامل الأحياء السكنية
تعكس أحياء مدينة السلطان هيثم نهجًا تكامليًا في التخطيط، حيث تُقدم خدمات متكاملة لجميع الفئات، وتُسهم في إيجاد فرص استثمارية طويلة الأمد ضمن بيئة متوازنة تستقطب المواطنين والمقيمين على حد سواء.