التعليم والعمل.. قاطرة الاقتصاد المصرى
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
تشهد دول العالم منذ مطلع التسعينيات طفرة هائلة فى إعادة هيكلة سوق العمل بعيداً عن الآليات التى حكمت التعاملات بين الدولة والعاملين منذ مطلع القرن الماضى، تتواكب تلك الطفرة مع التطور الهائل فى التكنولوجيا مع بداية الألفية الثالثة التى أدت إلى اندثار وظائف وخلق وظائف جديدة لم تكن معروفة من قبل.
مصر واحدة من الدول التى تسعى بدأب لمواكبة منظومة العمل الجديدة واستيعاب التغيرات الحادة فى سوق العمل، وآخر الخطوات فى هذا المجال هو افتتاح مركز البيانات والحوسبة الحكومية الذى يهدف إلى خلق مستقبل جديد للشباب بما يواكب طموح «الجمهورية الجديدة».
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد وجه نصيحة للأسر فى أبريل الماضى خلال افتتاح المركز بضرورة التركيز على التعليم الرقمى ومجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهدف الحصول على فرصة عمل ذات عائد كبير شهريًا.
هذا الملف يتناول أهمية ربط التعليم بسوق العمل باعتبارهما قاطرة الاقتصاد المصرى، وضرورة أن تكون المناهج الدراسية أكثر مرونة وتطورًا لتخريج دفعات قادرة على الإنتاج بدلًا من الانضمام إلى طابور البطالة.
بالإضافة إلى التدريب والتأهيل
تطوير المناهج.. «كلمة السر» لإنعاش سوق العمل
سوق العمل لم يعد فى حاجة لتلك المهن المعروفة حاليًا، فالسوق الجديد له متطلبات جديدة، وبما أن التعليم هو المسئول عن إعداد الخريجين لهذا السوق، لذلك أصبح تغيير المناهج الدراسية ضرورة لتوفير هذا الخريج المؤهل، ولتعزيز فرص الشباب وسد الفجوة بين متطلبات القطاعات والصناعات المختلفة، وضمان كفاءة العاملين فى المهن الجديدة، لذا أصبح هناك تحد كبير أمام وزارة التربية والتعليم، وهو ما يتطلب تعاوناً وتنسيقًا بين المؤسسات التعليمية والحكومة والقطاع الخاص، لتوفير بيئة تعليمية تشجع على الابتكار وتعزز مهارات الطلاب العملية، لتخريج جيل من الشباب المؤهل والمتخصص لتحقيق التنمية المستدامة فى مصر.
يقول الدكتور أحمد متولى سعد، الأستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر: «يُعد العنصر البشرى أحد أهم العوامل التى تُحدد درجة تقدم المجتمعات، وتحقيقًا لذلك وتحسينًا للواقع الاقتصادى للفرد والمجتمع لا بد من وجود ارتباط فعلى وحقيقى بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، لذا قامت الحكومة بوضع تنمية العنصر البشرى كأولوية قومية، وذلك من خلال إنشاء العديد من الجهات، ومنها: المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية، والصندوق الاجتماعى للتنمية البشرية، كما سعت الدولة إلى تحقيق الارتباط والتوافق بين مخرجات التعليم الجامعى واحتياجات سوق العمل من خلال جانبين؛ الأول: يتجلى فى مشاركة قطاع الأعمال فى وضع السياسات والاستراتيجيات للتعليم الجامعى، ووضع المناهج الجامعية، والثاني: تحويل أماكن العمل والإنتاج من أماكن إنتاجية وخدمية إلى أماكن قائمة على التعلم والمعرفة، وهو ما يتطلب تدريب العاملين على الحصول على المعرفة، وإجراء البحوث وتطبيق المعارف النظرية واقتراح حلول للمشكلات، وتصميم وتنفيذ هذه الحلول من خلال فريق عمل متكامل.
وأشار «سعد»، إلى أن الدولة سعت إلى تحقيق جودة التعليم من خلال تطوير المناهج ودمج وتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى إصلاح العملية التعليميَّة؛ فدشنت العديد من البرامج والمشروعات والمبادرات، ومنها: مبادرة تطوير التَّعليم، كذلك حددت وزارة الاتصالات برامج لتطوير التَّعليم باستخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية، كما تم إنشاء العديد من المنصات التعليمية الرقمية وتوفير العديد من البرمجيات والتطبيقات لمحاكاة وشرح المواد الدراسية، كما قامت الدولة بإنشاء العديد من الكليات المستحدثة والتى تتناسب مع متطلبات مهن المستقبل فى ضوء الثورة الصناعية الرابعة مثل كليات الذكاء الاصطناعى وغيرها، الأمر الذى ترتب عليه دفع عجلة الاقتصاد من خلال وجود قوى عاملة على درجة مقبولة من المهارة والمعرفة والقدرة على استيعاب واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة.
