الجزيرة نت تحاور إكس بوكس وأستوديو ميزان القطري حول مستقبل ألعاب المنطقة
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
تشهد المنطقة العربية مؤخرا العديد من المبادرات والنشاطات التي تخص صناعة وتطوير الألعاب، فقد شهدت عدة عواصم عربية فعاليات ومسابقات لتطوير الألعاب لإظهار قدرات الشباب العربي في هذا المجال.
وقد جذب هذا الحراك عدة شركات عالمية في هذا المجال من ضمنها شركة "إكس بوكس" (Xbox) التابعة لمايكروسوفت والتي قامت مؤخرا بتبني لعبة عربية حديثة ضمن باقتها من تطوير أستوديو ألعاب قطري حديث.
والتقت الجزيرة نت عبر الفيديو مع غاي ريتشاردز من "إكس بوكس" مايكروسوفت، وحمد المؤسس والمدير التنفيذي لأستوديو "ميزان" ليشاركونا رحلة تطوير لعبة "نايت سكايب"(Nightscape) ومستقبل الألعاب في المنطقة.
"إكس بوكس" ومشاريع الشرق الأوسط"آي دي بوكس" (IDXbox) هو برنامج من مايكروسوفت يسمح لمطوري ألعاب الفيديو المستقلين بالنشر الذاتي لألعابهم على نظام تشغيل ويندوز ووحدات تحكم ألعاب الفيديو المنزلية مثل "إكس بوكس ون" (Xbox One) و"إكس بوكس سيريز" (Xbox Series) وقد كان لهذا البرنامج دور كبير في إظهار العديد من الألعاب. ولذلك بداية الحديث كانت مع غاي من "إكس بوكس" حول مشاريع الشركة الأميركية في مجال الألعاب خصوصا الشرق الأوسط.
مر برنامج "آي دي بوكس" من "إكس بوكس" بتطورات عديدة منذ بدايته حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بدعم أستوديوهات الشرق الأوسط، ما أبرز معالم هذا التطور؟غاي: نعم، جزء مهم من مهمتنا في "إكس بكس" للوصول إلى 4 مليارات لاعب حول العالم، أن نقدم المزيد من الألعاب لعدد أكبر من الأشخاص.
ولذلك استمر برنامج "آي دي إكس بوكس" في التطور، لكن مهمتنا ظلت دائمًا تتمثل في تمكين المطورين المستقلين حول العالم لتحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح داخل نظام "إكس بوكس" البيئي.
ويضم البرنامج اليوم أكثر من 5 آلاف مطور حول العالم، ولدينا 3.5 آلاف لعبة لا تزال قيد التطوير ونحن متحمسون حقًا لإطلاقها للاعبين في المستقبل.
ولقد دفعنا ما يزيد على 4 مليارات دولار حقوق ملكية لمنشئي المحتوى منذ بدء البرنامج لأول مرة.
لذلك أعتقد أنه إذا سألت أي شخص عندما بدأنا البرنامج قبل 11 عاما، عما إذا كنا سنحقق مثل هذا الرقم الكبير، فأنا لست متأكدًا من عدد الأشخاص الذين سيتوقعون ذلك.
لذلك نحن معجبون للغاية وسعداء للغاية بالتأثير الذي أحدثه البرنامج حتى الآن.
كيف تعملون مع المطورين المستقلين؟ وما آليات تقييم الألعاب التي تصلكم من هؤلاء المطورين؟"إكس بوكس" يهتم بالتنوع وإظهار المجموعة الواسعة من التجارب التي يمكن أن نجدها لأعضائنا للعبها. ولدينا المئات من الألعاب من مختلف الأنواع والفئات، ومن فرق مختلفة من المطورين في جميع أنحاء العالم.
بدأ عام 2024 بأكبر شهر على الإطلاق على "إكس بوكس" مع إطلاق لعبة "باور ورلد" (Power World) من اليابان والذي أعتقد أنه مثال رائع على النجاح الذي يمكن أن تحققه اللعبة، حيث وصلت 10 ملايين لاعب على "إكس بوكس" حتى الآن.
نعم، نحن نواصل البحث عن المزيد من الألعاب الرائعة التي يمكننا دمجها في بطاقة اللعبة من المبدعين المستقلين في جميع أنحاء العالم.
ونريد أن يتمتع لاعبونا بجميع أنواع التجارب المختلفة، ولهذا السبب ننظر إلى كل مباراة على أساس أنها شيء خاص ولدينا فريق رائع ومتحمس من الأشخاص الذين يعيشون ويتنفسون.
