في قوله تعالى: «وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً» لماذا يفسر باعتبار الفعل «ترى» أنها في الحياة الدنيا بينما الآية التي قبلها ذكر فيها النفخ في الصور كذلك في سورة الرحمن «فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ» أليس الأنسب أنها تتحدث عن أهوال يوم القيامة؟

آية النمل «وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ» هذه الآية الكريمة فيها خلاف كثير عند المفسرين، هل المقصود بذلك ما يحصل من تناثر الأجرام السماوية، واختلال نظام الكون عند قيام الساعة، وهذا هو قول أكثر المفسرين من المتقدمين، وذهب بعض المتقدمين وعدد من المتأخرين إلى أن الآية الكريمة ليست في أحداث قيام الساعة، وإنما هي آية من آيات الله تبارك وتعالى المبثوثة في الكون في هذه الحياة، ليستبصر بها المخاطبون، ولتكون علامة على أن هذا الكتاب العزيز إنما هو وحي من عند الله تبارك وتعالى وهذا القول الأخير، هو الذي تطمئن إليه النفس فنحن إذا نظرنا إلى الآية نفسها سنجد ما لا شفاء له عند المتقدمين من الذين يقولون بأن الآية في أحداث القيامة فالآية الكريمة تقول: وترى الجبال تحسبها جامدة إذن الصورة هنا هي صورة الرائي الذي يحسب الجبال جامدة فهو يراها جامدة فيحسبها جامدة أما يوم القيامة فإن الله تبارك وتعالى يسير الجبال ويدكها دكا، ويعني هذه الأوصاف المتعلقة بما يحصل للجبال والأرض عند قيام الساعة مشاهدة هي ليست مجرد تشبيه تختفي معها معالم الجبال: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفا * فَيَذَرُهَا قَاعا صَفْصَفا * لاّ تَرَىَ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتا» هكذا يحصل للجبال.

أما هنا فيقول بأنك تراها فتحسبها جامدة هذا الأمر الأول في الآية نفسها ثم بعد ذلك يقول يشبهها بالسحاب، «وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ» إذن يشبه حركتها، يبين أنها تتحرك كما يتحرك السحاب فحركتها ملحوظة منظورة مشاهدة، لكن حركة الجبال لا ترى لكن الحقيقة أن وجه الشبه هنا أنها متحركة، إذن لا يستقيم أن يقال إن هذا مما يحصل عند قيام الساعة، لأن هذا التشبيه يراد به هذا إظهار وجه الشبه لتبين هذه الآية أن هذه الجبال تمر، وأنها كالجبال كما السحاب تجري السحب فكذلك هذه الجبال تمر.

ثم إن الله تبارك وتعالى بيّن أن ذلك يعني في الآية نفسها أنه من آيات إتقانه في صنعته قال صنع الله الذي أتقن كل شيء، فهذا دليل على أن المطلوب من المخاطب أن يتعرف على إبداع هذه الصنعة، وعلى وجوه الإتقان فيها وأنه يتعرف على إبداع هذه الصنعة وأن الصانع المبدع إنما هو الله تبارك وتعالى هو الذي أبدعها هو الذي أتقنها ثم قال: «إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ»، فمعلوم أن هذا التذييل مع ما تقدم من الإرشاد إلى آية في الكون تدل على عظيم صنع الله تبارك وتعالى، وإبداعه في خلقه، وإتقانه له، لأن هذا الصانع المبدع الحكيم خبير بما تفعله، فليستعد هذا المخاطب بهذه الآية التي يراها ليستعد لما سينقل إليه.

إذن الآية نفسها فيها وجوه لا تجد لمن قال إنها تتحدث عن أحداث القيامة لا تجد جوابا عنها، فهذه الوجوه لا تجد عند المتقدمين الذين يتحدثون عنها بأنها تتحدث عن أحداث القيامة لا تجد عندهم تفسيرا لها، أما ما يتعلق بالسياق الذي وردت فيه فصحيح، وكما قال السائل إن الآية قبلها في النمل تتحدث عن النفخ في الصور:

