على الرغم من كلّ الاهتمام الذي سُلّط على الشكل، ومعه الحشد، يصعب القول إنّ "اللقاء التضامني الوطني" الذي عُقد في معراب بدعوة من حزب "القوات اللبنانية"، تحت عنوان "1701 دفاعاً عن لبنان"، أو ما اصطُلح على وصفه باسم "لقاء معراب"، حقّق في الشكل، قبل المضمون، الغايات المرجوّة منه، بعدما أظهر مرّة أخرى انقسام المعارضة على نفسها، ولا سيما في ظلّ "المقاطعة" التي أعلنتها بعض الأطراف الأساسية فيه.


 
لم تكن هذه "المقاطعة" مضمرة، بل مُعلَنة جهارًا، فقد أصدر عدد من النواب السابقين بيانًا اعترضوا فيه على حصر اللقاء بموضوع القرار 1701، مشيرين إلى أنّ الضغط لتنفيذ هذا القرار "لن يغيّر شيئًا في المعادلة القائمة"، مذكّرين في الوقت نفسه بأنّهم يسعون منذ زمن لعقد هكذا لقاء، ولكن بعنوان "التوافق على ورقة وطنية جامعة بشأن القضايا والمسائل التي تهمّ اللبنانيين"، وفق وصفهم.
 
أكثر من ذلك، كان لافتًا أنّ بعض من شاركوا في اللقاء، فعلوا ذلك من باب "رفع العتب" ربما، عبر خفض حجم المشاركة، كما فعل حزب "الكتائب" مثلاً الذي لم يتمثّل لا برئيسه، ولا بأحد نوابه، ما يطرح أكثر من سؤال، فهل فشل "لقاء معراب" في تحقيق الأهداف التي كان ينشدها، وهو الذي كان يطمح للتأسيس لمرحلة سياسية جديدة؟ وهل من رسالة أراد المقاطعون توجيهها لرئيس حزب "القوات" سمير جعجع بموقفهم هذا؟
 
المعارضة "ممتعضة"
 
صحيح أنّ عنوان "لقاء معراب" كان يفترض أن يكون جامِعًا لقوى المعارضة، التي تتقاطع بمختلف مكوّناتها بصورة أو بأخرى على المطالبة بتطبيق القرار الدولي 1701، ونشر الجيش اللبناني على الحدود، بل تتّفق على الثوابت التي نادى بها البيان الختامي للقاء من رفض السلاح خارج مؤسسات الدولة الأمنية، والدعوة إلى سحبه، والتأكيد على دور الجيش في حماية الحدود والسيادة، فضلاً عن العمل على ضبط المعابر غير الشرعية وإقفالها.
 
لكن الصحيح أيضًا أنّ بعض قوى المعارضة كانت "ممتعضة" من طريقة تنظيم هذا المؤتمر من دون أيّ تنسيق معها أو تحضير مسبق، بل إنّ هناك من رأى فيه "تشويشًا" أو ربما "محاولة قوطبة" على المساعي التي كانت قائمة منذ أشهر طويلة، للتأسيس لما وُصِفت بـ"جبهة المعارضة" التي كان يفترض أن ترفع سقف المعارضة في وجه "حزب الله"، والتي كان حزب "الكتائب" تحديدًا يلعب دورًا أساسيًا في سياقها.
 
ولعلّ المشكلة الأساسية في مقاربة لقاء المعارضة في معراب تكمن في التسمية التي أريد إعطاؤها له، وهي "لقاء معراب"، ما يعطي "الصدارة" مرّة أخرى لحزب "القوات" ورئيسه سمير جعجع، وكأنّ الأخير يسعى لإظهار نفسه على أنه "قائد المعارضة"، وهو ما يبدو أنّ الآخرين لا يحبّذونه، مستندين بتجربة "لقاء البريستول" النموذجي برأيهم، وقد أقيم على "نقطة محايدة" إن جاز التعبير، من دون أن يُسجَّل باسم طرف دون آخر.
 
"مرحلة سياسية جديدة"
 
استنادًا إلى ما تقدّم، يقول العارفون إنّ "لقاء معراب" خسر في الشكل أولاً، ولم ينجح في التحشيد، إن جاز التعبير، كما فشل في إظهار "وحدة الصف" في مواجهة "حزب الله" وحلفائه، بل على العكس من ذلك، كرّس مرّة أخرى "انقسام" المعارضة، وهي التي لم تستطع منذ أشهر إنجاز "الجبهة" التي طال الحديث عنها، وهو ما يترك انطباعات سلبية حول "ضعف" هذه المعارضة، وعدم إمكانية الرهان عليها في أيّ استحقاق من الاستحقاقات.
 
لكنّ هذا الرأي لا يجد صداه عند "أم الصبي" إن جاز التعبير، حيث تؤكد أوساط "القوات اللبنانية" أنّ اللقاء نجح، وأنّ كل محاولات "التشويش" عليه من خلال التركيز على الشكل، ومن خلال بعض التفاصيل "الهامشية"، التي "لا تفسد في الودّ قضية"، ليست سوى دليل على أنّ اللقاء حقّق أهدافه، ونجح بالحدّ الأدنى في "إزعاج" معسكر "حزب الله"، وهو ما يفسّر حملات "التحريض" عليه، وهي حملات بدأت منذ ما قبل انعقاده، وفقًأ لهذه الأوساط.
 
