تأثير هجمات الحوثيين على المستهلكين الأمريكيين
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
برنت سادلر - نيكول روبنسون -
يهاجم الحوثيون الشحن في البحر الأحمر منذ أكتوبر، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن العالمية ووجود آثار مضاعفة على الأسواق والمستهلكين في الولايات المتحدة. ومع ذلك، مع استيلاء الحرس الثوري الإيراني مؤخرا على سفينة (إم إس سي آريس) التي ترفع علم البرتغال في مضيق هرمز، قد لا يكون البحر الأحمر هو الممر المائي الوحيد.
ليست الآثار الاقتصادية لاضطرابات البحر الأحمر وغيرها محسوسة إلى حد كبير حتى الآن، لكنها ستتفاقم بمرور الوقت. وسوف تكون شركات الشحن أول من يستشعر هذه التأثيرات، يليها المصنّعون، وتجار التجزئة، ثم المستهلك أخيرا.
يعد البحر الأحمر أحد أهم الشرايين في نظام الشحن العالمي، إذ يمر عبره ثلث إجمالي حركة الحاويات. بالإضافة إلى ذلك، يمر 12% من النفط المنقول بحرًا و8% من الغاز الطبيعي المسال عبر قناة السويس. ولكن بعد أربعة أشهر من الهجمات، فإن نصف أسطول الشحن العالمي الذي يعبر البحر الأحمر بانتظام يغيِّر مساره ليسلك طريق رأس الرجاء الصالح. وتؤدي تكاليف الوقود الإضافية، والتأخيرات الطويلة، وارتفاع أقساط التأمين إلى زيادة التكاليف على شركات الشحن بما يصل إلى مليارات الدولارات.
قال الرئيس التنفيذي لشركة (إيه بي مولر ميرسك)، وهي أكبر شركة شحن في العالم: إن «البحر الأحمر هو أحد الشرايين الرئيسية للاقتصاد العالمي، وهو مسدود في الوقت الحالي. وفي هذا الوقت الذي يمثل التضخم فيه مشكلة كبيرة، فإن ذلك يفرض ضغوطا شديدة على تكاليفنا، وعلى .زبائننا، وفي النهاية على المستهلكين في أوروبا والولايات المتحدة».
بلغت أسعار الشحن ذروتها في فبراير صعودا بنسبة 190% مقارنة بمعايير ما قبل الأزمة، وهو أعلى مما كانت عليه في ذروتها خلال جائحة «كوفيد-19» في عام 2021. وبرغم انخفاض هذه الأسعار، فهي لا تزال أعلى بنسبة 100% عن معايير ما قبل الأزمة. وتؤثر هذه التكاليف المتزايدة عبر سلسلة التوريد العالمية كما يتم استيعابها بشكل مختلف.
لا يعتمد المنتجون وتجار التجزئة الأمريكيون بشكل عام على طرق الشحن في البحر الأحمر. ومع ذلك، لا يستطيع شركاؤهم الأوروبيون والآسيويون أن يقولوا مثل ذلك. لأن قرابة 25% من الواردات الأوروبية و10% من الصادرات الأوروبية من الشرق الأوسط وآسيا تمر عبر البحر الأحمر.
في الوقت نفسه، تتمتع الولايات المتحدة بموانئ على المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، مما يقلل الاعتماد على طريق البحر الأحمر. كما يمكن للمنتجين وتجار التجزئة الأمريكيين أيضًا أن يعيدوا توجيه الشحنات بين سواحلها، باستخدام أنظمة الطرق السريعة والسكك الحديدية عبر الولايات المتحدة لنقل البضائع بسرعة من الساحل الغربي إلى ساحل الخليج والساحل الشرقي.
ومع ذلك، فإن التأثير الكامل لهجوم الحوثيين على الشحن سيؤثر على المستهلكين الأمريكيين. ومن أسباب ذلك أن زيادة تكاليف الشحن تشكل عبئا غير متناسب على القطاعات ذات هوامش الربح الضيقة، مثل الملابس والمواد الكيميائية، وحتى شركات الشحن نفسها.
تشعر كبار علامات التجزئة التجارية مثل (إتش آند إم - وولمارت - تارجت) بآثار الاضطرابات في البحر الأحمر. تقوم شركة «تارجت»، على سبيل المثال، بتوريد الملابس والبلاستيك ولعب الأطفال ومنتجات الحمام من الموردين في الهند وباكستان، ويتم شحن هذه السلع عبر البحر الأحمر. وقد اتخذ معظم تجار التجزئة خطوات للحد من هذه الاضطرابات من خلال طلب منتجاتهم مسبقًا أو نقل الإنتاج إلى مقربة من المستهلكين.
والمنتجون وتجار التجزئة مقيدون بهوامش ربح ضئيلة، ومن ثم لا يستطيعون شحن المنتجات في وقت أسبق من المعتاد، فخياراتهم للتكيف مع تكاليف الشحن المتزايدة واضطرابات سلسلة التوريد محدودة. فيكونون مرغمين على تحميل التكلفة الإضافية للمستهلك، بما يسهم في الضغوط التضخمية الموجودة مسبقا. على سبيل المثال، حققت شركة ليفي شتراوس لبيع الملابس هامش ربح بنسبة 4.04% في عام 2023، في حين سجلت شركة (إيه بي مولر ميرسك) للشحن متوسط هامش ربح لمدة عشر سنوات بنسبة 0.74%. وبالمقارنة، حققت الشركات الخمسمائة المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز متوسط هامش ربح يبلغ 11.6%.
يظل الشحن مرنا، لكن الاضطرابات طويلة الأمد في البحر الأحمر سوف تستلزم تعديلات طويلة الأجل، واستثمارات جديدة في موانئ جديدة، وطلبات لشراء المزيد من السفن. وإذا اضطر الشاحنون إلى القيام بعمليات عبور أطول لتجنب البحر الأحمر، فسوف يحتاجون إلى المزيد من السفن للحفاظ على التجارة وتنميتها من حيث الحجم. ولقد كانت شركات الشحن -قبل هجوم الحوثيين- تطلب بالفعل سفنا ستبدأ في الوصول إلى أساطيلها الآن وحتى عام 2026. ومع ذلك، ليس واضحًا إن كانت هذه الاستثمارات ستخفف المزيد من الاضطرابات أم سيتبين أنها غير ضرورية في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي الوشيك.
بالإضافة إلى هذه المشكلة، هناك إمكانية لتقلص أو توقف العبور في قناة بنما. فقد أرغم الجفاف بالفعل سلطات قناة بنما على خفض حركة المرور فعليا بنسبة 36%، مما أدى إلى تفاقم الضغوط على طرق الشحن الحالية. وبرغم أنه من المتوقع أن تخفف القناة القيود المفروضة على حركة المرور مع تحسن منسوب المياه، فإن عمليات النقل لا تزال ذات قدرة منخفضة.
وبشكل ملحوظ، تعمل هذه الضغوط على تسريع الجهود الناشئة لتقوية وتنويع سلاسل الإنتاج والتوريد الأمريكية. وقد صار هذا أمرا حتميا عندما كشف وباء «كوفيد-19» الاعتماد المفرط على الصين وخطورة هشاشة سلسلة التوريد بالنسبة للصناعات الأمريكية. واستجابة لذلك، حاليا تقوم العديد من الصناعات الأمريكية والكونجرس باستكشاف الفرص المتاحة للسلع الأساسية البرية وقريبة المصدر المصنوعة في الخارج - وتزيد الأحداث في البحر الأحمر من الضغوط من أجل القيام بذلك.
وينفذ الاتحاد الأوروبي أيضًا إجراءات مماثلة «لإزالة المخاطر» عن سلاسل التوريد الخاصة به. ويمكن أن تساعد هذه الإجراءات في تخفيف الاضطرابات المستقبلية المماثلة للهجمات الحالية في البحر الأحمر مع تأكيد أهمية وصول الكتلة إلى شحن مضمون تعتمد عليه التجارة الأمريكية.
في الوقت الحالي، يتعين على شركات الشحن العالمية اتخاذ قرارات استثمارية طويلة الأجل. ومن الأمور الأساسية في هذا الصدد شراء سفن إضافية لتحسين وضعها تحسبًا لزيادة حجم التجارة وللاضطرابات البحرية المحتملة في المستقبل. وفي ظل البيئة الحالية، من المرجح أن تكون سعة الشحن الإضافية استثمارا حكيما.
تبدو الفرص ضئيلة للعودة إلى الشحن العالمي الآمن البعيد عن النزاعات في أي وقت قريب، بعد أشهر من الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية. بل إن الرئيس بايدن اعترف بأن الضربات لم تنجح. والأسوأ من ذلك أن إسقاط المسيّرات الحوثية الرخيصة بصواريخ تبلغ قيمة الواحد منها مليون دولار قد كلّف الجيش الأمريكي مليار دولار، بما يكبّد الولايات المتحدة تكاليف كبيرة.
يعد البحر الأحمر طريقًا حيويًّا للطاقة والسلع الاستهلاكية. وفي ظل عدم ظهور نهاية واضحة في الأفق، سوف يشعر المستهلكون ودافعو الضرائب في الولايات المتحدة بالآثار. وللتخفيف من التحديات الحالية والمستقبلية في سلسلة التوريد العالمية، يجب أن يجمع الكونجرس قادة الصناعة والعسكريين والدبلوماسيين معًا لوضع تشريعات تحمي المصالح الأمريكية في البحر الأحمر وخارجه.
برنت د. سادلر: زميل أبحاث أول في الحرب البحرية والتقنيات المتقدمة في مؤسسة هيرتيدج
نيكول روبنسون: باحثة مشاركة أولى في مركز هيريتيدج للأمن القومي
عن ذي ناشونال إنتريست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الشحن العالمی سلسلة التورید شرکات الشحن ومع ذلک
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: الجيش والمؤسسة الأمنية يقران بأن محاربة الحوثيين معقدة
أكد إعلام إسرائيلي، أن الجيش والمؤسسة الأمنية يقران بأن محاربة الحوثيين معقدة لصعوبة جمع معلومات استخباراتية، وفقا لما ذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
إسرائيل: الاستخبارات ترصد أهدافا عسكرية للحوثيين في اليمن إسرائيل تتهم بابا الفاتيكان بـ"ازدواجية المعايير"وفي إطار آخر، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، مساء اليوم الأحد، إفشال هجوم أمريكي بريطاني على اليمن، عبر استهداف حاملة الطائرات الأمريكية يو أس أس هاري أس ترومان، وعدد من المدمرات التابعة لها بعملية نوعية.
قال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، إن العملية نفذت بالتزامن مع بدء الهجوم العدواني مساء أمس على اليمن، موضحًا أنها نفذت بـ8 صواريخ مجنحة، و17 طائرة مسيرة.
وأشار إلى أن العملية أدت إلى إسقاط «طائرة F18»، ومغادرة معظم الطائرات الحربية المعادية الأجواء اليمنية إلى أجواء المياه الدولية في البحر الأحمر.
وأوضح أن العملية أدت إلى فشل الهجوم المعادي على الأراضي اليمنية، وانسحاب حاملة الطائرات بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من القوات الصاروخية والبحرية وسلاح الجو المسير.
وأكد استعداد الحوثي للتصدي لأي حماقة أمريكية بريطانية الفترة المقبلة، محذرا الاحتلال الإسرائيلي وواشنطن من العدوان على اليمن.
وذكر أن الحوثي ستستخدم حقها الكامل في الدفاع عن اليمن، استمرارًا ومواصلة لإسناد الشعب الفلسطيني حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها.