ضِمادة حروق تسرّع الشفاء.. تُصنع من الذرة والصويا وقشر التفاح
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
طورت "مجموعة أبحاث المواد الذكية" بالمعهد الإيطالي للتكنولوجيا، ضِمادة مصنوعة من مواد نباتية، ومحملة بفيتامين "سي"، ويمكنها تسريع عملية الشفاء من جروح الحروق.
وعادة ما تتعرض المنطقة المصابة بعد الحرق للاحمرار والتورم نتيجة للالتهاب، وهذه آلية دفاع طبيعية للجسم، ومع ذلك فإن الالتهاب المفرط يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية تتمثل في توليد الجذور الحرة للأكسجين، وهي عملية تُعرف باسم "الإجهاد التأكسدي"، مما يعوق عملية الشفاء.
ولمعالجة هذا القلق ابتكر باحثون ضِمادة متوافقة حيويا وقادرة على منع الزيادة المفرطة في مستوى الالتهاب، وتقليل عدد الجذور الحرة، وبالتالي تُقصّر الوقت اللازم للشفاء، وعلاوة على ذلك تتحلل بشكل طبيعي خلال بضعة أيام، مما يُخفض المخاوف من توليد المزيد من النفايات.
كيف تُصنع؟تُصنعت الضمادة التي كشف الباحثون عن تفاصيلها في دراسة نشرت بدورية " إيه سي إس إبلايد بايو ماتريالز"، من مواد قابلة للتحلل، وتتكون من بروتين مصدره الذرة "الزين"، وسكر "البكتين" المتوفر في قشور العديد من الفواكه مثل التفاح، ومركّب "الليسيثين" المتوفر في الصويا.
ووصف الباحثون في الدراسة خطوات التصنيع على النحو الآتي:
تحضير محلول البوليمر: بعد تجهيز بروتين الزين (من الذرة) وسكر البكتين (من قشور التفاح) والليسيثين (من الصويا)، تُذاب هذه المواد في مادة مذيبة لتكوين محلول بوليمر متجانس. إضافة المادة العلاجية "فيتامين سي": يُدمج فيتامين سي في محلول البوليمر، مع التأكد من توزيع الفيتامين بالتساوي داخل المحلول، للسماح بإطلاقه بشكل موحد في المنتج النهائي. الغَزْل الكهربائي للمحلول المحمل بالفيتامين: فبعد إضافة فيتامين سي للمحلول، يوضع في محقنة مجهزة بإبرة، ثم تُوصّل المحقنة بمصدر طاقة عالي الجهد (عادة في حدود 10 إلى 30 كيلو فولت)، مما يخلق المجال الكهربائي اللازم للغزل الكهربائي، وتكون هناك أسطوانة دوارة لتجميع الألياف النانوية أثناء نسجها. الغمر في محلول أيونات الكالسيوم: بعد تشكيل الألياف النانوية، تُغمر في محلول يحتوي على أيونات الكالسيوم بما يساعد على ربط مكونات الألياف النانوية ومنحها سلوكا يُشبه "الهلام المائي"، مما يعزز السلامة الهيكلية واستقرار الضمادة.ويسمح النسيج المسامي لهذه الضمادة بإطلاق فيتامين سي تدريجيا، بما يؤدي إلى استقرار مستويات الالتهاب وخفض إنتاج الجذور الحرة. وأثبت الباحثون توافق المنتج مع الخلايا البشرية، وهي سمة أساسية تحدد إمكانية استخدامه في المستقبل على البشر، وذلك من خلال الاختبارات المعملية التي أجريت على "الخلايا الكيراتينية"، وهي الخلايا التي تشكل الجلد.
وأظهرت الاختبارات المعملية انخفاضا في أربعة من المؤشرات الحيوية الدالة على الالتهابات، وهي مستويات ثلاثة جزيئات رئيسية "الإنترلوكين IL-1β، وIL-6″، وكذلك عامل نمو الورم "TNF-α"، إذ انخفضت جميعها بنسبة من 30 إلى 50% في وجود الضمادة مقارنة بالوضع عندما لم تكن موجودة في المكان.
وعلاوة على ذلك، كشفت المقارنة نفسها عن انخفاضٍ بنسبة تترواح بين 50 و70% في عدد الجذور الحرة للأكسجين، وأخيرا لوحظت زيادة في إنتاج الكولاجين، وهو جزيء مهم في عمليات شفاء الجلد، إلى جانب زيادة في الخلايا الليفية، وهي الخلايا المشاركة في إصلاح الجروح.
وللتحقق من صحة هذه النتائج، أجريت سلسلة من الاختبارات قبل السريرية على فئران التجارب، وأثبتت قدرة المنتج على تقليل الالتهاب، وهو ما دفع الباحثين إلى القول في بيان صحفي أصدره المعهد: "كل هذه الأدلة تضافرت لتسلط الضوء على فعالية الضمادة في تسريع عملية الشفاء من الحروق".
