لجريدة عمان:
2025-05-01@20:16:30 GMT

مستجدات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

دشّنت شركة «OpenAI» التابعة لشركة «ميكروسوفت» الاثنين الماضي بتاريخ 13 مايو نسختها الحديثة لـ«شات جي بي تي» الذي أطلقت عليه «شات جي بي تي ٤»؛ لتكون نسخة متطورة من النموذج التوليدي «شات جي بي تي 4» تحمل بعض خصائصه إلا أن النسخة المستحدثة تتفوق على سلفها بعدة مزايا سنعرضها لاحقًا. تأتي هذه النسخة متاحة -وفقًا لما أُعلن- بشكل مجاني إلى حد معيّن؛ إذ أمكن للبعض تجربتها بشكل مجاني -في حين لم يتمكن البعض- دون الحاجة -في حال الاستعمال المحدود- لدفع شهري مثل نسخة «شات جي بي تي 4» التي تأتي مصحوبة بكثير من النماذج الذكية الأخرى مثل الخاصة بتوليد الصور والمقاطع المرئية، وسبق لنا الحديث عن نسخة «شات جي بي تي 4» ومقارنتها مع النسخة الأقدم «شات جي بي تي 3.

5» ومع نموذج «بارد Bard» التابع لشركة جوجل الذي تغيّر اسمه إلى «جيميني Gemini»، وكانت المقارنة استنادًا إلى عدة مفاصل منها بنية كل نموذج من حيث عدد البيانات المُستعملة في عملية التدريب والمتغيرات «Parameters»، وقدرات كل نموذج وكفاءته. نحن اليوم مع تطويرات جديدة تخص نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، وهذه المرة مع نموذج «شات جي بي تي» بنسخته الجديدة «٤» التي أحدثت دويًا رقميًا أيقظ المجتمع الرقمي وأفزع بعض أفراده، وهذا ما يفتح باب المنافسة بين الشركات الرقمية على مصراعيها؛ فنحن على موعد قريب -كما يتداول- مع تطويرات متسارعة أخرى في نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى خصوصًا التوليدية مثل نموذج «جيميني Gemini» الذي يُتوقع أن تُعلن شركة «جوجل» عن مستجدات نسخته القادمة التي ستسعى بواسطتها إلى دخول نادي المنافسة الرقمية مع غريمتها «OpenAI» خصوصًا بعد صدور نسخة «شات جي بي تي» الجديدة. سنحاول عبر هذا المقال أن نطَّلع على مستجدات هذا النموذج التوليدي المطّور، ونتعرف على بعض ملامحه وميَزاته التي تميّزه عن سلفه «شات جي بي تي 4»؛ لرفد الوعي الرقمي، والتعريف بتطويراته المتسارعة التي تسهم في تغيير أسلوب حياتنا وطابع تفاعلنا المجتمعي بكل زواياه.

قادتني تجربتي القصيرة -بعد يوم من صدور النموذج الأحدث- مع نموذج «شات جي بي تي ٤» عبر تجربة بعض خصائصه المميزة، وعن طريق أسلوب الحوار والتفاعل معه إلى فهم بعض ملامح هذا النموذج ومقارنته مع النموذج السابق «شات جي بي تي 4». من المهم أن نؤكد أنّ نسخة «شات جي بي تي ٤» تعدّ نسخة محسنّة من نسخة «شات جي بي تي4»، ويتركّز هذا التحسين في تطوير قدرات أكبر للنسخة التوليدية في معالجة اللغات الطبيعية، وتكمن أسباب هذا التفوق في مضاعفة كمية البيانات المستعملة في تدريب النموذج الجديد وكمية المتغيرات التي لم تصرّح الشركة المالكة للنموذج -حتى الآن- بحجم البيانات والمتغيرات المستعملة في تدريب النموذج الجديد إلا أنّها أقرّت أن الكمية زادت، وهذا ما يُفسّر سر التفوق. يتميّز «شات جي بي تي ٤» بدقته العالية في معالجة اللغة وفهم السياقات المعقّدة مقارنة بقدرات النسخة السابقة؛ إذ يستطيع «شات جي بي تي ٤» إنشاء إجابات ونصوص تتميز بالوضوح والمعلومات الدقيقة بسرعة عالية بما في ذلك الموضوعات ذات الطابع المعقّد الذي يمكنه أن يخوض حوارًا عميقًا فيها بلغة أكثر رصانة، وبتحليل أعمق عن نموذج «شات جي بي تي 4» ما يمنحه صبغة لغوية أكثر قربا للأسلوب البشري. كذلك نلحظ أن النموذج الجديد قادر على إنشاء سياق نصي طويل دون توقف معوق مقارنة بالنسخة السابقة التي كانت تفتقد هذه الميَزَة التي تُفقده خاصية المحافظة على اتساق المعلومات التي يتضمنّها النص.

إحدى أهم الميزَات التي أعطت النموذج الجديدة التفوق الاستثنائي امتلاكه لقدرات التحاور عبر النص والصوت والصورة رغم وجود هذه الخصائص في النموذج السابق إلا أن تفاعله الصوتي والمرئي لا يتسّم كثيرًا بطابع بشري مقارنة بالنسخة الأحدث، حيث وجدتُ تفاعلَ «شات جي بي تي ٤» مع المستخدم عبر الحوار الصوتي ذكيًا وسريعًا بعد تجربته ومقارنته بالنموذج السابق؛ إذ يمكن للمستخدم تحديد نبرة خاصة لصوت النموذج ولغة التحدث واللهجة بما في ذلك اللهجات العربية مثل: العُمانية والمصرية وغيرها التي شهدت تجربتها مع النموذج أثناء الحوار، وكذلك بواسطة الصورة -التي استطعت تطبيقها بشكل مذهل- التي بمجرد أن تصوّر صورة مباشرة للنموذج أو ترفعها من الصور المحفوظة وتطلب منه وصفها وتحديدها؛ فيكون تفاعله عاليًا ودقيقًا وسريعًا مقارنة مع النموذج السابق الذي يفتقد في حالات كثيرة دقة الوصف الذكي وكفاءته، وكذلك التفاعل مع المقاطع المرئية «الفيديو» -التي لم أجرّبها حتى اللحظة لعدم تفعيلها للجميع- التي أظهرت شركة «OpenAI» بعض المشاهد المرئية التي تعرض قدرات «شات جي بي تي ٤» مع التفاعل المرئي، منها قدرته على عمله معلما خاصا لطالب يساعده على تعلّم حل مسائل رياضية، وقدرته على مساعدة أعمى في توصيف دقيق للبيئة الخارجية. فيما يخص الأمان والخصوصية؛ فإن النموذج الجديد يتميّز بقدرة أفضل في التعامل مع البيانات والمعلومات -العامة والخاصة- من حيث مستويات الخصوصية والأمان وتقليل مخاطر تسريب المعلومات والهجمات السيبرانية بفضل التحديثات التي أُدخلت في خوارزميات النموذج.

يتبين لنا عبر هذا السرد المختصر الذي حاولنا بواسطته تتبع مسار تطويرات نماذج الذكاء الاصطناعي ورصد مستجداتها أنّ النمو الرقمي يشق طريقه بسرعة كبيرة نحو الذكاء الاصطناعي العام الذي يعبّر عن بلوغ ذكاء يتجاوز ذكاء الإنسان ووظائفه في الحياة؛ فنجد نموذج «شات جي بي تي ٤» عبر قدراته الحوارية السريعة والدقيقة أنه نموذج أقرب للطبيعة البشرية التي تملك قدرات التفاعل مع المشاعر والأحاسيس ما يُنبىء بقدرات أكثر ذكاءً للنموذج التوليدي القادم الذي من الممكن أن يكون «شات جي بي تي 5»، وحتى ذلك الوقت سنحاول تخصيص مقال آخر -بإذن الله- يأخذ طابع الحوار التفاعلي مع «شات جي بي تي ٤»؛ لنقترب أكثر من فهمه وتحديد ملامح ذكائه الرقمية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نماذج الذکاء الاصطناعی النموذج الجدید شات جی بی تی ٤ شات جی بی تی 4 الاصطناعی ا