أما عن أهمية الاستثمار فى التعليم فيرى الدكتور أحمد متولى سعد أن هذا الاستثمار يساهم فى إعداد المتخصصين فى المهن المختلفة، وتأهيلهم للقيام بالأنشطة المختلفة فى قطاعات الإنتاج والخدمات المتعددة، كما يسهم فى مواكبة التغيرات المجتمعية، والتكيف معها، بل ومحاولة التنبؤ بالمستقبل والإعداد له، كما يساعد على حل مشكلة البطالة بكافة أنواعها، بالإضافة إلى إسهامه فى إتقان التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة والتى أصبحت تُستخدم بشكل أساسى فى معظم قطاعات سوق العمل.
وأوضح أنه ينبغى التأكيد أن تطوير التعليم الفنى سوف يسهم فى إحداث عملية التنمية الشاملة، لأن التعليم الفنى يمثل بُعدًا مهمًا وعنصرًا أساسيًا فى تحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، كما يُعد ركيزة أساسية من الركائز اللازمة لإقامة المجتمع المنتج، وذلك لدوره الفعال فى إعداد وتأهيل القوى البشرية القادرة على تحقيق الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية، وقدرته على استيعاب كثير من آليات التغيير المطلوبة.
واختتم كلامه قائلًا: «إن الوضع الراهن يؤكد استمرارية وجود الآلاف من الخريجين الفاقدين للتأهيل والتدريب اللازم لسوق العمل، بسبب سوء التخطيط وضعف الإدراك العميق لما بين التعليم الجامعى وسوق العمل من علاقة تبادلية وثيقة، وهو ما يؤدى إلى ضعف وفاء مؤسسات التعليم الجامعى بحاجة السوق، وضعف قدرة السوق على امتصاص المنتج التعليمى كاملًا، كذلك من أخطر التحديات نقص مصادر تمويل التعليم، وظهور تخصصات وأنماط جديدة من العمل، ونوعيات جديدة من الوظائف لم تكن موجودة من قبل، ومن ثم أصبحت الحاجة ماسة لوجود خبرات جديدة وملكات معينة لم تكن محل اهتمام فيما مضى؛ الأمر الذى يتطلب ديناميكية سريعة فى رسم الخطط التنموية لتضييق الفجوة بين نوعية المخرجات التعليمية والحاجة الفعلية لسوق العمل.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادى السيد خضر، أن للدولة دورًا فى تحسين جودة التعليم وربطه بسوق العمل، ويكمن ذلك فى توفير بيئة تعليمية مناسبة وتطوير المناهج التعليمية لتكون متجاوبة مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشمل أهم الإجراءات التى يمكن أن تتخذها الدولة تحديث المناهج التعليمية لتشمل التكنولوجيا والابتكار والمهارات العملية، وتطوير برامج التدريب المهنى لتأهيل الشباب لسوق العمل، وتعزيز التوجيه لمساعدتهم فى اتخاذ قرارات تعليمية تتوافق مع احتياجات سوق العمل، وتعزيز التعاون بين الجامعات والشركات.
أما عن فوائد ربط سوق العمل بالمؤهل، فأشار «خضر» إلى أنه يزيد من فرص التوظيف وفتح فرص عمل جديدة، وتحسين جودة العمل، وتعزيز التنمية الاقتصادية، لذا بات الاستثمار فى التعليم ذا أهمية كبيرة ويحقق العديد من النجاح والتقدم فى المجتمع، حيث يساعد فى تطوير مهارات الأفراد وزيادة قدراتهم، مما يمكنهم من مواجهة تحديات سوق العمل والمساهمة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الابتكار والإبداع عن طريق توفير بيئة تعليمية تشجع على التفكير النقدى وحل المشكلات وتطوير الأفكار، كما يمكن للتعليم أن يلعب دورًا مهمًا فى تعزيز التنمية المستدامة عن طريق توعية الأفراد بمفهوم الاستدامة وتعزيز الممارسات البيئية والاجتماعية، وتحسين مستوى المعيشة خاصة عندما يكون التعليم عالى الجودة ومتاح للجميع، ويمكن للأفراد تحقيق مستوى أفضل من المعيشة من خلال فرص عمل أفضل وزيادة الدخل وتحقيق الرفاهية الشخصية.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن أهم متطلبات سوق العمل أصبحت: المهارات الفنية والمهنية والمهارات التقنية والحاسوبية والمهارات اللغوية والتواصلية، والشخصية بالإضافة إلى المهارات الفنية، كما يحتاج إلى المهارات الشخصية مثل القيادة، وحل المشكلات، والعمل الجماعى، والقدرة على التعلم والتكيف، والمعرفة والتعليم حيث يعتبر الحصول على المؤهلات التعليمية المناسبة ضرورة للدخول إلى سوق العمل وتحقيق فرص العمل المرغوبة، حيث يجب أن يكون المؤهل متوافقًا مع متطلبات الوظائف المتاحة.