ويسعى الفريق البحثي للذهاب إلى ما هو أبعد من استخدام مواد ذات أصل طبيعي فقط، ويقول الباحث في "مختبر المواد الذكية" بالمعهد الإيطالي للتكنولوجيا "فابريزيو فيورنتيني" في البيان: "ما فعلناه في تلك الدراسة هو البداية، ولكن سيكون الهدف التالي هو إنشاء منتج مشابه جدا، ولكن باستخدام مواد مشتقة من نفايات الطعام من أجل تلبية مفهوم الاقتصاد الدائري".
وتقول الباحثة الرئيسية المشاركة بالدراسة من "مختبر المواد الذكية" "أثناسيا أثناسيو": "هذا مجرد تطبيق واحد من التطبيقات الممكنة لهذه الفئة من المواد الذكية، ونحن نعمل على ابتكارات أخرى قادرة على تسريع الشفاء، ليس فقط للحروق، ولكن أيضا لأنواع أخرى مختلفة من الجروح مثل التمزقات أو تقرحات الجلد".
ويثني المدير المؤسس لبرنامج علوم النانو بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا "إبراهيم الشربيني"، في حديث هاتفي مع الجزيرة نت، على البعد البيئي الذي انتهجه الفريق البحثي في دراسته، لكنه يرى أن الفريق كان عليه إعطاء مزيد من الاهتمام للبعد الطبي.
ويقول الشربيني، الذي نشر قبل نحو ثمانية أعوام دراسة عن ضمادة لعلاج الجروح بالدورية نفسها التي أعلن فيها الفريق الإيطالي عن إنجازه: "البعد البيئي في هذا العمل مهم للغاية، لكنه لا يجب أن يأتي على حساب البعد الطبي".
ويضيف: "أتفهم حرص الفريق البحثي على استخدام مصادر نباتية لإنتاج الضمادة وتوفير المادة الفعالة فيتامين سي، ولكن إذا كان هذا النهج بمفرده سيحقق النتائج المحدودة في الفعالية التي ذكرها الباحثون في دراستهم، فكان يجب العمل على البحث عن مصادر أخرى تزيد الفاعلية".
واعتبر الشربيني أن نسبة الانخفاض في المؤشرات الحيوية الدالة على الالتهابات غير مُرضية، وكذلك نسبة الانخفاض في عدد الجذور الحرة للأكسجين، وقال: "هذه النتائج لا تعكس حدوث شفاء تام، وإذا عرفنا أن مدة فاعلية الضمادة على الجرح هي 3 أيام فقط كما ورد في الدراسة، فكيف سيكون الحال بعد تلك الفترة".
ويشير الشربيني أيضا إلى أن ما ذكره الباحثون من أن الضمادة ستذوب بشكل تلقائي لأنها مصنّعة من مواد حيوية، قد يكون عاملا سلبيا، ويحتاج إلى مزيد من الاختبارات، لأن المواد التي تُصنّع منها الضمادة ورغم أنها مواد طبيعية، فإن ذوبانها في منطقة الجرح قد يؤدي إلى تغيير في الأس الهيدروجيني (درجة الحموضة)، مما يؤثر سلبا في العلاج.
واختتم تعليقه بالإشارة إلى أن البعد البيئي للدراسة مهم، لكن يجب أن يكون متوازنا مع البعد الطبي عن طريق البحث عن مواد أخرى طبيعية، أو الجمع بين أكثر من مادة لتحقيق نتائج أفضل في الفعالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المواد الذکیة الجذور الحرة فیتامین سی
إقرأ أيضاً:
السودان: 5.4 مليون طن إنتاج الذرة.. و470 ألف طن “قمح”
وزير الزراعة أبوبكر عمر البشرى لـ(الكرامة) حول الحديث عن نقص الغذاء بالبلاد:
جهــــات تروج لـ”المجــــــاعة” بالســـــودان والسبب (….)
6.6 مليــــون طن إنتاج الحبـــــــوب بالبلاد حسب الأمم المتحدة..
الانتاج أعلى من العام السابق .. ويفوق متوسط السنوات الخمس الماضية..
كونا لجنة عليا لحصر الخسائر التي أحدثتها الميليشيا بالجزيرة..
5.4 مليون طن إنتاج الذرة.. و470 ألف طن “قمح”..
(….) هذه هي الخــــــطة التأشيــــــرية للموسم الصيفي..
الزراعة تشكل (….) من الناتج القومي.. ومنفتحين أمام الاستثمار
حوار : محمد جمال قندول– الكرامة
أثارت التقارير التي تتحدث عن حدوث نقص في الغذاء بالبلاد جدلًا واسعًا، وظلت مثار اهتمام الرأي العام خلال الآونة الأخيرة.
(الكرامة) وضعت هذه التساؤلات أمام منضدة وزير الزراعة أبوبكر عمر البشرى، الذي قدم ردودًا قويةً، كما طاف معنا على جملةٍ من المحاور المهمة، وعن خطط هذا القطاع المهم في ما بعد الحرب.