أما آية « فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ» فِي الرحمن فأنا لم أطلع على أن أحدا قال إن هذا حدث وأنه في هذه الحياة الدنيا وإنما هو السياق، والآية تتحدث عن ما يحصل من اختلال نظام الكون عند قيام الساعة، فلا أحفظ أن أحدا قال حتى يعترض بأنه لماذا تحمل على أنها آية في هذه الحياة، اللهم إلا أن يكون بعض المعاصرين رأى بعض الصور التي تنشر من وكالات الفضاء الدولية ناسا وغيرها وأن انفجار بعض النجوم يعطي شكلا كالوردة، ويستشهد بهذه الآية قد يكون هذا من باب التشبيه أن هذا هو الذي يحصل في هذه الأجرام السماوية لكن الحديث نفسه في سورة الرحمن في هذا السياق يتحدث عن علامات أو ما يحصل عند قيام الساعة ولم يذكر أحد من المفسرين المتقدمين أو المتأخرين أنها تتعلق بآية مشاهدة في الحياة الدنيا ولذلك اختلفوا في بعض المفردات فيها، فإذا انشقت السماء فانشقاق معلوم فكانت وردة كالدهان بعضهم أخذ المعنى الظاهر من الوردة وهي الوردة قالوا التشبيه بالحمرة، وأن هذه الحمرة كحمرة الوردة، وبعضهم قال بأنها الوردة، وكانت العرب تسمي الفرس إذا كان لونها يتغير نهارا ومساء فتكون شقراء ثم تصبح كميت فيسمونها وردا ووردة.

الحاصل أن اللون هو المقصود فهمه حتى حينما يذكرون الفرس فإنهم يذكرون لون الفرس حينما يذكرون الوردة فإنهم يذكرون لونها كالدهان، قيل إنه الدهن الزيت وهل المقصود به لمعانه وصفاؤه فكأن هذه السماء تنشق فتذوب، فتكون كالزيت المذاب بصفائه ولمعانه أو المقصود هو الكثافة الجسمانية المادية أن الجرم يصبح غليظا منسابا، كما هو الحال في الدهن في الزيت فهذه أقوال وقيل إن المقصود بالدهان الأديم لكن أيضا حتى عند من قال بأنه الأديم، فهم يتحدثون عن اللون وردة كالدهان، لكن الحاصل بأن الآية لا تتحدث عن آية من الآيات الكونية المشاهدة، وإنما تتحدث عن ما يحصل يوم القيامة.

ومما ذكره الطاهر بن عاشور هو أن إفراد الخطاب في الآية الكريمة على خلاف ما قبلها أنه دليل على أنها آية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، مما كشفه له ربه تبارك وتعالى دون سواه ليأتي المسلمون من بعد فيكتشفون، ولذلك في الآية هنا قال «وترى الجبال» فهو يجعل أن المخاطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن هذا مما آثره به ربه تبارك وتعالى وكشف له مما لا يعلمه الناس في ذلك الوقت، ثم يأتي الناس من بعد فيكتشفون هذه الحقيقة العلمية، وقد ذكر بعض المفسرين بأن الآية إذا دلت على هذا فهي تدل على أن الجبال تتحرك بالأرض، وأن الأرض هي التي تتحرك، وإن كانت هذه النظرية يعني كانت موجودة باعتبار أن الجرم الأصغر هو الذي يتبع الجرم الأكبر، فإذا بالآية تؤكد أنه هذا ليس يعني أن الآية لا تشير إلى هذا وإنما تشير إلى حقيقة أن الأرض بما فيها من جبال أنها متحركة وأن حركتها هذه تشبه إلى حد يعني أقرب ما يمكن أن يرى الناظر إليه وحركة السحاب، هي يمكن أن تكون من يعني الآيات التي يستدل بها على الإشارات العلمية في كتاب الله عز وجل. والله تعالى أعلم.

ما صحة هذا الحديث وما معناه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يبروكم»؟

هذا الحديث يدور حول قصة النعمان بن بشير فيما يتعلق باستشهاده لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العطية لولده وقد ورد بألفاظ متقاربة جدا فالرواية صحيحة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين استشهد سأله أكل ولدك نحلت فقال: لا. وفي بعض الروايات أنه قال «فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم في العطية» وفي بعضها «اذهب فإني لا أشهد على جور» وأمره أن يعدل بين أولاده في العطية وفي بعض الروايات جاءت هذه الزيادة التي ذكرها السائل في آخر هذا الحديث «كما تحبون أن يبركم أولادكم» ووردت أيضا بصيغ متقاربة.