وأضاف أن تطوير التعليم الفنى يمكن أن يسهم فى إحداث نهضة شاملة فى المجتمع، حيث يركز على تطوير المهارات والمعارف ذات الصلة بالصناعات والحرف التقليدية والتقنية، ومن خلال تعزيز التعليم الفنى يمكن تحقيق العديد من الفوائد لتلبية احتياجات سوق العمل فهو يعمل على تشجيع ريادة الأعمال والابتكار فى المجالات التقنية والحرفية، وتقليل البطالة، كما يلعب التعليم الفنى دورًا مهمًا فى تعزيز التنمية المستدامة، حيث يركز على تعزيز الممارسات البيئية المستدامة وتوفير الحلول التكنولوجية القائمة على الاستدامة فى الصناعات المختلفة.
نصيحة للشباب:
«إن فاتك الميرى».. اتجه للعمل الخاص
رغم تجارب العديد من الشباب مع العمل الحر، وتأكيدهم أنه أمل المستقبل، وهو وسيلة تحقيق الأحلام فى الثراء، إلا أن البعض ما زال يلهث وراء الوظيفة الحكومية التى يعتبرها صمام الأمان، ولكن الأوضاع الحالية أكدت أن الوظيفة الحكومية أصبحت حلمًا بعيد المنال، والأمل يكمن فى العمل الحر، لذلك أخذت الدولة على عاتقها ترسيخ ثقافة العمل الحر لدى الشباب، وإعلاء قيمته مع التركيز على المهن المُستقبلية والحرفية التى يحتاجها سوق العمل.
فى أغسطس 2023، أطلق حسن شحاتة وزير العمل، حملة إعلامية للإعلاء من قيمة العمل وتشجيع الشباب على العمل الحر والمشروعات الصغيرة، موجها إدارة الإعلام بالوزارة، ومديريات العمل بالمحافظات لضرورة الترويج لتلك الحملة، وتنفيذها على أرض الواقع تنسيقاً مع كافة الشركاء الاجتماعيين، وتوفير كل البيانات والمعلومات الخاصة بإمكانيات وبرامج وزارة العمل بشأن تدريب الشباب مجاناً على المِهن التى يحتاجها سوق العمل، والخدمات التى تقدمها الدولة للشباب لمساعدتهم لاقامة مشروعات صغيرة، وبروتوكولات التعاون التى تنظمها «الوزارة» مع شركاء التنمية فى هذا المجال».
ويؤكد ياسر شحاتة، أستاذ إدارة الموارد البشرية والتنمية المستدامة، ورئيس قسم إدارة الأعمال بكلية الاقتصاد والإدارة جامعة ٦ أكتوبر أن الكنز الحقيقى لأى دولة هو الإنسان، ورأس المال البشرى هو المحرك المادى، والشباب هم عصب الأمة والحياة، ولكن هؤلاء الشباب يفضلون العمل فى القطاع الحكومى عن الخاص لأنه جزء من ثقافتنا العامة، حيث يتمتع هذا العمل بقدر كبير من التقدير فى مجتمعنا، لما له من مزايا مثل: التأمين الصحى والمعاشات وساعات العمل المحددة، فى المقابل ينظر الكثيرون للقطاع الخاص نظرة سلبية بسبب المخاطر المالية، متناسين مميزاته وأهمها إتاحة الفرص والمرونة الاجتماعية.
وأشار «شحاتة»، إلى أنه لكى يتم تغيير ثقافة الوظيفة فى مصر، يجب تعزيز الفكر الريادى لدى الشباب، وذلك من خلال إنشاء بيئة حاضنة تشجع على الابتكار وتقديم الدعم فى المشاريع الابتكارية، وتطوير المهارات والقدرات، والتشجيع على الابتعاد عن الروتين والنمطية وتحسين الجودة وتعزيز الشفافية فى العمل الخاص ومكافحة الفساد، فمن خلال هذه الآليات يمكن تغيير فكر الشباب وتشجيعهم على إقامة المشاريع الخاصة، لافتًا إلى أن الشباب المصرى لديه طموح ويجب على الدولة والأسرة تغيير فكر الشباب وتشجيعهم على السير فى هذا الاتجاه.
وأوضح خبير الموارد البشرية، أن القطاع الخاص يمكن أن يكون قاطرة المستقبل والتنمية فى مصر، فهو يسهم فى تعزيز روح المبادرة والابتكار، ويوفر فرص العمل، كما أنه يتميز بالمرونة، ويمنح الشباب الفرصة لتحقيق أحلامهم وتطوير مهاراتهم وتوفير فرص عمل، أما القطاع العام فله دور فى البنية التحتية وهى العمود الفقرى للتنمية المستدامة، ويعزز جودة حياة المواطن، لذا لا بد أن يتعاون القطاع العام والخاص لتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل وتنظيم السوق بطريقة تشجع الاستثمار والابتكار وتعزيز المهارات للشباب.
