قال مسؤول قضائي، إنه يجب الاتفاق على أن الحكم القضائي، « محصن بحجية لا تسمح لأي كان خارج المحكمة بمناقشة حيثياته »، مؤكدا أنه لا يريد أن يضفي القداسة على الحكم القضائي، مبديا أسفه لما اعتبره « نزعة شعبوية، تجنح إلى الاشتباك مع الأحكام القضائية في وسائل التواصل الاجتماعي ».

وأوضح حكيم الوردي، رئيس قطب القضاء الجنائي بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عصر الجمعة في ندوة للمجلس بالمعرض الدولي للكتاب والنشر، أن « الأحكام والأوامر القضائية هي ما انتهت له قناعة المحكمة في القضية، بعد فحص وثائق الملف والاستماع إلى المتهمين ووسائل الإثبات وتصريفها في منطوق لا يمكنك أن تقدح فيه، إلا إذا كنت طرفا في القضية بمقتضى مذكرة معللة بأسباب، تعرض على الهيئة التي ستنظر في الطعن، وهي وحدها التي تملك صلاحية تقييم الأحكام القضائية ».

وقال الوردي أيضا، « للأسف هناك نزعة شعبوية متنامية مفهومة، نتيجة لضعف التأطير في الموضوع، تجنح إلى الاشتباك مع الأحكام القضائية في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض الأحيان تسيئ إلى الأحكام من حيث لا تدري، ولكن نلتمس لأصحابها عذر الجهل، ونحمل لأنفسنا مسؤولية تأطير المواطن في كيفية فهم واستيعاب الأحكام القضائية، وهي مسألة ليست يسيرة ».

وفي مداخلته، قال الوردي، « لم تعد الرقابة على سلب الحرية رقابة داخلية يمارسها القضاة، بعضهم على بعض، ولكن ارتقى قرار السيد رئيس المنتدب بهذه الرقابة ومنحها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية »، مشيرا إلى أنه « منذ يونيو 2023 بمناسبة التعديل الذي عرفه القانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية، تم إنشاء بنية إدارية جديدة تعنى بالرقابة على كيفية تصريف القضاة لقراراتهم المتعلقة بالحرية ».

وأفاد المسؤول القضائي، بأنه « منذ أكتوبر 2023 إلى مارس 2024، انخفض عدد المعتقلين الاحتياطيين بـ9029 معتقلا »، مشيرا إلى أن « الإشكال في التعاطي مع موضوع الاعتقال الاحتياطي، هو أنه علينا الاشتغال دون المساس باستقلالية القرار القضائي، لا يجب أن يصل للقضاة أي شكل من أشكال التأثير، وبالتالي المجلس مطالب فقط بمراقبة التدبير الإداري لموضوع الاعتقال الاحتياطي، وهذه مسألة تقتضي نوعا من الحرفية والرزانة والمهنية ومن العمق في الرؤية والتأطير، حتى لا يقال غدا إن هناك من يتدخل في القرار القضائي الحر والمستقل ».

وشدد الوردي على أن الوحدة التي يشرف عليها في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، « تقوم بالتشخيص والتحليل للمعطيات المجمعة من طرف المسؤولين القضائيين، لتستخرج المشاكل والمعيقات التي تساهم بطريقة أو بأخرى في الرفع من حالات الاعتقال الاحتياطي ».

وتحدث الوردي عن « مشكل التبليغ ثم التأخر في تعيين المحامين في إطار المساعدة القضائية، ثم التأخير في إنجاز الخبرات، وأيضا كثرة فترات المهل، خاصة حين يتواجد أكثر من متهم في الملف »، متسائلا، « ما هي الممارسات الفضلى التي أدت في سابقة من نوعها في تاريخ المغرب المستقل، إلى انخفاض نسبة الاعتقال الاحتياطي إلى 33.08 في المائة؟ مشيرا إلى أن هذه النسبة تحققت نتيجة تضافر مجهودات العديد من المتدخلين، ونتيجة لممارسات فضلى اتخذها المسؤولون القضائيون على مستوى النيابة العامة وقضاء الحكم.

وشدد المتحدث على أن دور قطب القضاء الجنائي، هو أن الممارسات الفضلى يتم عكسها على باقي المحاكم، مضيفا، « رغم الإرهاق الكبير الذي يسببه تحرير الأحكام القضائية للقضاة نتيجة تراكم القضايا وكثرتها وتعقد وقائعها وتشعب دفوعها، لكن القضاة يأبون إلا أن يرفعوا التحدي إحساسا بجسامة المسؤولية الملقاة عليهم، ويخوضون معركة التحرير يوميا، التحرير ثم التحرير ثم التحرير للأحكام القضائية ».

كلمات دلالية حكيم الوردي، الاعتقال الاحتياطي، القضاء، المجلس الأعلى للسلطة القضائية

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الأعلى للسلطة القضائیة الاعتقال الاحتیاطی الأحکام القضائیة

إقرأ أيضاً:

دستور سوريا المؤقت الجديد.. خطوة واعدة أم تركيز للسلطة؟.. معظم الصلاحيات فى يد الشرع رغم الإعلان عن مبدأ الفصل بين السلطات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وقّع الرئيس السورى المؤقت، أحمد الشرع، دستورًا مؤقتًا يَعِدُ بإصلاحات جوهرية، ويُرسّخ فى الوقت نفسه جزءًا كبيرًا من سلطة قيادة البلاد فى يد الرئيس، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" فى تقرير شامل لها، فيما أكدت عدة صحف أمريكية وفرنسية أن الأكراد أعلنوا تحفظهم على هذا الدستور المؤقت واعتبروه متنافيًا مع تنوع مكونات سوريا. 

وبحسب "نيويورك تايمز"، تُمثّل هذه الوثيقة الجديدة لحظةً حاسمةً فى مسيرة التحول السياسى الطويل فى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وبينما يضمن الإعلان الحريات الفردية، ويتضمن وعودًا بحكومة شاملة، ينقسم النقاد والخبراء حول ما إذا كان يُتيح تحررًا سياسيًا حقيقيًا، أم أنه مجرد استبدال شكل من أشكال الاستبداد بآخر.

تساؤلات مشروعة

يمنح الدستور الجديد، الذى وُضع بعد حل الدستور السورى السابق فى عهد نظام الأسد، الرئيس المؤقت الشرع صلاحياتٍ واسعة. فلا يُمنح الرئيس سلطة إعلان حالة الطوارئ فحسب، بل يمتلك أيضًا سلطة تعيين ثلث أعضاء المجلس التشريعى خلال الفترة الانتقالية. تُثير هذه الصلاحيات التنفيذية الواسعة مخاوف بشأن إمكانية استمرار السيطرة المركزية فى نظامٍ اتسم بعقودٍ من الدكتاتورية.

وقد صاغ الشرع هذا الدستور المؤقت على أنه قطيعة مع الماضي، واعدًا بتاريخٍ جديدٍ لسوريا. ومع ذلك، ورغم ضمانات الحريات، بما فى ذلك حرية التعبير والصحافة، يشكك بعض الخبراء فى النطاق الحقيقى لهذه "الحرية" عمليًا، نظرًا لسيطرة السلطة التنفيذية على القضاء وغياب الضوابط على التعيينات الرئاسية.

دافع عبد الحميد العواك، عضو لجنة صياغة الدستور، عن الوثيقة، مُدّعيًا أنها تضمن فصل السلطات - وهو تناقضٌ صارخ مع تركيز السلطة فى يد الشرع. لكن استمرار هيمنة السلطة الرئاسية يُثير مخاوف من أن التغيير السياسى الحقيقى قد يكون سطحيًا أكثر منه جوهريًا.

مرحلة انتقالية

وحدد الإعلان الدستورى "المرحلة الانتقالية بخمس سنوات" على أن يتم "إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية" بهدف "تحديد سبل المساءلة ومعرفة الحقائق وتحقيق العدالة لـ"الضحايا والناجين" فى النزاع المدمر الذى اندلع اعتبارًا من عام ٢٠١١.

ومن بين البنود التى تضمنها الإعلان الدستورى أيضا، "ضرورة تشكيل لجنة لكتابة دستور دائم"، إلا أنه لا يتيح إمكانية عزل رئيس الجمهورية. وردًا على سؤال صحفي، قال عضو لجنة صياغة الإعلان عبد الحميد العواك إن "القضية الأساسية تكمن فى أنه لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يعزل نائبًا، ولا مجلس الشعب يعزل الرئيس، لأنه نظام رئاسي، هكذا هو نظامه، ومطبق فى أمريكا وفى تركيا والعديد من الدول".

الشريعة الإسلامية 

يحتفظ الدستور الجديد ببندٍ رئيسى من سابقه: الشريعة الإسلامية لا تزال الأساس القانونى للنظام القانونى السوري. تؤكد الوثيقة على أن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيسى للتشريع، مع ضمان "حرية المعتقد". ومع ذلك، يسمح هذا البند بتقييدات محتملة للحقوق، لا سيما عندما يكون الأمن القومى أو النظام العام على المحك.

إن خلفية الشرع كقائد للقوى الإسلامية خلال الحرب الأهلية السورية تُغذى الشكوك حول مدى التزامه بحكومة ليبرالية أو بإطار قانونى شامل حقًا. ولا يزال ارتباطه السابق بجماعات متطرفة مثل القاعدة، على الرغم من قطعه منذ سنوات، عالقًا فى أذهان الكثيرين، مما يُلقى بظلال من الشك على ما إذا كان حكمه سيعكس حقًا وعود التسامح الدينى والثقافي.

وضع الأقليات

تتألف سوريا من مجموعات عرقية ودينية متنوعة، ويَعِد الدستور الجديد بحماية حقوق جميع المواطنين. ومع ذلك، لا تزال الشكوك قائمة، لا سيما بين الأقليات. فقد أعرب السكان الأكراد، الذين يسيطرون على شمال شرق سوريا، عن مخاوفهم من أن الدستور الجديد يعكس الإطار الاستبدادى لعهد الأسد، مع بقاء السلطات التنفيذية المطلقة ثابتة.

فقد جاء أول رد فعل من الداخل حيث انتقدت الإدارة الذاتية الكردية هذا الإعلان الدستوري، معتبرة أنه "يتنافى" مع تنوع سوريا ويضم بنودًا تتشابه مع حقبة حكم حزب البعث.

وفى بيان، اعتبرت الإدارة الكردية أن الإعلان الدستورى "يتنافى من جديد مع حقيقة سوريا وحالة التنوع الموجود فيها، ويخلو من مكوناتها المختلفة من أكراد وعرب بما فى ذلك السريان والآشوريين وباقى المكونات الوطنية السورية". وأشارت إلى أنه "يضم بنودًا ونمطًا تقليديًا يتشابه مع المعايير والمقاييس المتبعة من حكومة البعث" الذى حكم البلاد لعقود. وتابع البيان قائلًا إن الإعلان الدستورى "لا يمثل تطلعات شعبنا ولا يدرك حقيقة هويته الأصيلة فى سوريا وهو بمثابة شكل وإطار يقوض جهود تحقيق الديمقراطية الحقيقية فى سوريا". وأضاف البيان "نأمل ألا تعود بنا بعض الممارسات والأفكار الضيقة إلى مربع الصفر لأن ذلك سيجعل الجرح السورى منزوفًا من جديد".

علاوة على ذلك، اندلع العنف الطائفى عقب الإعلان الدستوري، مما أبرز الانقسامات العميقة داخل البلاد. فى الأسبوع الماضي، نصب موالون للأسد كمينًا للقوات الحكومية، مما أدى إلى حملات قمع عنيفة استهدفت الأقلية العلوية، وهى فرع من الشيعة. تُبرز هذه الأحداث هشاشة سيطرة الشرع على البلاد واستمرار التقلبات فى السياسة السورية.

فى حين أعربت الأمم المتحدة عن أملها فى أن يُعزز الدستور الجديد عملية انتقالية شاملة، إلا أن الواقع على الأرض لا يزال غامضًا. تردد المجتمع الدولي، بما فى ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية، فى رفع العقوبات عن سوريا، وحثّ الحكومة الجديدة على إظهار التزام حقيقى بعملية سياسية شاملة وحماية حقوق الأقليات.

حرية التعبير بحدود

يكفل الدستور الحريات الأساسية، بما فى ذلك الحق فى حرية التعبير والمعلومات والصحافة. ومع ذلك، تأتى هذه الحريات مع محاذير، مثل القيود المفروضة على التعبير الذى يُمجّد نظام الأسد. ويجادل النقاد بأن هذه القيود قد تُخنق المعارضة وتمنع ظهور مساحة ديمقراطية حقيقية للنقاش العام.

من الجوانب الأكثر تقدمية فى الدستور الجديد التزامه الصريح بحقوق المرأة، وضمان حصولها على التعليم والعمل، وتمتعها بكامل حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقد بدا الشرع حريصًا على تصوير نفسه كمصلح فى هذا المجال، إذ اعتمد لغةً تراعى الفوارق بين الجنسين فى خطاباته، وأقرّ بالدور المحورى الذى لعبته المرأة فى الثورة. ومع ذلك، وفى ظل السياق السياسى الأوسع، لا تزال هناك تساؤلات حول كيفية صون هذه الحقوق عمليًا.

* عن التايمز

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر اعتقال إداري بحق 25 أسيراً
  • دستور سوريا المؤقت الجديد.. خطوة واعدة أم تركيز للسلطة؟.. معظم الصلاحيات فى يد الشرع رغم الإعلان عن مبدأ الفصل بين السلطات
  • المركزي المصري: نقود الاحتياطي «MO» ترتفع إلى 2.35 تريليون جنيه ينهاية فبراير
  • اعتقالات الصحافيين في كردستان.. عندما يصبح كشف الحقيقة جريمة  
  • القبض على صاحب مول هارب من تنفيذ عدد من الأحكام القضائية بعد عودته لمصر
  • الهند تحظر أكثر من 87 ألف حساب على واتساب وسكايب
  • القوي: يجب عدم الانسياق وراء الشائعات في قضية القاضي “علي الشريف”
  • أمسية رمضانية للسلطة القضائية في تعز
  • السلطة القضائية تنبه القضاة: احترام آجال صدور الأحكام لا يتم على حساب المحاكمة العادلة
  • عبد النباوي في دورية إلى رؤساء المحاكم : تأخير القضايا وحجز الملفات يؤدي إلى هدر الزمن القضائي بدون مبرر