فالحديث صحيح ودلالته ظاهرة فهي أمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعدل بين الأولاد في العطية وهو موضوع تناولناه كثيرا، والمقصود بذلك ما كان محض عطية أي لم يكن في مقابل عوض كحق لولد على أبيه، أو مقابل خدمة أداها إليه، أومقابل مزيد من الرعاية والعناية والبر به، كأن يفرغ نفسه لأبيه أو لأحد والديه فيقومان بتعويضه، هذا لا يدخل في العطية المحضة وإنما الكلام أو كان ناشئا عن استحقاق لسبب، كحفظ لكتاب الله عز وجل، أو حيازة لعلم، فمن فعل ذلك من أولاده فإنه يكرمه بمثل تلك الجائزة، فهنا لا يلزم التسوية، ولا يلزم العدل، وإنما الكلام عما هو محض عطية ونحلة من الوالد إلى أولاده ويدخل في ذلك الوالدان لأنه لا فرق بينهما وما ورد.

في هذه الرواية كما تحبون أن يبركم أولادكم حكمة أو علة لتفهيم سبب الأمر بالعدل في العطية بين الأولاد، فكما أن الوالدين يحبان البر من أولادهم ولا يحبان أن يبرهما أحد أولادهما ويجفوهما الآخرون، فكذلك الأولاد تجد أنهم يتنافسون على نيل محبة الوالدين وعلى أن يعدل بينهم آباؤهم وأمهاتهم، فالحكمة والعلة ظاهرة وهناك خلاف في التفاصيل هل العدل يعني التسوية في العطية أو العدل هو مراعاة الحال.

فلا يلزم من ذلك أن تكون هناك تسوية فهل ما ينال ما يكون من عطية للذكور يكون على الضعف مما يكون للإناث كما هو الشأن في الميراث هذا قول، أو أنه على التسوية بينهم ذكورا وإناثا وهو الذي عليه الفتوى، إذ قسمة الميراث قسمة استأثر بها ربنا تبارك وتعالى لنفسه، فهي قسمة خاصة، وأما العطايا في الحياة الدنيا مع هذه العلة، وهي علة مراعاة البر من الأولاد، فهذه تدعو إلى أن العدل يقتضي التسوية في هذا السياق، هذا ما يتعلق بالرواية. والله تعالى أعلم.

كيف يوفق الإنسان بين حاجة الإنسان للنوم وبين اجتهاده للعبادة؟ هل يصح أن يرغم نفسه ضد طباعها فيقلل من وقت النوم لزيادة وقت العبادة؟

نعم يصح له ذلك إن لم يفض إلى ضرر يصيبه، فإن كان في حدود احتماله فلا حرج أن يأخذ من وقت راحته لوقت عبادته، وأن يأخذ من وقت نومه لقيامه الليل ولتهجده ولتعلمه، فهذا لا حرج فيه ولكن على ألا يفضي إلى ضرر يمكن أن يصيبه، فبقدر ما يحتمل أن يتدرج بنفسه فيأخذها شيئا فشيئا إلى أن تعتاد، وما يذكره كثير من المعاصرين فيما يتعلق بساعات النوم التي يحتاجها الإنسان في النفس منه شيء، وفي تتبع سير العلماء لا نجد هذا الاطراد.

بل حتى هؤلاء الأطباء الذين يقولون إن احتياج الإنسان البالغ إلى النوم هو من سبع إلى ثماني ساعات، أنا لا أعرف إذا كانوا هم أيام الدراسة والطلب والجد والاجتهاد ينامون ثماني ساعات، لا أظن أنهم ينامون ثماني ساعات، لكن بقدر احتمال البدن ودون إصابة بضرر أو أذى، فينبغي أن يجتهد الإنسان في العلم النافع والتنفل والقربات لله تبارك وتعالى قدر استطاعته لأن في ذلك خيرا كثيرا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الله صلى الله علیه وآله وسلم الله تبارک وتعالى الحیاة الدنیا الآیة الکریمة فی العطیة هذه الآیة ما یتعلق تتحدث عن فی الآیة ما یحصل هو الذی على أن أن هذا فی هذه فی بعض لا تجد

إقرأ أيضاً:

الشيخ كمال الخطيب يكتب .. “دعوا الصبيان يلعبون بالـسلاح”!!