هنالك تقريرٌ صادر عن الأمم المتحدة، يتحدث عن نقص الغذاء في السودان، ما تعليقكم عليه؟
رددنا على هذا الأمر كثيرًا. ولكن قبل شهرين جاءنا ردٌ من المنظمات، وهنالك لجنة دولية شُكلت اسمها “تقييم المحاصيل وانسياب الغذاء في السودان” برعاية منظمة “الفاو”، وشاركوا منتسبين من الوزارة خاصة الأمانة الفنية للأمن الغذائي، وإدارة التخطيط، وإدارة الإنتاج، وشاركت وزارة الثروة الحيوانية، وهيئة الأمن الاقتصادي، حيث تجولت هذه اللجنة بكل الولايات وأخرجوا لنا تقريرًا قبل شهرين.
ماذا حوى التقرير؟
رصد إنتاجنا لكل المحاصيل في الموسم الصيفي السابق، وذكر التقرير أنّ إنتاجنا من الحبوب بلغ 6.6 مليون طن، وهو أعلى من العام الذي سبقه بنسبة 70% وأعلى من متوسط مجموع 5 سنوات سابقة بـ9%. والتقرير ذكر أيضًا أنّ إنتاجنا في الذرة بلغ 5.4 مليون طن، وهذا يفوق احتياجنا من الذرة التي تقدر بـ 4 مليون طن سنويًا، وهذا يطمئن على الوضع الغذائي في السودان حسب التقرير.
هل هنالك جهات تروج للمجاعة؟
هنالك بعض الجهات تروج للمجاعة رغم هذا التقرير وهذه الجهات ربما يكون لها أسبابٌ سياسية لتعلن المجاعة في السودان ويتم التدخل الدولي في البلاد مما يفقد السودان سيادته.
هل تعلمون هذه الجهات؟
بالطبع لا نعلمهم بالاسم، ولكن التي تروج للمجاعة رغم التقرير الدولي هذا مرادها ما ذكرته لك.
هل حصرتم الخسائر بعد 3 أشهر من تحرير ولاية الجزيرة التي تضم أكبر مشروعٍ زراعي؟
هنالك لجنة عليا لحصر الخسائر التي أحدثتها الميليشيا وهي الآن تعد تقريرًا لذلك.
الموسم الصيفي مؤشراته؟
كل المؤشرات ذكرها التقرير لجنة “تقييم إنتاج المحاصيل وانسياب الغذاء (cfssam)”.
والآن أنتم بصدد حصاد الموسم الشتوي، هل هنالك مؤشرات واضحة له؟
نفس اللجنة قدرت إنتاجنا من القمح بحوالي 470 ألف طن، وهو إنتاج أكبر من العام السابق.
ما هي أبرز العقبات التي تواجهكم في هذا القطاع؟
القطاع الزراعي تأثر كثيرًا بالحرب. وكان احتلال الجزيرة أكبر المؤثرات، لكننا عوضنا عن ذلك بزراعة مساحات أكبر في الولايات الآمنة “كسلا، ونهر النيل، والشمالية”.
ما هو المطلوب للنهوض بهذا القطاع؟ وهل وضعتم خطة محكمة لما بعد الحرب؟
نحن مقبلون على الموسم الصيفي الذي يبدأ في شهر يونيو، ووضعنا خطةً تأشيريةً لهذا الموسم ابتداءً من شهر يناير. وحسب الخطة الموضوعة، ستتم زراعة 43 مليون فدان، فيها 20 مليون فدان ذرة، و3 مليون فدان دخن، لأنهما غالب قوت أهل السودان، بالإضافة للمحاصيل الأخرى.
الزراعة رغم وجود أراضٍ شاسعة حتى قبل الحرب، لم تكن المورد الأول الرافد للاقتصاد، ولا زال بعد الحرب النفط والمعادن هما من يرفدان خزينة الدولة. هل هنالك خطة واضحة لأن تكون الزراعة موردًا؟
الآن تشكل من 30 لـ 40 في المائة من الناتج القومي، ونحن حسب استراتيجيتنا التي تقوم على نظرة تقول إنّه لا بد من التحول من الزراعة التقليدية للزراعة الحديثة التي تتبنى رفع إنتاجية الفدان، ونحن ساعون لتحقيق هذه النظرة.
ما بعد الحرب، هل تتوقعون مستثمرين سيدخلون للاستثمار فى الزراعة؟
نحن منفتحون أمام الاستثمار والشراكات الزراعية. ونعلم تمامًا أن المستثمرين لا بد أن تتوفر لهم بيئة مستقرة للدخول في الاستثمار بالزراعة في السودان.
ولكن، نماذج سابقة فشلت بسبب الإجراءات العقيمة. هل وضعتم معالجاتٍ لذلك؟
الآن تم إصدار قانون الاستثمار، وهو قانون مشجع للمستثمرين وبه العديد من الحوافز للمستثمرين الوطنيين. نحن نأمل بعد الحرب أن يقبل العديد منهم في الزراعة والصناعة التحويلية.
ماذا تقول عن انتصارات الجيش الأخيرة؟
نتقدم بالتهاني للجيش وكل القوات المساندة لتحريرهم أهم مناطق الزراعة في السودان ومؤخرًا القصر الجمهوري والانتصارات التي تتوالى.