انتقلت مراسم احتفال مصر بشم النسيم عبر العصور منذ أيام الفراعنة وإلى يومنا هذا، حيث كان المصريون القدماء يبدؤون احتفالهم اعتبارًا من ليل هذا اليوم ليكونوا في استقبال نسيم الربيع الذي تحمله نسائم الشمال.

وحرص الكثير من المواطنين على الاحتفال بعيد شم النسيم بين الحدائق والمنتزهات باعتبارها تحمل أجواء الربيع المحببة ومن بين المناطق التي اعتادوا عليها حديقة حيوان الجيزة والتي أغلقت أبوابها العام الحالي بسبب أعمال التطوير الجاري تنفيذها حاليا.

 مراسم احتفال مصر بشم النسيم

وافترشت الأسر كافة المساحات الخضراء ، لتناول الطعام والشراب، وخاصة وجبة الفسيخ والرنجة، فيما أقدم عددا من الأطفال على اللهو بالألعاب مثل السيارات الكهربائية الصغيرة.

قام المصريون القدماء بتقديس والاهتمام بالطبيعة والاحتفاء بها بشكل كبير، وقاموا بتقسيم العام إلى ثلاثة فصول، وكان فصل الحصاد هو الذي أطلقوا عليه فصل "شمو"، وتم توارث احتفال بشم النسيم مصر الفرعونية منذ آلاف السنين.

وربما كان الاحتفال به قد بدأ في عصر الدولة القديمة، وكان الاحتفال بهذا الموسم كان يرمز إلى بعث الحياة وإعادة الخلق، خلق الكون ونضارة الطبيعة وعودة الحياة إلى الكون في أجمل تجلياتها. ونظروا إلى هذا اليوم باعتباره أول الزمان، أو بدء خلق العالم كما كانوا يعتقدون، وصادف ذلك الاحتفال من خلال الملاحظة المستمرة اعتدال الجو، وطيب النسيم، فقاموا بالخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة، ويستعرض عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير احتفال المصري القديم بشم النسيم.

الأسماك شهية

كانت الأسماك غذاءً شهيًا على موائد المصريين القدماء في هذه المناسبة، وكان مصدرها النيل والترع وغيرها، وكانت الأسماك النيلية هي البلطي والبوري والبياض والشيلان والقراميط. وكان المصريون القدماء يحرصون على أكل الفسيخ (السمك المملح) المصنوع من أسماك البوري، والذي كان يستهلك بكميات كبيرة في عيد الربيع.

وكان للفراعنة طقوسهم الخاصة التي مازالت مستمرة إلى الآن في ذلك العيد. وكان هناك مهرجان يقام كل عام في فصل الربيع، وكانوا يحتفلون فيه بزيارة المتنزهات وتلوين البيض وأكل الفسيخ والأسماك المجففة والمملحة وعمل رحلات نيلية بالقوارب على صفحة النهر الخالد. وكان تناول السمك المملح والبصل والبيض والحمص، وعرف المصريون أنواعًا من الأسماك وحرصوا على رسمها على آثارهم.

مظاهر شم النسيم

وكان القدماء المصريون يحتفلون بذلك اليوم في احتفال كبير مثل الانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار، وكانوا يجتمعون قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب، وكانوا ينظمون شعائر ويقومون بها في العيد، والطواف حول المعبد، بالإضافة إلى تقديم الذبائح للمعبودات الخاصة بالزراعة والانبات.

وكان الكهنة يحملون تمثال المعبود ويطوفون به في موكب مهيب يشارك فيه الجميع، ويؤدى فيه المهرجون والمغنون والراقصون فنونهم، كما كانت تقام العروض المسرحية التي تصور أساطير معينة، وكان الأهالي وليس الكهنة هم الذين يحتفلون بأعياد المعبودات الجالبة للخيرات لأرض مصر الطيبة.

مظاهر الاحتفال بشم النسيم 

العديد من تلك المظاهر الخاصة بالفراعنة ما يزال المصريون يحرصون عليها إلى الآن، وكان هذا الاحتفال من بين الأعياد المهمة لدى الفراعنة، حيث حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذى يتساوى فيه الليل والنهار. وكانت مظاهر الاحتفال تقام على ضفاف النيل ووسط الحدائق والساحات المفتوحة وبين الزهور، التي كانت لها مكانة كبيرة في نفوسهم. وتحاكي أعمدة المعابد الفرعونية المزخرفة بطراز الزهور باقات براعم الزهور، وقد صور المصريون أنفسهم على جدران مقابرهم ومعابدهم وهم يستنشقون الأزهار حبًا لسحر الزهور؛ إذ كان المصريون القدماء يقضون أكثر الأوقات بهجة وإشراقًا وإقبالاً على الحياة في فصل الربيع، ذلك الفصل الذي كانت تتغير فيه كل الأشياء لتنبض بالحيوية والأمل والجمال.

 وكانت تحرص فيه النساءعلى ارتداء الملابس الشفافة وتهتم بتصفيف الشعر وتسرف في استخدام العطور لإظهار مفاتنهن. وهكذا كانت عودة الربيع التي كانت تتميز بتفتح الزهور، وكانت تُقابل دائمًا بفرح وترحاب من كل المصريين على مر العصور، ويحملون معهم أنواعًا معينة من الأطعمة التي كانوا يتناولونها في ذلك اليوم مثل البيض الملون، والفسيخ (السمك المملح)، والخص والبصل والملانة (الحمص الأخضر)، وهي أطعمة مصرية ذات طابع خاص وارتبطت بمدلول الاحتفال بذلك اليوم – عند الفراعنة - بما يمثله عندهم من الخلق والخصب والحياة.

مظاهر شم النسيم

وكان البيض عند الفراعنة يرمز إلى خلق الحياة من الجماد. وقد صورت بعض نظريات خلق الكون عند الفراعنة خلق الكون عن طريق بيضة، ولذلك فإن تناول البيض في هذه المناسبة يرمز إلى إعادة خلق العالم. وقد كانوا ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد، وكانوا يضعون البيض في سلال من سعف النخيل وكانوا يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار، لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم، أما الفسيخ فقد ظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل. وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ.

وقد ذكر "هيرودوت" أنهم كانوا يأكلون السمك المملح في أعيادهم، وكذلك كان البصل من بين الأطعمة التي حرص المصريون القدماء على تناولها في تلك المناسبة، وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد، وما تزال تلك العادة منتشرة بين كثير من المصريين إلى اليوم.

مظاهر شم النسيم

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شم النسيم النسيم الحدائق المصريون الاسماك المصریون القدماء السمک المملح بشم النسیم شم النسیم

إقرأ أيضاً:

إبراهيم عيسى: السلفية تنتصر للنقل والمحفوظ.. وليس للعقل والتجديد والإبتكار

أكد الإعلامي إبراهيم عيسى، مقدم برنامج "حديث القاهرة"، أن السلفية تعني الجمود والتجمد وهي عكس التقدم، مضيفًا:"السلفية تضيع أي فرصة للتقدم لأنها لا تحترم العقل وتنتصر للمكتوب.. السلفية حافظة مش فاهمة بالقياس على كل المستويات وتنتصر للنقل والموروث والتقليدي والمتخشب والمعتاد والموجود وليس للعقل والتجديد والابتكار والاختراع والاكتشاف".

مخاطر السلفية على المجتمعات

وشدد "عيسى"، خلال تقديم برنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، على أن الأمة العربية والمجتمع المصري لم يقدموا أي شئ للبشرية بسبب سيطرة العقل السلفي على هذه المجتمعات، مؤكدًا أنه في ظل تحكم العقل السلفي بكافة أشكاله.

وتابع: "منذ المد الديني تعاني الشعوب والمجتمعات ولم تتقدم ولم تتحدث أو تتطور"، منوهًا بأن الشخصية السلفية هو عقل تلقي الأمر واتباع التعليمات، مؤكدًا أنه لابد أن نعترف بمشاكلنا ونحلها ونتقدم مع حل هذه المشكلات، إلا أنه في ظل العقل السلفي لن يكون لدينا القدرة على حل هذه المشاكل أو تخطي الأزمات الحالية.
 

وتابع: “السلفية في صميمها أنها تجعل لمجتمع متأخر متدهور ومتجمد ومتخشب على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية، مؤكدًا أنه ليس هناك دولة متقدمة في العالم يسيطر عليها العقل السلفي”.

مقالات مشابهة

  • أبرزها أكل الموتى.. تعرف على أغرب التقاليد فى العالم وسر الإيمان بها
  • عرض الفيلم المصري كان مساء وكان صباح يوما واحدا بمهرجان الإسماعيلية.. اليوم
  • هدية من “أم الإمارات” إلى الشعب الفلسطيني .. وصول سفينة المساعدات الإماراتية السادسة لميناء العريش وصلت اليوم سفينة المساعدات الإماراتية السادسة إلى مدينة العريش المصرية تحمل على متنها هدية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”
  • على 3 أيام تبدأ من اليوم.. ننشر البرنامج الخاص بفعاليات الاحتفال بالعيد القومي لمحافظة الدقهلية
  • «عفاريت الأمراض».. كيف عالج المصريون القدماء مرضاهم بـ السحر والتعاويذ؟ دراسة علمية تكشف التفاصيل
  • مفتي الجمهورية: نأمل أن تكون منبرًا يجمع بين الأصالة والتجديد
  • إبراهيم عيسى: السلفية تنتصر للنقل والمحفوظ.. وليس للعقل والتجديد والإبتكار
  • قورينا.. كيف ساهم الإغريق القدماء في تشكيل ليبيا كما نعرفها اليوم؟
  • موعد شم النسيم 2025.. هل يتزامن قدومه مع شهر رمضان؟
  • ختام بطولة كأس الاتحاد لالتقاط الأوتاد بمتنزه النسيم