العالم المعاصر وفقدان العقل (2-2)
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
إن الإنسان المعاصر يهرع إلى الاغتراب.. هو يبحث عن كل ما هو سلبى.. لماذا؟ ربما لكى يثبت وجوده.. ربما يريد أن يكون ضد كل ما هو عقلى وضد كل ما تدعو إليه القيم والمثل وكل الأخلاقيات الدينية.. هو يفعل العكس والأمر الغريب أنه يشعر بالسعادة لأنه يفعل ذلك! الإنسان عاق بمعنى الكلمة وفى ذلك العقوق تكون نشوته وبهجته.
يقول دوستويفسكى: فماذا يمكن أن تتوقع من الإنسان، ماذا يمكن أن تتوقع من هذا الكائن الذى أوتى هذه الصفات العجيبة؟ حاولوا أن تغدقوا عليه جميع خيرات الأرض، أغرقوه فى السعادة إغراقًا، لبوا حاجاته الاقتصادية تلبية تبلغ من الكمال أن يصبح فى غير حاجة إلى شىء غير أن ينام ويأكل فاخر الحلوى ويفكر فى الوسائل التى تكفل استمرار التاريخ العام... فماذا يحدث عندئذ؟ إن الإنسان، حتى فى هذه الحالة، سينقاد لعقوقه، وسينساق مع حاجاته إلى تلويث نفسه، فيرتكب حقارة من الحقارات من باب الشكر وعرفان الجميل!.. حتى لقد يجازف بفاخر حلواه، فيسعى إلى أخطر الحماقات، وأضر السخافات، لا لغرض إلا أن يمزج تلك الحكمة الإيجابية الوضعية بعنصر خيالى شاذ مؤذ. تلك أحلام وهمية وغباوات تفاهة يريد المحافظة عليها لا لهدف إلا أن يبرهن لنفسه (كما لو كان ذلك ضروريًا إلى هذه الدرجة حقًا) على أن البشر بشر وليسوا أصابع بيانو تتناول قوانين الطبيعة أن تعزف عليها وتلعب بها، وهى تعزف عليها وتلعب بها فى براعة تبلغ من الحذق أنه لن يبقى من الممكن فى المستقبل القريب أن يريد الإنسان أى شىء دون الرجوع إلى التقاويم والاعتماد عليها. وهب أن الإنسان ليس إلا إصبع بيانو، وهبك استطعت أن تبرهن له على ذلك برهانًا رياضيًا، فإنه لن يعود إلى الصواب ولن يلتزم جانب الحكمة والرشاد، بل سيظل يرتكب حماقة من الحماقات، لا لشىء إلا أن يدل على عقوقه ويستمر فى انقياده لنزوته، وقد يوغل فى التخريب، وينحدر إلى السديم والفوضى إذا أعوزته الوسائل الأخرى، فإذا هو يسبب شرورًا لا أدرى ما هى، ولكنه لن يستلهم فى آخر الأمر ما يعن بباله ويأمره به خياله، ثم إذا هو يصب على العالم لعنته، وإذا كان الإنسان لا يملك شيئًا إلا أن يلعن (وهذه ميزته التى ينفرد بها من دون سائر الحيوانات)، فسيحقق بذلك أهدافه ويبلغ غاياته، وهى الاقتناع بأنه إنسان وليس مسمارًا فى آلة.
هذا ما قاله دوستويفسكى منذ أكثر من قرن من الزمان.. وفى وقتنا المعاصر نرى مدى ما يفعله الإنسان وخاصة الإنسان الذى يملك القوة والبطش والديناميت.. كل تلك الحروب وكل تلك المجاعات وكل ذلك التخريب لصالح من؟ لا إجابة.. إنها الحماقة.. إنه الإنسان العاق والأحمق.. فلنا الله.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال – أكاديمية الفنون
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العالم المعاصر فقدان العقل الإنسان المعاصر إلا أن
إقرأ أيضاً:
شيخ درزي: زيارة الجولان مبادرة فردية لا تحمل أبعادا سياسية
سرايا - قال شيخ عقل طائفة الموحدين المسلمين الدروز، حمود الحناوي، إن زيارة بعض رجال الدين إلى الجولان المحتل تثير تساؤلات عديدة حول أبعادها ودلالاتها، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا، والتصريحات الإسرائيلية المتكررة عن حماية الدروز هناك.
