موقع النيلين:
2025-02-04@08:00:11 GMT

“المحقق” تقدم قراءة في تصريحات ياسر العطا

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

الاتفاقيات مع روسيا توجه حقيقي للدولة أم مناورة سياسية

الوثيقة الدستورية الجديدة من سينفذها ومتى ستبدأ المرحلة الإنتقالية

القاهرة- المحقق – صباح موسى

تصريحات عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام للقوات المسحلة الفريق ياسر العطا، أثارت الجدل في فحوى المعنى والتوقيت، وفتحت بابا واسعا للأسئلة حول مدى الجدية في التنفيذ، وامكانية المناورة في وقت يحتاج فيه السودان إلى مثل هذه الكروت من الضغط الداخلي والخارجي.

حديث العطا
وعن أهم ماجاء في حديث العطا واستوجب الوقوف عنده أنه كشف في تصريحاته لقناتي العربية والحدث أمس “السبت” أن روسيا طلبت إقامة محطة للوقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة، وأن اتفاقيات بهذا الصدد سيتم توقيعها قريباً، واعتبر أنه ليس عيباً إعطاء قاعدة عسكرية لأي دولة على البحر الأحمر مقابل الإمداد بالأسلحة والذخائر، كما أعلن العطا أن رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان سيلغي الوثيقة الدستورية ويعتمد دستوراً جديداً لإدارة الفترة التأسيسية الانتقالية، مبينا أن هناك خطاب مرتقب للبرهان يعلن فيه عن رئيس وزراء مستقل يعيّن حكومته من كفاءات مستقلة، كما اتهم العطا فرنسا بالسعي لإنشاء وطن “لعرب الشتات” في دارفور على حساب سكانها الإصليين.

جدية أم تلويح
تأتي تصريحات ياسر العطا بعد أكثر من عام على الحرب في السودان، ويبدو أن القوات المسلحة السودانية ضاقت ذرعا بالأساليب الأمريكية والأوروبية في كيفية حل الأزمة السودانية، ومن الممكن أن تقرأ هذه التصريحات من باب التلويح بالكارت الروسي البديل، وسط احتمالين اما أن يكون هناك نية حقيقية للإعتماد على روسيا في المرحلة المقبلة، بعدما نجحت موسكو بشكل كبير في مساعدة بعض الدول الأفريقية وعلى رأسها دول الساحل الأفريقي في تعزيز الأنظمة العسكرية بهذه البلدان، ومساعدتها بشكل كبير في مواجهة مشاكلها وتحدياتها، واستطاعت روسيا أن تكون بديلا مناسبا بعد طرد القوات الفرنسية والأمريكية هناك، وشجع في ذلك استحسان شعبي كبير للوجود الروسي، بعد نفور كبير من الهيمنة الأوربية والأمريكية، أما الإحتمال الثاني هو أن مجلس السيادة، ربما يحاول بالمناورة التلويح بامكانية الإعتماد على الدب الروسي، بعد اليأس من المحاولات الغربية بانتهاج سياسة الكيل بمكيالين، وعدم الجدية في حل الأزمة السودانية، إلا بعد تحقيق أطماع بدت واضحة جدا في البلاد.

مناورة الوثيقة
كما يبدو أن الحديث عن إلغاء الوثيقة الدستورية، والتي تم الغائها عمليا بعد اجراءات 25 أكتوبر، ربما يقرأ من باب تحذير القوى السياسية التي وقعت عليها مع المكون العسكري آنذاك، بأن هناك نية لعمل وثيقة جديدة مع أطراف مختلفة غيرها، بعد الموقف الذي تتخذه هذه القوى من الحرب، وانحيازها للدعم السريع بشكل ملحوظ، فهل ستكون هناك وثيقة دستورية جديدة بالفعل، أم أن وثيقة المرحلة التأسيسية للمرحلة الإنتقالية التي وقعت عليها قوى سياسية قريبة من خط الجيش ستكون هي البديل للمرحلة المقبلة، وهل سيتم تطبيقها مع تشكيل الحكومة الجديدة مباشرة والتي أعلن العطا عن تشكيلها قريبا، أم أن الحديث عن وثيقة لما بعد الحرب، علاوة على سؤال آخر حول المرحلة الإنتقالية وبدايتها هل ستكون قبل الحرب أم بعدها.

حديث معمم
واعتبر عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار أن تصريحات العطا مجرد حديث معمم، الهدف منه الهروب إلى الأمام. وقال ميرغني لـ ” المحقق” إن القضية الأساسية في البلاد، هي إعادة صياغة الدولة، بدلا من سلطة الأمر الواقع، مضيفا أن هياكل الدولة كثيرة، وأنها ليست مجرد مجلس وزراء، فهناك هياكل أخرى يجب تشكيلها مثل المجلس التشريعي وغيره من هياكل بناء الدولة، معربا عن اعتقاد بأن الحديث عن توقيع اتفاقيات قريبة مع روسيا ليس به جدية، وقال إن روسيا طلبت من قبل محطة للتزود بالقود على البحر الأحمر، وإن موسكو أعلنت على لسان وزير خارجيتها عند زيارته للسودان في عام 2022 قال إن بلاده تفضل أن تبحث هذا الأمر مع حكومة مدنية ومجلس تشريعي، لافتا إلى أن موضوع روسيا والاتفاق معها ورقة تستخدم عند اللزوم، وقال أما فكرة التزويد بالأسلحة الروسية، المقابل له هو رغبة موسكو في الحصول على ذهب السودان وأن هذا ليس معناه رغبة عسكرية روسية في هذا التوقيت.

شراء للوقت
واتفق ميرغني مع حديث أن الوثيقة الدستورية غير معمول بها أصلا منذ 25 أكتوبر، ورأى أن التلويح بتغييرها هو من باب المناورة السياسية، وقال إنه ليست هناك جهة أصلا تضغط من أجل وضع دستوري، معتبرا أن الحديث في هذا الأمر مجرد شراء للوقت ليس إلا، وأنه لن تكون هناك حكومة جديدة، وقال كلها أحاديث سمعناها كثيرا من قبل ولم تنفذ، كما رأى أن الإتهام بأن فرنسا تريد تجميع عرب الشتات في دارفور مجرد أوهام، وقال ما علاقة فرنسا بعرب الشتات، موضحا أنها قبائل ممتدة في الساحل الأفريقي وأنها أقليات، متسائلا ماهي مصلحة باريس في تجميع هذه القبائل، وقال إن النظام السابق حاول توطين هذه القبائل العربية في دارفور.

مسألة حتمية
بدوره رأى الدكتور التجاني سيسي رئيس قوى الحراك الوطني أن توقيع اتفاقيات مع روسيا مسألة حتمية. وقال سيسي لـ ” المحقق” إن الظروف التي مر بها السودان والحرب وبعض العقوبات التي مازلت سائرة على البلد، وإن هنالك الكثير من التحفظات الغربية على القوات المسلحة، وهنالك آخرون يدعمون مليشيا الدعم السريع، ولم يستبعد أن الحكومة السودانية يمكن أن توقع اتفاقات من هذا النوع مع روسيا، مؤكدا أن ذلك مسألة سيادية متروكة للحكومة في أن تفعل ما تشاء في هذا الأمر، واتفق سيسي مع اتهام فرنسا في جمع عرب الشتات في دارفور، وقال إن هنالك مسألة غير مفهومة في التوجه الفرنسي، خاصة أنها لديها سطوة على تشاد، وعندها وجود أمني كبير وتدرك كل مايدور داخل تشاد، مضيفا لا أعتقد أن فرنسا لا تدرك أن الإمارات تستخدم مطار ” أم جرس” التشادي لنقل الأسلحة والعتاد إلى الدعم السريع، وأن فرنسا تعتقد أن عرب الشتات هم السبب في كل القلاقل في مناطق الفرانكفون الفرنسية، وربما شعرت أنه لابد من التخلص منهم في تلك البلدان حتى يعود النفوذ الفرنسي في هذه المناطق، وتابع أن تشاد هي الأخرى تريد التخلص منهم، لأنهم يثيرون القلق بها، وأن هناك كثيرون من عرب تشاد لجأوا للسودان وأصبحوا في مواقع نفوذ في غفلة من الزمن خاصة أيام حكم الإنقاذ، معتبرا أن السياسة التشادية أيضا تشجع عرب الشتات في الاستيطان بدارفور. وعن حديث العطا عن الوثيقة الدستورية، أوضح سيسي أنه لم يقصد به الوثيقة التأسيسية للمرحلة الإنتقالية التي وقع عليها القوى المؤازرة للجيش، وقال إن العطا يقصد الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الإنتقالية، مضيفا أن ذلك يعني أنه ستكون هنالك مراجعة للوثيقة الدستورية، وربما يتم العمل بوثيقة أخرى أو العودة إلى دستور 2005.

توجه حقيقي
أما الدكتور خالد التجاني الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، فقد رأى في تصريحات العطا توجه حقيقي تجاه روسيا، مشيرا إلى تسمية الوفود التي ستذهب إلى موسكو لتنفيذ ذلك، وإلى أنها مربوطة باتفاقيات اقتصادية وسياسية وليست عسكرية فقط. وقال التجاني لـ ” المحقق” إن المشكلة الآن أن السودان يدفع ثمن موقعه الجغرافي الذي لم يستفد منه، وإن جزء من موارد البلاد هي المعضلة، مضيفا أن الحكومة تراهن على علاقتها مع الغرب، لكن من الواضح أن أمريكا لا تريد تحقيق علاقات استراتيجية مع السودان، حتى مع الحكومات الديمقراطية السابقة بالسودان، في وقت كانت فيه داعمة للحكومات الشمولية، وتابع أن أمريكا كانت أكثر تعاملا مع حكومة الإنقاذ نفسها، خصوصا في قضايا الحرب على الإرهاب ودارفور وغيرها، ولم يكن هناك مشكلة جوهرية، صحيح كانت هناك عقوبات ولكنها كانت غير فاعلة، مشيرا إلى قضية فصل الجنوب والتي ساهمت فيها أمريكا بشكل كبير، وإلى أنها لم تمد يد المساعدة للجنوبيين بعد هذا الإنفصال، وقال إن العطا أشار إلى أن الباب مفتوح لكل الأطراف لتوقيع اتفاقيات، متخذا جيبوتي نموذجا في وجود قواعد عسكرية دولية كثيرة بها على البحر الأحمر رغم قصر شواطئها مقارنة بالسودان، مؤكدا أن السودان يرحب بالجميع، وأن ذلك ليس معناه هذا مقابل ذاك، مضيفا أنه ليس هناك رغبة من الغربين في رؤية سودان آمن مستقر.

فراغ سياسي
وقال التجاني إن الوثيقة الدستورية قد تم إلغاؤها بالفعل بعد 25 أكتوبر 2021، موضحا أن الوثيقة الدستورية كانت مصممة على أطرافها، وإنه لم يتم تنفيذها حتى بعد توقيعها، وهذا ما أدى إلى فشل المرحلة الإنتقالية، بعد تنازل الطرف المدني لجزء من صلاحياته للطرف العسكري الذي حول المجلس السيادي بدوره من شرفي إلى فعلي، من أجل اقتسام السلطة في المرحلة الإنتقالية، لافتا إلى أن الحديث عن ترتيبات الإنتقال في هذا التوقيت معناه أن الجيش في وضع عسكري أفضل جعله ينتقل للحديث عن الملف السياسي لإدارة الفترة الإنتقالية، مضيفا أن أحد اشكاليات القوى السياسية أنها تركت فراغا كبيرا يملؤه العسكريون الآن، وتابع أن كلا القوى السياسية المضادة بالبلاد لا يمتلكان رؤى سياسية، موضحا أن القضية متعلقة بحسابات عن إطار دستوري وإدارة مدنية، وأن الحديث عن تشكيل حكومة الآن مختلف عن تشكيل حكومة حرب في السابق، مؤكدا أن هناك ترتيبات انتقال حقيقية، وأنه لابد أن يكون هناك حكومة مدنية، وقال إن الجيش يستبق أي عملية تفاوض، بنقل العملية في الوقت الراهن من النزاع المسلح إلى مخاطبة القضايا على الأرض، ولم يستبعد عمل العسكريون لوثيقة جديدة ربما بالتشاور مع بعض القوى السياسية، وقال إن الأولوية الآن لإنهاء الحرب، وتابع أن هذا الإنهاء له سيناريوهات مختلفة، بدرجة معينة من التوازن العسكري، وربما لم ينتظر الجيش انتهاء الحرب تماما لتشكيل حكومة جديدة، وربما تبدأ بعدها مرحلة قبل انتقالية.

القاهرة- المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المرحلة الإنتقالیة الوثیقة الدستوریة القوى السیاسیة البحر الأحمر أن الحدیث عن فی دارفور مضیفا أن وتابع أن مع روسیا أن هناک وقال إن إلى أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: روسيا تحاول إنقاذ قواعدها في سوريا

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفيين بول سون وكريستينا غولدباوم قالا فيه إن وقت الرضوخ للواقع كان قد حان، ولذلك وصل وفد من الدبلوماسيين الروس، الثلاثاء الماضي، في قافلة من سيارات الدفع الرباعي البيضاء لحضور قمة في دمشق ومهمة لا يحسدون عليها: وضع الأساسات لاحتفاظ روسيا بقواعدها العسكرية في سوريا، بعد أقل من شهرين من إطاحة الثوار بالرجل القوي المفضل لدى موسكو، بشار الأسد.

وللقيام بذلك، كان الوفد في احتياج إلى كسب ود شعب قصفته القوات العسكرية الروسية بلا رحمة، وساعدت الأسد لسنوات.



وكان في انتظارهم أحمد الشرع، الذي نجا من عقد من الغارات الجوية الروسية ليبرز كزعيم مؤقت جديد لسوريا. ووقف في القصر الرئاسي وواجه مبعوثي الكرملين في مواجهة طال انتظارها.

وانتهت المحادثات التي تلت ذلك، وهي الأولى بين موسكو ودمشق منذ نهاية الحرب التي دامت قرابة أربعة عشر عاما، دون حل. ولكن هذه الاجتماعات مثلت بداية مفاوضات مطولة محتملة حول الدور الذي قد تلعبه روسيا، إن وجد، في سوريا ما بعد الحرب، بعد أن خسرت محاولتها لإبقاء الأسد في السلطة.

وقد أظهر الاجتماع نوع المقايضة الجيوسياسية التي بدأت في أعقاب الحرب الأهلية في سوريا - مع إمكانية إعادة تشكيل الشرق الأوسط.

تتنافس القوى العالمية على النفوذ، بينما تحاول القيادة السورية الناشئة كسب الشرعية والأمن والمساعدات من خلال سياسة واقعية منضبطة وباردة.

وقال تشارلز ليستر، زميل بارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: "أعتقد أن الجو العام في دمشق هو: نحن السوريون لسنا بحاجة إلى قتال مع أي شخص في هذه المرحلة، بما في ذلك أعداءنا السابقين. لذا فإن خفض التصعيد والبراغماتية هما سمتي اللعبة".

ومع ذلك، طلب من الروس تقديم التنازلات. وأكد  الشرع أن أي علاقات جديدة مع موسكو "يجب أن تعالج أخطاء الماضي"، وطلب تعويضا عن الدمار الذي أحدثته روسيا، كما قالت حكومته في بيان.

كما طالب الشرع موسكو بتسليم الأسد وكبار مساعديه لمواجهة العدالة، وفقا لمسؤولين في الحكومة المؤقتة على علم بالاجتماع.

من المؤكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، وهو جاسوس سابق يقدر الولاء، لن يوافق على ذلك. وعندما سئل المتحدث باسم بوتين في اليوم التالي للاجتماع عما إذا كان  الشرع قد طلب تسليم  الأسد، رفض التعليق.

ومن ناحية أخرى، بدا  الشرع منفتحا بشكل مدهش على التعاون مع روسيا، على عكس إيران، الحليف الرئيسي الآخر للأسد، والذي قالت السلطات الجديدة في دمشق إنه لم يعد موضع ترحيب في سوريا.

في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية في أواخر كانون الأول/ ديسمبر، استشهد  الشرع بـ "العلاقات الاستراتيجية الطويلة الأمد" بين سوريا وموسكو وقال إنه "ليس في عجلة من أمره لإخراج روسيا من سوريا، كما يتصور البعض".

وأشار في مقابلة منفصلة مع التلفزيون السعودي الحكومي إلى أن روسيا زودت الجيش السوري بالأسلحة لعقود من الزمن وتوفر الخبراء الذين يديرون محطات الطاقة في سوريا. والنتيجة المترتبة على ذلك هي أن دمشق قد تحتاج إلى روسيا في المستقبل.

وقال  ليستر عن الزعماء الجدد في سوريا: "إنهم في احتياج شديد إلى الشرعية والدعم الدولي. والتسبب في أي تمزق دولي كبير سيكون أسوأ ما قد يفكرون في القيام به".