وعن الحلول لإقبال الشباب على القطاع الخاص، أكد أنها تتمثل فى توفير بعض الأفكار والمنح والدعم المالى وقروض بفائدة منخفضة، وتسهيل الإجراءات الإدارية فى تأسيس الشركات والمشروعات، وتوفير سياسة الشباك الواحد، وتقديم حوافز ضريبية للشركات الناشئة وتوفير مساحة العمل المشتركة بين الشباب ورواد الأعمال، وتوفير برامج للشباب وتعزيز الاستخدام التكنولوجى والابتكارات الرقمية وروح المبادرة وتوفير مناهج ريادة الأعمال داخل الجامعات، وتحفيزهم لتحويل أفكارهم لمشاريع تجارية ناجحة، لافتًا إلى أن الدولة تقدم دعم للشباب، مثل برامج دعم لريادة الأعمال للشباب، وتنظيم ورش عمل، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهناك برامج لتمكين الشباب وتطوير مهاراتهم لتأهيلهم لسوق العمل، والاستثمار فى المناطق الحرة والاقتصادية وتقديم حوافز ضريبية ومالية.
من جانبها تؤكد، ريهام عبدالرحمن، الباحثة فى الإرشاد النفسى والتربوى بجامعة القاهرة، أن الكثير من الشباب يفضلون العمل الحكومى عن الخاص، وأن الشباب أسرى طموحات آباء فشلوا فى تحقيق أحلامهم، مما يولد عند الشباب الكبت وانعدام الطموح والرغبة والفشل فى تحقيق الأهداف، وينظرون لأنفسهم نظرة التحقير والدونية، لذا يجب على كل أسرة أن تنشئ أبناءها على الشجاعة واتخاذ القرار.
وأضافت أنه يجب أن يعلم الشباب أن الوظيفة الحكومية ستضمن لهم حياة أفضل واستقرار، إلا أنها لا تقبل التطوير أو الإبداع، لذلك تجد معظم العاملين فى أجهزة الدولة ليس لديهم قدرات إبداعية أو طاقات إيجابية لأنه ليس لديهم أى طموح لزيادة الإنتاجية، أما العمل الخاص فرغم أن البعض يعتقد أنه على «كف عفريت» كما يقال، إلا أنه يعطى الشباب فرصًا كبيرة بعيدًا عن التقيد بالروتين والواسطة والمحسوبية، كما أن الأوضاع الحالية تؤكد أن المستقبل للقطاع الخاص خاصة أن العامل يحصل على حقه كاملًا فى الرواتب والتأمينات الاجتماعية والصحية والأرباح مقابل مجهوده وتخصصه، على عكس الحكومة التى تتم التعيينات فيها بعيدًا عن التخصص والكفاءة.
وطالبت بضرورة تغيير الموروث الثقافى لدى الشباب الذى لا يزال يفضل الوظيفة الميرى المضمونة بدعوى أن القطاع الخاص يمكنه الاستغناء عن أى موظف فى أى وقت دون إبلاغه، وبالتالى يفتقد العمل الخاص عنصرى الأمان والاستقرار اللذين يحلم بهما أى شاب، فلا بد أن يعلم الجميع أن أى عمل يلبى الحاجات الإنسانية أولًا مناسبًا، ثم بعد ذلك يبحث عن الأمان بأن يؤمن غده ومستقبله.
ووضعت «عبدالرحمن»، بعض الحلول لإقبال الشباب على العمل الحر، منها أن تكون هناك مبادرات فعلية وبرامج تدريبية وليست وهمية على أرض الواقع، وتغيير نظرة الآباء والعائلات تجاه العمل الحكومى، وأن يواكب التعليم سوق العمل، وأن يعلم متطلباته ويبدأ فى إدراجها فى المناهج الدراسية، ولا بد من اكتشاف المواهب، ووجود مادة تسمى ريادة الأعمال فى المناهج، وذلك لأن سوق العمل، ستحتاج فى السنوات المقبلة للعديد من المهارات، حيث اختلفت مقاييس النجاح والتفوق، وما تتطلبه السوق المهنية من مهارات مختلفة، وذلك مع التطور التكنولوجى، واكتساح مواقع التواصل الاجتماعى، وتأثيرها على التسويق، بالإضافة إلى قفزات التطور السريعة التى يشهدها مجال الذكاء الاصطناعى، وتداخله فى أغلب المجالات حاليا على المستويين الدولى والمحلى.
وأشارت إلى أن المهارات التقنية باتت مطلوبة بشكل كبير فى سوق العمل، وأن الطلب على علم البيانات يتزايد بشكل مستمر بسبب أهميته فى إعداد الإحصاءات والتقارير والتحليل والتنظيم، ومن ثم إدارة البيانات بشكل صحيح ودقيق أيضًا، لذا يجب أن يركز الطالب قبل تخرجه على نوع المجال الذى يحب أن يعمل فيه، فكلمة السر تُكمن فى «حب ما تعمل»، حيث إن من الصعب أن يكون الشخص مبدعًا فى وظيفة لا يحبها وغير موهوب فيها، بالإضافة إلى ابتعاده عن الوظائف النمطية والتقليدية، فيجب أن يتمتع بروح المغامرة والاكتشاف.
برمجة ولغات وذكاء اصطناعى أهم مؤهلاتها:
الوظيفة فى زمن التكنولوجيا
الدخول إلى سوق العمل والتوظيف لم يعد بالأمر اليسير، حيث يحتاج إلى مؤهلات وتدريب متخصص يراعى الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل التى اختلفت خلال العقدين الماضيين مع التقدم التكنولوجى الهائل الذى شهده العالم ومصر، حيث تغيرت مفاهيم التوظيف، لتنتقل من «المفهوم التقليدي» إلى «الأفق الإبداعى» الذى يعتمد على التميز ومواكبة المستقبل بما يحمله من تطورات متسارعة، وما يتطلبه من وظائف تساير تلك التغيرات.
مواكبة وظائف العصر الحديث باتت ذات أهمية كبيرة، للحفاظ على تماسك المجتمع وجودة حياة أفراده، لأنها تحمى المجتمع من كثير من المشكلات التى تعصف به كالبطالة والعنف وتأخر سن الزواج وغيرها والتى تكون فى معظمها لأسباب اقتصادية كنتيجة لعدم حصول الفرد على فرصة عمل مناسبة وذلك لوجود فجوة كبيرة بين ما تعلمه الخريج وبين ما يتطلبه سوق العمل.
يقول الخبير التربوى تامر شوقى: «تلعب الدولة بحكم ما تملكه من سلطات وإمكانيات وقدرات الدور الأكبر والأهم فى تحسين جودة التعليم من أجل ربطه باحتياجات سوق العمل، فالتعليم هو المورد الأساسى لاحتياجات سوق العمل من القوى البشرية التى تمتلك المهارات والقدرات اللازمة؛ وقد تنبهت الدولة لما حدث من تطوير وتغيير فى متطلبات سوق العمل وقامت بإحداث تطوير فى العملية التعليمية، وربطه بسوق العمل».
وأضاف «شوقى» أن ربط سوق العمل بالتعليم له العديد من الفوائد أهمها: تجنب الهدر فى الوقت الناتج عن إعادة تدريب الأفراد على وظائف لم يتم إعدادهم لها، وتحقيق مبدأ إدارى مهم، وهو وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب، وتحقيق الرضا الوظيفى والمهنى لدى العاملين فى ضوء عملهم بوظائف تتفق مع مؤهلاتهم، وتحسين مستويات الإنتاج والإنجاز فى المؤسسات المختلفة، ونجاح هذه المؤسسات فى تحقيق أهدافها، بما ينعكس على زيادة الدخل القومى للدولة فى ضوء زيادة الإنتاج وجودته سواء فى مجال الخدمات أو الصناعة.
وأوضح أن أهم الوظائف التى يحتاجها سوق العمل فى السنوات الأخيرة أصبحت تختلف بشكل جذرى عن تلك التى كانت مطلوبة فى أوقات سابقة، ويتضح ذلك فى اختفاء بعض الوظائف وظهور وظائف جديدة تقتضى مهارات جديدة، ولعل أهمها مهارات البرمجة والذكاء الاصطناعى، والمهارات المتصلة بالعلوم التطبيقية، واللغات الاجنبية، ومهارات التواصل والذكاء الاجتماعى والشخصى، الأمر الذى سينتج عنه إحداث نهضة شاملة، فتلك المهارات والوظائف هى طوق النجاة للدولة فى ضوء ما تعانيه.
وعن أهم التحديات والاحتياجات التى تواجه الصناعة ويجب توفيرها فى المؤهل الدراسى، تحدث الخبير التربوى عاصم حجازى، قائلًا: «الصناعة تواجه تحديات كثيرة وعلى رأسها يأتى استيعاب التطورات التكنولوجية الهائلة والمتسارعة وتوظيفها بهدف التطوير ودعم التنافسية، وفى المقابل هناك عقبات مرتبطة بهذا الجانب ومن أهمها: عدم وجود العنصر البشرى المدرب بشكل جيد والمؤهل لاستخدام التكنولوجيا فى مجال الصناعة من ناحية، ومن ناحية أخرى اضطرار المصانع والشركات إلى استيراد المنتج التكنولوجى لعدم وجود كوادر مدربة قادرة على الابتكار والتطوير.
وأوضح أن التوسع فى إنشاء المدارس والكليات التكنولوجية يسهم فى تقليل الفجوة والارتقاء بمستوى مهارات ومعارف الخريجين فى الجوانب التكنولوجية المرتبطة بالصناعة والإنتاج، بالإضافة إلى إدخال تحديثات مستمرة على مناهجها لمواكبة التطور السريع فى تكنولوجيا الصناعة والإنتاج، مشيرًا إلى أنه عند ربط الجامعات بسوق العمل، سنرى الجامعات المصرية على الساحة الدولية، وذلك لأن تقديم تعليم له تأثير فى المجتمع، يعمل على تحسين السمعة الأكاديمية للجامعة ويمكنها من الحصول على ثقة واعتماد جهات العمل المختلفة، وهو ما ينعكس على إقبال الطلاب الوافدين على الدراسة فى الجامعات المصرية، لذا يعتبر نوعًا من الاستثمار فى التعليم.
وأكد «حجازى»، أن التكنولوجيا تمتاز بوجود مساحة أكبر من الإبداع نتيجة لقدرتها على توفير عدد هائل من الخيارات، لذا فإن الاتجاه إلى توظيف التكنولوجيا فى الصناعة والإنتاج يتطلب إلى جانب إلمام الخريج بالمهارات التكنولوجية، امتلاكه قدرًا كبيرًا من الابتكارية والإبداع لكى يستطيع أن يعظم الاستفادة من خبراته التكنولوجية، ويقدم العديد من الإبتكارات التى تنقلنا من دائرة استهلاك التكنولوجيا إلى مستوى إنتاج التكنولوجيا وهو فى حد ذاته مجال متميز من مجالات الاستثمار، مشيرًا إلى أن العصر الحديث يحتاج لوظائف مستحدثة ومعظمها له ارتباط مباشر بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى، مثل صناعة الروبوتات وهندسة البرمجيات وتحليل البيانات وأمن المعلومات وتصميم وتطوير المواقع، وهندسة الشبكات وغيرها.
وأضاف أن سوق العمل أصبح يهدف إلى الاستفادة من الميزات التى تقدمها التكنولوجيا من حيث الدقة والسرعة والكفاءة وتقليل التكلفة وزيادة الإنتاج وتسهيل القيام بأداء المهام المختلفة، لافتًا إلى أن هناك بعض الوظائف، سوف تختفى تمامًا كما أن بعض الوظائف سوف يحدث بها تغيرات كبيرة، وسوف يتم استحداث وظائف جديدة لم تكن موجودة من قبل وهذا أمر طبيعى يرتبط بتقدم المجتمعات وقد حدث هذا الأمر كثيرا من قبل نتيجة للتطورات التى شهدتها المجتمعات فى فترات زمنية سابقة.
وأشار «حجازى» إلى أنه يجب إنشاء مجلس أعلى للتعليم الفنى يكون مستقلًا عن المجلس الأعلى للتعليم، على أن يضم خبراء تربويين ورجال أعمال يمثلون كافة المجالات الصناعية الرئيسية، تكون مسئولياته هي: وضع سياسات التعليم الفنى والإشراف على تنفيذها، وهيكلة الوظائف من خلال التعليم والتدريب ودمج التكنولوجيا والتغيرات التى تطرأ على سوق العمل، والتواصل الجيد مع المستفيدين من الخدمة، لافتًا إلى أن سوق العمل يحتاج إلى خريج يملك معلومات متقدمة ويمتلك مهارات متطورة، بالإضافة إلى امتلاك اتجاهات إيجابية نحو العمل أو المهنة وقد تم توظيف ذلك من خلال منهج الجدارات الذى يطبق حاليًا فى مدارس التعليم الفنى والذى يراعى توافر هذه المعايير الثلاثة فى الخريج.
فرصة لتحقيق الطموح بعيداً عن الروتين:
«الفرى لانسر».. من هنا يبدأ الإبداع
العالم يقف على حافة ثورة تكنولوجية من شأنها أن تحدث تغييراً جذرياً فى أنماط الحياة التى نعيشها والعمل الذى نؤديه والطريقة التى نتعامل بها، منها «الفرى لانسر» أو العمل عن بُعد، هو تحول جديد، طرأ على ثقافة التوظيف، يرجع إلى واقع سوق العمل المحلية والعالمية الذى تغير تمامًا، لذا أصبح من أهم الملفات ذات الأولوية القصوى لأجندات الحكومة، لخلق برامج متطورة وحديثة، بالعمل على إعداد متدربين أكثر كفاءة وقدرة على سد احتياجات ومواكبة السوق المحلى والعالمى، فالإنترنت ليس فقط للهو أو لمشاهدة «تيك توك» وغيرها من المواقع التى تستهلك الوقت دون مقابل، وإنما أصبحت نافذة على سوق العمل الجديدة، ووسيلة لجنى العملة الصعبة، وتغيير الواقع المادى.
وكانت وزارة الشباب والرياضة قد دشنت منذ عام ٢٠١٦ العديد من المبادرات لتدريب الشباب وتأهيلهم لسوق العمل وفتح آفاق جديدة لتوظيفهم، من خلال مشاركتهم فى معارض التوظيف، بالإضافة لانطلاق العديد من المبادرات الأخرى مثل مبادرة «طور وغير» تحت رعاية مجلس الوزراء، حيث يتم تدريب ما بين 800 ألف إلى مليون شاب وفتاة فى مجال تكنولوجيا المعلومات وتأهيلهم لسوق العمل فى شتى المجالات.
على الجانب الآخر تم تنفيذ مبادرة «مشواري» تحت رعاية مجلس الوزراء بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» لتعزيز ثقافة الشباب والفتيات لخوض مجالات العمل الحر.
يقول الدكتور محمود محمد علام، كاتب واستشارى إرشاد نفسى وتنمية موارد بشرية: «تؤثر التكنولوجيا على سوق العمل بطرق عديدة، فقد ساعدت على خلق فرص عمل جديدة، مثل فكرة العمل عن بُعد، والتى ظهرت فى سبعينيات القرن الـ٢٠ وهدفها مباشرة الأعمال عن بُعد، فكان ذلك من خلال الأجهزة اللاسلكية والسلكية والتى أخذت فى التطور، وكان من أهم متطلبات العمل حينها، امتلاك الأدوات والإمكانيات الكافية والتقنية المناسبة لإدارة العمل عن بُعد، والقدرة على تحقيق التوازن بين الحياة والعمل، ومهارة إدراك وإدارة الوقت بشكل مستمر وهادف، والقدرة على حماية المحتوى من الهيمنة العنكبوتية والقرصنة، منوهًا على وجود تحديات عديدة تواجه «الفرى لانسر» منها، ثبات الدخل والأرباح، لكن يبقى العمل الحر خالقًا للطموح وملكات الإبداع والشغف، لذا يجب قبل الإقدام على العمل الحر، الدراسة الكافية بآليات ومتطلبات السوق، وإن ملكت المقدرة التمسك بالوظيفة والعمل الحر لحين صقل الخبرة والمعرفة، لتفادى تقلبات الأوضاع والمناخ الاقتصادى خاصة لدول العالم الثالث».
وأشار «علام»، إلى أن الحكومة توفر عمل حر من خلال مراكز متخصصة ذات قدرة رقمية وبرمجة هائلة على يد متخصصين لصقل المتدرب من خلال أكثر من ٧٠ مركزًا تدريبيًا عالى القدرة والكفاءة، علاوة على إطلاق الدولة مشروعها المهنى ٢٠٣٠ للوصول إلى مليون متدرب بكفاءة عالية تخدم السوق المحلى والعالمى، مضيفًا أن الوظيفة الرسمية أخذت منا الكثير لضمان راتب ثابت، وخبرة تأتيك من ممارستك مهامك الرسمية، ولكن دون مرونة تُذكر، ففى الوظائف الرسمية يعد الروتين سيد الموقف دائمًا، أما عن العمل الحر فمن أهم مميزاته المرونة والتعامل وخدمة الطموح بسهولة البحث والدراسة والاستعانة بأصحاب الخبرات والتجارب الناجحة، لكن يبقى أمرًا مهمًا تحكم العمل الحر وهى المناخ الاقتصادى المستقر.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعى أسهم فى استحداث وظائف اكتر تقنية وأسرع من حيث توفير الوقت والجهد، والوصول لنتائج عظيمة فى وقت بسيط ومن أهم الوظائف التى استحدثها الذكاء الاصطناعى، صانع المحتوى (كاتب الذكاء الاصطناعى) الذى ألم بما يحتاجه الجمهور، والمترجم الآلى، والذى يمتاز بالسرعة والدقة فى الترجمة الفورية، ومتخصص تسويق بتقنيات عالية للعمل على تحليل سلوك المستخدمين وتحسينها، وخبير أمن سيبرانى، لحماية الأهداف والأنظمة والشبكات من عمليات التهكير والقرصنة.
وأشار الخبير إلى أن العمل الحر، قد يسهم فى إزاحة بعض الوظائف الحالية، وإحلال الآلات محل الأشخاص فى بعض المهام، الأمر الذى سيؤدى إلى استبدال العامل البشرى بعنصر الذكاء الاصطناعى فى العديد من الوظائف، لذا ضمانًا للاستمرارية لا بد من تطوير المهارات والقدرات لمواكبة التطورات التكنولوجية.
وأضاف أن هناك بعض الاقتراحات التى تساعد على إيجاد حلول للتحديات التى قد تطرأ بمرور الوقت، وأهمها: الاستثمار فى التعليم والتدريب، حتى يتمكن العمال من تطوير المهارات اللازمة لسوق العمل فى المستقبل، وصياغة سياسات مناسبة، مثل سياسات الحماية الاجتماعية والضرائب، للتخفيف من آثار التكنولوجيا على سوق العمل، والتعاون بين الحكومات والشركات والعمال، وذلك لتطوير حلول مشتركة للتحديات التى تواجه سوق العمل فى ظل التكنولوجيا.
والنصائح الواجب اتباعها للاستمرارية الفترة القادمة، أكد «علام» ضرورة الاهتمام بالحوسبة السحابية، لأن المزيد من الشركات تتحول من البنى التحتية للخوادم إلى الحلول السحابية، ويتم أيضًا توفير العديد من خدمات الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى من خلال الأنظمة الأساسية السحابية، والمهارات الأكثر طلبًا والأعلى ربحًا، هى مهارة تحليل البيانات الضخمة، بما فى ذلك البيانات المهيكلة وشبه المهيكلة وغير المهيكلة، وهناك مهارات التعامل مع الآخرين، والتحرك نحو الأهداف المشتركة، ومحو الأمية الرقمية، والقدرة على استخدام الأجهزة المختلفة والبرامج والتطبيقات بسهولة ويسر وثقة وأمان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نصيحة للشباب الاستثمار فى التعلیم التنمیة الاقتصادیة احتیاجات سوق العمل التنمیة المستدامة الذکاء الاصطناعى تطویر المهارات التعلیم الفنى تعزیز التنمیة على سوق العمل القطاع الخاص بالإضافة إلى سوق العمل من سوق العمل فى والقدرة على بعض الوظائف ذلک من خلال بسوق العمل لسوق العمل الحصول على الأمر الذى العمل الحر العدید من وأوضح أن فى تحقیق ما یتطلب إلى أنه فرص عمل یسهم فى ا مهم ا من أهم یجب أن وهو ما التى ت فى ضوء لم تکن من قبل
إقرأ أيضاً:
مؤتمر الصحفيين ونقطة الانطلاق
شاركت فى الأسبوع الماضى فى المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين.. هذا المؤتمر الذى شهد مشاركة واسعة من أعضاء النقابة.. وهذا المؤتمر الذى رفض تنظيمه اثنان من النقباء والمجالس رغم المطالبات والحاجة إلى عقده بسبب تدهور أوضاع مهنة الصحافة على المستوى المهنى والمالى وحرية الصحافة رغم أنه أداة نقابية مهمة لإيقاظ صوت الصحفيين الذى اختفى فى السنوات الماضية.
ولكن الزميل خالد البلشى نقيب الصحفيين ومجلس النقابة أخذوا على عاتقهم تنظيم المؤتمر وكنت أتمنى أن يكون مؤتمراً علمياً يتضمن دراسات رصينة محكمة من الزملاء حاملى شهادات الدكتوراه والماجستير وأن يتم عقده بالمشاركه مع معاهد وكليات الإعلام المنتشرة فى ربوع مصر لكن المجلس والزملاء أرادوا أن يكون ما يناقشه المؤتمر أوراق عمل من خلال التحضير للقضايا المطروحة عليه من خلال ورش عمل مصغرة وهو المنهج الذى سار عليه مجلس النقابة.
وانعقاد المؤتمر فى حد ذاته إنجاز نقابى لأنه دق ناقوس الخطر لما تمر به المهنة من جميع النواحى وأظهر الاحتياجات الحقيقية حتى يكون لمصر إعلام وصحافة على قدر قيمتها كدولة محورية فى المنطقة.. وأن تكون قادرة على تحقيق ما تريده السلطة من زيادة الوعى بالأخطار التى تحيط بنا والتصدى إلى حرب الشائعات المنظمة التى تقودها جهات معروفة ضد النظام فى مصر.
وما انتهى إليه المؤتمر من توصيات وقرارات هو روشتة متكاملة للنهوض بالصحافة حتى تؤدى دورها التنويرى للمجتمع، فحرية الصحافة أساس هذا الدور والتعددية هى عمود الأساس لها وهو الذى يتطلب إصدار قانون لتداول المعلومات وإلغاء الحبس فى قضايا النشر الموجودة فى قانون العقوبات وهى مواد مخالفة للدستور وضبط الصياغات القانونية والبعد عن الألفاظ المطاطة التى توسع دائرة الاهتمام.
المؤتمر عالج كل القضايا المهنية والأزمات الاقتصادية التى تمر بها المهنة، فالاستطلاع الذى أجراه المجلس أظهر أرقاماً مفزعة على الوضع الاقتصادى على الصحفيين وتدهور الأوضاع المالية، وأصبحت رواتبهم أقل من الحد الأدنى الذى أقرته الدولة من 4 سنوات ولم يطرأ عليها تعديل.. واتضح من النتائج السابقة أن 72٪ من الصحفيين يعيشون على أقل من الحد الأدنى للأجور المحدد من الدولة بـ6000 جنيه شهرياً مقابل 2.28٪ يمسون الحد الأدنى.
وكشف الاستطلاع عدم وجود لوائح مالية فى أغلب الصحف وأن 60٪ من الصحف لا تلتزم بالحد الأدنى للأجور الذى أقرته الدولة.
المؤتمر طرح تحدى التكنولوجيا الحديثة والذكاء الصناعى وتأثيره على المهنة وهو الأمر الذى أصبح محل نقاش واسع فى مختلف المهن والصناعات وأثار مخاوف كبيرة بأن يكون التقدم التكنولوجى خطراً على مهنه الصحافة والإعلام خاصة وهو الأمر الذى جعل المؤتمر يوصى مؤسسات الصحافة المصرية بتعظيم الاستثمار فى تقنيات الذكاء الاصطناعى، والإشراف على دمجه فى أنظمة الصحف واستخدامه فى صالات التحرير وغرف الأخبار مع تدريب الصحفيين على تقنيات الذكاء الاصطناعى التوليدى المختلفة، مع وضع دليل معايير وإرشادات الاستخدام الأخلاقى للذكاء الاصطناعى فى الصحافة بالتعاون بين المؤسسات الصحفية المختلفة ومطورى الذكاء الاصطناعى، ودعت التوصيات إلى توعية الصحفيين بالاستخدام الراشد والأخلاقى للذكاء الاصطناعى وقواعد الشفافية والفارق بين استخدامه الشرعى والتزييف أو انتهاك الملكية الفكرية.
نتمنى أن يلتقط المسئولون وصناع القرار فى بلدنا هذه التوصيات وتفعيلها لأنها روشتة كاملة للانطلاق إلى الجمهورية الديمقراطية الجديدة وهى بداية لمرحلة الانطلاق بالمجتمع نحو آفاق أوسع من الحريات العامة.