وإذا كان هناك من وضع "لقاء معراب" في خانة محاولة "القوات" استقطاب الدعم الخارجي، باعتبار أنّ المعارضة "شبه متروكة" منذ أشهر لتواجه "حزب الله" منفردة، ومن دون أيّ سَنَد، فإنّ أوساط "القوات" تشدّد على أنّ أهمية اللقاء تكمن في "السقف المرتفع" الذي اعتمده، سواء في كلمة جعجع الافتتاحية، أو في البيان الختامي الذي صدر عنه، والذي يمكن القول إنّه يؤسّس لـ"مرحلة سياسية جديدة"، سيكون المقاطعون جزءًا منها بطبيعة الحال.
 
يرى البعض أنّ "لقاء معراب" سيؤسّس لمرحلة جديدة على المستوى السياسي، تريد "القوات اللبنانية" أن تقودها، وتستعيد من خلالها تجربة المعارضة ما بعد العام 2005، التي لا يخفى على أحد أنها نجحت في تحقيق العديد من "الإنجازات"، قبل "إخفاقات" الأعوام الأخيرة. لكن ثمّة من يرى أن الرهان على هذا اللقاء في غير محلّه، بدليل عجزه عن إظهار "وحدة الصف" داخل المعارضة، وهنا تكمن "العقدة الأولى"، وربما "الأخيرة"! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لقاء معراب التی کان حزب الله

إقرأ أيضاً:

"حماس": تعطيل لقاء الفصائل في الصين هو استمرار لنهج التفرد في الساحة الفلسطينية

قالت حركة "حماس" في بيان رسمي اليوم الاثنين إن تعطيل لقاء الفصائل الفلسطينية في الصين هو استمرار لنهج التفرد في الساحة الفلسطينية.

إقرأ المزيد "فتح" تحمّل "حماس" مسؤولية "إفشال" جميع الحوارات السابقة

وذكرت الحركة في بيانها: "‏استمرارا على منهجنا الدائم والثابت، قمنا في حركة حماس بالاستجابة لدعوة الأصدقاء في جمهورية الصين الشعبية والمتعلقة بتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتعاملنا معها بإيجابية عالية ومسؤولية كبيرة".

وأضاف البيان: "هذه الدعوة التي كانت خطواتها واضحة منذ البداية، حيث يكون اللقاء الأول ثنائيا بين حركتي حماس وفتح، وهذا ما تم في شهر أبريل الماضي، على أن يتبعه لقاء موسع يضم الفصائل الفلسطينية والذي كان من المفترض أن يكون في هذا اليوم".

وأردف: "استمر الأصدقاء الصينيون بالمتابعة خلال الفترة الماضية، وعقدوا اجتماعات مع كل الفصائل للتحضير والترتيب لضمان نجاح اللقاء الموسع اليوم، ومع بداية التجهيزات لسفر الوفود قام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالاتصال بالجانب الصيني وإبلاغهم برفض المشاركة في اللقاء الموسع دون تقديم أي مبررات منطقية، ودون أي حوارات وطنية".

إقرأ المزيد سفير فلسطين لدى موسكو: سيتم عقد اجتماع بين "حماس" و"فتح" في موسكو

وتابع: "‏إننا في حركة حماس نأسف لهذا الموقف الذي يعطل التوصل إلى توافق وطني في مرحلة حساسة وحرجة يعيشها شعبنا وفي ظل معركة طوفان الأقصى حيث يقدم شعبنا صورة مثالية في الصمود والثبات، إلى جانب أداء المقاومة المميز في مواجهة الاحتلال في قطاع غزة على وجه الخصوص".

وأكد البيان أن حركة "حماس" تصر على أهمية عقد اللقاء الوطني الموسع، ‏مشددة على حق الجميع بالمشاركة في بحث آليات ترتيب البيت الفلسطيني.

وخلص البيان: "نرى أن تعطيل اللقاء الموسع في بكين غير مبرر، وغير مقبول، ولا يخدم المصلحة العليا لشعبنا الفلسطيني".

وسبق أن حملت حركة "فتح" حركة "حماس" مسؤولية "إفشال جميع الحوارات السابقة بينهما وآخرها عندما رفضت "حماس" الحضور إلى لقاء القاهرة الذي كان متفقا عليه.

وقالت "فتح" في بيانها: "عبرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" عن تقديرها الكبير للجهود الصينية التي استضافت الحوار الوطني بين حركتي فتح وحماس في جمهورية الصين الشعبية".

المصدر: RT 

مقالات مشابهة

  • دفاع النواب: 30 يونيو منعطف تاريخي أظهر معدن الشعب المصري
  • هيئة الأزياء تنظم اليوم لقاءً عن ريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة
  • بيانٌ حاد من القوات بعد لقاء بكركي.. ماذا فيه؟
  • مواضيع وطنية ووجدانية ضمن لقاء شعري في ثقافي حمص
  • انقسام أيديولوجي: اتجاهات التحول المحتمل في انتخابات أمريكا اللاتينية 2024
  • رئيس وزراء الصين يحذر من انقسام العالم اقتصادياً
  • بن حبتور يشيد بدور القوات المسلحة ويبارك الانجاز الامني
  • العرفي يكشف عن الأسباب التي تدفع لتأجيل لقاء القاهرة
  • فيدان: لقاء رئيسي الاستخبارات الروسية والأمريكية في تركيا كان تاريخيا
  • "حماس": تعطيل لقاء الفصائل في الصين هو استمرار لنهج التفرد في الساحة الفلسطينية