وأكد الحناوي في حوار خاص مع "إرم نيوز" أن هذه الزيارة لم تتم بالتنسيق مع مشيخة العقل، وأنها كانت مبادرة فردية لأشخاص أرادوا زيارة ذويهم والأماكن المقدسة، دون أن يكون لها أي أهداف سياسية أو تنسيق رسمي.
وفي ظل الجدل الإعلامي الذي أُثير حولها، شدد شيخ العقل على ضرورة التعامل مع مثل هذه الزيارات عبر القنوات الرسمية لتفادي أي تأويلات غير دقيقة.
وأضاف أن هذه الزيارة لم تتم بالتنسيق مع مشيخة العقل، ولم تصدر أي توجيهات أو تعليمات رسمية بهذا الخصوص، بل كانت مبادرة فردية من قبل مجموعة من الأشخاص، وهم بالأصل من سكان الجولان المحتل الذين خرجوا من أرضهم وبيوتهم وتركوا أهلهم واستقروا في سوريا لسنوات طويلة.
وبيّن أن هؤلاء خلال فترة إقامتهم في سوريا لم يتمكنوا من التواصل مع ذويهم إلا بطرق غير مباشرة عبر موقع "وادي الصراخ" كما يُعرف على جانبي الحدود، وعندما سنحت لهم الفرصة، استغلوها فرديًا للقيام بهذه الزيارة، التي لم تكن وفق أي تنسيق رسمي.
وأوضح أن هذه الزيارة كانت أهلية فقط، ولا تحمل أي أبعاد سياسية وفق ما وصل من تفاصيل عبر وسائل الإعلام، بل اقتصر هدفها على زيارة الأماكن المقدسة الخاصة بالطائفة الدرزية ولقاء الأهل والأقارب.
وأشار الشيخ الدرزي إلى أن الضجة الإعلامية التي أثيرت حول هذه الزيارة لا تستحق كل هذا الجدل، فقد جاءت في سياق تصرف فردي ولم تتجاوزه، مؤكدًا أنه كان من الأجدر أن تتم هذه الزيارة عبر القنوات الرسمية، سواء من خلال مشيخة العقل أو عبر الأمم المتحدة والجهات الدولية الفاعلة.
وأضاف أنه سبق أن دخل إلى سوريا أفراد من عرب الـ48 وأهل الجولان بصفة رسمية، إذ توجد روابط عائلية وأسرية تجمع بينهم وبين من هم داخل الأراضي السورية.
وأكد أن من قام بهذه الزيارة لو اختار المسارات الرسمية لكان ذلك أهون على الجميع، ولما أثيرت كل هذه الضجة والتساؤلات والتخوفات، كما شدد على أن هذه الزيارة لا علاقة لها بالتصريحات الإسرائيلية حول حماية الدروز، فهي تصريحات أحادية الجانب، ولم تطلب الطائفة من أي جهة خارجية التدخل لحمايتها أو تقديم أي ضمانات لها.
وختم بالتأكيد أن هذه الزيارة جاءت بدافع عاطفي واجتماعي بحت، ولم يكن القائمون بها يدركون حجم الجدل الذي سيثار حولها، مؤكدًا أنه لو تم التنسيق سابقًا بشأنها، لكان من الممكن تفادي الكثير من الجدل واللغط الإعلامي الذي رافقها.
وسوم: #سوريا#الجميع
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-03-2025 09:42 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية