تساؤلات قانونية وإنسانية حول قانون الترحيل الطوعي من بريطانيا إلى رواندا
تاريخ النشر: 6th, May 2024 GMT
قال طالب لجوء سوري من مركز احتجاز في بريطانيا، بانتظار ترحيله إلى رواندا، إنه سيقتل نفسه لدى وصوله لأنه لا يعتقد أن ذاك البلد سيكون آمنا بالنسبة له.
وتحدث خالد، الذي تم تغيير اسمه لحماية هويته، لصحيفة الغارديان من "زنزانته" في مركز ترحيل المهاجرين في كولنبروك.
ووصل خالد إلى المملكة المتحدة في يونيو 2022، بعد معاناة مع التعذيب والسجن، وفق الصحيفة البريطانية.
وقبل أسبوع، رحّلت المملكة المتحدة إلى رواندا أول طالب لجوء في أول عملية من نوعها، وذلك في إطار برنامج للترحيل الطوعي لمهاجرين رفضت طلبات لجوء تقدّموا بها، وفق ما أفادت وقتها وسائل إعلام بريطانية.
في 25 إبريل الماضي، تبنّت الحكومة البريطانية قانوناً مثيراً للجدل يتيح لها أن ترحّل إلى رواندا مهاجرين دخلوا البلاد بصورة غير نظامية.
بالموازاة مع ذلك، حصل قانون الحكومة لسلامة رواندا (اللجوء والهجرة) لعام 2024 على الموافقة الملكية وأصبح قانونًا، وفي الوقت نفسه، تم التصديق على معاهدة المملكة المتحدة مع رواندا، وهذا يعني أن المعاهدة أصبحت ملزمة قانونًا للمملكة المتحدة ولرواندا.
أسباب إصدارهتقول الحكومة البريطانية إن ما تسميه قانون سلامة رواندا (اللجوء والهجرة) يستجيب لمخاوف المحكمة العليا وسيسمح للبرلمان بتأكيد وضع جمهورية رواندا كدولة ثالثة آمنة، وبالتالي تمكين إبعاد الأشخاص الذين يصلون إلى المملكة المتحدة بموجب قوانين الهجرة.
ووفق الحكومة البريطانية، فإن الغرض من هذا القانون هو ردع الرحلات الخطيرة وغير القانونية إلى المملكة المتحدة، والتي تعرض حياة الناس للخطر، وتعطيل أعمال مهربي البشر الذين يستغلون الأشخاص الضعفاء.
"لن يكون البرنامج بمثابة رادع قوي فحسب، بل سيثبت أيضًا أنه ليس من الضروري القيام برحلات خطيرة للعثور على الأمان كما يروج المهربون".
ما مدى قانونيته؟يعتمد مشروع القانون هذا على الأهداف المنصوص عليها في قانون الهجرة غير الشرعية لعام 2023، وقانون الجنسية والحدود لعام 2022، والتدابير المنصوص عليها في خطة الحكومة للهجرة، كجزء من استراتيجية أوسع لمعالجة الهجرة غير الشرعية، وفق ذات المصدر.
تحدد المعاهدة الالتزامات القانونية الدولية التي قطعتها حكومتا المملكة المتحدة ورواندا بما يتوافق مع معاييرهما المشتركة المرتبطة باللجوء وحماية اللاجئين. كما يلزم الحكومتين بتنفيذ الضمانات القانونية الرئيسية استجابة لاستنتاجات المحكمة العليا في المملكة المتحدة.
The Safety of Rwanda Bill has passed Parliament and will become law.
This landmark Bill will prevent legal challenges being used to delay the removal of asylum seekers to Rwanda. pic.twitter.com/oHdsfcL0Ty
في المقابل، تقول أطراف معارضة للمعهادة والقانون الذي انبثق عنها إنها لا تستجيب لمعايير سلامة طالبي اللجوء، بل إنها لا تحترم قرارات المحكمة العليا البريطانية.
وتم تمرير القانون عبر البرلمان بسرعة كبيرة جدًا وأصبح قانونًا في 25 أبريل 2024، وفق موقع "رايت تو ريماين" (الحق في البقاء)، رغم أن المحكمة العليا عارضته.
الموقع الذي يُعنى بالحقوق علق على ذلك بالقول إن إقرار القانون يعني أن حكومة المملكة المتحدة قد عارضت بشكل مباشر حكم المحكمة العليا في نوفمبر 2023 والذي قرر بشكل لا لبس فيه أن رواندا ليست دولة ثالثة آمنة.
