عبر جسر الترجمة والمعارض الدولية.. إبداعات إماراتية عابرة للغات والجغرافيا
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
حين يكون للمبدع الإماراتي حضور لافت، وتكون أعماله الأدبية ضمن المشاركات الدولية التي تمثل الحراك الثقافي المحلي، يصبح الإبداع الإماراتي عابراً للحدود، ومتواصلاً بفاعلية مع الإبداع الإنساني. وهناك العديد من الجهات الثقافية داخل الدولة أسهمت بشكل مباشر في دعم المبدع الإماراتي، من خلال ترجمة أعماله الأدبية إلى عدة لغات ضمن المحافل الدولية الثقافية.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب حارب الظاهري: مشروع ترجمة النصوص الأدبية المحلية إلى اللغات الأخرى مسألة مهمة وملهمة ومؤثرة، وذات صلة بالتراث العالمي، فهناك مجموعة من اللغات الأجنبية يجب أن تستهدف وأن تحدد بشكل دقيق ومهم، وعلى ثقافتنا الإبداعية المحلية أن تصل إليهم ليطلعوا على ما لدينا من ثقافة ومعرفة وإبداع يستحق الإطلاع والقراءة. مضيفاً: مشروع الترجمة للإبداعات المحلية يجب ان يُدار من قبل مؤسسات ثقافية حكومية وبإشراف مجموعة من الأدباء والكتّاب واختيار النصوص التي فعلاً تستحق أن تصل إلى الآخر وأن تطلع عليها الشعوب الأخرى، لأنها ستعد رسالة مهمة للآخرين لما لدينا من كُتاب ومؤلفات وإبداعات أدبية في أعلى معايير الطرح القيّم من محتوى ومضمون يمثل ما تحتويه ساحتنا المحلية من إنتاجات ثقافية رفيعة، وجديرة فعلاً لأن تصل وتستوعبها الشعوب الأخرى.
أخبار ذات صلة بطولة العالم للجودو على موعد مع نزالات «العمالقة» 5.29 مليون درهم «الأثر الاقتصادي» لبطولتي «تحدي الجولف» في أبوظبيجسر بين الشعوب
وأوضحت الدكتورة رفيعة غباش، كاتبة، ومؤسس متحف المرأة، ورئيس مجلس أمناء جائزة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب»، تلعب ترجمة الأعمال الأدبية المحلية دوراً بالغ الأهمية في تعزيز الثقافة الوطنية وتعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة. في عالم يزداد ترابطه وتداخله، تأتي ترجمة الأدب كجسر يربط بين الشعوب والأمم، ويسمح بتبادل الأفكار والمشاعر والتجارب الإنسانية، حيث إنه من خلال ترجمة الأعمال الأدبية المحلية، يتم تسليط الضوء على التراث الثقافي والتاريخي للأمة. لمضيفة: وهذا ما جعلنا في جائزة عوشة بنت خليفة السويدي نترجم بعض القصائد كمبادرة من الجائزة، وإيماناً منا بدور الترجمة، ومساهمة في نقل الإبداع المحلي إلى جمهور أوسع، مما يعزز الفخر بالهوية الثقافية ويساعد في الحفاظ على التراث الأدبي، وحين تُترجم الأعمال الأدبية المحلية إلى لغات أخرى، تتاح الفرصة للقراء من مختلف أنحاء العالم للتعرف على الثقافة المحلية وفهمها بشكل أعمق.
وتابعت: تساهم هذه العملية في بناء جسور التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة، وتساعد في تقليل الحواجز الثقافية وتعزيز الحوار بين الشعوب، أما بالنسبة للكاتب، تعني ترجمة أعماله الأدبية الوصول إلى جمهور أوسع يتجاوز الحدود الجغرافية واللغوية. وتختتم بقولها: يمكن للكاتب أن يشارك أفكاره وقصصه مع قراء من خلفيات ثقافية متنوعة، مما يزيد من انتشار أعماله ويعزز مكانته في الساحة الأدبية العالمية، وينعكس هذا التوسع تطوير الكاتب ونموه حيث يحصل من خلال ترجمة أعماله على فرصة لتلقي ردود فعل من جمهور دولي فيتمكن من التعرف على كيفية استقبال أعماله في ثقافات أخرى وما الذي يمكنه تحسينه في كتاباته المستقبلية، كما أنها فرصة جيدة للكاتب قد تمكنه من تعزيز مكانته في الأدب العالمي، وقد يحصل على جوائز أدبية دولية، ويُدعى إلى المهرجانات الأدبية العالمية، ويصبح جزءاً من الحوارات الأدبية على نطاق أوسع.