#سواليف

“دعوا الصبيان يلعبون بالـسلاح”!!

✍️عند سئل وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ” #هنري_كيسنجر ” لماذا لا تقوم #أمريكا بدورها الضاغط والمؤثر لإيقاف وحظر توريد #سلاح لكل من #إيران و #العراق خلال الحرب التي دارت بينهما واستمرت ثماني سنوات من 1980-1988، فكان جواب هنري كيسنجر بابتسامة صفراء: “دعوا #الصبيان يلعبون بالسلاح”. إنه الخبث والمكر بعينه حيث يُراد للطرفين أن يقتلا بعضهما بعضًا وينهكا بعضهما بعضًا، بينما يكون الرابح والمستفيد هو طرف ثالث، وفي تلك الحالة كانت إسرائيل و #أمريكا هما الرابحتان.
✍️ولعلّ سياسة كيسنجر فإنها تصلح لوصف السياسة التي تعتمدها حكومة إسرائيل حيال #حرب_العصابات و #الجرائم وسفك الدماء التي تجري في داخلنا الفلسطيني منذ العام 2000 وما يزال في تصاعد غير مسبوق، حيث القتلى والجرحى والأيتام والأرامل، وتمزيق نسيج المجتمع وتقطيع الأواصر والشعور بالقلق والخوف والتفكير بالهجرة، هذه كلها وغيرها جزء من الفاتورة الغالية التي يدفعها شعبنا ويسددها بسبب اعتماد سياسة انفلات السلاح، بل وسهولة الوصول إليه وانتشار الجريمة ودوامة بل لعنة العنف التي نزلت بنا، ليست صدفة ولا هي نزلت علينا من السماء، وإنما كانت سياسة رسمية حتى لو لم يتم الإعلان عنها بل حتى لو تم نفيها وإظهار دموع التماسيح والتباكي على ضحايا هذه اللعنة.
✍️كانت المحطة الفارقة في اعتماد هذه السياسة في العام 2000 حيث هبة القدس والأقصى التي اندلعت بعد اعتداء شارون وتدنيسه للمسجد الأقصى المبارك، وكانت وقفة أبناء شعبنا في الداخل مع وقفة الكلّ الفلسطيني ضد انتهاك شارون للمسجد الأقصى. فكان أن قابلت شرطة إسرائيل المتظاهرين السلميين من أبناء شعبنا بالبارود والنار، فقتلت ثلاثة عشر شهيدًا ارتقوا من أبناء الداخل الفلسطيني، وقتلت غيرهم المئات من أبناء شعبنا في القدس الشريف والضفة الغربية وقطاع غزة.
✍️كانت وقفة أبناء الداخل الفلسطيني قد احدثت هزّة في الساحة السياسية الإسرائيلية التي ظنّت بل حلمت بتدجين أبناء شعبنا وترويضهم وأسرلتهم، وإذا بها ترى عكس ذلك عبر مظاهر الانتماء للهوية الإسلامية الدينية والهوية الوطنية الفلسطينية. يومها كانت الانعطافة واعتماد سياسة “لماذا نقتلهم نحن فيكونون أبطالًا، فليقتلوا بعضهم بعضًا فيكونوا أرقامًا. ولماذا نقتلهم فيكونون في أعين الشباب شهداء، فليقتلوا بعضهم بعضًا فيكونوا مجرد أسماء، وإلا…فمن يفسر لنا؟
????فمن يفسّر لنا النقلة النوعية في عدّاد القتلى حيث أنه بين الأعوام 1980-2000 فإنها لم تسجل في تلك العشرين سنة سوى 85 جريمة قتل في كل الداخل الفلسطيني من النقب جنوبًا وحتى الجليل شمالًا، بينما ومنذ العام 2000 وحتى العام 2020 فقد ارتكبت في العشرين سنة أكثر من 1600 جريمة قتل. ومنذ العام 2020 وصاعدًا فقد تجاوزت أعداد القتلى في السنة الواحدة أكثر من 200 جريمة قتل، وبلغت في العام 2024 قريبًا من 240 جريمة قتل، وها نحن في الأيام الخمسين الأولى من العام 2025 فقد بلغ عدد القتلى أكثر من 30 قتيلًا.
????ومن يفسر لنا أن نسبة تفشي الجريمة في الداخل الفلسطيني تتصدر القائمة العالمية، فلا تشبهها الدول الأكثر عنفًا مجتمعيًا في أمريكا الجنوبية وأفريقيا. فإذا كانت التقارير الرسمية تتحدث عن أن نسبة الجريمة في الأردن قد بلغت تسعه جرائم بين كل مليون مواطن، وفي الضفة الغربية 11/مليون، وفي مصر 17/مليون، وفي لبنان 28/مليون، وفي أمريكا 50/مليون بينما بلغت نسبة الجريمة في الداخل الفلسطيني 100/مليون.
???? ومن يفسر لنا كيف أن دولة كالأردن متواضعة في إمكاناتها التكنولوجية تحت تصرف شرطتها وأجهزتها الأمنية، فإن نسبة الكشف والوصول إلى مرتكبي الجرائم تصل إلى 98%، بينما شرطة إسرائيل ومع إمكاناتها التكنولوجية الهائلة بل والمذهلة فإن نسبة الكشف عن الجرائم لا تصل إلى 13% بينما يسجل الباقي ضد مجهول وتغلق الملفات، وأن أجهزة أمن إسرائيل التي تفاخر بقدرتها على الوصول إلى مرتكبي المخالفات والأعمال العدائية على خلفية قومية بنسبة تتجاوز 90%، بينما تدّعي عجزها عن الوصول لمرتكبي الجرائم وأفراد العصابات التي تعيث فسادًا بين أهلنا وأبناء شعبنا.
???? ومن يفسر لنا تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أمثال غلعاد أردان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق الذي تحدث عن قريب من نصف مليون قطعة سلاح بين أيدي جماعات وعصابات الجريمة المنظمة وعصابات الخاوة والعربدة وتجار المخدرات، وأن أكثر من 70% من هذا السلاح مصدره مخازن الجيش والشرطة الإسرائيلية، وكأن هذه المخازن تعيش حالة تسيّب ومن السهل اقتحامها والسرقة منها، والحقيقة أن هناك تعمدًا في التسهيل على هذه العصابات بالوصول إلى هذا السلاح الذي يعلمون أنه لا يهدف من يقتنيه إلا لاستخدامه في نزاع العصابات أو العائلات بهدف تمزيق نسيج شعبنا وضرب وحدته وتكاتفه.
✍️ إن ما حصل بعد العام 2000 إذن لم يكن وليد جرعة زائدة من الشرّ تناولها أبناء شعبنا فقلبت حياتنا رأسًا على عقب، ولا هو طفرة وخلل في الجينات عند المواليد فأصبحوا يولدون مع ميول للجريمة والعدوانية وسفك الدم، ولا أن شعبنا قد اتخذ قرارًا استراتيجيًا تحول بموجبه إلى مجتمع شرير ودموي وعنيف وتحول شبابه إلى قتلة وأشرار ومجرمين. وعليه فإنني لا أتردد بالقول أن قادة المؤسسة الإسرائيلية الذين نظروا دائمًا إلى أبناء الداخل الفلسطيني الذين بقوا بعد النكبة بأنهم خطر استراتيجي، وأن عدم طرد وتهجير كل الفلسطينيين في العام 1948 كان خطئًا استراتيجيًا، لذلك فإن كان فاتهم تنفيذ مشروع التهجير، وإن كانوا قد فشلوا بعدها في مشروع الأسرلة والتهويد، فإنهم قد عوّضوه وتداركوه بتنفيذ مشروع التفكيك والتفتيت، وما حالة العنف والجريمة التي تنتشر بين أبناء شعبنا في الداخل إلا المشهد الواضح والدليل الصارخ على سياسة التفكيك والتفتيت حيث آثارها جلية واضحة.
????سيف السلطان وسيف القرآن
✍️إن المجتمع أي مجتمع، من أجل أن يكون مترابطًا، فإنه لا بد من الضرب على يد من يسعون لضرب نسيجه ومن يعيثون فيه فسادًا، فلا يُعطى لهؤلاء الفرصة بتنغيص عيش أكثرية أفراد المجتمع. وإن هذا لا يتأتى إلا عبر استخدام مقولة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: “إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”. فإذا كان من الناس من يردعهم الدين والضمير والحياء المجتمعي من أن يوغلوا في أخطائهم ويتمادوا فيها وهو سيف الدين والقرآن، فإن آخرين لا يصلح معهم ولا يستقيم أمرهم ولا يضبطهم إلا سيف السلطان وهو القانون الرادع والقصاص والعقوبة تنزل بهم.
