سعي البرهان لتغيير الوثيقة الدستورية يفجر جدلا قانونيا وسياسيا بالسودان
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
الخرطوم- أثار إعلان ياسر العطا، عضو مجلس السيادة السوداني ومساعد القائد العام للجيش، أن رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان سيلغي الوثيقة الدستورية ويعلن أخرى جديدة، نقاشا قانونيا وسياسيا.
وقال العطا إن البرهان "سيعين رئيس وزراء مستقلا، توطئة لتشكيل حكومة جديدة"، في خطوة طال انتظارها رغم وعود البرهان المتكررة كان أبرزها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2023 بتشكيل وزارة مؤقتة تدير البلاد إلى حين توقف الحرب وتوافق القوى السياسية على فترة تأسيسية انتقالية.
وفي أغسطس/آب 2019، وقع كل من المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)، وثيقتي "الإعلان الدستوري" و"الإعلان السياسي"، بشأن هياكل وتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين خلال الفترة الانتقالية.
ثم أدخلت تعديلات على الوثيقة الدستورية عندما صادق عليها مجلسا السيادة والوزراء في أكتوبر/تشرين الأول 2020 شملت اعتبار اتفاق جوبا لسلام السودان الموقع في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بين حكومة السودان الانتقالية، وأطراف العملية السلمية "جزءا لا يتجزأ منها".
ومن أبرز التعديلات أيضا تشكيل مجلس جديد في البلاد تحت مسمى "مجلس شركاء الفترة الانتقالية"، يختص بالفصل في الاختلافات التي قد تنشأ بين الأطراف السياسة المختلفة، بجانب بدء حساب الفترة الانتقالية، التي كانت محددة بـ39 شهرا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلن البرهان، حالة الطوارئ في السودان، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وتعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية والشراكة مع قوى الحرية والتغيير.
ويرى خبراء قانونيون أن الدستور يجب أن يصدر عن مؤتمر دستوري أو جمعية تأسيسية، وليس عن سلطة سيادية.
وفي هذا السياق، يقول رئيس اللجنة القانونية في تحالف قوى الحرية والتغيير السابق والخبير القانوني نبيل أديب إن "الوثيقة الدستورية هي دستور الفترة الانتقالية ولا تزال كذلك، ولا يجوز إلغاؤها إلا بواسطة سلطة تأسيسية فرعية، وهي حسب نص الوثيقة الدستورية المجلس التشريعي الانتقالي الذي لم يتشكل".
ويوضح الخبير القانوني -في تصريح للجزيرة نت- أن الوثيقة الدستورية صدرت في يوليو/تموز 2019 بناء على اتفاق سياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، ويمكن التوافق عبر حوار سوداني- سوداني على إنشاء سلطة تأسيسية فرعية (مجلس تشريعي) تقر وثيقة دستورية لحكم البلاد.
من جانبه، يقول الباحث السياسي إسحاق آدم إن الوثيقة الدستورية تم إلغاؤها عمليا بانقلاب البرهان على شركائه المدنيين في قوى الحرية والتغيير وإقصائهم عن السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، لأن الوثيقة كانت مصممة على طرفين، قبل أن تلحق بها الحركات المسلحة عبر اتفاق جوبا للسلام.
تعديلات مرتقبةيعتقد مستشار قانوني في وزارة العدل أن العطا كان يقصد إجراء تعديلات جديدة على الوثيقة الدستورية أو إصدار وثيقة جديدة بعد إنهاء الحرب، عبر مؤتمر حوار سوداني يفضي إلى توافق سياسي بشأن إدارة مرحلة انتقالية جديدة حتى الوصول إلى انتخابات عامة.
ويقول المستشار -الذي فضّل عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت إن الوثيقة الدستورية السارية حاليا تم تعديلها عبر الجهاز التشريعي المؤقت (مجلسي السيادة والوزراء)، الذي كان يصدر التشريعات إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الذي كان مقررا أن يتم بعد 3 أشهر من توقيع الوثيقة، ولكن ذلك لم يحدث.
وفي اتجاه آخر، يقول المحامي عبد الله الصادق "يمكن أن يصدر البرهان مرسوما بتعليق العمل بالوثيقة الدستورية، ثم يصدر مرسوما آخر بتعيين مجلس سيادي ويعطي السلطة للمجلس بتعيين رئيس مجلس وزراء، ويشكل حكومة طوارئ بعد إعلان حالة الطوارئ في البلاد".
وحسب حديث المحامي للجزيرة نت، فإن الخيار سيبقي العمل طوال الفترة التأسيسية الانتقالية بمراسيم أو إصدار مرسوم يعطي سلطة التشريع لمجلسي السيادة والوزراء مجتمعين، وعبرها يتم إقرار وثيقة دستورية يضمن فيها اتفاق جوبا للسلام.
مناورة سياسيةويرى الباحث إسحاق آدم في حديث للجزيرة نت أن البرهان ظل يناور ويراوغ بشأن تشكيل حكومة جديدة منذ انقلابه، حيث وعد عقب قراراته التي سماها "تصحيح المسار" بأنه سيشكل حكومة ومجلسا تشريعيا ومر على ذلك 30 شهرا، وكلف وكلاء وزارات وبلا رئيس وزراء، حيث سمى موظفا بلغ سن التقاعد بمهام وزارة شؤون مجلس الوزراء، لأنه يريد أن يمسك كل الخطوط ويكرس كل السلطات في يده.
فهناك ضرورة، وفق آدم، لرئيس وزراء فاعل وحكومة مدنية تخاطب العالم بشأن حل الأزمة السودانية والتصدي لقضايا المواطنين الإنسانية وتحسين الخدمات وإصلاح الاقتصاد، لأن غياب الحكومة كان لمصلحة قيادة الجيش المسؤولة عن إدارة الحرب والدولة، مع غياب دور الدولة السياسي والخطاب الإعلامي.
ويرجح الباحث أن يتجه البرهان خلال الأسابيع المقبلة إلى تغيير غالبية الوزراء المكلفين، ويستبعد تسمية رئيس وزراء حسب إعلان ياسر العطا، لأن البرهان يريد أن يكون مركز السلطة، مع حرصه في الوقت نفسه على توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي بأنه لا يسعى إلى حكم شمولي، وأن الحكومة الحالية مؤقتة ستنتهي مهامها بنهاية الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أکتوبر تشرین الأول الفترة الانتقالیة الوثیقة الدستوریة السیادة والوزراء الحریة والتغییر للجزیرة نت رئیس وزراء
إقرأ أيضاً:
إطلاق سراح مسؤول سابق بالفيفا أُعيد انتخابه وهو في السجن
ذكرت تقارير إعلامية في مالي، اليوم الأربعاء، أن السلطات أطلقت سراح ماموتو توريه العضو السابق في مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) من أحد السجون في البلاد، بعد عامين تقريبا من احتجازه بتهمة فساد مزعوم.
وتم إطلاق سراح توريه، رئيس الاتحاد المالي لكرة القدم منذ 2019، بعد 622 يوما في السجن أمس الثلاثاء.
وشغل توريه عضوية مجلس الفيفا، هيئة صُنع القرار في كرة القدم العالمية، لمدة 4 سنوات حتى الشهر الماضي، حين خسر مقعده بعد فشله في خوض انتخابات جديدة.
وذكرت التقارير أن المسؤول (67 عاما) اعتقل في أغسطس/آب 2023 بتهمة اختلاس 28 مليون دولار من الأموال العامة، لكن السلطات القضائية أصدرت قرارا بالإفراج المؤقت عنه.
واتُّهم بسوء التصرف خلال فترة توليه منصب المدير المالي والإداري للجمعية الوطنية في الفترة من 2013 إلى 2019.
ونفى توريه جميع الاتهامات وخلال الفترة التي قضاها في السجن، أُعيد انتخابه في أغسطس/آب الماضي رئيسا للاتحاد المالي لكرة القدم لولاية ثانية على التوالي، وزعم أنصاره أنه كان ضحية مؤامرة يغذيها منتقدوه.
وأثناء وجوده في السجن، تلقى خطاب دعم من رئيس الفيفا جياني إنفانتينو. ومع ذلك، اعتبارا من الشهر الماضي، لم يعد توريه عضوا في مجلس الفيفا أو اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
إعلان