وتقول حنا نوتي، المحللة في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي، إن ما يحتاجه  الشرع، إلى جانب الإمدادات المحتملة من النفط والحبوب من روسيا، هو ألا تلعب موسكو دور المفسد في جهوده لإعادة بناء سوريا وبناء حكومة.

وتضيف: "إن هذا البلد يبنى الآن سياسيا من الرماد". وأشارت إلى أن الروس أعضاء دائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ويمكنهم إعاقة  الشرع بعدة طرق، إذا قرروا عدم "التعاطف السياسي".

وقد أشار  الشرع نفسه إلى أن روسيا تعتبر ثاني أقوى جيش في العالم، وقال إن حكومته التي تشكلت حديثا ليست في وضع يسمح لها بمعارضة القوى الكبرى.

وفي الاجتماع، حيث مثل روسيا مبعوثها الأعلى إلى الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، لم يبد أي من الجانبين في عجلة من أمره لاتخاذ أي قرارات كبيرة. إن ما يطلبه بقية العالم، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا والسعودية، من القادة الجدد في سوريا قد يؤثر أيضا على مصير روسيا.

ففي الأسابيع الأخيرة، وصلت مجموعة من الدبلوماسيين من تلك الدول وغيرها إلى دمشق للقاء الشرع.

تريد روسيا الاحتفاظ بقاعدتها البحرية على البحر الأبيض المتوسط في طرطوس، والتي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفييتية. كما تسعى إلى الحفاظ على قاعدة حميميم الجوية خارج اللاذقية، والتي استخدمتها موسكو كمركز للإمداد والتوقف للعمليات الاستكشافية في أفريقيا. وحتى الآن، لم تقل السلطات السورية الجديدة لا، وبقيت روسيا على حالها، على الرغم من نقل المعدات العسكرية من القواعد.

وقد قوبل الخطاب البراغماتي السوري بالمثل في موسكو.

بعد سنوات من الدفاع عن نظام الأسد في ساحة المعركة وفي الأمم المتحدة، حول القادة الروس خسارة حليفهم القديم إلى انتصار ومدوا غصن الزيتون للسلطات الجديدة، التي طالما أدانتها موسكو باعتبارها إرهابية.

قالت نوتي: "أود أن أسميها انتهازية مرتجلة. إنه تحول ملحوظ للغاية".

قال بوتين، متحدثا في كانون الأول/ ديسمبر في مؤتمره الصحفي السنوي، إن روسيا فازت، بدلا من أن تخسر، في سوريا، لأن موسكو منعت البلاد من أن تصبح جيبا إرهابيا. وقال إنه لم ير الأسد حتى الآن، رغم أنه تعهد بلقائه في مرحلة ما. ومن غير الواضح ما إذا كانا قد التقيا منذ ذلك الحين.

وعرض الزعيم الروسي استخدام القواعد الروسية لتسليم المساعدات الإنسانية للشعب السوري، الذي كان قبل أسابيع فقط يقاوم الضربات الجوية الروسية.

وقال إنه سيحتفظ بوجود روسيا هناك، فقط إذا كانت مصالح موسكو تتوافق مع مصالح القوى السياسية التي تولت السلطة.

في الأمم المتحدة، قال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا في كانون الثاني/ يناير إن تلك القوى "تتصرف بكفاءة تامة". وأكد أن الصداقة بين روسيا وسوريا "ليست مرتبطة بأي نظام".

كانت البدلة الزرقاء وربطة العنق التي ارتداها الشرع في الاجتماع مع المبعوثين الروس تتناقض مع ماضيه كمقاتل في تنظيم القاعدة تحول إلى زعيم للثوار الإسلاميين. وكذلك كانت خطاباته غير المتحدية في الفترة التي سبقت المحادثات، واستعداده المعلن لتسوية الأمور مع أعدائه السابقين، بما في ذلك الولايات المتحدة.

في كانون الأول/ ديسمبر، استقبل  الشرع وفدا رفيع المستوى من وزارة الخارجية الأمريكية، على الرغم من أنه قضى ذات مرة فترة في العراق مسجونا لدى القوات الأمريكية، وتم تصنيفه كإرهابي من قبل الحكومة الأمريكية مع مكافأة قدرها 10 ملايين دولار. (سحبت واشنطن المكافأة بعد المحادثات).

يحتاج  الشرع إلى تخفيف العقوبات من الولايات المتحدة، فضلا عن دعم واشنطن في مجلس الأمن، حتى تتمكن سوريا من البدء في التعافي الاقتصادي والوصول إلى المساعدات الدولية.

ولا تزال الولايات المتحدة لديها قوات على الأرض، تدعم القوات التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا والتي لا يسيطر عليها  الشرع. وقد أعرب عن رغبته في الحفاظ على البلاد كاملة، والتي تشمل تلك المنطقة، حيث دعمت واشنطن القوات المحلية لتدمير تنظيم الدولة.

زار مسؤولون أوروبيون دمشق وعرضوا مسارا لتخفيف العقوبات، لكنهم أوضحوا أنهم لن يوافقوا على الاحتفاظ بوجود عسكري روسي في البلاد.

ومن غير الواضح كيف ستتعامل إدارة ترامب مع هذه المسألة. في كانون الأول/ ديسمبر، ومع سقوط نظام الأسد، قال  ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي إن الحرب في سوريا "ليست معركتنا" وأن الولايات المتحدة لا ينبغي لها أن يكون لها أي علاقة بها.

إن مسألة مصير الأسد تزيد من الطبيعة الدقيقة للمفاوضات بين موسكو ودمشق.

لا يزال  الشرع يحاول ترسيخ الشرعية بين الشعب السوري والمجموعات السورية المختلفة، وقد يقوض التوصل إلى اتفاق مع روسيا بينما تؤوي الرجل القوي الذي قتل العديد من السوريين مكانته. وهذا أحد الأسباب التي قد تجعل تأخير أي التزام تجاه موسكو أمرا منطقيا.

وصف  ليستر طلب الأسد بأنه مطلب افتتاحي متطرف، وهو سمة من سمات المفاوضات في مرحلة مبكرة.

وقال  ليستر: "إنه يضرب الهدف من حيث وضع المبدأ: 'قد نكون على استعداد لأن نكون عمليين اليوم، لكننا لم ننس التاريخ'. إن تواطؤ روسيا في جميع أشكال جرائم الحرب في سوريا ليس شيئا سوف ينساه السوريون في أي وقت قريب".

في داخل سوريا، لا يزال  الشرع يلاحق فلول قوة نظام الأسد لتعزيز السيطرة. ومن الممكن أن تجعل موسكو هذه المهمة أكثر صعوبة.



ورغم أن خسارة القواعد في سوريا من شأنها أن تضعف قوة روسيا في المنطقة، فإن موسكو ربما لديها خيارات أخرى. فدعم الكرملين للزعيم العسكري في شرق ليبيا من الممكن أن يوفر موقعا بديلا لقاعدة بحرية روسية على البحر الأبيض المتوسط. وبالفعل، كانت روسيا تستخدم القواعد الجوية الليبية للرحلات الجوية.

وقد لا يتم حل وضع القواعد الروسية في سوريا قريبا.

وقال أنطون مارداسوف، الخبير الروسي في الشؤون العسكرية الذي يركز على سوريا: "أعتقد أن كلا الجانبين يستفيدان من تأخير المفاوضات بشأن مصير القواعد".

وبالتالي، تستطيع موسكو الحفاظ على صورتها، لأنها تمكنت بالفعل من الصمود لأطول فترة ممكنة وعدم المغادرة فور سقوط نظام الأسد، ويمكن لدمشق الآن التفاوض على رفع العقوبات".

مقالات مشابهة

  • روسيا تعتزم نشر أنظمة صواريخ باليستية في بيلاروسيا
  • ترامب: أحرزنا تقدمًا كبيرًا لحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا
  • ترامب: سنوقف حرب روسيا وأوكرانيا ولا ضمانات بصمود اتفاق غزة
  • نيويورك تايمز: روسيا تحاول إنقاذ قواعدها في سوريا
  • ترامب: هناك تقدم في المحادثات حول الشرق الأوسط
  • ترامب: هناك "تقدم" في المحادثات حول الشرق الأوسط
  • زيلينسكي ينتقد تصريحات ترامب بشأن المحادثات مع روسيا
  • روسيا تسيطر على قرية أوكرانية وتحرز تقدمًا في عدد من المناطق
  • روسيا تعلن إحراز تقدم في جبهات القتال داخل أوكرانيا
  • ياسر العطا يلتقي رئيس هيئة الأركان