وتعمل الألعاب المستقلة في جميع أنحاء العالم لمساعدتنا في العثور على أكبر عدد ممكن من الألعاب الرائعة.
غاي: قوة "آي دي إكس بوكس" تكمن في التنوع الذي تحاول الوصول إليه باختيار المشاريع (مواقع التواصل) ما الشيء الأكثر وضوحًا في مفهوم لعبة "نايت سكايب" والذي جعل "إكس بوكس" تدعمهم؟عرضت اللعبة في مهرجان تريبيكا عام 2023، وأعتقد ذلك عندما نرى ألعابا مرتبطة ارتباطا وثيقا بخلفيات المطورين القادمة من الشرق الأوسط، وهذا النوع من القصص متجذر بعمق في القصص العربية القديمة.
لقد أحب الفريق حقًا هذا النوع من الأجواء والأجواء التي كانت سائدة في أجواء المباراة أيضًا. نعم، هناك الكثير مما يفعله الفريق ونحن فخورون للغاية وفخورون بدعمه.
مع التقدم السريع في تقنيات الألعاب مثل التقدم في تقنيات الألعاب مثل الألعاب السحابية أو الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي؟ كيف يقوم "آي دي إكس بوكس" بإعداد المطورين للاستفادة من هذه التقنيات؟عندما يقوم المطورون بالتسجيل في "آي دي إكس بوكس" فإنهم يحصلون على مجموعتين مجانيتين من أدوات التطوير.
ويمكنهم أيضًا الوصول إلى نظام "إكس بوكس" بأكمله ونفس مستوى الوصول إلى أي مطور آخر في جميع أنحاء العالم، وبالتالي فإن نظام "إكس بوكس" البيئي اليوم هو وحدة تحكم "إكس بوكس".
لذا، يقوم متجر "إكس بوكس" وبالنسبة للألعاب الموجودة في فئات الألعاب، أيضًا بتصدير خدمة الألعاب السحابية التي تقوم ببث إصدارات "إكس بوكس" من الألعاب إلى أماكن مختلفة، مما يساعد المطورين مرة أخرى على الوصول إلى جماهير جديدة حول العالم.
ويتضمن ذلك منح المطورين القدرة على الاتصال ببطاقة اللعبة لتشغيل ألعابهم على الأجهزة المحمولة، وعلى الأجهزة اللوحية من خلال "سمارت تي في آي" (Smart TVI).
لقد عقدنا مؤخرًا شراكة مع جهاز "ميتا كويست" (Meta Quest) حيث يمكنك بث الألعاب إلى سماعة الرأس هذه أيضًا، ومن وجهة نظر المطور، يكون الأمر سهلاً للغاية كما لو أننا نقوم بكل الرفع ونستخدم إصدار وحدة تحكم "إكس بوكس" من اللعبة.
ونحن نستثمر أيضًا في الأدوات التي تسهل على المطورين تحسين تجربة اللاعبين من خلال الألعاب السحابية.
نعم، أنصح دائمًا المطورين بالتحدث إلينا في أقرب وقت ممكن. والطريقة التي نعمل بها، تدور حول تمكين المطورين على الأقل من إبداعهم وتحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح على "إكس بوكس".
وفي كثير من الأحيان، كلما تمكنا من التحدث مبكرا، تمكنا في وقت مبكر من فهم رؤية المنشئ واستكشاف الشراكات أو تقديم توصيات بشأن الأدوات المختلفة وأفضل الممارسات المتوفرة داخل "إكس بوكس".
ولدينا الكثير من الخبراء داخل مايكروسوفت الذين هم على أتم الاستعداد للتحدث مع الشركاء، سواء كان ذلك فيما يتعلق بتطوير الإنتاج أو حتى جانب المتجر والتسويق.
"آي دي بوكس" يسمح لمطوري ألعاب الفيديو بالنشر الذاتي (مواقع التواصل) ميزان أستوديو قطري يبدأ خطواته الأولىانتقلت الجزيرة نت لتحاور حمد المؤسس والمدير التنفيذي لأستوديو "ميزان" الذي بدأ بقوة بأول لعبة من إنتاجه تدخل في رعاية شركة عالمية مثل "إكس بوكس".
الآن لأنك أستوديو قطري محلي، كيف يمكن التوازن في عالم الألعاب بين ما هو قطري عربي وبين العالمي الذي يستسيغه الجمهور في العالم؟أعتقد أنك تعلم أنه ليس هناك بالضرورة الكثير من الاختلافات في مجال الألعاب، فنحن جميعا كلاعبين نركز على الجزء الممتع، يجب أن تكون اللعبة ممتعة بغض النظر عن جنسية مطورها.
ولذلك فإن إضافة العناصر الثقافية، سواء كانت من المنطقة أو من الخارج، يجب أن تحافظ على أن تكون اللعبة ممتعة.
في النهاية، إذا كانت اللعبة ممتعة، فيجب أن تجذب جمهورًا عالميًا أكثر.
وإذا نظرت إلى اليابان، على سبيل المثال، فهناك الكثير من الألعاب التي تركز خصيصًا على الثقافة اليابانية بشكل واضح، لكن مع ذلك اليابان تحقق هذا التوازن الجميل بين جذب قاعدتها المحلية ولكن أيضًا الحصول على جاذبية هائلة على المستوى الدولي.
وهذا نموذج جميل نطمح إليه، وأعتقد أنه يمكننا تحقيق ذلك فثقافتنا غنية وجذابة.
ما الذي واجهته كأستوديو ألعاب قطري أثناء تطوير "نايت سكايب" وكيف تغلبت على هذه التحديات؟أعتقد أولاً وقبل كل شيء أنك بحاجة إلى شيئين، أنت بحاجة إلى العاطفة وتحتاج إلى رؤية أفضل.
نعم، هناك بالتأكيد تحديات في المنطقة، لكنني أعتقد أننا لم نركز على ذلك لأننا كنا منشغلين في التركيز على أشياء أخرى.
فمثلا إذا نظرت إلى الخدمات اللوجستية العملية على أرض الواقع، فستجد هناك معوقات مثل الوصول إلى المواهب، والدعم المحدود من قبل الرعاة.
فألعاب الفيديو لا ينظر إليها على أنها صناعة يجب أن تؤخذ على محمل الجد، ليس مثل صناعة الأفلام أو التكنولوجيا.
ولكن أعتقد أن قدوم الأجيال الشابة وتأثير ثقافة ألعاب الفيديو الشعبية على ذلك، خاصة داخل منطقة الخليج، لفت انتباه العديد من الجهات إلى هذه الصناعة الضخمة.
ولذلك بالنسبة لنا كان الأمر يتعلق أكثر بجعل الناس يأخذوننا على محمل الجد أولا وقبل كل شيء.
"ميزان" بدأ الانتشار بـ"نايت سكايب" ويأمل أن يبدأ اللعبة الثانية (إكس بوكس) ما رؤيتك لمستقبل تطوير الألعاب في قطر والعالم العربي على نطاق أوسع؟أعتقد أننا نريد إنشاء ألعاب ممتعة، ولكن أيضًا ذات معنى والتي تحكي قصصًا ذات معنى كبير، فليس هناك نقص في القصص عن منطقتنا.
وأعتقد أنكم تعرفون أن المنطقة والعالم العربي يمر بمرحلة نهضة في مجال تطوير صناعة الألعاب.
وأعتقد أن هناك حوالي 40 مليار دولار أو 45 مليارا يتم إنفاقها في تطوير الألعاب الوقت الحالي، وهناك تركيز كبير على خلق فرص العمل.
وكما تعلم، طالما أنك تركز على إنتاج مكاسب عالية الجودة مع مستوى جودة إنتاج عال وإنشاء تجارب فريدة، فأنت ملزم بتطوير السوق وهو ينمو بسرعة فائقة.
إن مستويات الدخل مرتفعة عمومًا في منطقة الخليج، وفي نفس الوقت يحب أصحاب العمل على المستوى الدولي مطوري الألعاب والناشرين الذين لديهم خلفيات ثقافية مختلفة.
وبالنسبة لنا كأستوديو قطري نأمل بحلول نهاية العام أن نبدأ العمل على لعبتنا الثانية بعد أن بنينا قاعدة لنا بإطلاق لعبتنا "نايت سكايب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات فی جمیع أنحاء العالم تطویر الألعاب ألعاب الفیدیو الشرق الأوسط من الألعاب حول العالم الوصول إلى أعتقد أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل… الراهن كقوة قاتلة
إسرائيل، بعد طوفان الأقصى ومضاعفاته وتداعياته، كيان يواجه الراهن في كل صعده ومستوياته وضغوطاته، لأنها بلغت شأوا من الانفلات والخروج عن القانون والأخلاق وكل الضوابط، بالقدر الذي تستهتر فيه بالقيم الإنسانية كافة، بل لا تعرف من الإنسانية إلا العبث والعنف المنفلت من عقاله، والإرهاب المطلق عندما تمارسه المؤسسات بالأصالة عن الدولة أو بالوكالة عنها.
حقيقة قوة الراهن الذي يعمل لغير صالح إسرائيل والغرب في المنطقة العربية، هو مع مزيد من الكشف والشفافية والوضوح، يزيد تراجع وانكماش الكيان العِبْري وأفول وجوده بالتدريج. فقد تطورت وسائل الكشف وزادت إرادة المقاومة، إلى حد أن المعلومات والمعطيات لم تعد تحتكرها دولة الاحتلال، فقد عاشت هذه الأخيرة عقودا من الدهر الفاسد، على صُوَر وأخبار ومعلومات وتقديرات مزيفة، كجزء من كسب انتصارات خادعة، تنتظر السياق المناسب للكشف عنها ودحضها، على ما نلاحظ ونعاين في سياق طوفان الأقصى ومتوالياته على صعيد المنطقة والعالم في آن معا، دون فواصل زمنية، بل بتلقائية وفورية مباشرة.
قوة الراهن القاتل لإسرائيل هو، حاصل مجموع كل المجازر والاعتداءات والحروب والمعارك التي ارتكبها الاحتلال في الأرض الفلسطينية. فالراهن هو الزمن الذي يجب ألا يترك الشاذ يمر، لأنه بَلغ مستوى خطيرا على العالم كله، وليس على المنطقة العربية فقط. فعندما يفترض أن كيانا عضوا في هيئة الأمم المتحدة، يخرج على الجميع بعُقُوقه واستِخْفافه بالمؤسسات الدولية، واستهتاره الفج بالأخلاق والأعراف، فالأمر يستدعى يقظة الجميع لهذا الخطر الداهم، لأن الوقت متوقف على الراهن، الذي لا يريد أن يمر لأنه من طبيعة معاصرة للحدث.
فإسرائيل الكيان الاستثنائي، ارتكب مجازر تفوق تلك التي ارتكبها الزعيم الألماني أدولف هتلر في حق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية ومجرياتها. وعليه، أو هكذا يجب أن نحلل ونقدر الموقف الراهن في المنطقة العربية، وما يعانيه الشعب الفلسطيني، إن الإعدامات على الهوية والحرب ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، هي أعنف بما لا يقاس من المحنة التاريخية التي تعرض لها اليهود في وقتنا المعاصر، أي سجل الأحداث والوقائع المقيدة، ولم يكشف عنها العدو الجديد في المنطقة العربية، وآلت إلى الزمن الراهن، حيث لا يلبث أن يظهرها من حين الى آخر، بل تظهر توّاً مع مشاهد وصور الرُّعب الشامل في غزة الشهيدة.
وهنا الصراع المميت والقاتل لإسرائيل/ الغرب مع بقية العالم، والأزمة المستعصية على الحل. فالمثال الذي تقدمه إسرائيل لم يعد صالحا، لأن سبب وجودها الأصلي صار مفضوحا، وهو الظلم الذي تعرضت له من الغرب الأوروبي. ولأن إسرائيل ترتكب ما يفوق ما عانته، تصبح كل الاعتبارات والمبررات التي استندت إليها بدعم أوروبي وأمريكي غير مبررة لدى أصحابها الفاعلين والمسؤولين عليها في المنطقة وفي العالم، ويجب أن يبادروا على تحملّه تفاديا لكارثة عالمية أخرى، إرهاصاتها متوفرة بشكل واضح، لعّل قدوم دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل أحد علاماتها البارزة.
تتمثّل قوة الراهن في قدرتها على تُوقِيف الزمن الحاضر، ولا تتركه يمر لأنه استقطب اللحظة كلها، بما في ذلك الماضي أيضا، ومن ثم، فالصُّور التي تُظهر المحرقة والإبادة الجماعية لليهود واضطهادهم أثناء الحرب العالمية الثانية متوفرة وصارت معاصرة.
في الوقت ذاته مع المشاهد والصور الواردة من قطاع غزة، ويتأكد الجميع في زمن واحد أن ما يرتكبه الكيان العِبري في حق الفلسطينيين، يفوق ما ارْتُكب في حقهم خلال الحرب العالمية الثانية، لأن في القانون والأخلاق والأعراف المعقولة لا يمكن استبطان التناقض في جوف مؤسسة عالمية واحدة، ونقصد بطبيعة الحال العقوق والانفلات وقلة الأدب والأخلاق التي تبديها إسرائيل اليوم حيال الأمم المتحدة، والانسياق الأمريكي الرهيب معها في العربدة والعبث والاستهتار بمصائر الشعوب والأمم، ولعلّ التناقض الصارخ هو مباركة مذكرة توقيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس دولة عضو في مجلس الأمن الأممي، والتحفظ والتنكر للقرار ذاته الذي صدر في حق صهيوني آثم اسمه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء كيان إرهابي يمارس الميز العنصري، «شرعيته» قائمة على الاضطهاد والحروب والعدوان المتواصل.
في الزمن الراهن، على ما تجاوب معه طوفان الأقصى، يظهر من جملة ما يظهر الحقائق التي كان يطمسها الاستعمار في شكله التقليدي، وفي شكله الإسرائيلي الفائق، الذي يستفيد من تكنولوجيا أمريكا والدول الغربية.
لم يعد هناك ما يمكن التستر عليه وإخفاؤه، بل كل شيء ظاهر وواضح للعيان، وأن هذا الوضع تدفع ثمنه المقاومة الفلسطينية، باسم كل الأمم في العالم لأن المعضلة التاريخية التي ارتكبها النظام الاستعماري كانت في أرض عربية اسمها فلسطين منذ أكثر من سبعين سنة.
والمعضلة كما يكشفها الزمن الراهن هي بقاء الاستعمار في غير عصره، ممثلا في كيان عِبري، انكفائي، عنصري، فاشي وغاشم، يكثف كل الخصائص الفاسدة ويستبطنها في جوفه كأفضل سبيل للبقاء والنجاة بالنفس. فقد تمت الورطة، ولم يتمكن الغرب الصهيوني من حلها، وتسبب في إلحاق الظلم باليهود مرّتين، مرة بحرقهم، ومرة في توريطهم في احتلال أرض غير أرضهم، يعمل الزمن الراهن على كشفها وفضحها للعيان وعلى الملأ العام.
نحن اليوم في لحظة راهنة بكل ما تحمل من عمق وأبعاد زمنية، نحضر فيها لانفلات كيان عن المنظومة الأممية والقانون الدولي وأعراف الدبلوماسية العادية ومبادئ العدالة على ما يفهمها الجميع. فالاستثناء الإسرائيلي يصنع حالة من العجز العالمي، تدفع ثمنه الباهظ جدّا المقاومة الفلسطينية في أرض عربية تسجل أعنف فعل يمكن أن يرتكبه بشر، وأفظع إرهاب يمكن أن يرتكبه كيان سياسي عسكري.
اللحظة الراهنة أوقفت الزمن وصارت تلح على ضرورة حل المسألة الفلسطينية
الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون هو عنف مضاعف متعلق بالمنطقة، وبالعالم في الوقت ذاته، لأن اللحظة الراهنة أوقفت الزمن وصارت تلح على ضرورة حل المسألة الفلسطينية رحمة بالعالم كله، وليس بالشعب العربي في فلسطين وحسب. فقد تقدم الورم السرطاني العِبْري في الجسد الدولي، وأضحى باديا للعيان بالنسبة لمن يحسن النظر والتحليل، ولم يعد الأمر يعني سكان غزة فقط، بل الإنسان حيثما كان والدولة حيثما وجدت، لأن الشاذ والاستثناء والمروق والعنف والإرهاب طال مكوثه في السجل الإسرائيلي/ الغربي وتعفن من فرط المراوحة في اللحظة الراهنة، الأمر الذي يستوجب تدخل الأمم والدول والمؤسسات والهيئات كافة، لأن الخطر يداهم جميع الناس في معمورة الكوكب كله.
تلك هي الحالة الإسرائيلية في اللحظة الراهنة التي تكشف عن كل شيء وقع في التاريخ المعاصر، فما يجري اليوم في غزة نراه فورا في بداية تاريخ الاحتلال ومتوالياته لأكثر من سبعين سنة.. كله عنف ودمار وخراب وإرهاب، إلى حد اعتبار إسرائيل ليس كيانا محتلا للأرض الفلسطينية فحسب، بل كيانا ينَظِّر للعنف ولا ينتظر منه العالم المقبل إلا العنف. إسرائيل كينونة يهودية أرادها نتنياهو بلا مضمون إنساني، خارج القانون، لا يعرف لها لا دستور ولا حدود..
القدس العربي