✍️ولأننا نحن أبناء الداخل الفلسطيني نعيش حالة استثنائية وعجيبة ونادرة ولعلّ ليس لها مثيل في وبين شعوب الأرض كلها، حيث ومع أننا نحمل صفة المواطنة وما يجب أن يترتب عليها من حقوق وفي مقدمتها حمايتنا وحماية أرواحنا وأموالنا، إلا أن الحقيقة والواقع يقولان أن الدولة وأنظمتها وسياسة حكومتها وقانونها تنظر إلينا بل وتتعامل معنا كأعداء، وبالتالي فإننا نحتاج إلى من يحمينا من قوانين وسياسات الدولة التي يجب عليها هي أن تحمينا لا أن تعادينا وتخطط لنا خططًا سوداء وتسن القوانين والتشريعات التي تنضح بالعداء والكيد لنا.
???? يا أبناءنا ويا شبابنا:
✍️ فلأن سيف السلطان “حكومة إسرائيل” وبدل أن يسلَّط على رقاب القتلة والمجرمين فإنه يسلَّط على رقاب أبناء شعبنا، وعليه فإنه لا يبقى لنا وأمامنا إلا شحذ سيف القرآن والوازع الديني والتربية الإيمانية نغرسها في نفوس أبنائنا وشبابنا لتحرّك فيهم معاني الصلاح والخيرية والأصالة بدل مظاهر العنف والجريمة والأنانية والشهوانية والضياع.
✍️ فيا شبابنا يا أحبابنا، إننا نذكركم بقول الله تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} آية 32 سورة المائدة. {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} آية 68 سورة الفرقان. {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} آية 28 سورة المائدة. {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} آية 92 سورة النساء. وإننا نذكركم أن في آية من كتاب الله تعالى خمسة بشارات عاجلة للقتلة والمجرمين، وأنه سبحانه لم يتوعد في آية واحدة أحدًا من الخلق مثلما توعّد القاتل {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ..:
{جَهَنَّمُ}، {خَالِدًا فِيهَا}، {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ}، {وَلَعَنَهُ}، {وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} آية 93 سورة النساء.
✍️ وإننا نذكركم أيها الشباب بقول رسولكم محمد ﷺ في بيان حرمة الوقوع في دم مسلم: “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه”. وقال مخاطبًا الكعبة الشريفة: “والله إن لك عند الله حرمة ولكن حرمة دم مسلم أعظم عند الله من حرمتك”. وقال: “لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبّهم الله في النار”. وقال: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم”.
????أي جهل وأي طيش؟!
✍️عن قيس بن حازم وعامر الشعبي قالا: قال مروان بن الحكم لأيمن بن حزيم الأسدي: ألا تخرج تقاتل معنا؟ فقال إن أبي وعمي شهدا بدرًا وإنما عهدا إليّ ألا أقاتل أحدًا يقول لا إله إلا الله، فإن أنت جئتني ببراءة من النار قاتلت معك، فقال له مروان بن الحكم: أخرج عنا فخرج وهو يتمتم ويقول:
ولست بقاتل رجلًا يصلي على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعليّ إثمه معاذ الله من جهلي وطيشي
أأقتل مسلمًا في غير جرم فليس بنافعي ما عشت عيشي
????فأي جهل وأي طيش أن يقتل مسلم مسلمًا من أجل أن يكون قريبه مسؤولًا أو رئيسًا أو ملكًا، فذاك يتبوأ المقعد والكرسي بينما القاتل يتبوأ مقعده من النار.
