كانت البنت تجلس على يمينه فى كافتيريا بحرية، تنشغل عنه بالكتابة، وينشغل عنها بالفتاة الفرنسية، ذات الشعر القصير، والتى تبثه كلامًا أستشف منه رغبة أنثوية، تناوب نفسها، بينه والشيشة الراقدة إلى جوارها، مستسلمة ليدها الخبيرة. يحاول كلما فتر الحديث أن يواصل دفئه، بخبر من هنا، أو حادثة من هناك. حدّثته عن مشروع بحثها الحالى، وحدثها عن رغبته فى السفر لتعلم اللغة الفرنسية، قالت كلامًا هامسًا، أكاد أستشعر بهاءه المتوّجه صوبه مباشرة.

أخبار متعلقة

الطيب «قصة قصيرة» لــ أحمد محمد أبورحاب

جريمة فى رأس البر «قصة قصيرة» لــــ حسين عبدالعزيز

الفرن والتليفون.. قصة قصيرة لــ رضا الأشرم

لم يستطع الهروب، كانت مشددًة الحصار حوله، تحاول الولوج إليه، لم يكن رافضًا، كما لم يكن لديه القبول الأكمل، هكذا استشعرتٌ، غير أنّ الغيرة، التى لا أستطيع التهرب منها، كانت تأكل داخلى، أمّا الكبرياء فقد أصابها خدش يشفّ عبر ملامح الوجه عبوسًا وضيقًا. أغاظتها هذه الأحاسيس المتداخلة، وهى تضغط على أعصابها بعمق وصمت قاتلين، فكرّت بالقيام، لكنها تراجعت، لتكسب دقائق أخرى معه.

مرة أخرى تقع فى مصيدة أن تكون قريبة منه، ولو على حساب ألمٍ، يتنامى على مهلٍ قاتل، وفى كل مرة أيضًا، تكتشف أكثر حجم تورطها مع هذا الرجل. كانت تشعر بالانجراف نحو شىء غامض وجميل، جمال لا يخلو من معاناة، كانت تصفه انجرافًا جميلًا، ليس مخططًا له أن يكون مدمرًا، هكذا اعتقدت أو تمنت، ففى حضرة الحب لا يمكننا التفريق بين الاعتقاد والتمنى، كما لا يمكننا أن نتصرف بمنطق سوى منطق القلب الموجع.

تتابع حركة يده من المطفأة إلى فمه، الذى يخجل من لحظة صمت قد تشى بانتهاء الجلسة، بينما تفلت نظرات من عينيه نحو دفترك الأصفر وقلمك الأحمر وهو يسرد وحدته للورق، ما الذى يبقيك أيتها المسكينة؟، أنت لست هنا، وهو بكامل حضوره، يجامل فتاة غربية على حسابك.

أيها البحر الرابض فوق صدرى الحزين، وأنت هنا غير بعيد سوى بمسافةِ ما بينى وهذا الرجل، الذى يروضنى على نعمة الرضوخ، التى لا تشبهنى، أرجوك أخرج فيوضك السرّية واقلب هذه الطاولة التى تشتعل ضدى.. يا لدمها البارد يتلهى بمشاعرى وهى تتقلب على جمر شيشتها، فيما عيناها ترسلان الورود لعينيه وهو يبتسم.

القلب المسكين لم يعد قادرًا على التحمل، وصلته برودة أعصابها، فكاد أن يرد عليها دمعًا حارًا ورجاءً بالرحمة، وهنا كان عليك أن تتنصلى من ضعفك الغريب، وتنسحبى لموعد طارئ تذكرته فجأة.

آلمك أنه لم يتضامن مع ضعفك وانحاز لنصفه الغربى، ليكون هذا درسًا أول فى قائمة خسارات المحبة، لكنك لا تريدين أن تخسريه، تريدنه كاملًا من محبتك ورضاك، وهو مشغول عنك بالفرنسية التى تمارس شرقية لا تشبهها، يسرب لها ابتسامات المجاملة، هكذا كنت تودين وصفها، إذ لا يعقل أن يكون حبيبها أو حبيبته.

ما أشد سذاجة المرأة حين تقع فى الحب، ويا لخراب الوعى حين يقع فى مصيدة التقاليد. تنسحبين بهدوء، تحملين هواجسك وألمك، تشاركينهم المشى فى ليل يشبه عتمة القلب، الذى تحملين.

المسافة إلى المنزل تحتاج إلى أكثر من القدمين للوصول، لكنك لا تصلين، تدخلين البيت وأنت خارجه، تدفعين بالحقيبة الملآى بالأوراق والكتب وأشياء صغيرة، تافهة على طاولة مزهوّة بورداتها، وتنامين بجوار ألمك حتى الصباح.

