هل يجوز التعاقد على شراء كميات من الحبوب الزراعية كالأرز والذرة قبل الحصاد؟
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الأصل في عقد البيع أن تكون السلعة حاضرة ومملوكة للبائع وقت العقد؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» [أخرجه أبو دواد]؛ إلا أنه استُثني من ذلك بعض العقود لحاجة الناس إليها، منها بيع السَلم، وهو بيع آجلٍ موصوفٍ في الذمة بثمن عاجل؛ ومن ذلك بيع الحبوب كالذرة والأرز ونحوهما مما يمكن وصفه في الذمة قبل الحصاد وتحديد وزنه، وتعيين نوعه من جيدٍ أو رديء ونحو ذلك مما يرفع الجهالة، وللمشتري الخيار عند التسليم، إذا كان ذلك مشروطًا وقت العقد لحاجة.
واستشهد الأزهر للفتوى، بقول تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، قال ابن عباس رضي الله عنه: نزلت في السَلَم خاصة. [تفسير القرطبي (3/ 377)]
وقد قدم النبي ﷺ المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال ﷺ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» [متفق عليه].
قال الإمام النووي رحمه الله: "وذكروا في تفسير السلم عبارات متقاربة منها: أنه عقد على موصوف في الذمة ببدلٍ يُعطى عاجلًا". [ روضة الطالبين (4/ 3)].
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: " ولأن بالناس حاجة إليه؛ لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها؛ لتكمل، وقد تعوزهم النفقة، فجوز لهم السلم؛ ليرتفقوا، ويرتفق المسلم بالاسترخاص". [ المغني لابن قدامة (4/ 207)]
شروط صحة عقد السلمأوضح الأزهر للفتوى، أنه يُشترط لصحة عقد السلم، شروط هي:
1- أن يكون المبيع معلوم الجنس كالقمح والأرز ونحوه، ومعلومًا بالكيل أو الوزن أو العدِّ.
2- أن يكون مُحدد النوع، موصوفًا في الذمة، على وجه لا يبقى بعد الوصف إلا تفاوت يسير، يُخرجه عن الجهالة.
3- أن يتم تسليم المبيع إلى المشتري في الوقت والمكان المعين للتسليم، وأن يكون الثمن عاجلًا وقت العقد.
4 - لا يجوز التصرف في الشيء المسلَّم فيه -ولو إلى المسلَّم إليه- قبل تمام القبض.
وعليه؛ فيجوز شراء المزروع من الأرز والذرة قبل حصاده، بعد وصفه في ذمة البائع، بما يُعين نوعه وصفته، ويحدد مقداره، ويرفع الجهالة المُفضية إلى المنازعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر السلعة عقد البيع بيع الحبوب الحصاد فی الذمة
إقرأ أيضاً:
الجامع الأزهر: كتاب الله وسنة نبيه ليست مضماراً لأغراض دنيوية
قال الدكتور حسن الصغير، المشرف العام على لجان الفتوى بالجامع الأزهر، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشئون العلمية والبحوث، إننا نرى بين الحين والآخر من يخوضون في شريعة الله ويشككون في الثوابت ويوَلون وجوه الناس عن المهمات الحياتية التي تعيش فيها الأمة إلى وجهات أخرى مكررة منذ سنوات بنصها وتفصيلها.
وأضاف حسن الصغير، في تصريح له خلال خطبة الجمعة أمس، أنه كان من الواجب على من أثار الثائرة، أن يتقِي الله عزّ وجلَّ في إثارة الناس، فلا يعكر عليهم دينهم، ولا يعكر على الوطن، استقراره وأمنه والفكر والاجتماعي، ويخوض في ثوابت الدين ليشتت أفكار الناس وأذهانهم واهتماماتهم، ويجرهم إلى هذا الكلام الذي تستغربه عقولهم ولا تعيه أفئدتهم، وهذا ما نبه عليه النبي بأن كتاب الله وسنة نبيه ليست مضماراً لأغراض دنيوية، وفي القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك، فعلينا الاستيقاظ حتى لا نؤخذ بجرتهم.
وأشار إلى أنه لابد أن يندحر وينزوي أولئك المغدورون الذين يلحدون في آيات الله ويحرفون الكلم عن مواضعه، فكلامهم مردود عليه بنص الكتاب والسنة، وهذا الكلام يفتح بابا ومجالا كبيرا لتحكيم الناس بشرع الله، فالإدعاء بالمساواة بين البنين والبنات، والأخوات والأخوة، والأب والأم، والزوج والزوجة، ادعاء باطل، والزعم بأن الآيات تقرر حقاً وليس واجباً أمر مرفوض ولا يعقل.
وأكد حسن الصعير، أن هذه أنصبة مفروضة، وهي حدود الله عزّ وجلَّ، لا ينبغي علينا أن نتجاوزها أو نعتدي عليها، يقول تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾. ففكرة وضع قانون يخالف شريعة القرآن المحكمة وطرحه للاستفتاء أكبر كذبة، ويرد عليها بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾.
وأشار إلى أن الذين أسرفوا على أنفسهم بوجوب الرجوع ووجوب الاعتذار لجموع الناس وللوطن، فنحن في وقت أحوج ما نكون فيه بأن نذكر بأن نكون على قلب رجل واحد، وأن نثبت الناس على الحق، وأن ننبذ الفرقة بدل أن ننشرها يقول تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾، مذكراً إياهم بالتوبة والاستغفار، وتقدير الأمر بقدره، وبالعلم الذي سوف يسألون عنه يوم القيامة ماذا عملوا فيه؟