كنت سأختار الجلوس معه.. حتى مع فقداني لرفاهيه الوقت في تلك الليله.. وقد كنت على عجله من أمري.. لكني وجدت فيه من رسوخ الرأي.. ورجاحة العقل.. ما يجبرني على اطاله الحديث معه.. وقليل ما تجد في هذه الايام من يحنو عليك بخبره السنين. وكان حديثنا عن التربيه.. فقال بابتسامه تحمل الحنين إلى الماضي.. لقد علمني والدي بالالغاز!!.
. فتغيرت ملامحي إلى نظره تعجب كيف رباك والدك بالالغاز!!؟.. فقال الرجل كان والدي قليل الكلام.. يخبرني عن مقصده بجمله أو جملتين على الاكثر.. ثم يتركني مع الايام والمواقف هي التي تخبرني عن مراده.. فقلت له كيف ذلك سيدي.. قال حينما اشتد عودي إلى طور المراهقه دار بيني وبين أبي حديث.. اخبرته فيه بانني صرت رجلا.. فاجاب باستنكار.. لا انت لست برجل.. ستصبح رجلا عندما تستخرج البطاقه.. فصرت اعد الايام والليالي حتى صار سني ستة عشر عاما.. وجريت مسرعا استخرج تلك البطاقه واستوفي اوراقها ثم اتيته احملها في يدي.. واقول له لقد صرت رجلا يا ابي.. فقال دون ان ينظر حتي مجرد النظر..وهو يقرأ جريدته.. لم تعد رجلا بعد حتى تدخل إلى الجيش.. فأتممت دراستي وتقدمت إلى الجيش.. احمل على كتفي السلاح وارتدي الزي العسكري المهيب.. كنت اشعر بفرحه كبيره.. لكنه ابدا لم يحاول زيارتي في الوحدة كباقي الزملاء... زارتني امي واختي الكبيره وخالتي التي تحمل الطعام الشهي.. ولا ارى والدي من بينهم.. وأنا كلي شغف.. ان يراني على هذه الصوره حتى يتيقن له اني صرت رجلا.. مرت الايام وذات يوم اخبروني في الوحده ان لديك زياره.. خرجت محبطا وانا اعلم إنه ا ربما تكون خالتي أو امي.. وزملائي يهرولون من خلفي لما يعلمون ما تحضره امي من شهي الطعام.. لكنني وجدت في ساحه الانتظار والدي ياتي من بعيد يحمل في يده كيسا من اللب ياكل منه الواحده بعد الاخرى.. وقد احضره لنفسه حتى إنه لم يقم بإعطائي منه شيئا.. فقط نظر إلي من خلف نظارته العريضة.. وتساءل عن احوالي.. فقلت له يا والدي أرأيت.. لقد اصبحت رجلا.. انظر.. هذا زي الرجال.. فابتسم وهو ينتقل بنظره إلى زملائي.. من السهل ان تدخل الجيش لكن من الرجوله ان تكمل أيامه ولياليه.. لن تصير رجلا حتى تنتهي من جيشك.. حينها ادركت مراد والدي من هذا كله.. ومن الطبيعي ألا أسأله حين أنتهي من جيشي.. هل صرت رجلا في نظره ام لا.. لأني اعلم وقتها إنه سيقول لي بذات الابتسامه ستصبح رجلا عندما تفتح بيتا وتكون لك زوجة..وحين اصل إلى هذه المرحله سيقول ساخرا.. وهل كل من تزوج صار رجلا.. ستكون رجلا حين تستر بيتك وتكون كالخيمة لعيالك.. أدركت أنه يريد أن يعلمني مفهوم كلمة (مسؤولية).. ربما لو اخبرني بهذه الكلمه مجردة لم اكن لأفهمها.. بل إنه لم يحاول ابدأ أن يتحدث عنها.. وعلمت مع مرور الايام أن لديه كل الحق فكيف تستطيع ان تأمر أحدا أن يكون مسؤولا.. دون أن يعرف اولا مفهوم تلك الكلمة.. وهل بكل ما تملكه من لباقة.. تستطيع شرح كلمات كالمسؤوليه والخير والحق والخلق والجمال.. وكلها قيم مطلقه.. لا تحويها المفردات ولن تعبر عنها المعاني.. لكن حتما ستخبرك عنها المواقف.. وستحكيها لك الأيام.. انتهى الرجل من كلامه وانا انظر اليه في صمت رهيب كيف لهذا الرجل البسيط أن تكون لديه كل تلك الفلسفه.. وتعلمت منه في دقائق أن التربيه حرفه.. يجيدها فقط من تربى على يد مثل هؤلاء.. ودعني الرجل بعد أن ترك بداخلي لغزا آخر.. هل تربيتي لأولادي علي هذا النحو.. ستخرج منهم تلك الفصاحة.. أم أنني بحاجة إلي تربيتهم بالالغاز.. تماما كما يفعل هذا الحكيم
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية:
ربيع جودة
إقرأ أيضاً:
خالد الحلفاوي: فيلم الطريق إلى إيلات سبب تلقيب والدي بـ«القبطان»
قال المخرج خالد الحلفاوي، النجل الأكبر للفنان الراحل نبيل الحلفاوي، إن لقب «القبطان»، الذي حصل عليه والده، كان بفضل رواد موقع «إكس»، بسبب مشهد «العسلية»، في فيلم «الطريق إلى إيلات».
وأضاف خلال لقائه في برنامج «كلمة أخيرة»، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON: «والدي، رغم ظهوره في العديد من الأدوار الوطنية، إلا أنه قدم أدوارًا مختلفة ومتنوعة، كان معيار اختياره للدور هو أهميته بغض النظر عن طبيعته».
أعتبر
أدوار والدي في مسلسلات رأفت الهجان من الأفضل
وعن أبرز الأدوار التي يحبها لوالده، قال خالد الحلفاوي: «أعتبر أدوار والدي في مسلسلات غوايش وزيزينيا ورأفت الهجان من الأفضل، كما أحب أيضًا شخصيته في المسلسل الأخير أعلى سعر لأنه كان الأقرب إلى شخصيته الحقيقية كأب».
وعن عدم تواجده معه في كثير من الأعمال، أضاف: «ظهرنا معًا في مشهدين فقط، الأول كان ضيف شرف، رغم أن الدور لم يكن مُغريًا، إلا أنني كنت أود الظهور معه حتى ولو مرة واحدة قبل رحيله».
ابن نبيل الحفناوي: كان والدي دائمًا يبدي رأيه في أعمالي
وتابع: «كان والدي دائمًا يبدي رأيه في أعمالي ويقدم لي نصائح مفصلة، وكان أحيانًا يقول لي: المشهد ده طويل شوية أو كان فيه استظراف في هذا المشهد».
وكشف الحلفاوي أنه كان يحرص في بداية مسيرته كمخرج على استشارة والده في السيناريوهات، قائلاً: «كنت أعطيه السيناريو لقراءته، خاصة في بدايتي عندما كنت أكون محتارًا، ولم يكن قد نضج لديّ الحس الفني والمخرج بعد بالشكل الكافي».