ثقافة سور الأزبكية قصة قصيرة تراوده.. فيصيبنى

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين ثقافة قصة قصيرة زي النهاردة قصة قصیرة

إقرأ أيضاً:

الوزير والمثقفون

لا تزال هناك ملفات ساخنة ومهمات أمام مكتب وزير الثقافة الجديد؛ أولا: إعادة تشكيل لجان أدباء الأقاليم وإذا راجعنا تقارير وشكاوى مؤتمرات وندوات أدباء الأقاليم منذ ربع قرن على الأقل؛ سنرى تشكيلات كثيرة من السلبيات التى لم يتم دراستها ولا حلها.

من بينها تشتت الاختصاصات الفنية والأدبية التى تحدد مكانا عن الآخر؛ لأن احتياج أدباء صعيد مصر يختلف عن أدباء حلايب وشلاتين وعن حاجة أدباء الشمال. وهكذا.. مؤتمرات أدباء الأقاليم من أهم الملفات التى لا يمكن تأجيلها أو ضمها إلى مسئول آخر؛ قبل أن تحسم فيها اساسيات هذه المؤتمرات وجذور أزماتها.

من الملفات العاجلة مناقشتها أزمته النشر. تلك التى ندور ونلف حولها دون أن يتم حسمها أو دراستها بتان وهى ايضا تتطلب المزيد من البحث حول النشر العام فى القاهرة والنشر فى الأقاليم. أيضًا هناك ازمة التوزيع؛ فتوزيع الكتب على القرى والبلدان لم يزل قاصرًا وإمكانياته ليست حديثة ولا تتسع لمزيد من النشاط والاستفادة من الإمكانيات العالمية.

مسرح الدولة فى حاجة ماسة إلى خريطة ثورية للإصلاح والتغيير وحذف الكثير من الأزمات والملاحقات التى عرقلت نمو المسرح الحقيقى الذى عرفناه رائدا يعلم ويغير من فكر الأجيال؛ على مدى تاريخنا القديم والمعاصر. نحتاج إلى تطوير المسرح الكلاسيكى ومسرح الطليعة ومسرح العرائس وصولا إلى تطوير مسرح التجريب والإبقاء على مهرجان المسرح التجريبى الذى أسسه فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق.

كم من الهجوم انتشر عقب بداية مهرجان المسرح التجريبى؛ وأعرف أن كثيرا مما كتبه المخرج المسرحى الكبير جلال الشرقاوى حول هجومه على هذا النوع الجديد الوارد علينا نحن المصريين والعرب عامة. كان يحوى ويتضمن برنامجا لإصلاحه، ما جعل فاروق حسنى يشكل لجنة خاصة لدراسة سلبيات المهرجان بعد خمس دورات من بدايته. وتوصلت اللجنة إلى جوانب التطوير وعلينا اليوم مناقشة أفكار ومشاريع جديدة عن التجريب بعد أكثر من ثلاثين عاما من تأسيس المهرجان ليكون عالميًا منافسا لأكبر مهرجانات العالم.

المسرح المتحول الذى أشرف عليه بإخلاص شديد المخرج الكبير عبدالغفار عودة يحتاج إلى إحياء بعد موات سنوات.

المخرج الجاد أحمد إسماعيل أحد أعمدة مسرح الجرن الذى كان يدخل المدن الصغيرة والقرى وتحمل أعباء إضافة عشرات التبعات والمسئوليات حتى حوله إلى كيان مسئول.

أتخيل أن كل هذا الجهد المبذول لسنوات طويلة؛ من الظلم أن يموت كما ماتت آلاف الأحلام والطموحات التى سعت واجتهدت دون جدوى وسط ضجيج بعض الموظفين وأسلوب الفهلوة والقفز على الموائد. ووسط كروت الوساطة والسعى غير الأمين لشغل أماكن ليست من حقهم!

أزمات أخرى كثيرة وأوراق عمل فى حاجة إلى علاج أو تطهير أو تطوير. القضية ليست شخصية أو مجرد قضايا مؤجلة؛ ولكنها قضية وطن نريد أن نشارك فى بنائه مع القيادة السياسية التى تسعى إلى الجمهورية الجديدة. التى نترقبها جميعا.

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • أحمد فريد يتخطي النصف مليون مشاهدة بأحدث أغنياته "أنا مشيتلك"
  • ياسر إدريس يكتب: ثقة بلا حدود.. الأمل كبير في حصد بين 7 و11 ميدالية
  • كشف حساب حكومى
  • فكر جديد
  • أزمة مباراة!!
  • خانه الجميع (1)
  • التفكير بالتمنى وسكرة ينى
  • مِحَن.. ترمى علينا بشرر!
  • الوزير والمثقفون
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي