«البيئة» تنجح في زراعة أشجار المر البرية في محافظة ظفار
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
د. محمد المعشني: استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبتها والتنبؤ بتغيراتها
نجحت هيئة البيئة في إنجاز استثنائي ونادر من خلال زراعة أشجار المر البرية بالبذور في مشتلها بمحافظة ظفار في ولاية صلالة، خارج موطنها الأصلي وفي بيئة تختلف تمامًا عن البيئة التي تعيش فيها عادة، ويعتبر هذا إنجازًا نادرًا، حيث تم إكثار أشجار المر بالبذور في مناخ مختلف تمامًا عن بيئتها الطبيعية، وهو ما لم يسبق تحقيقه في سلطنة عمان من قبل، ومن المتوقع أن يفتح هذا الإنجاز آفاقًا جديدة للحفاظ على أشجار المر وزيادة أعدادها في المناطق الأصلية، وأشجار «المر» هي من الفصيلة البخورية وهي أشجار صغيرة معمرة شوكيّة يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار، لها أهمية تاريخية واقتصادية، وذلك لارتباط شجرة المر العربي باللبان على مر العصور، تنمو في بيئة شبه صحراوية أو ما يعرف بمناطق ظل المطر في جبال ظفار امتدادًا لمنطقة النجد، وتعد أعداد أشجار المر في سلطنة عمان في وضع حرج في البرية، وتقوم هيئة البيئة بالعمل على إكثارها عبر إنشاء حديقة المر من أجل توسيع رقعة استزراع هذا النوع النادر والمهدد في بيئته الطبيعية، وذلك بعد تعرض الشجرة للتهديد في بيئاتها الطبيعية بحكم ظروف وتغير المناخ.
فوائد شجرة المر
قال الدكتور محمد بن محاد المعشني مدير مساعد دائرة صون الطبيعة رئيس فريق تجربة إكثار أشجار المر: قام فريق إكثار أشجار المر العربي في دائرة صون الطبيعة باستزراع أشجار المر بالبذور في بيئة مختلفة عن البيئة الطبيعية لشجرة المر في مشتل هيئة البيئة بولاية صلالة لقياس مدى نجاح إمكانية إكثار أشجار المر البرية، وأظهرت نتائج التجربة الاستثنائية نموا بنسبة 25% مما يعتبر إنجازًا يفتح آفاقًا جديدة للحفاظ على هذه الأشجار وزيادة أعدادها في مناطق انتشارها الطبيعي، مشيرًا إلى فوائد أشجار المر الاقتصادية والتاريخية، حيث تكتسب أشجار المر أهمية كبيرة في عدة ثقافات ومجتمعات عبر التاريخ مثالا على الفوائد من الناحية الاقتصادية والطبية وتُستخدم أجزاء من أشجار المر، مثل الأوراق والثمار والزيت العطري، في صناعات متعددة مثل الطب الشعبي والصناعات الغذائية وصناعة العطور، ويُعتبر استخراج الزيت العطري من المر مصدرًا مهمًا للعطور في بعض الثقافات، إضافة إلى ذلك تحتل أشجار المر مكانة مهمة في التراث الثقافي للعديد من المجتمعات، فهي تستخدم في الطقوس والاحتفالات التقليدية، وتُعتبر رمزًا للصحة والخصوبة والحماية في بعض الثقافات، ولشجرة المر مكانة تاريخية مهمة في الطب التقليدي والعلاجات الشعبية عبر العصور، فقد كانت تُستخدم في الطب القديم لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات الصحية، وقد اكتسبت سمعة كعشبة طبية فعّالة.