إقرأ أيضاً:

لماذا كتبتُ بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي لكتابي؟

«من أين تجد الوقت؟» - لسنوات طويلة، عندما كنتُ أُعلن لأصدقائي عن صدور كتاب جديد لي، كنتُ أستقبل هذا السؤال كوسام فخر.

خلال الأشهر الماضية، أثناء الترويج لكتابي الجديد عن الذكاء الاصطناعي «إلهيّ الملامح* (God-Like)، حاولتُ ألّا أسمع في الكلمات ذاتها نبرة اتهام خفيّة: «من أين تجد الوقت؟» -أي أنّك لا بدّ استعنتَ بـ ChatGPT، أليس كذلك؟

الواقع أنّ مقاومة المساعدة من الذكاء الاصطناعي أصبحت أصعب فأصعب. مُعالج الكلمات الذي أستخدمه صار يعرض عليّ صياغة الفقرة التالية، أو تنقيح التي سبقتها.

عملي في مؤسسة بحثيّة تستكشف آثار الذكاء الاصطناعي في سوق العمل البريطاني يجعلني أقرأ يوميا عن تبعات هذه الثورة التقنيّة على كل مهنة تقريبا. وفي الصناعات الإبداعيّة، يَظهر الأثر بالفعل بصورة هائلة.

لهذا السبب، وبعد أن انتهيتُ من الكتاب، أدركتُ أنّ أصدقائي كانوا مُحقّين: يجب أن أواجه السؤال الحتمي مباشرة وأُقدّم إفصاحا كاملا. احتجتُ إلى «بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي» يُطبع في صدر كتابي.

بحثتُ في الإنترنت متوقعا أن أجد نموذجا جاهزا؛ فلم أجد شيئا. فكان عليّ أن أضع قالبا بنفسي. قرّرتُ أن يشمل الإفصاح أربع نقاط رئيسيّة:

1- هل وُلد أي نصّ باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

2- هل جرى تحسين أي نصّ عبر الذكاء الاصطناعي؟ - مثل اقتراحات «غرامرلي» لإعادة ترتيب الجمل.

3- هل اقترح الذكاء الاصطناعي أي نص؟ ـ على غرار طلب مخطَّط من ChatGPT أو استكمال فقرة استنادا إلى ما سبق.

4- هل صُحِّح النصّ بواسطة الذكاء الاصطناعي؟ وإذا كان كذلك، فهل قُبلت الاقتراحات اللغوية أم رُفضت بعد مراجعة بشرية؟

بالنسبة لكتابي، جاءت الإجابات: 1) لا، 2) لا، 3) لا، 4) نعم – مع اتخاذ قرارات يدوية بشأن ما أقبله أو أرفضه من تصحيحات إملائية ونحويّة. أعترف بأنّ هذا النموذج ليس كاملا، لكنّي أقدّمه أساسا يمكن تطويره، على غرار رخصة «كرييتف كومونز» في عالم الحقوق الرقمية.

أردتُ أن أضمّنه لتعزيز نقاش صريح حول الأدوات التي يستخدمها الناس، لا سيّما أنّ الأبحاث تبيّن أنّ كثيرا من استعمالات الذكاء الاصطناعي تتمّ خِفية. ومع تصاعد ضغط العمل، يخشى البعض إبلاغ رؤسائهم أو زملائهم أنّهم يعتمدون أدوات تُسرِّع بعض المهام وتمنحهم فسحة للتنفّس.. وربّما وقتا للإبداع. فإذا كان ما يدّعيه إيلون ماسك صحيحًا ـ بأنّ الذكاء الاصطناعي سيُحلّ «مشكلة العمل» ويُحرّرنا لنزدهر ونبدع ـ فنحن بحاجة إلى الشفافية منذ الآن.

لكن، بصفتي كاتبا يعتزّ بمهنته، أردتُ كذلك بيان الشفافية بسبب لقاء ترك في نفسي قلقا عميقا. اجتمعتُ مع شخص يعمل لدى جهة تنظّم ورشا وملتقيات للكتابة، وسألتُه: كيف تفكّرون في التعامل مع شبح الكتابة التوليدية؟ فأجاب: «أوه، لا نرى أنّ علينا القلق من ذلك».

وأنا أعتقد أنّنا بحاجة ماسّة للقلق. إلى أن نمتلك آلية حقيقية لاختبار أصل النص ـ وهو أمر بالغ الصعوبة ـ نحتاج على الأقل وسيلة تُمكّن الكتّاب من بناء الثقة في أعمالهم بالإفصاح عن الأدوات التي استخدموها.

ولكي أكون واضحا: هذه الأدوات مدهشة ويمكن أن تُصبح شرارة شراكة إبداعيّة. ففي أغسطس 2021 نشرت فاوهيـني فـارا مقالة في مجلة The Believer كتبتها بمساعدة نسخة مبكرة من ChatGPT، فجاءت قطعة عميقة ومبتكرة عن وفاة شقيقتها. بيان الشفافية الخاص بها سيختلف عن بياني، لكن ذلك لا ينتقص من عملها، بل يفتح أفقا لإمكانات خَلّاقة جديدة.

عندما نستثمر وقتا في قراءة كتاب، فإنّنا ندخل علاقة ثقة مع الكاتب. والحقيقة أنّ قلّة من أصحاب شركات التقنية تلاعبوا بفعل بروميثيوس ومنحوا هدية اللغة للآلات مجانًا، وهو ما قوّض تلك الثقة التاريخيّة. لا أشك أنّ ذكاء اصطناعيا سيؤلّف عمّا قريب كتابًا «رائعًا» – لكن هل سيهتمّ أحد؟ سيكون التصفيق فاتِرًا. سيُشبه ألماسة مختبرية بلا شوائب: حيلة مُتقنة، نعم، لكنها ليست فنا.

في هذا الواقع الجديد، يقع على عاتق الكُتّاب أن يُثَبّتوا ثقة القارئ في «أصالة جواهرهم» عبر الشفافية حيال الكيفيّة التي نُقّبت بها تلك الجواهر. تجاهُل السؤال بدعوى أنّ الكتابة حِرفة نبيلة لا تستدعي إجراءات ثقة هو، برأيي، سذاجة خالصة.

كما أشرح في كتابي، فإنّ الذكاء الاصطناعي ـ شأنه شأن القنبلة الذرية ـ ابتكار بشري فائق القوّة، لا خيار لنا إلا تعلّم التعايش معه. أن نكون صريحين بما في ترسانتنا خطوة صغيرة لتجنّب سباق تسلّح أدبيّ لا يجرّ إلا إلى الارتياب والانقسام.

كيستر بروين كاتب ورئيس قسم الاتصالات في معهد مستقبل العمل.

عن الجارديان البريطانية

تم ترجمة النص باستخدام الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • ويكيبيديا تدخل عصر الذكاء الاصطناعي دون الاستغناء عن المحررين
  • مايكروسوفت.. نماذج صغيرة تنافس عمالقة الذكاء الاصطناعي
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • خبراء يحذِّرون: الذكاء الاصطناعي يجعل البشر أغبياء
  • مخاطر الذكاء الاصطناعي على التعليم والبحث العلمي
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • كِتابة جِنيّ المصباح تجارب روائية ولَّدها الذكاء الاصطناعي
  • كتَّاب عرب: لن نترك الذكاء الاصطناعي يأخذ مكاننا!
  • حول حقوق المؤلف والملكية الفكرية لما ينتجه الذكاء الاصطناعي
  • لماذا كتبتُ بيان شفافية حول الذكاء الاصطناعي لكتابي؟