كما أن التصديق على المعاهدة مثير للجدل للغاية. وقد صوت مجلس اللوردات (الغرفة غير المنتخبة في برلمان المملكة المتحدة) في يناير لصالح رفض تصديق الحكومة على المعاهدة لأن تدابير الحماية الموعودة في المعاهدة (والتي من المفترض أن تجعل رواندا دولة ثالثة آمنة) لم يتم تطبيقها بعد.
"ولذلك فقد تم التصديق على المعاهدة دون ضمانات السلامة" يقول ذات الموقع.
هل الانتقال إلى رواندا آمن؟تسعى المعاهدة إلى إنشاء "آليات" لتحقيق نقل الأشخاص الذين طلبوا اللجوء في المملكة المتحدة إلى رواندا.
ويشمل ذلك إنشاء نظام قضائي منفصل تمامًا ومخصص خصيصًا للقرارات المتعلقة برواندا.
On Wednesday, the UK passed the Rwanda deportation bill: a racist law, that allows the UK to deport asylum seekers upon entry to Rwanda - before their asylum application is processed, no matter their nationality. A return to the UK is not possible even when asylum is granted. pic.twitter.com/mOpSk4tR01
— Sea-Watch International (@seawatch_intl) April 27, 2024أصدر فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، بيانا مشتركا يدعوان فيه حكومة المملكة المتحدة إلى إعادة النظر في خطتها لنقل طالبي اللجوء إلى رواندا.
وقال غراندي إن هذا الاتفاق يسعى إلى تحويل المسؤولية عن حماية اللاجئين، مما يقوض التعاون الدولي.
وقال أيضا "يمثل التشريع الجديد خطوة أخرى بعيداً عن تقليد المملكة المتحدة الطويل المتمثل في توفير اللجوء للمحتاجين، في انتهاك لاتفاقية اللاجئين".
ومضى مؤكدا أن حماية اللاجئين تتطلب من جميع البلدان، وليس فقط مناطق الأزمات المجاورة، أن تفي بالتزاماتها.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة إنه يتعين على المملكة المتحدة بدلا من ذلك اتخاذ تدابير عملية لمعالجة التدفقات غير النظامية للاجئين والمهاجرين، على أساس التعاون الدولي واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ليس سابقةأشار مسؤولو الأمم المتحدة إلى أن التشريع الجديد هو الثالث في سلسلة من القوانين التقييدية التدريجية التي أدت إلى تآكل الوصول إلى حماية اللاجئين في المملكة المتحدة منذ عام 2022، بما في ذلك حظر الوصول إلى اللجوء أو أشكال أخرى من الإذن بالبقاء في المملكة المتحدة لأولئك الذين يصلون بشكل غير نظامي عبر دولة ثالثة.
وقالوا إن مشروع القانون الجديد "سيمهد الطريق أمام إرسال طالبي اللجوء، بما في ذلك الأسر التي لديها أطفال، بإجراءات موجزة إلى رواندا لتقديم طلبات اللجوء الخاصة بهم، مع عدم وجود احتمال للعودة إلى المملكة المتحدة.
كما يحد مشروع القانون الجديد بشكل كبير، وفقهم، من قدرة طالبي اللجوء على الطعن أو الاستئناف على قرارات الإبعاد، مع مطالبة صناع القرار والقضاة بمعاملة رواندا بشكل قاطع كدولة "آمنة" في ما يتعلق بحماية طالبي اللجوء، بغض النظر عن أي دليل على عكس ذلك.
خالد الذي تحدثت إليه صحيفة الغارديان قال إنه عندما ذهب لتقديم تقريره الدوري الأسبوع الماضي في برمنغهام، اعتقلوه وكبلوا يديه في زنزانة الشرطة.
وقالت الصحيفة إن الشيء نفسه حدث لشخصين آخرين كانا يقومان بإعداد التقارير وهما من أكراد العراق.
قال خالد "بعد إخراجنا من الزنزانة تم تقييد أيدينا مرة أخرى ونقلنا في شاحنة إلى مركز الاحتجاز، كنت أحاول رؤية طبيب في مركز الاحتجاز بسبب التهاب في ساقي وأحتاج إلى مضادات حيوية ولكن حتى الآن لم أتمكن من الحصول على موعد".
من هم المعنيون بالترحيل؟من خلال قائمة أعدتها منظمة حقوقية بريطانية، فإن أغلب المرشحين للترحيل هم من طالبي اللجوء الذين رفضت ملفاتهم، وهم من جنسيات محتلفة وينحدرون من بلدان عرفت بالنزاعات المسلحة، مثل أفغانستان وسوريا والعراق وغيرها من الدول التي عرفت موجة عنف خلال السنوات الماضية.
وبينما قالت الغارديان إنه تم اعتقال أكثر من 100 شخص حتى الآن (مرشحون للترحيل)، نشرت منظمة Care4Calais الخيرية بيانات حول جنسيات المحتجزين.
ونقلت المنظمة قصة طالب لجوء كان خدم مع القوات البريطانية في أفغانستان، وهو الآن معرض للترحيل إلى رواندا.
View this post on InstagramA post shared by Care4Calais (@care4calais)
وقالت المنظمة في إحدى منشوراتها على إنستغرام "خدم صديقنا أحمد مع القوات البريطانية في أفغانستان، ولكن عندما وصلت طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021، تُرك هناك لوحده".
تقدم أحمد بطلب للحصول على ما يعرف في بريطانيا بآلية "الطريق الآمن"، ولكن لم يتلق أي رد.
خوفًا على حياته، هرب أحمد من أفغنستان ووصل إلى بريطانيا بشكل غير شرعي لطلب اللجوء في المملكة المتحدة. "وهو الآن مهدد بالترحيل إلى رواندا" وفق المنظمة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إلى المملکة المتحدة فی المملکة المتحدة المحکمة العلیا طالبی اللجوء المتحدة إلى إلى رواندا طالب لجوء لجوء فی قانون ا
إقرأ أيضاً:
المجلس الدستوري السنغالي يرفض تعديل قانون العفو
في قرار مفصلي يُجسّد توازن القوى في المشهد السياسي السنغالي، أعلن المجلس الدستوري، إبطال التعديل الذي أُدخل مطلع الشهر الجاري على قانون العفو المثير للجدل، والذي تم اعتماده في مارس/آذار 2024 خلال الأيام الأخيرة من حكم الرئيس السابق ماكي سال.
قانون العفونصّ القانون الأصلي على إسقاط الملاحقات القضائية عن جميع الجرائم والجنح المرتكبة بين فبراير/شباط 2021 وفبراير/ شباط 2024، وهي الفترة التي شهدت احتجاجات عنيفة قادتها المعارضة، وأسفرت عما لا يقل عن 65 قتيلًا ومئات المعتقلين، بينهم وجوه بارزة مثل الرئيس الحالي باسيرو ديوماي فاي ورئيس الوزراء عثمان سونكو.
وسعت السلطة الجديدة، إلى تعديل القانون لتضييق نطاقه، بهدف استثناء الجرائم الجسيمة مثل القتل والتعذيب من العفو، مما أثار جدلًا واسعًا ودفع نواب المعارضة إلى الطعن في دستوريته.
وقد أكد المجلس الدستوري في قراره أن العفو عن الجرائم الخطيرة المرتبطة بالحريات العامة يتعارض مع الدستور، مشددًا على أن القتل والاغتيالات تُعد جرائم غير قابلة للتقادم بموجب القانون الدولي، وبالتالي لا يمكن تغطيتها بأي قانون عفو داخلي.
رغم تعارض مواقفهما، عبّرت كل من المعارضة والسلطة عن ارتياحها لقرار المجلس الدستوري، وإن كان كل طرف يجد في الحكم انتصارًا من زاويته الخاصة.
إعلانفالمعارضة رأت فيه صفعة سياسية للحكومة، معتبرة أن رفض التعديل يمثل تكريسًا لدور المؤسسات في التصدي لمحاولات تمرير قوانين على المقاس، ويؤكد مشروعية الطعن الذي تقدمت به.
في المقابل، فسّرت السلطة القرار على أنه تأكيد على مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وأنه يكرّس حق الضحايا في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالإنصاف، لا سيما فيما يتعلق بالجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
هكذا وجد الطرفان في قرار واحد أسبابًا مختلفة للشعور بالرضا، في مشهد يعكس تعقيد الساحة السياسية السنغالية وتوازناتها الدقيقة.