الكتابة في زمن الحرب (22) في المسألة التعليمية
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
سنظل نحفر في الجدار
إما فتحنا ثقرةً للنور
أو متنا على وجه النهار
لا يأس تدركه معاولنا
ولا ملل انكسار
(الشاعر اليمني عبد العزيز المقالح)
لنبدأ هذه المرة بتقديم المشكلة وتأثير الحرب على التعليم في السودان.
كما تعلمون انه ومع بداية الحرب في السودان، تضررت المؤسسات التعليمية بشكل كبير، حيث تم تدمير البنية التحتية للتعليم وتأثرت العملية التعليمية بشكل كبير.
بعد فترة الحرب، بات من الضروري التفكير في إعادة بناء نظام التعليم في السودان بطريقة مستدامة وفعالة. يتعين علينا تطوير رؤية مستقبلية واضحة للنظام التعليمي، تركز على بناء جيل جديد متحمس ومستعد لمواجهة التحديات والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للسودان واهله.
بعد تحديد المشكلة وأثر الحرب على التعليم في السودان، يمكننا التفكير في رؤية بناءة لإعادة بناء النظام التعليمي المنهار . يجب أن تكون هذه الرؤية مبنية على أسس قوية ومدروسة لضمان تحقيق أهدافها بنجاح.
يمكننا البدء بتطوير خطة عمل مستدامة تهدف إلى إعادة بناء وتطوير المؤسسات التعليمية في السودان. يجب أن تركز هذه الخطة على تحسين البنية التحتية للتعليم، وتحديث المناهج الدراسية لتكون أكثر توافقًا مع احتياجات الطلاب ومتطلبات العصر الحديث. كما يجب أن تتضمن الخطة توفير التدريب المستمر للمعلمين لضمان تطوير مهاراتهم وتحسين جودة التعليم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكننا استغلال الابتكارات التكنولوجية في عملية التعليم، من خلال توفير الوسائل التقنية الحديثة وتطوير منصات التعلم الإلكتروني. هذا سيساعد في توسيع نطاق التعليم وتحسين جودته، وسيمكن الطلاب من الوصول إلى المواد التعليمية بشكل أكثر فعالية.
ومن المهم أيضًا الدعوة لتشجيع المشاركة المجتمعية في عملية إعادة بناء التعليم، من خلال توفير الدعم اللازم للأسر والمجتمعات المحلية للمساهمة في تطوير وتحسين المدارس والمراكز التعليمية.
هذه الخطوات هي بعض الجوانب التي يمكن أن تشكل جزءًا من رؤية إعادة بناء النظام التعليمي في السودان، والتي يجب أن تكون موجهة نحو بناء جيل جديد قادر على تحقيق التغيير والتطور في المجتمع.
ولمن سألنا كيف تحقيق هذا الهدف بالطبع، نقول دعونا نحاول ان نبدأ بالسؤال “كيف”.
“كيف” يمكن أن يكون مركز هذه المقالة حول تفاصيل الخطوات التي يمكن اتخاذها لإعادة بناء نظام التعليم في السودان بعد فترة الحرب. يمكن تقسيم هذه الخطوات إلى مراحل مختلفة تتضمن تقييم الوضع الحالي، وتطوير رؤية إعادة البناء، وتحديد التحديات والعقبات، واقتراح الإصلاحات المقترحة، ودور الجيل الجديد في هذه العملية.
باستخدام تلك الأسئلة التوجيهية، يمكننا تقسيم الموضوع بشكل أفضل ووضع خطة للمقالة تعكس الجوانب المهمة لهذا النقاش
حتى من سنحت ظروفهم باللجؤ لدول الجوار وغيرها ووجهوا بعقبات كبيرة ومثال لذلك في مصر فقد فرضت عليهم سفارة السودان بالقاهرة مبالغ طائلة كرسوم امتحانات وهم لا يملكون حتى ماوى ولا لقمة العيش الكريمة ،نعم ياسادتي ان الأشخاص الذين يضطرون للجوء إلى دول الجوار بسبب تلك الظروف الصعبة في بلدانهم هم بلا شك يواجهون تحديات هائلة ، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالتعليم. من غير العادي أن يتعرض الأشخاص اللاجئين لرسوم باهظة وعقبات مالية أخرى تجعل من الصعب عليهم الوصول إلى التعليم والحصول على الفرص الضرورية لتطوير مهاراتهم وتحسين مستقبلهم.
مثل هذه الحالات تتطلب التعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المحلي لتقديم الدعم والمساعدة للأشخاص الذين يحتاجون إليها، بما في ذلك تقديم الدعم المالي وتوفير الفرص التعليمية بشكل مجاني أو بتكلفة منخفضة. يجب أن يكون هناك تركيز خاص على دعم التعليم للأشخاص اللاجئين وتخفيف العبء المالي الذي يمكن أن يكون عائقاً كبيراً أمامهم في مواصلة تعليمهم وبناء مستقبلهم.
نطالب السلطات السودانية مراعاة ظروف الأوضاع التي تعيشها هذه الأسر وندعو ان يعفوا من هذه الرسوم الجائرة، من الضروري أن تأخذ السلطات السودانية في الاعتبار الظروف الصعبة التي يواجهها الأشخاص الذين تم تشريدهم والذين يحتاجون إلى الدعم والمساعدة. يجب على الحكومة التعاون مع المنظمات الدولية والمجتمع المدني لتوفير الدعم المالي والموارد اللازمة للأشخاص اللاجئين والمهاجرين من أجل توفير فرص التعليم لهم دون تحميلهم بالرسوم الجائرة.
يجب أن يكون الهدف الأسمى هو توفير فرص التعليم المجاني للجميع، بما في ذلك الأشخاص اللاجئين والمهاجرين، من أجل تمكينهم من بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولمجتمعهم. يجب على السلطات السودانية النظر في هذا الأمر بجدية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتخفيف العبء المالي عن كواهل الأشخاص الذين يعانون من ظروف صعبة.
وختاماً ليس ختام مقالك يحمل الكثير من المعاني والمطالب الهامة حول تحديات التعليم في السودان وتأثير الحروب على الأفراد والمجتمع. من خلال توجيه نداء للسلطات السودانية للنظر في ظروف الأشخاص اللاجئين والمهاجرين وتخفيف العبء المالي عنهم، تظهر الرغبة في إيجاد حلول عادلة وإنسانية لهذه القضية الملحة.
لقد حاولنا التعبير عن المشكلة بكل شفافية ووضوح تام، وتم تقديم حلول محتملة ومنطقية للتعامل معها. تمثل الدعوة لمراعاة ظروف الأسر المتضررة والتخفيف من الرسوم الجائرة خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الفرص التعليمية للجميع.
لقد حاولنا ان نقدم قوم عملاً شرحنا فيه وجهة نظرنا والدعوة للتغيير، وأتمنى أن يصل صوتنا إلى السلطات المعنية وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق التغيير المطلوب.
مع كامل احترامي وتقديري
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التعلیم فی السودان التعلیمیة بشکل إعادة بناء أن یکون یجب أن
إقرأ أيضاً:
السودان الجديد وصورة دوران قري (1-2)
ملخص
(لم تكن دولة جنوب السودان التي تحكمها حركة سياسية، وُلد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس (آذار) الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي". وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم).
قدمت المنظمات السودانية التي اجتمعت في نيروبي في منتصف فبراير الماضي لإنشاء حكومة بديلة لـ"حكومة بورتسودان"، نفسها على أنها التجسيد التاريخي للسودان الجديد الذي هو رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان، العقيد جون قرنق، لدى قيامها عام 1983. وما لبثوا إلا قليلاً حتى أخرجت دولة جنوب السودان، مصنع فكرة هذا السودان الأول، أثقالها وقال العالم مالها. وظلل خطاب السودان الجديد اجتماع نيروبي في مثل قولهم "وجوب مخاطبة جذور أزمة السودان" و"التزام التنوع التاريخي والمعاصر" الراجعة للعقيد جون قرنق (توفي في 30 يوليو عام 2005) قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان. وصدح الحضور بشعار مبتكر وهو "سودان قديم يتحطم وسودان جديد يتقدم".
ولم تكُن دولة جنوب السودان، التي تحكمها حركة سياسية وُلِد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي"، وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم لأنه لا سلفا كير ولا مشار، ممن بينهما ما صنع الحداد، من سيأتي بالأمر إلى بر آمن. ووجهت الأمم المتحدة موظفيها بمغادرة البلد إلا من القائمين بأحوال الحرج والطوارئ لأن "تدهوراً منذراً قد يمسح بالأرض سنوات من التقدم المحرز بعسر شديد في جنوب السودان". وكان الجيش الأبيض، المنسوب لشعب النوير، الجماعة الأغزر عدداً ومنهم مشار بعد شعب الدينكا الذين منهم سلفا كير، استولى على حامية الناصر في ولاية أعالي النيل. فحاصرت الحكومة بيت مشار في جوبا وآخرين من جماعته بمن فيهم نائب رئيس هيئة أركان الجيش جبرائيل ديوب. وخشي الناس أن تؤدي تلك المواجهات إلى دورة جديدة من الحرب الأهلية التي بدأت عام 2013 لأربع سنوات وحصدت 400 ألف ضحية.
واندلعت تلك الحرب على خطوط إثنية، دينكا ونوير، بعد اتهام سلفا كير لمشار بالتدبير للانقلاب عليه وأخذ مقاليد الحكم. وهرب مشار من جوبا وكاد أنصاره أن يستولوا على جوبا لولا تدخل قوات أوغندية خاصة كما فعلت منذ أيام دعماً لسلفا كير بحسب تصريح قيادة الجيش الأوغندي. وكانت قوى إقليمية وغربية حملت الزعيمين للصلح باتفاق سياسي عام 2018 تضمن عقد انتخابات عامة ظلت تؤجل وآخر موعد مضروب لها هو عام 2026. ولم يتقدم الطرفان في تنفيذ الاتفاق وخرق كل منهما وقف إطلاق النار مرات، وكانت أكبر عقبات تنفيذ الاتفاق دمج جيشي الرئيس ونائبه. وهذا سودان جديد يتحطم.
