تتمتع مدينة دنفر الأميركية بطبيعة جبلية متفردة، وتقع عاصمة ولاية كولورادو وسط الولايات المتحدة، وتعد واحدة من أسرع المدن نموا بفضل انتشار عديد من المعالم السياحية والمحميات الطبيعية، فضلا عن موقعها المرتفع فوق سطح البحر، وبالتالي فإنها تعتبر وجهة مثالية لعشاق المغامرة واستكشاف الطبيعة.

وتقع مدينة دنفر وسط أميركا، وتبعد مدينة سان فرانسيسكو عنها لمسافة ألف كلم إلى الغرب، في حين تقع شيكاغو على المسافة نفسها إلى الشرق، ولكن تكثر الجبال في الجانب الغربي وتنتشر الأراضي المسطحة في الجانب الشرقي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قنوات يزد المائية.. معلم تاريخي وسط صحاري إيران يتحول إلى معلم سياحيقنوات يزد المائية.. معلم ...list 2 of 2ملح بالي الأبيض.. جواهر تجتذب السياح إلى جزر إندونيسياملح بالي الأبيض.. جواهر تجتذب ...end of list

ويرجع الفضل في النمو السريع للمدينة الكبيرة إلى السكك الحديدية، التي ساعدت كثيرين على المجيء بحثا عن الثراء من خلال التنقيب عن الذهب في قمة جبل "بايكس بيك".

وقد تأسست مدينة دنفر عام 1858، وتقع على ارتفاع 1609 أمتار فوق مستوى سطح البحر، ولذلك فإنها تعرف باسم "مايل هاي سيتي" (المدينة المرتفعة مسافة ميل)، وتعتبر محطة القطارات "يونيون ستشين" نقطة الاتصال الأولى لكثير من الوافدين إلى المدينة.

محطة "يونيون ستيشن" تعد معلما رئيسيا وأحد أهم أسباب تطور مدينة دنفر (الألمانية)

من جهته، قال رئيس السياحة السابق ريتش غرانت: "رغم أنه لم تعد قطارات كثيرة تمر من المحطة، فإنه يمكن للسياح قضاء بعض الوقت في قاعة المحطة القديمة"، وأشار إلى أن محطة "يونيون ستيشن" كانت مثل "غرفة المعيشة في مدينة دنفر".

ويشتمل المبني على عديد من المطاعم وأحد الفنادق، ويجدر بالسياح زيارته كونه أقدم جزء في عاصمة ولاية كولورادو. وتمتاز المباني المشيدة من الطوب في ميدان "لاريمر سكوير" -التي تم تجديدها- بطابع تاريخي عريق.

وينطلق القطار التابع لشركة السكك الحديدية "روكي ماونتينر" من منطقة "ريفر نورث آرت" المعروفة باسم رينو، والواقعة شمال نهر بلات، ويسير القطار وسط المناظر الطبيعية الخلابة في مدينة مواب بولاية يوتا، وبعد ذلك ينطلق السياح في رحلة برية لزيارة بعض المحميات الطبيعية الأكثر إثارة في الولايات المتحدة الأميركية.

 

اكتشاف الغرب الأميركي

وتوفر الشركات للسياح فرصة رائعة لاكتشاف الغرب الأميركي، وأوضح كبير المضيفين على متن القطار مايك هانيفين أن القطار يسير بسرعة "كوداك"، بحيث يتمكن السياح من التقاط الصور الفوتوغرافية الرائعة، بدءا من جبال روكي وحتى الصخور الحمراء، التي تمتاز بها المنطقة الجنوبية في ولاية يوتا، وتستغرق رحلة القطار الفاخر نحو يومين لقطع المسافة الصغيرة، التي يبلغ طولها 600 كلم.

ولا تقتصر الرحلة على مجرد مشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة في أثناء الجلوس أمام النوافذ البانورامية، حيث تشبه الطبيعة في كولورادو جبال الألب الأوروبية، وتنتشر بها الصخور الوعرة، التي تقطعها الأنهار ويسودها اللون الرمادي في كثير من الأماكن وتكثر بها الأشجار والنباتات أيضا.

وبطبيعة الحال لا يقضي السياح الليل في القطار خلال هذه الرحلة، التي تستغرق يومين، بل يبيتون في بلدة غلينوود سبرينغز الصغيرة، التي تقع في منتصف الطريق، ويوجد بها كثير من الفنادق ذات أجواء الغرب الأميركي، بالإضافة إلى قبر "دوك هوليداي" وحوض سباحة كبير بالمياه الحرارية للسياح في المنتجع الصحي.

ويمكن للسياح التحدث إلى قائد القطار واين نيكس قبل أن يدعوهم كبير المضيفين مايك هانيفين صباح اليوم التالي لركوب القطار. وأوضح قائد القطار أن نفق "موفات" يعتبر أعلى نقطة في مسار الرحلة، فضلا عن أنه يمتد لمسافة 10 كلم في الجبل، وكان يعتبر بمثابة تحفة هندسية فريدة عندما تم الانتهاء منه قبل 95 عاما.

وخلال هذه المرحلة من الرحلة تتغير المناظر الطبيعية، ويمر القطار عبر النفق الطويل وعبر "روبي كانيون"، الذي لا تمكن رؤيته إلا من الماء أو القطار، ويمتد هذا الوادي بطول 40 كلم في الحجر الرملي العميق، كما تمكن رؤية الحدود بين الولايتين الأميركيتين، وتظهر على هيئة حروف بيضاء كبيرة على الصخور: ولاية "يوتا" على اليسار وولاية "كولورادو" على اليمين.

القطار التابع لشركة "روكي ماونتينر" للسكك الحديدية يقدم للسياح الفرصة لاكتشاف الغرب الأميركي (الألمانية) محمية "أرشز"

وتنتهي رحلة القطار في مدينة مواب، وتعتبر هذه المدينة الصغيرة نقطة الانطلاق لزيارة محميتي "أرشز" و"كانيونلاندز" الطبيعيتين، وعادة ما تتوقف القطارات التابعة لشركة "روكي ماونتينر" خارج المدينة، نظرا لأن خطوط السكك الحديدية لا تمتد إلى داخل المدينة، كما لا توجد بها محطة للقطارات، ولكن في مقابل ذلك تتوافر حافلات مكيفة تنقل ركاب القطار إلى بعض المواقع المركزية في مواب.

وبعد ذلك يستقل السياح عادة السيارات المستأجرة لزيارة المحميات الطبيعية، التي تظل مفتوحة على مدار الساعة، على الرغم من أنها تكون مظلمة للغاية ليلا، إلا أن ذلك لا يمنع عشاق مشاهدة النجوم من الانطلاق عبر الطرق المتعرجة ومشاهدة الأجرام السماوية.

ويوجد في كل محمية طبيعية مركز للزوار يتيح للسياح الحصول على الخرائط والاستفسار من الحراس عن بعض النصائح خلال النهار، وعادة ما يقوم الحراس بمرافقة المجموعات السياحية في أوقات محددة على المسارات أو في أثناء زيارة المعالم السياحية.

وتتجلى أهمية المحمية الطبيعية "أرشز" في كيفية إنشاء أكثر من ألفي قوس من الحجر الرملي تكوينات طبيعية شديدة الجمال، وأوضحت الحارسة نيكول ويستكوت أن "هذه التكوينات نشأت بفعل الرياح والأمطار والشمس والثلوج على مدار فترة زمنية طويلة"، ولا تحدث هذه الظواهر الطبيعية بسرعة، على الرغم من أن كل شيء يتحرك، ويتطلب الأمر كثيرا من الخيال لكي يتم فهم تاريخ الأرض.

وتعتبر أقواس النوافذ "ويندوز أرشز" الواقعة في الجنوب والشمال من أكبر الأقواس الموجودة في المحمية الطبيعية، كما يوجد القوس المزدوج "دبل أرش" على الجانب الآخر من الطريق، والذي يشبه أعمدة الخيمة، كما يقبل السياح على التجول إلى "ديليكت أرش" الشهير للغاية، وهو عبارة عن قوس مرتفع تزين صورته بطاقة ترخيص السيارات في الولاية الأميركية.

ونصحت الحارسة نيكول ويستكوت بأنه يجب التخطيط جيدا عند الرغبة في التجول لمسافات طويلة، ومن الأفضل أن تبدأ الجولة في الخامسة صباحا، ويمر الطريق من موقف السيارات على صخور ملساء، ويرتفع الطريق باستمرار لمسافة ميلين أو 3 كيلومترات.

وعلى طول هذا المسار، لا توجد شجرة أو شجيرة، وتضرب الشمس رؤوس السياح بلا رحمة بدءا من الربيع وحتى الخريف، علاوة على أن الصخور الحمراء تسخن على مدار اليوم، وبالتالي تنبعث السخونة أيضا من أسفل.