???? وأي جهل وأي طيش أن يقتل مسلم مسلمًا من أجل المال وهو يعلم أن هذا المال سيتركه لورثته بينما يلقى الله يوم القيامة مكتوبًا على جبينه “آيس من رحمة الله”.
???? فأي طيش أيها الشاب الذي غرر بك المجرمون بالمال مقابل أن تقتل بريئًا لأنهم لم يستطيعوا قتل غريم لهم فأرسلوك لتقتل أخاه أو ابنه، فاتق الله وقل لنفسك:
أأقتل مسلمًا في غير جرم معاذ الله من جهلي ومن طيشي
????ليس على حساب دم أبناء شعبنا
✍️إننا نسمع أصواتًا مبحوحة من بيننا ممن يريدون الوصول إلى كرسي الكنيست عبر الادعاء أن الدخول في ائتلاف حكومي من الأحزاب الصهيونية واليمينية هو الضامن لانتهاج سياسة تقوم بملاحقة المجرمين وإيقاف سفك الدم. إن هؤلاء يقولون بملء الفم أنه من أجل إيقاف لعنة العنف فلا بد لكم أن تدفعوا الثمن وأي ثمن، إنه الدخول في ائتلاف حكومي قد أعلن ويعلن الحرب على أبناء شعبنا في غزة والضفة، ويطلق يد من يدنسون المسجد الأقصى المبارك، فكيف لنا أن نفرق بين الدم الفلسطيني؟ وهل نريد منهم إيقاف مشروع قتلنا مقابل أن نغض الطرف بل أن ندعم حكومة تقوم بقتل أبناء شعبنا في الجزء الآخر من الوطن الفلسطيني؟ وكيف لهؤلاء أن يكونوا جزءًا من ائتلاف حكومي وقد كانوا، بينما هذه الحكومه ترمّل نساءنا وتيتّم أطفالنا وتقتل شبابنا وتهدم بيوتنا هناك في الضفة وغزة، وتدنس أقصانا بزعم أنهم سيضعون خططًا لإيقاف مشروع ترميل النساء وتيتيم الأطفال في الداخل الفلسطيني. إنها سياسة خرقاء ونظرة أنانية وانحراف خطير في البوصلة عند هؤلاء.
✍️إن من اعتمدوا منطق وسياسة “دعوا الصبيان يلعبون بالسلاح” في حرب العراق وإيران، وحرب الأشقاء لبعضهم في السودان واليمن ومن يخططون لذلك في سوريا، هم الذين يفركون أيديهم فرحًا وهم يرون عدّاد الدم يرتفع صباح كل يوم في داخلنا الفلسطيني، هؤلاء لا يمكن أبدًا أن يكونوا من يشعل النار ومن يُنتظر منهم إطفاءها. فهل سمعتم أن أحدًا يبحث عن الماء في أتون النار، وقد قال الشاعر:
فلا ترجُ السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماء.
✍️اللهم اكفناهم بما شئت وكيفما شئت يا رب العالمين.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة حماس .. جاهزون لاستئناف تبادل الأسرى السبت إذا وفّى الاحتلال بالتزاماته 2025/02/14

مقالات مشابهة

  • هل يجوز قضاء ما فات من صيام رمضان الماضي بعد دخول النصف الثاني من شعبان؟.. المفتي يجيب
  • هل يمكن أن تحل الدساتير الوضعية محل الدين؟ المفتي يجيب
  • المسجد الأقصى أقل قداسة من مكة .. مفتي الجمهورية يرد
  • هل يجوز قضاء صيام رمضان في النصف الثاني من شعبان؟ المفتي يجيب
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • إمام الحرم: الأعمال الحميدة تبارك حياة صاحبها وتخلد ذكره
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. “دعوا الصبيان يلعبون بالـسلاح”!!
  • كيف نتوقف عن الشحناء والخصام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب
  • هل ينزل الله إلى السماء الدنيا فى ليلة النصف من شعبان؟.. أمين الفتوى يجيب
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان