قال مسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا محمد علاء غانم إن البيت الأبيض ارتكب ما وصفها بالفضيحة بتدخله في اللحظة الأخيرة من أجل سحب مشروع مناهضة التطبيع مع نظام الأسد من حزمة تشريعية كان مجلس الشيوخ سيقرها ضمن حزمة من القوانين المستعجلة.

وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، كشف غانم عن أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هددت بإيقاف كل المفاوضات المتعلقة بمساعدات لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان وحظر تطبيق "تيك توك" وعقوبات على إيران إذا لم يتم سحب مشروع القانون ضد النظام السوري.

الأهمية.. نشرت أمس الثلاثاء صحيفة واشنطن بوست تحليلا يصف موقف الإدارة الأميركية الحالية من النظام السوري، وقالت إن "السياسة الرسمية لإدارة بايدن تتمثل في معارضة التطبيع مع الأسد، خاصة من خلال العقوبات حتى يتوقف عن المذبحة، لكنها وراء الكواليس تقوم بتخفيف هذا الضغط بهدوء وعن عمد، وفقا للمشرعين في كلا الحزبين والجماعات السورية الأميركية".

كما يأتي سحب هذا القانون في ظل الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار الأسد في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك قصف وسجن وتعذيب آلاف المدنيين، كما تقول الصحيفة.

الصورة الكبيرة.. في فبراير/شباط الماضي، اتخذ مجلس النواب الأميركي خطوة تصعيدية ضد النظام السوري بموافقته بأغلبية كبيرة على مشروع قانون "مناهضة التطبيع ضد نظام بشار الأسد"، في انتظار تمريره بمجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس الأميركي عليه.

لكن ما حدث في الأسابيع الماضية -وفقا لمسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا- أن البيت الأبيض مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور بن كاردين، وفي مفاوضات سرية، ضغطا من أجل سحب مشروع القانون ضد الأسد من الحزمة التشريعية المقدمة إلى المجلس للموافقة عليها.

في العمق.. الأسباب التي يقدمها علاء غانم لهذا الضغط الذي مارسه البيت الأبيض تتلخص في ما يلي:

إدارة بايدن تحاول تجميد الملف السوري -كما فعلت إدارة أوباما من قبل- ولا ترغب في أي انتقال سياسي في سوريا حاليا. الإدارة الأميركية تريد تخفيف الضغط الدولي عن النظام السوري، في محاولة لإعادته إلى المنظومة الدولية. هناك معارضة قديمة من قبل الحكومة الإسرائيلية لأي محاولة لاستبدال نظام الأسد، لأنها تفضل التعامل مع هذا النظام، ومن الصعب عليها تخمين ما يمكن أن يفعله أي نظام مستقبلي في سوريا. هناك دول عربية وغير عربية سعت لتطبيع علاقاتها مع النظام السوري، واستثمرت زلزال العام الماضي من أجل تنشيط هذه المحاولات، وهذه الدول قامت بجهود لدى الإدارة الأميركية من أجل عرقلة هذا القانون.

التطبيع.. يشير غانم أيضا إلى عدة نقاط بشأن إعادة تأهيل نظام الأسد دوليا:

الدول المطبعة -سواء كانت عربية أو غير عربية- تطرح نفسها على أنها وسيط بين إدارة بايدن والنظام السوري، وتسوّق لذلك بوصف التطبيع الوسيلة الأفضل لحل الأزمة السورية. هذه الدول نقلت مؤخرا رسائل للنظام السوري بألا يحرك ساكنا في ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، كما قالت الصحف الغربية، ومقابل ذلك سيكافأ على ذلك. وربما تكون عرقلة مشروع قانون مناهضة التطبيع جزءا من هذه المكافأة.

الجهة المقابلة.. عندما سألت الجزيرة نت مسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا عن رد فعل النظام السوري بعد خطوة الإدارة الأميركية؛ أجاب بأنه:

قد يرى النظام السوري أن سحب إدارة بايدن مشروع القانون يعد ضوءا أخضر لبشار الأسد ليفعل ما يشاء. لكن "هذا التصور سيكون خطأ لأننا في التحالف الأميركي من أجل سوريا استطعنا تمرير قانون الكبتاغون 2 ضمن الحزمة التشريعية الأخيرة، والذي سيحارب تجارة المخدرات التي يمارسها النظام". مشروع قانون مناهضة التطبيع نفسه أقره مجلس النواب الأميركي في فبراير/شباط الماضي بأغلبية كبيرة من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وهذا يعني أن هناك إجماعا لدى السياسيين والمشرعين الأميركيين على معاقبة نظام الأسد، ولن تستمر إرادة الرئيس الأميركي الفردية أمام هذا الإجماع. الولايات المتحدة على أعتاب انتخابات رئاسية، وعقب وصول ساكن البيت الأبيض الجديد سيتم التعجيل بمشروع هذا القانون حتى يعطي الإدارة الجديدة الصلاحيات التي تحتاجها. فرصة تعجيل تمرير مشروع القانون وتسريعه لم تعد موجودة حاليا لأن البيت الأبيض تدخّل، لكن هذا لا يعني أن مشروع القانون مات؛ فهو ما زال مطروحا بشكل رسمي أمام مجلس الشيوخ الذي بإمكانه أن ينظر فيه ويصوت عليه في دوراته الاعتيادية.

آثار جانبية.. انعكاس الخطوة الأميركية على الشارع السوري يلخصها علاء غانم بقوله:

السوريون للأسف اعتادوا على تخلي المجتمع الدولي عنهم، وتخلي القريب قبل الغريب رغم الحجم الهائل للجرائم التي ارتكبت في سوريا. الخطوة الأميركية لن تكون مفاجئة للسوريين بعد كل ما مروا به منذ 13 عاما، لكنها ستضاف إلى خطوات سابقة محبطة. ما أخرجته صحيفة واشنطن بوست للنور سيكون دليلا جديدا في ملف الأدلة الكثيرة على حقيقة حماية النظام الدولي لنظام الأسد، وعدم السعي جديا لمعالجة ملف الجرائم المرتكبة في سوريا.

وفي ختام تصريحاته للجزيرة نت، قال غانم "إن ما جرى خلال الأسابيع الماضية لا يعني بحالة من الأحوال انتهاء المعركة، فالمعركة مستمرة وهذه جولة من جولاتها، وعلى السوريين ألا ييأسوا لأنه لا يموت حق وراءه مطالب".

يذكر أنه في مقابلة سابقة مع الجزيرة نت قال مسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا إن مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد يعد من أقوى التشريعات التي تتعلق بالنظام السوري منذ صدور قانون قيصر عام 2019.

وأرجع هذه الأهمية إلى أن تداعيات مشروع القانون لا تتعلق بالنظام السوري وحده، بل تتعدى إلى كل الدول والمنظمات التي تتعامل مع نظام الأسد، كما يمنع أي حكومة أميركية من الاعتراف بأي حكومة سورية يقودها بشار الأسد.

والتحالف الأميركي من أجل سوريا منظمة غير حكومية وغير ربحية تتكون من تحالف نشأ بين منظمات أميركية وسورية تدعم السياسات الأميركية بشأن سوريا، كما تدعم الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان والعدالة، وفق ما تعرف نفسها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الإدارة الأمیرکیة مناهضة التطبیع النظام السوری مشروع القانون البیت الأبیض إدارة بایدن مشروع قانون مجلس الشیوخ نظام الأسد فی سوریا

إقرأ أيضاً:

مدينة جرمانا السورية.. جارة الفيحاء

جرمانا مدينة سورية تقع جنوب شرق العاصمة دمشق، وتبلغ مساحتها 5950 دونما. معظم سكان المنطقة من الدروز والمسيحيين، وقد ارتفع عدد قاطنيها من 5 آلاف في منتصف القرن العشرين إلى 1.5 مليون بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.

تعرضت المدينة للقصف مرارا من قبل قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد أثناء الاشتباكات مع المعارضة المسلحة.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد في نهاية 2024 اندلعت مواجهات بين قوات الأمن التابعة للإدارة السورية الجديدة وفصائل مسلحة تابعة للطائفة الدرزية، وتزامن ذلك مع إعلان إسرائيل استعدادها لحماية الدروز بالمنطقة.

الموقع والجغرافيا

جرمانا إحدى مدن غوطة دمشق، وتتبع مركز محافظة ريف دمشق، وتقع في الجنوب الشرقي من عاصمة البلاد بنحو 4 كيلومترات. تبلغ مساحتها نحو 5950 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع).

تشتهر المدينة بأشجارها المثمرة وتربتها الخصبة، وترتوي من "نهر العقرباني"، أحد فروع نهر بردى، إضافة إلى الآبار الارتوازية الموجودة فيها، وتشتهر بزراعة الجوز والمشمش.

ومن أحياء المدينة، حي النهضة وكرم صمادي والجمعيات والروضة والجنانين والأخضر والحمصي والوحدة.

مخيم جرمانا يأوي فلسطينيين من لاجئي نكبة 1948 (رويترز) سبب التسمية

يعود أصل تسمية المدينة إلى عبارة في اللغة الآرامية تعني الرجال الأقوياء. وقد ورد ذكرها في معجم البلدان لياقوت الحموي، كما ذكرت أيضا في كتب المؤرخين والرحالة مثل ابن بطوطة والظاهري وغيرهم.

السكان

في منتصف القرن الـ20، قُدر عدد سكان مدينة جرمانا بنحو 5 آلاف نسمة، وتضاعف العدد مع مرور الزمن بسبب هجرة قاطني المحافظات الأخرى إليها، فبلغ حتى عام 2004 نحو 400 ألف نسمة، ثم تضاعف وأصبح 1.5 مليون نسمة بسبب الحرب التي شهدتها البلاد بعد عام 2011.

إعلان

وتقطن المدينة غالبية من الدروز والمسيحيين، ونازحون من محافظات سورية أخرى، إضافة إلى لاجئين من لبنان وفلسطين والعراق.

سكان جرمانا خرجوا للاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية) التاريخ

يعود تاريخ مدينة جرمانا إلى الحقبة ذاتها التي تعود إليها العاصمة دمشق، والتي وصفت في الكتب التاريخية بأنها "جنة الله في الأرض". وانتشرت اللغة الآرامية في بادئ الأمر بالمنطقة، قبل أن تحل محلها اللغة العربية.

انتشر الإسلام في دمشق وضواحيها منذ القرن الأول الهجري، غير أنه بعد وقوع مدينة جرمانا تحت الانتداب الفرنسي، الذي بدأ عام 1920، تعرض المسجد الواقع وسطها للقصف، مما أدى إلى انهياره كليا.

وفي عهد الفاطميين، اعتنق معظم سكان جرمانا "مذهب التوحيد"، وفقا لكتاب "جرمانا جارة الفيحاء"، الذي أعده مجموعة من المؤلفين من أبناء المنطقة.

عمل سكان المدينة قديما في الزراعة والحرف اليدوية البسيطة، وكانوا يقطنون بيوتا تشبه الطراز الدمشقي، مبنية من الطين والخشب، وكانت البساتين تتوزع حولها.

وقد كانت المدينة مقصدا للسوريين من مدن عدة بسبب تطور العمران فيها أكثر من باقي البلدات الريفية الأخرى القريبة من دمشق، وكذلك كثرة الأراضي الزراعية والأشجار.

وبعد اندلاع الثورة السورية ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد عام 2011، نزح إلى جرمانا مئات الآلاف من الأشخاص من مختلف مناطق البلاد.

وقد تعرضت المدينة للقصف مرات عدة من قبل طيران ومدفعية النظام أثناء الاشتباكات مع المعارضة السورية، ما أدى إلى مقتل العشرات وإلحاق أضرار جسيمة بالمنطقة.

بعد إطلاق فصائل المعارضة السورية المسلحة عملية "ردع العدوان" شمالي غرب البلاد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كان أهالي جرمانا من بين الأوائل الذين أسقطوا تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد.

إعلان

شهدت المدينة، بعد سقوط نظام الأسد، توترات في فبراير/شباط 2025، بين قوات الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية السورية ومقاتلي "درع الكرامة" الذين يتبعون الطائفة الدرزية، بسبب رفضهم تسليم أسلحتهم إلى الحكومة.

وأمهلت السلطات الأمنية السورية المسلحين في جرمانا 5 أيام لتسليم السلاح ورفع الحواجز، وأرسلت تعزيزات أمنية وعسكرية إلى المنطقة.

وبحسب مصدر فإن مفاوضات جرت بين وجهاء المدينة وإدارة الأمن العام بشأن تسليم السلاح الموجود في جرمانا وإنشاء نقاط أمنية داخلها.

وقد أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس تعليمات للجيش "بحماية" سكان جرمانا.

وقال مكتب نتنياهو إنه لن يسمح لما وصفه بـ" النظام الإسلامي المتطرف في سوريا" بالمساس بالدروز، وهدد بالتدخل

من جهته، قال ربيع منذر، عضو مجموعة العمل الأهلي بمدينة جرمانا، للجزيرة "نحن عرب سوريون ومتمسكون بأرضنا ولم نطلب حماية من أحد"، مضيفا أن الإدارة السورية "سترد على نتنياهو ولن نسمح باستخدامنا".

وأضاف منذر "نحن شركاء في الوطن، وسقوط النظام كان بجهود كل السوريين، ونحتاج إلى إجراء حوار مباشر وفعال مع السلطات الجديدة"، مؤكدا أن "حل المشكلة الأمنية في المدينة بمتناول اليد".

مخيم جرمانا

يقع المخيم جنوب مدينة جرمانا، وتبلغ مساحته 30 ألف متر مربع. أنشئ عام 1948، وسكنه فلسطينيون لجأوا إليه جراء نكبة 48، وسوريون نزحوا إليه بعد احتلال إسرائيل مرتفعات الجولان في حرب يونيو/حزيران 1967.

تشرف على مخيم جرمانا الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سوريا، التي أنشئت عام 1949 وتتبع وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية، وتتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لتنسيق أنشطتها.

وقد سكن المخيم قبل اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 أكثر من 18 ألف لاجئ، قبل أن يرتفع العدد نتيجة حدة التوترات إلى 40 ألفا. وبعد موجات الهجرة المتلاحقة من المخيم، قدرت "الأونروا" عام 2021 عدد السكان بنحو 13 ألف لاجئ.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مدينة جرمانا السورية.. جارة الفيحاء
  • الرئيس السوري يكلف لجنة بمهمة صياغة مسودة إعلان دستوري  
  • إسرائيل تحذر النظام السوري من إلحاق الضرر بالدروز
  • في بيان نادر.. إسرائيل تحذر النظام السوري من إيذاء الدروز
  • شاهد | كيف يواجه النظام السوري الجديد كيان الاحتلال؟
  • عاجل. نتنياهو يتوعد بضرب النظام السوري إذا تعرض لدروز جرمانة جنوب دمشق ويتعهد بحماية هذه الأقلية في سوريا
  • سوريا تستقبل شهر رمضان دون نظام المخلوع بشار الأسد
  • قراءة في مؤتمر الحوار الوطني السوري
  • وصول أول ناقلة ديزل منذ سقوط النظام إلى ميناء بانياس السوري
  • مسيحيو سوريا.. حق فرنسا الذي تريد به باطل