لبنان يترقب جلسة برلمانية لحسم قرار إجراء الانتخابات البلدية
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
بيروت- تتجه أنظار اللبنانيين نحو مجلس النواب، الذي سيعقد جلسته التشريعية غدا الخميس للتصويت على اقتراح القانون الذي يهدف إلى تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية الحالية حتى تاريخ أقصاه 31 مايو/أيار 2025 الذي تقدم به النائب جهاد الصمد.
ورغم القناعة السائدة في الوسط الشعبي اللبناني، بأن الاتجاه يميل نحو التصويت على التأجيل بعد اتفاق عدد من الكتل البرلمانية الوازنة على الأمر، فإن وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي حدد موعد إجراء الانتخابات في محافظة بيروت ومحافظتي البقاع وبعلبك الهرمل بتاريخ 31 مايو/أيار المقبل، كإجراء إداري في حال فشل التصويت على التأجيل في الجلسة البرلمانية المرتقبة.
وقد استبق الوزير مولوي اتخاذ هذه الخطوة، بالتوقيع الأسبوع الماضي على قرار دعوة الهيئات الانتخابية البلدية والاختيارية في دوائر محافظة لبنان الشمالي ودوائر محافظة عكار للانتخاب، وذلك بتاريخ 19 مايو/أيار المقبل.
وخلال أيام قليلة سيحسم القرار الانتخابي سلبا أو إيجابا، بعدما مدد المجلس النيابي للمجالس البلدية مرتين متتاليتين، الأولى في عام 2022 نظرا لتزامنها مع موعد إجراء الانتخابات النيابية، والثانية في عام 2023 بسبب عدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة وعدم جاهزية القوى الأمنية اقتصاديا ولوجيستيا.
ويتوقع تأجيل الانتخابات هذا العام أيضا بسبب الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، خاصة مع استمرار الحرب الدائرة في جنوب لبنان بين إسرائيل وحزب الله.
ووسط هذا المشهد، ينقسم الشارع اللبناني والقوى السياسية حول الموضوع على مسافة شهر واحد فقط من الموعد المحدد للانتخابات فيرى البعض أن ظروف البلد لا تحتمل إجراء الانتخابات في ظل ما يجري في الجنوب من تصعيد عسكري.
بينما يعتبر آخرون أنها استكمال للفراغ على المستوى الرئاسي والمناصب العليا، وأنها قوة للبنان في مواجهة الحرب والانهيار، خصوصا بوجود أكثر من نصف البلديات في حالة انحلال أو عدم فعالية.
ويتوقع المحلل السياسي توفيق شومان، ألا تتيح الظروف الأمنية والسياسية والمالية إجراء انتخابات بلدية اختيارية في لبنان، رغم الحاجة إلى تجديد هذه السلطات المحلية التي من المفترض أن تدير المجتمع الأهلي وتشرف على خططه الإنمائية بالقدر الذي تسمح به القوانين اللبنانية.
الوضع الأمنيوفي حديثه للجزيرة نت، قال شومان "على المستوى الأمني، يبرز الوضع في الجنوب كعامل لتأخير العملية الانتخابية أو التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، حيث لا يمكن إجراء انتخابات في مناطق لبنانية معينة وتأجيلها في مناطق أخرى، خصوصًا في محافظات الجنوب وأقضية البقاع الغربي والوسطى ومحافظة بعلبك الهرمل، وهو ما يشكل أكثر من نصف لبنان".
وأضاف أن الاهتمام الأمني حاليا، من قبل الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، يتمحور حول مسألتين، الأولى تتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، والثانية تتعلق بضبط الأمن الداخلي "والجميع يعرف الحالة الأمنية الداخلية ولا حاجة إلى شرحها، لذلك ليس من الحكمة إضافة تحديات أمنية داخلية على الجيش والمؤسسات الأخرى".
ورأى شومان أن هناك عقدة أخرى تقف في وجه إجراء الانتخابات، وهي العقدة المالية، حيث تعيش الدولة اللبنانية في حالة شبه إفلاس، ويتساءل "هل يمكن أن تنفق آخر ما استجمعته من احتياط مالي ضئيل طوال السنوات القليلة المنصرمة على عملية انتخابية يمكن إجراؤها بعد حين؟!".
واعتبر أن العامل السياسي من العوامل التي تفرض نفسها على ضرورة تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية، ففي ظل "التشنج السياسي" غير المسبوق، وحيث يصل الاستقطاب إلى أعلى مراحله، وحتى لا يزداد الاستقطاب استقطابا، يأتي دور الحكمة أيضا في تأجيل الانتخابات.
في المقابل، يرى رئيس مؤسسة "جوستيسيا" (JUSTICIA) الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي بول مرقص أن الانتخابات تمثل مبدأ دستوريا مكرسا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شارك لبنان في صياغته عام 1948، وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدر عام 1966 ووقع عليه لبنان في عام 1972، وبناء عليه، يجب انتظام الانتخابات، وأي تقاعس في ذلك يمكن أن يؤدي إلى شلل الحياة الديمقراطية في لبنان.
ويقول مرقص للجزيرة نت إن "السلطة في لبنان يبدو أنها لا تأبى للناس، لأنها تعتاد على تأجيل الانتخابات وتعتبر أن لا حسيب لها، كما أنها لا تأبى بالمجلس الدستوري، الذي يمكن أن ينظر في أي طعن بقانون تمديد ولاية مجالس البلدية والاختيارية".
تأجيل الانتخابات عبر التمديد لولاية المجالس البلدية والاختيارية يتطلب -وفقا لمرقص- قانونا يصدر عن البرلمان، ويخضع للمراجعة من قبل المجلس الدستوري، وذلك في حال تقديم طلب لإبطاله من قبل 10 نواب أو إحدى المرجعيات الدستورية المختصة، كما أنه لا يجوز تأجيل الكل بحجة الجزء، ولكن يمكن تأجيلها فقط في المناطق التي تشهد نزاعات أو حروبا.
وأشار إلى أنه إذا كانت اللجان البلدية المؤقتة حلا صالحا، فيمكن تعيينها لتشرف على البلديات التي يتعذر فيها إجراء الانتخابات البلدية، ومن غير الدستوري أن تمتد هذه الإجراءات لتشمل كافة أنحاء لبنان وتتزامن مع تأجيل الانتخابات البلدية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات البلدیة والاختیاریة الانتخابات البلدیة إجراء الانتخابات تأجیل الانتخابات
إقرأ أيضاً:
مواقف نواب جلسة الثقة تكرار لمشهدية سابقة... Déjà entendu
بحكم مهنتي كنت مضطّرًا لأن استمع إلى جميع النواب الذين توالوا على الكلام في جلسة الثقة، التي مُنحت كالعادة لأول حكومة في العهد الجديد. وقد أكون من بين قلائل تابعوا ما قيل وما كان سيقوله آخرون كثيرون، لكن ضيق الوقت لم يسمح لهم فأضطرّ الرئيس نبيه بري لأن "يمون" على من يستطيع أن "يمون" عليهم" لكي يسحبوا طلب تسجيل أسمائهم على لائحة طالبي الكلام، والتي تعدّى عددهم الخمسة والسبعين، وهو رقم يمكن أن يُفهم منه بأن التباري في العرض الخطابي يأتي تماشيًا مع اقتراب دخول لبنان في المنخفض الانتخابي. وقد رأى البعض أن الظرف مؤاتٍ لمثل هكذا "عراضات"، ومن بينهم نواب لم أكن قد رأيتهم من قبل حتى أني لجأت إلى بعض الزملاء لمعرفة أسمائهم، إذ بدوا لي وكأنهم آتون من كوكب آخر لا يشبه ما في لبنان مما يعانيه من مشاكل لا عدّ لها ولا حصر، وإن بدا بعضهم في أغلب مواقفهم أقرب إلى "الطوباوية" أكثر من اقترابهم إلى معاناة الناس، الذين رأوا في خطاب القسم ما يمكن أن يعيد إليهم بعضًا من أمل فقدوه بسبب ما لمسوه من قلة مسؤولية لدى عدد لا يُستهان به من النواب، الذين سمحوا بأن تُترك البلاد سنتين وثلاثة أشهر من دون رئيس للجمهورية، وسمحوا أيضًا بأن تُسرق أموال المودعين في ليلة "ما فيها ضو قمر"، وسمحوا أيضًا وأيضًا إلى الوصول إلى أقل من قعر الهاوية بقليل قبل أن يُفرض عليهم انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية.فلولا هذا التدخّل الخارجي الإيجابي هذه المرّة لكانت البلاد قد وصلت إلى الحضيض على رغم الجهود المضنية التي بذلها الرئيس نجيب ميقاتي مع حكومة كانت في حكم تصريف الأعمال وغير مكتملة العناصر، إذ ارتأى الوزراء المحسوبون على "التيار الوطني الحر" مقاطعة جلساتها بحجة عدم شرعية هذه الجلسات. ولو تصرّفت "حكومة معًا للإنقاذ" وفق رغبات رئيس "التيار" لكان لبنان قد أصبح في خبر كان، أو لكان أصبح فعل ماضٍ ناقص المواصفات، التي تؤهله لأن يكون في مصاف الدول، التي تُصنّف عادة في خانة الدول الساعية إلى رفاهية شعبها بكل الوسائل الممكنة.
ولولا هذا التدّخل الخارجي الإيجابي لما كان للبنان رئيس للجمهورية، ولما كانت لديه حكومة نالت ثقة لامست عتبة المئة صوت (95) لنواب لم يترك معظمهم في البيان الوزاري سترًا مغطّىً. فالمواقف التي أعلنها هؤلاء النواب، باستثناء قلة منهم لهم حضورهم ووزنهم في التشريع والملاحقة والمتابعة الجدية والمساءلة والمحاسبة، هي تكرار لمواقف سابقة فيها الكثير من العلك والتكرار الكلامي، الذي لا يقدّم ولا يؤخّر في شيء حتى على مستوى دائرتهم الانتخابية، التي من المفروض أن يكون هؤلاء النواب يتكلمون باسم الناس الذين أوكلوهم نقل هواجسهم وقلقهم على المستقبل ومن المستقبل إلى السلطة التنفيذية، التي يُفترض أن تُحاسب في حال تقصيرها بالقيام بواجبها وبما يجب أن تقدّمه لهؤلاء الناس من حلول لمعاناتهم اليومية كيفما تحرّكوا وفي أي اتجاه ذهبوا، إذ أن المشاكل تلاحقهم وتطاردهم في كل مكان.
بعض كلمات لعدد قليل من النواب جاءت متقاربة من حيث ملامستها لوجع الناس مع كثير مما ورد في خطاب القسم من وعود وتعهدات يؤمل في ألا يكون الواقع المافياوي، الذي يعيش لبنان في ظلّه، أقوى من حسن الإرادة والنوايا الطيبة. ولكن أكثر ما لفتني من هذه المواقف ما لم يُقل بـ "عضمة اللسان"، بل بالإشارة، التي يُفترض أن يفهم منها "اللبيب"، وهي إشارة يُفهم منها الكثير، وقد تكون معبّرة أكثر من ألف كلمة قيلت بـ "الطالع والنازل"، وربما في غير موقعها الصحيح. وهذه الإشارة شبيهة بالصورة التي قد تختصر كلامًا كثيرًا لشدة ما تحمله من تعابير صادقة من الصعب حصرها واختصارها بكلمات حتى ولو كان قائلها من المفوهين. ولكن يؤخذ على صاحب هذه الإشارة إلى أن القائم بها لم يكن في مستوى الثقة التي أعطيت له في نهاية يومين من "سوق عكاظ نيابي"، أقّله بالنسبة إلى ارتقائه إلى مصاف "رجال الدولة".
فإلى ثقة الناس قبل ثقة نوابهم. وهذا ما هو أهمّ من المهم، وأهمّ من ثقة نواب قد يخضعون بعد سنة وثلاثة أشهر للامتحان، الذي يُكرم فيه المرء أو يُهان.
المصدر: خاص لبنان24