تحديات
وعرّج المعشني في حديثه عن التحديات قائلا: واجه فريق إكثار أشجار المر تحديات كبيرة وكانت نسبة نجاح التجربة ضعيفة جدًا بسبب طبيعة نمو أشجار المر البرية في سلطنة عمان مثل التدهور البيئي وفقدان الموائل الطبيعية التي قد تؤثر على نمو أشجار المر بسبب التحولات البيئية مثل تدهور المناخ وتقلص المساحات الطبيعية، وقد تؤثر التغيرات المناخية، مثل التقلبات في درجات الحرارة ونقص الأمطار، على نمو وانتشار أشجار المر وتأثيرها على البيئة المحيطة بها، كما يمكن أن يؤدي التصحر والتلوث البيئي إلى تدهور صحة أشجار المر وقدرتها على النمو بشكل صحيح، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض عدد الأشجار وتقليل توزيعها الطبيعي، بالإضافة إلى ذلك قد تتعرض أشجار المر للإصابة بالأمراض النباتية والآفات مثل الحشرات، مما يؤثر على نموها وصحتها، موضحًا أن هيئة البيئة نفّذت العديد من المبادرات للحفاظ على أشجار المر البرية في محافظة ظفار من خلال إجراء مسح أشجار المر ليتمكن المختصون في فهم حالة أشجار المر، وبالتالي تحديد الإجراءات اللازمة لحمايتها وتعزيز نموها.
إنشاء حديقة
وأكد أنه من خلال النتائج الأولية لهذه الدراسات تم اعتماد إنشاء حديقة ومشتل خاص لزراعة أشجار المر مما قد يسهم في زيادة عدد أشجار المر وتوزيعها في بيئتها الطبيعية، ولرفد هذه الحديقة بالشتلات قامت دائرة صون الطبيعة بمحافظة ظفار خلال ثلاثة أشهر الماضية بإجراء تجربة استثنائية ونادرة من خلال زراعة أشجار المر بالبذور لصعوبة إنبات هذا النوع من خلال البذور خارج موطنها الأصلي في بيئة تختلف تماما عن البيئة التي تعيش فيها عادة مما تمثل نجاح هذه التجربة كخطوة مهمة وإيجابية في مجال حفظ الأصناف النباتية النادرة والمهددة بخطر الانقراض.
وتعكس هذه المبادرات التزام هيئة البيئة في إجراء دراسات التنبؤ البيئية لحماية وصون النظم البيئية المحلية بشكل مبتكر وإيصال رسالة قوية عن التزام سلطنة عمان بالمحافظة على الموروث الطبيعي وتعزيز البيئة المستدامة.
وأضاف المعشني: بالنظر إلى الدور الحيوي الذي يلعبه المجتمع المحلي في الحفاظ على البيئة والتنوع الأحيائي، فإن هيئة البيئة تولي أهمية كبيرة لتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ على أشجار المر البرية. ستتخذ الهيئة خطوات فعّالة لتنظيم برامج توعوية متنوعة، تشمل الندوات وحلقات العمل والمحاضرات التوعوية، بهدف زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية الثرية وبالأخص هذا النوع المهم، وفي الآونة الأخيرة، شهدت سلطنة عُمان جهودًا متزايدة في مجال البحث العلمي حول أشجار المر البرية، حيث تقوم العديد من الجهات البحثية بإجراء دراسات تهدف إلى التعرف وحصر أشجار المر آملين أن تخرج هذه البحوث بتوصيات قيمة تساعد في اتخاذ القرارات المناسبة للمحافظة على أشجار المر، وعليه لا تزال تتبنى هيئة البيئة دورا فعّالا من خلال استمرار الدراسات العلمية والمبتكرة حول أفضل الطرق الحماية والإكثار بالتعاون مع الجهات البحثية المحلية والعالمية.
وحول سؤال «عُمان» هل أشجار المر مهددة بالانقراض؟ أجاب: رغم عدم وجود تصنيف رسمي وفق مرجعيات الاتحاد الدولي لصون الطبيعة لأشجار المر على المستوى الوطني والدولي في الوقت الحالي، فإن هناك دراسات مسحية سابقة قامت بها هيئة البيئة على مستوى محافظة ظفار أوصت بضرورة إعادة النظر في تصنيف هذا النوع النباتي على المستوى المحلي بسبب أعدادها القليلة والمهددات التي قد تؤثر على هذا النوع.
واختتم المعشني حديثه قائلا: إن استخدام التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يكون له تأثير كبير في مراقبة وحماية أشجار المر من خلال الاستشعار عن بُعد وصور الأقمار الصناعية لمراقبة تغيرات الطبيعية واستخدام الأراضي في المناطق التي توجد فيها أشجار المر، يمكن استخدام هذه البيانات لتحديد مواقع التدهور البيئي والتدخل بشكل فعال للحفاظ على المناطق الطبيعية، كذلك تساعد تقنيات GIS في تحليل البيانات المكانية لفهم توزيع أشجار المر ومراقبة حالتها وتحديد المناطق التي تحتاج إلى حماية إضافية، وأيضًا استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الكبيرة المتعلقة بأشجار المر والتنبؤ بالتغيرات المستقبلية في توزيعها وصحتها، مما يساعد في اتخاذ قرارات حماية أكثر فعالية، كل هذه التقنيات الحديثة يمكنها تعزيز جهود المراقبة والحفاظ على هذا النوع النباتي المهم للبيئة والبشرية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هیئة البیئة سلطنة عمان للحفاظ على هذا النوع من خلال فی بیئة
إقرأ أيضاً:
هيئة البيئة – أبوظبي تعزِّز ثقافة التطوُّع لدعم الجهود البيئية
تعمل هيئة البيئة – أبوظبي على تشجيع أفراد المجتمع للتسجيل في أحد برامجها التطوعية الأربعة، للإسهام في دعم الجهود الرامية إلى الحفاظ على البيئة وحمايتها، وضمان مستقبل مستدام للأجيال الحالية والمقبلة في الإمارة.
وقالت رشا علي المدفعي، مدير إدارة التوعية البيئية بالإنابة في الهيئة: «تؤمن هيئة البيئة – أبوظبي بأنَّ المسؤولية البيئية هي مسؤولية مشتركة، ونحن نسعى للوصول إلى مختلف فئات المجتمع مع التركيز على الجيل المقبل، ونسعى لتزويده بالأدوات والمعرفة اللازمة ليتمكَّن من فهم أهمية الاستدامة البيئية، والدور المهم الذي نؤدّيه معاً في ضمان بناء مستقبل مستدام».
وأضافت المدفعي: «على مدى السنوات الماضية، أطلقت الهيئة العديد من البرامج التطوعية التي تهدف إلى تحفيز السلوك البيئي الإيجابي للأفراد، والارتقاء بقدراتهم، وتعزيز معرفتهم وتوعيتهم بأهمية المساهمة في الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة والتنوُّع البيولوجي الفريد الذي تحتضنه بيئتنا الطبيعية. مشيرةً إلى أنَّ برامج التطوُّع البيئي تندرج ضمن منصة (ناها) التي أطلقتها الهيئة، وتهدف إلى تحويل نوايا العمل البيئي إلى إجراءات ملموسة ومؤثِّرة، حيث توفِّر المنصة الفرص للشباب وأفراد المجتمع للانخراط في الأنشطة التي تحفِّز العمل من أجل تحقيق أفضل الممارسات المستدامة».
وفي إطار برنامج «مرشد» برعاية «توتال» للطاقة، الذي يهدف إلى إلهام وإشراك الشباب المهتمين بحماية البيئة، بدأت المرحلة الثانية من البرنامج، وهي مرحلة التطوُّع، حيث تمكَّن الطلاب المشاركون من إكمال 300 ساعة تطوُّعية في منتزه قرم الجبيل، وتنظيم الرحلات الميدانية خلال المؤتمر العالمي للتربية البيئية الثاني عشر، ما أضاف قيمة كبيرة للمؤتمر، وأظهر التزامهم تجاه البيئة.
ولتفعيل مزيدٍ من التواصل والتفاعل بين المشاركين، نُظِّمَت «خلوة في الطبيعة» في محمية الوثبة للأراضي الرطبة ومنتزه قرم الجبيل، وتضمَّنت أنشطة متعدِّدة مثل البحث عن الكنز، وبناء الفريق، إضافةً إلى جولات إرشادية قادها مراقبو منتزه قرم الجبيل الشباب لزملائهم في محمية الوثبة، حيث اختُتِمَت بتكريم المشاركين المتميِّزين.
يُنفَّذ هذا البرنامج بالتعاون مع مؤسَّسة الإمارات للتعليم المدرسي، ودائرة التعليم والمعرفة – أبوظبي، ويوفِّر فرصاً كافية لتقديم وتلقّي الإرشاد والتطوير القيادي، إضافةً إلى اكتساب الخبرة في التعليم البيئي، وتعزيز جهود الشباب المبذولة في مجال استعادة النُّظم البيئية. ويحفِّز البرنامج الشباب إلى التطوُّع ليكونوا مراقِبين بيئيين، من خلال تدريب مجموعة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً من طلاب الحلقتين الثانية والثالثة في مدارس أبوظبي سنوياً، لفهم دور المراقِبين في حماية البيئة والمحافظة عليها.
ويهدف برنامج «المواطن الأخضر» إلى توفير الفرصة للمواطنين والمقيمين الشغوفين بالعمل البيئي في المجتمع، من خلال إشراكهم بشكل أكبر في حماية تراث إمارة أبوظبي الطبيعي. ونُظِّمَ لقاءٌ افتراضيٌّ للمتطوعين للترحيب بالأعضاء الجدد وشرح الأدوار والمسؤوليات، حيث تمَّ عرض خطة 2024، والتعريف بمنصة «ناها» وبرامج التوعية الخاصة بالهيئة. حضر اللقاء نحو 68 متطوّعاً، وشهد العام الجاري تنظيم خمس حملات تنظيف بمشاركة 281 متطوّعاً.
وشهد برنامج «الخبراء البيئيين»، الذي يهدف إلى إنشاء شبكة من الخبراء البيئيين من مختلف التخصُّصات والدول، ارتفاعاً في عدد الخبراء المشاركين ليصل إلى 287 خبيراً. وأُرسِلَت نشرات علمية للخبراء بمُعدَّل نشرة كلَّ شهر، ونظِّمَت ثلاث محاضرات علمية، وشارك خمسة خبراء في جلسة «اسأل خبير»، التي تهدف إلى تبادل المعرفة والخبرات في المجال البيئي.
يدعم هذا البرنامج مشاريع الهيئة وفعالياتها، ويستفيد من معارف وخبرات الخبراء المشاركين. وتشمل المسؤوليات المتوقَّعة من «الخبير الأخضر» عقد ورش عمل أو محاضرات، ومراجعة أو تقييم التقارير ودراسات الحالة، وتدريب المتطوّعين.
ويستهدف المجلس الأخضر للشباب، الذي أُطلِقَ في عام 2015 ضمن مبادرة الجامعات المستدامة، فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً. وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز دور الشباب وتمكينهم من المبادرة والمشاركة في العمل البيئي، ودعم تحقيق الرؤية البيئية بسرعة وبطريقة مبتكرة. يتيح المجلس الأخضر الفرصة للشباب ليصبحوا عناصر فاعلة وعوامل رئيسية للتغيير في المجتمع.
ويضمُّ المجلس الأخضر للشباب اليوم أكثر من 650 عضواً، ويجتمع أعضاؤه كلَّ ثلاثة أشهر لمشاركة الأفكار والحلول التي تسعى لمواجهة مختلف التحديات البيئية. ويتبع المجلس شكلاً فريداً واستباقياً للتثقيف البيئي عبر تشجيع الحوار المفتوح والتعلُّم المثمِر. يشار إلى أنَّ 232 عضواً كرَّسوا ما يزيد على 970 ساعة على مدى 60 فعالية منذ عام 2019، بما في ذلك المؤتمر العالمي للتربية البيئية، وأنشطة تنظيف الشواطئ في أبوظبي، والجلسات التثقيفية المباشرة حول مواضيع متنوّعة، مثل دعم تطبيق سياسة المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة، وغيرها من المبادرات المجتمعية.