بوابة الفجر:
2025-04-14@12:05:58 GMT

ربيع جودة يكتب: علمونا بالألغاز

تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT

كنت سأختار الجلوس معه.. حتى مع فقداني لرفاهيه الوقت في تلك الليله.. وقد كنت على عجله من أمري.. لكني وجدت فيه من رسوخ الرأي.. ورجاحة العقل.. ما يجبرني على اطاله الحديث معه.. وقليل ما تجد في هذه الايام من يحنو عليك بخبره السنين. وكان حديثنا عن التربيه.. فقال بابتسامه تحمل الحنين إلى الماضي.. لقد علمني والدي بالالغاز!!.

. فتغيرت ملامحي إلى نظره تعجب كيف رباك والدك بالالغاز!!؟.. فقال الرجل كان والدي قليل الكلام.. يخبرني عن مقصده بجمله أو جملتين على الاكثر.. ثم يتركني مع الايام والمواقف هي التي تخبرني عن مراده.. فقلت له كيف ذلك سيدي.. قال حينما اشتد عودي إلى طور المراهقه دار بيني وبين أبي حديث.. اخبرته فيه بانني صرت رجلا.. فاجاب باستنكار.. لا انت لست برجل.. ستصبح رجلا عندما تستخرج البطاقه.. فصرت اعد الايام والليالي حتى صار سني ستة عشر عاما.. وجريت مسرعا استخرج تلك البطاقه واستوفي اوراقها ثم اتيته احملها في يدي.. واقول له لقد صرت رجلا يا ابي.. فقال دون ان ينظر حتي مجرد النظر..وهو يقرأ جريدته.. لم تعد رجلا بعد حتى تدخل إلى الجيش.. فأتممت دراستي وتقدمت إلى الجيش.. احمل على كتفي السلاح وارتدي الزي العسكري المهيب.. كنت اشعر بفرحه كبيره.. لكنه ابدا لم يحاول زيارتي في الوحدة كباقي الزملاء... زارتني امي واختي الكبيره وخالتي التي تحمل الطعام الشهي.. ولا ارى والدي من بينهم.. وأنا كلي شغف.. ان يراني على هذه الصوره حتى يتيقن له اني صرت رجلا.. مرت الايام وذات يوم اخبروني في الوحده ان لديك زياره.. خرجت محبطا وانا اعلم إنه ا ربما تكون خالتي أو امي.. وزملائي يهرولون من خلفي لما يعلمون ما تحضره امي من شهي الطعام.. لكنني وجدت في ساحه الانتظار والدي ياتي من بعيد يحمل في يده كيسا من اللب ياكل منه الواحده بعد الاخرى.. وقد احضره لنفسه حتى إنه لم يقم بإعطائي منه شيئا.. فقط نظر إلي من خلف نظارته العريضة.. وتساءل عن احوالي.. فقلت له يا والدي أرأيت.. لقد اصبحت رجلا.. انظر.. هذا زي الرجال.. فابتسم وهو ينتقل بنظره إلى زملائي.. من السهل ان تدخل الجيش لكن من الرجوله ان تكمل أيامه ولياليه.. لن تصير رجلا حتى تنتهي من جيشك.. حينها ادركت مراد والدي من هذا كله.. ومن الطبيعي ألا أسأله حين أنتهي من جيشي.. هل صرت رجلا في نظره ام لا.. لأني اعلم وقتها إنه سيقول لي بذات الابتسامه ستصبح رجلا عندما تفتح بيتا وتكون لك زوجة..وحين اصل إلى هذه المرحله سيقول ساخرا.. وهل كل من تزوج صار رجلا.. ستكون رجلا حين تستر بيتك وتكون كالخيمة لعيالك.. أدركت أنه يريد أن يعلمني مفهوم كلمة (مسؤولية).. ربما لو اخبرني بهذه الكلمه مجردة لم اكن لأفهمها.. بل إنه لم يحاول ابدأ أن يتحدث عنها.. وعلمت مع مرور الايام أن لديه كل الحق فكيف تستطيع ان تأمر أحدا أن يكون مسؤولا.. دون أن يعرف اولا مفهوم تلك الكلمة.. وهل بكل ما تملكه من لباقة.. تستطيع شرح كلمات كالمسؤوليه والخير والحق والخلق والجمال.. وكلها قيم مطلقه.. لا تحويها المفردات ولن تعبر عنها المعاني.. لكن حتما ستخبرك عنها المواقف.. وستحكيها لك الأيام.. انتهى الرجل من كلامه وانا انظر اليه في صمت رهيب كيف لهذا الرجل البسيط أن تكون لديه كل تلك الفلسفه.. وتعلمت منه في دقائق أن التربيه حرفه.. يجيدها فقط من تربى على يد مثل هؤلاء.. ودعني الرجل بعد أن ترك بداخلي لغزا آخر.. هل تربيتي لأولادي علي هذا النحو.. ستخرج منهم تلك الفصاحة.. أم أنني بحاجة إلي تربيتهم بالالغاز.. تماما كما يفعل هذا الحكيم

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ربيع جودة

إقرأ أيضاً:

أيمن رياض يكتب: المواطن أولاََ.. مواصلات بكرامة

منذ توليه مسؤولية محافظة المنيا، أثبت اللواء عماد كدواني أن المواطن يأتي أولاً، وأن كرامته وراحته على رأس أولوياته، وفي خطوة طال انتظارها لعقود، جاء قراره الجريء والحاسم باستبدال سيارات الـ"بيك أب" أو ما تُعرف بـ"الربع نقل" بوسائل نقل آدمية تتمثل في سيارات الميكروباص، كأحد أبرز القرارات التي لاقت ترحيبًا شعبيًا واسعًا، واستجابت إلى مطلب جماهيري تم تجاهله من محافظين سابقين.

هذه السيارات، التي لطالما كانت بمثابة "علبة سردين" متنقلة، تفتقد لأدنى شروط السلامة أو الكرامة، وتُستخدم في غير موضعها، إذ أن مالكها يعلم علم اليقين تراخيصها لنقل البضائع لا الركاب.

وبرغم ذلك تعد وسيلة التنقل الوحيدة لآلاف من المواطنين البسطاء في القرى والمدن، ما جعل معاناتهم لا تُحتمل.

إضافة إلى ممارسات سائقي هذة السيارات، فسائق السيارة يلزم الركاب بأن لا يتحرك من الموقف، إلا أن يكون 6 أشخاص على الكرسي الواحد، واثنين في المنتصف، ووصل جشعه وعدم إنسانيته إلى 2 على الباب ليصل عدد الركاب داخل السيارة إلى 16 فردا، بالإضافة إلى الوقوف على الأبواب والتسطيح، فكانت بمثابة “علبة  سردين”، ولهذا يستغرق وقت التحميل ما يقرب من نصف ساعه وأكثر، سواء في البرد القارس بفصل الشتاء أو الحر الشديد في الصيف، ومفرش السيارة لا يسمن ولا يغني من برد أو حر، بالإضافة إلى حوادثها المتكررة والتي يروح ضحيتها عشرات المواطنين الأبرياء ما بين موتي ومصابين.

ومن المبكيات المضحكات أن تحجز كابينة السيارة لأصحاب السعادة والصفوة، وأن يحاسب بأجرة مضاعفة، كل ما سبق كان جزءا من معاناة المواطنين البسطاء من سيارات الربع نقل، التي لا تليق أبدا بالمواطن المنياوي.

إن القرار الذي اتخذه المحافظ بإلغاء هذا النوع من النقل غير الآدمي واستبداله بميكروباصات حديثة؛ يعكس حرصه الشديد على تحسين جودة الحياة للمواطنين، وتوفير وسيلة نقل تليق بآدميتهم.

فليس من المقبول أن يتحمل المواطن كل هذا العناء، بينما يحق له أن ينعم بوسائل مواصلات آمنة، ومحترمة، وحضارية.

كما أننا نشرنا على مدار سنوات.. عشرات التحقيقات الصحفية في الصحف والمواقع الإخبارية لنقل صوت المواطنين ومعاناتهم من مساوئ هذه السيارات واستبدالها بمنظومة نقل حضارية تليق بالمواطنين، وقدمنا حلولاََ لهذة المأساة لعدم توافر الميكروباص، بأن يتم تخصيص أوتوبيسات من مشروع النقل الجماعي للمحافظة لكل قرية رأفة بطلاب المدارس وطلاب الجامعات والموظفين، فالطلاب والموظفين يجلسون وسط الأغنام والماعز والدواجن التي يتم نقلها من القرية إلى سوق المدينة، هذه المساويء جزء مما نشاهده ونرصده يومياً من سيارات "الربع نقل" فبعض أهالي القرى كانوا يحسدون قرى أخرى لوجود ميكروباص بقراهم، وصلنا إلى هذا الوضع بالفعل، وكان القرار بعيد المنال.. حتى جاء اللواء عماد كدواني، ليضع حدًا لهذه المأساة التي استمرت لعشرات السنين، وبدأ بالفعل في تطبيق منظومة نقل حضارية، تسعى لتغطية كافة القرى والنجوع، لتُصبح المواصلات جزءًا من كرامة المواطن لا عبئًا على يومه.

واليوم، نرى الحلم يتحقق، لتصبح وسائل المواصلات في المنيا راقية وحضارية.

شكرًا للواء عماد كدواني الذي استمع لمطالب المواطنين، واستجاب، وقرر.

مقالات مشابهة

  • عادل الباز يكتب: عروة.. “غاب بعد طلوع.. وخبا بعد التماع” (1)
  • ناجي الكرشابي يكتب.. ألا يستحق الأهل بمعسكر زمزم هذا (..)!؟
  • لم يكتب التاريخ عدوا اكثر نذالة وخسة من الجنجويد
  • أيمن رياض يكتب: المواطن أولاََ.. مواصلات بكرامة
  • الجزائري آيت نوري يكتب التاريخ مع وولفرهامبتون
  • إيرادات الأفلام.. سيكو سيكو يتفوق على الجميع وعلي ربيع الثالث
  • أوس أوس»: «كيميا خاصة تجمعني بـ علي ربيع في مدرسة الصفا الثانوية بنات».. فيديو
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل وطن
  • نجل الراحل مصطفى بيومي: والدي عاش للكتابة ومات في حضنها
  • أحمد نجم يكتب: لا تحزن ..ضع روشتة دستور حياتك