دوريان قري
بدا من فرح اجتماع نيروبي بـ"السودان الجديد"، وهو على ما رأينا منه مطبقاً (أو منسياً) في جنوب السودان كمثل علاقة دوريان قري وصورته في الرواية المشهورة للكاتب الإنجليزي أوسكار وايلد. فاختار دوريان قري لصورته أن تأخذ عنه وطء اطراد العمر ووخطه بالتجاعيد وخطاياه في حين يبقى هو شاباً نضراً عظيم الحلاوة. وبالمثل اختار الهامش ومناصروه أن يبقوا على وسامتهم السودانية الجديدة كما في مؤتمر نيروبي بينما تشيخ صورة السودان الجديد في جنوب السودان وتذبل.
فليس من بين من تصارخوا للسودان الجديد في نيروبي من لم يكن ضحية له بصورة أو أخرى. وأشهر ضحاياه هو عبدالعزيز الحلو قائد "الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال" التي كانت جزءاً عضوياً في الحركة الشعبية الجنوبية قبل انفصال جنوب السودان عام 2011. فلم يمنح اتفاق السلام الشامل الذي عقد بين حكومة السودان والحركة الشعبية (2005) مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق، مناطق نفوذ الحلو، ما انعقد لجنوب السودان وهو ألا يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وحق تقرير المصير. وكانت حجة الحكومة أن المنطقتين واقعتان في حدود شمال السودان منذ استقلاله عام 1956 ويجري عليهما ما يجري عليه. ولما جعلت الحكومة استفتاء المنطقتين عن مصائرهما خطاً أحمر تكون به المفاوضات أو لا تكون، تنازل قرنق متحرجاً. ووجدت الدبلوماسية النرويجية التي شاركت في مفاوضات السلام السودانية ودونت مجرياتها في كتابها "شن السلام في السودان" هيلدا جونسون أن قرنق كان في حال حرج لخذلانه رفاق السلاح. فاقترحت عليه منح المنطقتين ما عرف لاحقاً بـ"المشورة الشعبية" التي قالت إنها مستمدة من تجربة تيمور الشرقية مع إندونيسيا. وبمقتضاها لا يسقط عن المنطقتين حق الانفصال فحسب، بل تطبق الشريعة الإسلامية فيهما كذلك. وتعويضاً لهما عن الفقد ستكون لمجالس المنطقتين النيابية الشورى في مدى التزام الحكومة ما اتفقت عليه حيالهما في اتفاق السلام الشامل. ومن حق تلك المجالس أن تقرر، على ضوء جردها لما تحقق من ذلك الالتزام، إن كانت سعيدة بسجل الحكومة في الخصوص أو أن تعطل اتفاق السلام معها، وتطلب الاستفتاء المؤدي إلى الانفصال. وتركوا كل ذلك لزمانه ومكانه تحت الحكومة الانتقالية التي سيكون للحركة الشعبية فيها حظ كبير. وفسدت خطة "المشورة الشعبية" واندلعت الحرب بين الحركة الشعبية والحكومة مجدداً. وهذا قبح في السودان الجديد تنكر فيه لمقاتلي النوبة الذين لم يدخروا وسعاً في حرب الحكومة كتفاً لكتف مع الجنوبيين.
حق تقرير المصير وسياسة الإقصاء
ولم يحسن السودان الجديد، لا ل"حزب الأمة"، ولا "الاتحادي الديمقراطي" ولا "مؤتمر البجا" التي وقّع عنها في "تأسيس" (في مؤتمر نيروبي) من طعن آخرون في شرعية تمثيلهم لهذه الجماعات التي كانت اجتمعت عام 1991 مع "الحركة الشعبية" في التجمع الوطني الديمقراطي المعارض لـ"دولة الإنقاذ". وبلغ من حلفها معه أن تبنى "التجمع" حق تقرير المصير بصور مختلفة للجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق. ولكن ما جاء وقت التفاوض بين الحركة والحكومة عام 2002، الذي انتهى إلى اتفاق السلام الشامل عام 2005، حتى اقتصر التفاوض عليهما من دون التجمع حتى يتفقا على شيء في مسألتهما ثم يعقد مؤتمر دستوري ينظر في مسألة حلفاء الحركة. ولم يتفق ذلك التدبير للتجمع وساءه استبعاده من مفاوضات هو في صميمها. وسمى الكاتب والوزير منصور خالد تململ "التجمع" لإقصائه من المفاوضات "غيرة سياسية". فالقضية في مفاوضات الحكومة والحركة هي الحرب والسلام، والتجمع ليس جزءاً منها (الاتحاد الظبيانية 7 أغسطس 2002).
ونواصل
ibrahima@missouri.edu