د. محمد المعشني: استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبتها والتنبؤ بتغيراتها

نجحت هيئة البيئة في إنجاز استثنائي ونادر من خلال زراعة أشجار المر البرية بالبذور في مشتلها بمحافظة ظفار في ولاية صلالة، خارج موطنها الأصلي وفي بيئة تختلف تمامًا عن البيئة التي تعيش فيها عادة، ويعتبر هذا إنجازًا نادرًا، حيث تم إكثار أشجار المر بالبذور في مناخ مختلف تمامًا عن بيئتها الطبيعية، وهو ما لم يسبق تحقيقه في سلطنة عمان من قبل، ومن المتوقع أن يفتح هذا الإنجاز آفاقًا جديدة للحفاظ على أشجار المر وزيادة أعدادها في المناطق الأصلية، وأشجار «المر» هي من الفصيلة البخورية وهي أشجار صغيرة معمرة شوكيّة يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار، لها أهمية تاريخية واقتصادية، وذلك لارتباط شجرة المر العربي باللبان على مر العصور، تنمو في بيئة شبه صحراوية أو ما يعرف بمناطق ظل المطر في جبال ظفار امتدادًا لمنطقة النجد، وتعد أعداد أشجار المر في سلطنة عمان في وضع حرج في البرية، وتقوم هيئة البيئة بالعمل على إكثارها عبر إنشاء حديقة المر من أجل توسيع رقعة استزراع هذا النوع النادر والمهدد في بيئته الطبيعية، وذلك بعد تعرض الشجرة للتهديد في بيئاتها الطبيعية بحكم ظروف وتغير المناخ.

فوائد شجرة المر

قال الدكتور محمد بن محاد المعشني مدير مساعد دائرة صون الطبيعة رئيس فريق تجربة إكثار أشجار المر: قام فريق إكثار أشجار المر العربي في دائرة صون الطبيعة باستزراع أشجار المر بالبذور في بيئة مختلفة عن البيئة الطبيعية لشجرة المر في مشتل هيئة البيئة بولاية صلالة لقياس مدى نجاح إمكانية إكثار أشجار المر البرية، وأظهرت نتائج التجربة الاستثنائية نموا بنسبة 25% مما يعتبر إنجازًا يفتح آفاقًا جديدة للحفاظ على هذه الأشجار وزيادة أعدادها في مناطق انتشارها الطبيعي، مشيرًا إلى فوائد أشجار المر الاقتصادية والتاريخية، حيث تكتسب أشجار المر أهمية كبيرة في عدة ثقافات ومجتمعات عبر التاريخ مثالا على الفوائد من الناحية الاقتصادية والطبية وتُستخدم أجزاء من أشجار المر، مثل الأوراق والثمار والزيت العطري، في صناعات متعددة مثل الطب الشعبي والصناعات الغذائية وصناعة العطور، ويُعتبر استخراج الزيت العطري من المر مصدرًا مهمًا للعطور في بعض الثقافات، إضافة إلى ذلك تحتل أشجار المر مكانة مهمة في التراث الثقافي للعديد من المجتمعات، فهي تستخدم في الطقوس والاحتفالات التقليدية، وتُعتبر رمزًا للصحة والخصوبة والحماية في بعض الثقافات، ولشجرة المر مكانة تاريخية مهمة في الطب التقليدي والعلاجات الشعبية عبر العصور، فقد كانت تُستخدم في الطب القديم لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات الصحية، وقد اكتسبت سمعة كعشبة طبية فعّالة.

تحديات

وعرّج المعشني في حديثه عن التحديات قائلا: واجه فريق إكثار أشجار المر تحديات كبيرة وكانت نسبة نجاح التجربة ضعيفة جدًا بسبب طبيعة نمو أشجار المر البرية في سلطنة عمان مثل التدهور البيئي وفقدان الموائل الطبيعية التي قد تؤثر على نمو أشجار المر بسبب التحولات البيئية مثل تدهور المناخ وتقلص المساحات الطبيعية، وقد تؤثر التغيرات المناخية، مثل التقلبات في درجات الحرارة ونقص الأمطار، على نمو وانتشار أشجار المر وتأثيرها على البيئة المحيطة بها، كما يمكن أن يؤدي التصحر والتلوث البيئي إلى تدهور صحة أشجار المر وقدرتها على النمو بشكل صحيح، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض عدد الأشجار وتقليل توزيعها الطبيعي، بالإضافة إلى ذلك قد تتعرض أشجار المر للإصابة بالأمراض النباتية والآفات مثل الحشرات، مما يؤثر على نموها وصحتها، موضحًا أن هيئة البيئة نفّذت العديد من المبادرات للحفاظ على أشجار المر البرية في محافظة ظفار من خلال إجراء مسح أشجار المر ليتمكن المختصون في فهم حالة أشجار المر، وبالتالي تحديد الإجراءات اللازمة لحمايتها وتعزيز نموها.

إنشاء حديقة

وأكد أنه من خلال النتائج الأولية لهذه الدراسات تم اعتماد إنشاء حديقة ومشتل خاص لزراعة أشجار المر مما قد يسهم في زيادة عدد أشجار المر وتوزيعها في بيئتها الطبيعية، ولرفد هذه الحديقة بالشتلات قامت دائرة صون الطبيعة بمحافظة ظفار خلال ثلاثة أشهر الماضية بإجراء تجربة استثنائية ونادرة من خلال زراعة أشجار المر بالبذور لصعوبة إنبات هذا النوع من خلال البذور خارج موطنها الأصلي في بيئة تختلف تماما عن البيئة التي تعيش فيها عادة مما تمثل نجاح هذه التجربة كخطوة مهمة وإيجابية في مجال حفظ الأصناف النباتية النادرة والمهددة بخطر الانقراض.

وتعكس هذه المبادرات التزام هيئة البيئة في إجراء دراسات التنبؤ البيئية لحماية وصون النظم البيئية المحلية بشكل مبتكر وإيصال رسالة قوية عن التزام سلطنة عمان بالمحافظة على الموروث الطبيعي وتعزيز البيئة المستدامة.

وأضاف المعشني: بالنظر إلى الدور الحيوي الذي يلعبه المجتمع المحلي في الحفاظ على البيئة والتنوع الأحيائي، فإن هيئة البيئة تولي أهمية كبيرة لتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ على أشجار المر البرية. ستتخذ الهيئة خطوات فعّالة لتنظيم برامج توعوية متنوعة، تشمل الندوات وحلقات العمل والمحاضرات التوعوية، بهدف زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية الثرية وبالأخص هذا النوع المهم، وفي الآونة الأخيرة، شهدت سلطنة عُمان جهودًا متزايدة في مجال البحث العلمي حول أشجار المر البرية، حيث تقوم العديد من الجهات البحثية بإجراء دراسات تهدف إلى التعرف وحصر أشجار المر آملين أن تخرج هذه البحوث بتوصيات قيمة تساعد في اتخاذ القرارات المناسبة للمحافظة على أشجار المر، وعليه لا تزال تتبنى هيئة البيئة دورا فعّالا من خلال استمرار الدراسات العلمية والمبتكرة حول أفضل الطرق الحماية والإكثار بالتعاون مع الجهات البحثية المحلية والعالمية.

وحول سؤال «عُمان» هل أشجار المر مهددة بالانقراض؟ أجاب: رغم عدم وجود تصنيف رسمي وفق مرجعيات الاتحاد الدولي لصون الطبيعة لأشجار المر على المستوى الوطني والدولي في الوقت الحالي، فإن هناك دراسات مسحية سابقة قامت بها هيئة البيئة على مستوى محافظة ظفار أوصت بضرورة إعادة النظر في تصنيف هذا النوع النباتي على المستوى المحلي بسبب أعدادها القليلة والمهددات التي قد تؤثر على هذا النوع.

واختتم المعشني حديثه قائلا: إن استخدام التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يكون له تأثير كبير في مراقبة وحماية أشجار المر من خلال الاستشعار عن بُعد وصور الأقمار الصناعية لمراقبة تغيرات الطبيعية واستخدام الأراضي في المناطق التي توجد فيها أشجار المر، يمكن استخدام هذه البيانات لتحديد مواقع التدهور البيئي والتدخل بشكل فعال للحفاظ على المناطق الطبيعية، كذلك تساعد تقنيات GIS في تحليل البيانات المكانية لفهم توزيع أشجار المر ومراقبة حالتها وتحديد المناطق التي تحتاج إلى حماية إضافية، وأيضًا استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الكبيرة المتعلقة بأشجار المر والتنبؤ بالتغيرات المستقبلية في توزيعها وصحتها، مما يساعد في اتخاذ قرارات حماية أكثر فعالية، كل هذه التقنيات الحديثة يمكنها تعزيز جهود المراقبة والحفاظ على هذا النوع النباتي المهم للبيئة والبشرية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هیئة البیئة سلطنة عمان للحفاظ على هذا النوع من خلال فی بیئة

إقرأ أيضاً:

أمراض تصيب الحيوانات البرية.. ندوة إرشادية بالبحوث الزراعية

يقوم معهد بحوث الصحة الحيوانية بدور هام في الحفاظ على الحياة البرية والثروة الحيوانية من خلال أنشطة بحثية وتوعوية تهدف إلى تعزيز الصحة الحيوانية وتحقيق التنمية المستدامة ، في إطار توجيهات السيد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وتحت إشراف الأستاذ الدكتور عادل عبدالعظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية.

حملات التوعية والإرشاد:

بمناسبة اليوم العالمي للحياة البرية، نظم المعهد حملة توعية حول أهمية الحفاظ على الحياة البرية، تضمنت توزيع ملصقات توعوية، وعرض معلومات حول الأمراض التي تصيب الحيوانات البرية وطرق الحد من انتشارها، بالإضافة إلى استضافة أحد الباحثين المتخصصين في لقاء تلفزيوني بالقناة المصرية. كما أطلق المعهد، في إطار مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"، سلسلة ندوات توعوية وإرشادية بالمحافظات، استهدفت طلبة المدارس والجامعات والمربين، بهدف نشر الوعي بطرق الحفاظ على الصحة الحيوانية.

الندوات الإرشادية بالمحافظات:

شهدت محافظات دمياط، المنوفية، الشرقية، الدقهلية، الغربية، سوهاج، وأسيوط تنظيم ندوات إرشادية حول موضوعات مختلفة، منها:

السموم الفطرية وتأثيرها على صناعة الدواجن.

مرض البروسيلا وطرق الوقاية منه.

تأثير المواد الحافظة على الصحة العامة.

أهمية الغذاء الصحي الآمن بمناسبة شهر رمضان.

الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان.

طرق حفظ وتخزين المواد الغذائية.

الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية.


كما تم تنظيم محاضرات حول مرض السعار، تفعيلًا لمبادرة "مصر خالية من السعار 2030"، حيث تم تعريف المشاركين بالمرض، طرق انتقاله، وأهمية تطبيق القانون 29 لسنة 2023 الخاص بتنظيم التعامل مع الحيوانات الخطرة.

ورش العمل والتدريب:

في إطار دوره في رفع كفاءة الباحثين والعاملين، نظم مركز التدريب والتعلم والاستشارات التابع للمعهد عدة ورش عمل حول معايير الجودة في المعامل وفق المواصفة الدولية ISO/IEC 17025، الأمن والأمان الحيوي في المعامل، والمثبطات المناعية في مزارع الدواجن. كما استضاف المعهد برنامجًا تدريبيًا لـ 84 طالبًا من كلية العلوم الصحية بجامعة 6 أكتوبر، حيث تلقوا تدريبات عملية على أحدث التقنيات المعملية في المعمل المرجعي لفحوص صلاحية الأغذية ذات الأصل الحيواني.

إنتاج علمي متميز:

في سياق دعم البحث العلمي، نشر المعهد 18 مقالة علمية في مجالات الصحة وسلامة الغذاء، أمراض الدواجن، صحة الحيوانات الأليفة، الأمراض المشتركة، والحياة المائية، من بينها دراسات حول تأثير المعادن الثقيلة في القشريات، ومخاطر المتبقيات الدوائية، وعوامل المناعة في قطعان الدواجن، وأهمية التفريخ الصناعي لتعزيز الإنتاج السمكي.

يواصل معهد بحوث الصحة الحيوانية جهوده في دعم التنمية المستدامة من خلال البحث العلمي والتوعية، مساهمًا في تحقيق رؤية مصر 2030 لضمان صحة الإنسان والحيوان وسلامة الغذاء.

مقالات مشابهة

  • بنك ظفار راعٍ ماسي لمعرض "عطاء 27" لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
  • خلاف الحرامية..حراك داخل مجلس البصرة لإقالة رئيسها لرفضه تولي العيداني هيئة استثمار المحافظة
  • الدفاع تستدعي الدورة التأهيلية (89) لمراجعة القوة البرية
  • “البيئة”: محافظة العديد بالشرقية تُسجّل أعلى كمية هطول أمطار ضمن (6) مناطق رصدتها (13) محطة
  • مجلس محافظة البصرة يلغي أمر العيداني بإنهاء تكليف رئيس هيئة الاستثمار
  • البيئة: علقة الزلفي بالرياض الأعلى هطولًا بـ 40.0 ملم
  • ظفار يلاقي سمائل لتعزيز حظوظه في العودة لدوري عمانتل
  • هيئة المواصفات والمقاييس تتلف بضائع وسلع مخالفة للمواصفات
  • أمراض تصيب الحيوانات البرية.. ندوة إرشادية بالبحوث الزراعية
  • الحلو أعاد الجدل المر حول العلمانية