وتنتشر في جميع أرجاء المحمية الطبيعية لافتات تحذيرية بأن "الحرارة قاتلة"، ولذلك يتعين على السياح اصطحاب كميات كافية من المياه معهم في أثناء التجول، على الأقل 3.6 لترات لكل شخص، علاوة على ضرورة استعمال واقيات الشمس وأغطية الرأس وارتداء أحذية مناسبة.

وبعد السير لمسافة طويلة والتوقف كثيرا للراحة وشرب المياه، وصل السياح إلى القوس الوحيد الموجود على الهضبة الواسعة، حيث تم الوصول إلى الهدف الذي استحق كل هذا العناء.

تأسست مدينة دنفر عام 1858 وتقع على ارتفاع 1609 أمتار فوق مستوى سطح البحر (الألمانية)

وعادة ما يتم الترويج للمحميات الخمس الأكثر شهرة في ولاية يوتا الأميركية تحت اسم "مايتي 5″، ومنها المحمية الطبيعية "كانيونلاندز"، والتي تقع على مسافة كبيرة من مدينة مواب وتقدم للسياح صورة مغايرة تماما، حيث تنتشر بها الأحجار باللون البني الداكن، كما أن الأخاديد المؤدية إلى نهر كولورادو تكون أكثر انحدارا، بالإضافة إلى وجود عديد من مسارات التجول لمسافات طويلة وشرفات المشاهدة، التي تتيح للسياح الاستمتاع بإطلالة رائعة على هذه المناظر الطبيعية الممتدة.

وقد يلاحظ السياح أن هناك بعض الأماكن المألوفة بالنسبة له، رغم عدم زيارتها من قبل، نظرا لأن هذه المحميات تعد من مواقع تصوير أفلام هوليود الشهيرة، خاصة أنها توفر مواقع تصوير مثالية لأفلام الغرب الأميركية.

المحمية الطبيعية "كانيونلاندز" تزخر بوديان وأخاديد رائعة الجمال (الألمانية) محمية "برايس كانيون"

وتستمر الرحلة باتجاه الغرب حتى الوصول إلى المحمية الطبيعية التالية على طريق "مايتي 5″، ألا وهي "برايس كانيون"، وعندما يصل السياح إلى هذه المنطقة يسيرون عبر وادي "مونومينت فالي" الأسطوري، ويتسلقون كثيرا من المرتفعات، وتسود درجات حرارة منخفضة خلال شهور الصيف.

ويقع هذا الوادي على ارتفاع 2400 متر، ويظهر مؤشر درجة حرارة السيارة في الصباح أن درجة الحرارة تتراوح ما بين 5 و10 درجات مئوية، ولذلك من الأجدر أن ينطلق السياح مع شروق الشمس للتجول لمسافات طويلة في المحمية الطبيعية.

وتزخر محمية "برايس كانيون" بعديد من مسارات التجول الأكثر سهولة وبأطوال مختلفة، ويمكن للسياح التنزه سيرا على الأقدام على المسارات المغطاة بالرمال الحمراء غير الممهدة، وعادة ما تتعرج الطرقات صعودا وهبوطا، وترسل الشمس أشعتها الساطعة لتحية السياح في أثناء التجول.

القوس المزدوج "دبل أرش" يعد من أبرز معالم محمية "أرشز" (الألمانية) محمية "زيون"

وبعد زيارة محمية "برايس كانيون" تنطلق المجموعة السياحية على الطريق السريع 89 للوصول إلى المحطة التالية في المجموعة المختارة، وهي محمية "زيون"، التي تعد أقدم محمية طبيعية في ولاية يوتا، وتشتمل على عديد من مسارات التجول المثيرة للاهتمام.

ويعتبر مسار "أنجلز لاندينغ" من أهم المسارات في المحمية ويحتاج إلى تصريح للتجول، حيث ترغب السلطات في الحفاظ على البيئة على مسار التجول الأكثر شعبية، ويبلغ فرق الارتفاع حوالي 500 متر بين "بداية المسار" وقمته، ويمكن لعشاق التجول من أصحاب الخبرة قطع مسار التجول في غضون 4 ساعات، وهناك عديد من مسارات التجول الأخرى بدون تصريح، مثل مسار "ناروز"، ولكنه يكون مزدحما بالمتجولين خلال الأيام الجميلة.

وعند الانطلاق عبر هذا المسار، يسير السياح في ممر ضيق عبر نهر "فيرجن"، الذي يمكن للبالغين عبوره بسهولة ولا تصل المياه إلى أعناقهم، بل إلى منتصف أجسامهم، وخلال هذه الجولة يمكن للسياح استئجار الأحذية الجبلية المقاومة للماء وأعمدة المشي لمسافات طويلة.

محمية "كابيتول رييف"

وتعد محمية "كابيتول رييف" المحمية الطبيعية الخامسة ضمن هذه الجولة البرية، وتضم عديدا من مسارات التجول التي تمتد إلى أميال، وكثيرا من مواقع التخييم الرائعة والمناظر الطبيعية البديعة، وتجذب النقوش الصخرية في هذه المحمية اهتمام السياح من المهتمين بتاريخ الاستيطان المبكر للإنسان على الأرض، حيث تشهد هذه الجداريات على تاريخ السكان الأصليين في هذه المنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المناظر الطبیعیة المحمیة الطبیعیة الغرب الأمیرکی لمسافات طویلة ولایة یوتا فی أثناء

إقرأ أيضاً:

نحن والغرب.. بعد عام من حرب غزة ولبنان

20 يناير، 2025

بغداد/المسلة:

ابراهيم العبادي

بداية اعرف الغرب بانه المنظومة الحضارية التي تتشارك الفكر والثقافة والقيم والمواقف والممارسات والاهداف والمصالح ،اما ال (نحن)فاقصد بها المنظومة الاسلامية التي تتشارك العقيدة والتاريخ والاخلاق والقيم والاهداف والمسؤوليات والمصالح المشتركة.

بين العالم الاسلامي والغرب تاريخ معقد ومضطرب من العلاقات الملتبسة التي تخللتها الحروب والصدامات والاحتلالات والنظرات المشوهة والرؤى الناقصة .حروب بدوافع دينية مقدسة ،وحروب الاستعمار والمصالح المادية ، وصدامات الثقافة والهوية والمعرفة ،انتهت تلك الحقب ليصحو الجانبان بعد الحرب العالمية الثانية على محاولات لترسية العلاقات بعيدا عن التاريخ الدامي والفهم المشوه والاحكام المسبقة ،أسهم الاستشراق والاستشراق المعكوس في بناء الفهم الملتبس ، ولم يتحرر الغرب من مركزيته رغم دعوات كثيرة من داخل الغرب نفسه ومن خارجه للخروج من هذه المركزية التي عنت بناء نفسيا ومعرفيا وثقافيا يجعل الذات في مرتبة المصدر للتقدم والعلم والرؤية الانسانوية فهي المركز وماسواها هامش يدور في فلكها عليه ان يتعلم منها ويحذو حذوها ويترسم خطاها ويتمسك بمعاييرها واخلاقها.

بقدر مايبدو تعريف المركزيات اشكاليا وباعثا على الاختلاف ،لكن الواقع والسلوك العملي يكشفان عن تمركز غربي حول الذات ينفي حق الاخر في الاختلاف ويرفض تعريفات هذا الاخر لمفاهيم قدتبدو جدلية كالحق والعدل والمساواة والارهاب وغيرها.

مانحن بصدده الان كمثال حي شاهد على الاختلاف في القضايا المثيرة للمشاعر والانفعالات مايجري في غزة ولبنان من عدوان اسرائيلي بلغ حد التوحش وتجاوز تعريفات الابادة البشرية التي انتجها الغرب نفسه ،فمازالت اسرائيل تمارس جريمة الابادة الجماعية والتدمير الممنهج وسحق الوجود البشري بذريعة الدفاع عن نفسها ،ولم يجد الغرب الرسمي والحزبي غضاضة من التعبير المتكرر عن تأييده لهذه الحرب بدعوى القضاء على الارهاب الذي مارسته حماس في 7 تشرين الاول /اكتوبر 2023.وبحسب ارقام حكومة نتنياهو فان هجوم حماس ادى الى مقتل 1200 شخص واسر 250 اخرين ،لكن الغرب لايعتبر مقتل 43 الف فلسطيني و2500 لبناني وجرح قرابة المائة الف من الشعبين وتدمير قطاع غزة بالكامل واجزاء كبيرة من لبنان ،كافيا للضغط على اسرائيل لوقف الحرب او على الاقل منه ايقاف تزويدها بالسلاح الفتاك المستعمل في الابادة البشرية، الاكثر ايلاما ان تجد مثل مستشار المانيا اولاف شولتس الذي ينتمي الى الحزب الاشتراكي الديمقراطي ووزيرة خارجيته انالينا بيربوك المنتمية الى حزب الخضر اليساري وهما يتبجحان بتكرار عبارة صادمة للضمير البشري (نحن لانخجل من تزويد اسرائيل بالسلاح وسنستمر في ذلك حتى لو ادى الى مقتل مدنيين ،لان الارهابيين يستخدمون المدنيين دروعا بشرية)، هكذا وبقسمات وجه باردة خالية من الانفعال البشري يكرر الالمان مثلا سياسة تأييد الابادة البشرية التي يمارسها اليهود الصهاينة في منطقة الشرق الاوسط عبر القتل والتجويع ومنع وصول المساعدات ،المانيا التي تنطق عن لسان يمينها ويسارها تجد تصامنا غربيا معها تعبر عنه احزاب يمينية ويسارية اوربية عدا استثناءات محدودة ،وتتصدر شخصيات اليمين المتطرف في المجر (هنغاريا )والنمسا والتشيك وهولندا والدول الاسكندنافية وبريطانبا وفرنسا واستراليا وحتى الهند ،المشهد الاعلامي والسياسي وهي تحذر من الخطر الاسلامي وضرورة دعم اسرائيل للقضاء على هذا التهديد ،ومع ان مايجري في غزة ولبنان يصادم مقولات الغرب الحداثية ،وايقوناته التي اراد لها ان تكون مرجعية عالمية ،كالديمقراطية وحقوق الانسان وحق تقرير المصير وحرية الاعتقاد وو،لكن النخبة الثقافية والسياسية لاتشعر بالحرج من ازدواجية المعايير وخيانة المباديء الحداثوية ،هذا الحرج تم ابتلاعه بتنظير فلسفي مصحوب بتحيز يعطي اليهود الصهاينة (حق!! ) الاستمرار في القتل والابادة بذريعة تغيير الخريطة الامنية والسياسية ضمن مفهوم الدفاع عن النفس، لم يكن مستغربا ان يتبادل ساسة غربيون التهاني مع نتنياهو بمقتل قادة المقاومة ويشعرون بان اسرائيل تحقق اهدافهم وانها تخوض الحرب نيابة عنهم ،وهنا نصل الى المعادلة التي يرسمها العقل الحداثي الغربي لسلوكه المتساوق مع سلوك اليمين الصهيوني المتطرف ،عندما يضع معايير للحق والعدل والشرعية والسلام والامن لا تنسجم مع قيم الحداثة التي جعلت الانسان مركزها ،الغرب يخون قيمه الانسانية، بتحيزه الفاضح الى الجهة التي تمارس القتل والابادة ،دونما مسوغ اخلاقي مقبول سوى الادعاء بان الغرب يشعر بمسؤولية اخلاقية للدفاع عن اليهود وحماية كيانهم ووجودهم ،تبدو القضية معقدة نوعا ما ،كون الثقافة السياسية والقانونية في الغرب تمارس مركزيتها، فيغدو اليهودي ضمن نطاق تلك المركزية بناء على معايير، والعرب واالمسلمين خارجها بناء على معايير مختلفة ،حرب غزة ولبنان اطاحت بجهود كبيرة لردم الحواجز النفسية والثقافية والتي سعت الى نوع من التفاهم والحوار البناء بين عالم المسلمين وعالم الغرب، لكن سياسة الغرب بزعامة امريكا في دعم سياسات الابادة والتدمير ستظل تذكر اجيال المسلمين بان العلاقة مع الغرب علاقة سجالية لم تتحرر من تراث وتاريخ من التحيزات وعدم الانصاف والتعالي والازدراء المتخفي ببلاغات السياسة والمصالح المادية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بأوامر من ترامب.. لا “أماكن محمية” في المداهمات ضد المهاجرين
  • شرطة كولورادو تستخدم AirTags لمحاربة سرقة السيارات
  • «نجد المقصار».. عبق الماضي في قلب الطبيعة الخلابة
  • ضبط مواطن مخالف للتخييم في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية
  • جبال أزمر تكتسي بالبياض وتسحر السياح في السليمانية (صور)
  • نحن والغرب.. بعد عام من حرب غزة ولبنان
  • الحفرة السماوية في الصين.. غابة مجهولة وسط الطبيعة
  • تجربتي مع القطار.. أكثر من مجرد وسيلة نقل
  • إزالة 122 طناً من النفايات ومخلفات البناء من محمية وادى دجلة
  • هذا توقيت القطار الليلي بين الجزائر وتقرت