فهم الآخر
وأشارت الشاعرة والروائية صالحة عبيد، رئيسة المكتب الثقافي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، إلى أن بإجماع الكتاب والمثقفين والمهتمين بنشر المعرفة، فإن الترجمة ضرورة مهمة لنشر الثقافة الإنسانية عموماً والثقافة المحلية لكل بلد على وجه الخصوص، فالترجمة باب من أبواب تحقيق الترابط البشري والتواصل المعرفي وتبادل القراءات بين الشعوب، فما لدي من ثقافة من المهم أن يطلع عليها شعب ما، وما لدى هذا الشعب سيضيف إلى معارفنا ويجنبنا الجهل بشأن من الشؤون التي تهمنا. وبالنسبة للأدب المحلي، فهناك جهود في ترجمة النجاح الإماراتي من الأدب سواء عن طريق مؤسسات رسمية تعنى بالشأن الثقافي والأدبي أو عن طريق جهود شخصية حين يرى الكاتب نفسه أنه من الضروري أن ينظر الآخر في كتابه، ولعل تجربة هيئة الشارقة للكتاب من أبرز التجارب في هذا الأثر، حيث تعنى بترجمة الكتاب الإماراتي ولا تكتفي بذلك، ولكن تسعى لنشره في بلاد أصحاب اللغة التي ترجم الكتاب إليها، وهو ضمن استثمارات العلاقات الثقافية بين الإمارات والبلاد التي تختار الشارقة ضيف شرف في معرض كتابها.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإبداع الإماراتي الإمارات المعارض الدولية الترجمة رفيعة غباش صالحة عبيد بین الشعوب
إقرأ أيضاً:
القراءة والمطالعة ونهضة الشعوب
عبدالعزيز بن حمدان الاسماعيلي
a.azizhh@hotmail.com
فارق كبير بين القراءة والمطالعة؛ فالقراءة هي وسيلة للربط بين صوت حروف اللغة وشكل كتابتها وبِنية الكلمات صرفيًا، ونطقها مضبوطة بالشكل وفق قواعد النحو. أما المُطالعة فهي القدرة على الربط بين الألفاظ داخل القاموس ومعانيها داخل السياقات التعبيرية.
وتتم عملية تربية وإنماء المطالعة داخل الأسرة والعائلة النووية الصغيرة والتي تتوسع بالاحتكاك بالمجتمع الأكبر وفي هذه المرحلة يبدأ الإنسان في طفولته بناء قاموسه اللغويّ الخاص، وامتصاص المعاني والمعارف وربطها بالألفاظ من خلال التقليد والمُحاكاة.
ثم يأتي دور المؤسسات الدينية المتمثلة في المساجد ودور العبادة في تهيئة الطفل ومساعدته على الربط بين اللغة والدين من خلال مطالعة الكتب المقدسة وشروحاتها المبسطة وفي هذه المرحلة تتسع قدرة الطفل على توظيف اللغة والربط بين اللغة وعقيدته الدينية. وإذا كان الطفل مسلماً وأتمّ حفظ القرآن يكون قد تحصّل على 12 مليون كلمة غنية، تقف أمامها اللغات الأخرى وخاصة الإنجليزية عاجزة عن منافستها؛ فالمتداول من الإنجليزية، منذ نشأتها لا يتخطى حاجز الـ 2 مليون كلمة. وهي اللغة الأوسع انتشارا فرضها التفوق الاقتصادي والاستعماريّ
ثم تبدأ في النظام المدرسيّ من خلال المطارحات والمناقشات تهيئة اليافعين وصولا إلى التحوّل والانتقال إلى مرحلة أكثر اتساعًا في توظيف اللغة من خلال المطالعة؛ والتي معها تتحول اللغة إلى (أداة للتفكير) و(وعاء للفكر) وهذه المرحلة يسميها علماء التربية والنفس بمرحلة (التفكير باللغة) و(رسوخ الوعي).
وبناء على ما تقدّم فإنَّ المجتمعات لا ترقى ولا تدخل ميدان الإنتاج المعرفيّ إلا بتوظيف المؤسسات الدينية والتعليمية وإتاحة المعرفة الحرة والمطالعة في سائر العلوم باللغة الأمّ.
ولن يستطيع أي مجتمع النهوض من خلال إنكاره للغته والارتكان إلى اللغات الدخيلة أو التعلّم بلغة دخيلة. وإن فعل سيظل تابعًا ومستعمرا فكرياً للأمة التي يدرس بلغتها، وسيكون عاجزًا عن زرع فضيلة الانتماء والتمسك بجذوره الوطنية والعمل على استنهاض أمته من رقدتها إلا بمطالعة تراثها والتفكير بلغتها ولنا في اليابان والصين أنموذج فتعلّم الإنجليزية يكون في المرحلة الجامعية ويكون مقتصرا على نقل التكنولوجيا والمعارف المتقدمة ثم إعادة تسميتها بلغته الأم.