بالذكاء الاصطناعي.. باحثون يبتكرون مضادات حيوية تقضي على مقاومة البكتيريا
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
ابتكر باحثون في جامعة "ماكماستر" الكندية وجامعة "ستانفورد" الأميركية، نموذجًا جديدا للذكاء الاصطناعي يمكنه تصميم مليارات من جزيئات المضادات الحيوية الجديدة غير المكلفة وسهلة التصميم، وأطلقوا عليه اسم "سينثيمول".
ففي دراسة جديدة نُشرتها دورية "نيتشر مشين إنتيلجنس" ذكر الباحثون أن النموذج الذي ابتُكر في المختبر يمكنه تصميم مضادات حيوية لوقف انتشار نوع من البكتيريا تدعى "البومانية الراكدة"، والتي صنفتها منظمة الصحة العالمية على أنها واحدة من أكثر أنواع البكتيريا المسببة للأمراض والمقاومة للمضادات الحيوية وأخطرها في العالم ويصعب استئصالها، إذ يمكن للطفيليات البومانية أن تسبب الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا وتصيب الجروح، وكلها يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.
ولهذا يتوقع الباحثون أن يكون لهذا المضاد الحيوي المبتكر قدرة على معالجة التهديد المتصاعد لمقاومة المضادات الحيوية وحماية الصحة العالمية.
"جوناثان ستوكس" الأستاذ المساعد بقسم الطب الحيوي والكيمياء الحيوية في جامعة ماكماستر والباحث الرئيسي في الورقة البحثية (حامعة ماكماستر) الحاجة الملحة للمضادات الحيويةوفقا لما جاء في موقع منظمة الصحة العالمية، فإن مضادات الميكروبات -ومنها المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات ومضادات الفطريات ومضادات الطفيليات- أدوية تُستخدَم للوقاية من حالات العدوى التي تصيب الإنسان والحيوان والنبات، وأيضا لعلاجها.
ولكن في بعض الحالات تنشأ مقاومة لمضادات الميكروبات عندما تطرأ تغييرات على البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات بمرور الوقت، وتصبح غير مستجيبة للأدوية، مما يجعل علاج حالات العدوى أكثر صعوبة، ويزيد من خطر انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفيات. كما تصبح المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات غير ناجعة بفعل مقاومة الأدوية.
ولهذا تُشكّل مقاومة مضادات الميكروبات تهديداً عالمياً للصحة والتنمية تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة متعددة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى الإعلان أن مقاومة مضادات الميكروبات من التهديدات العالمية العشرة الرئيسية للصحة العامة التي تواجه البشرية.
وبحسب البيان الصحفي الصادر من جامعة "ماكماستر"، فقد أدى الانتشار العالمي للبكتيريا المقاومة للأدوية إلى خلق حاجة ملحة لمضادات حيوية جديدة.
يقول "جوناثان ستوكس"، الأستاذ المساعد في قسم الطب الحيوي والكيمياء الحيوية بجامعة "ماكماستر" والباحث الرئيسي في الورقة البحثية: "المضادات الحيوية دواء فريد من نوعه، وبمجرد أن نبدأ في استخدامها في العيادة فإنها تفقد فاعليتها بشكل سريع، وذلك لأن البكتيريا تتطور بسرعة لمقاومتها، وبالتالي نحن بحاجة إلى نوع قوي من المضادات الحيوية للقضاء على النمو والتطور السريع للبكتيريا، كما نحتاج أيضا إلى اكتشافها بسرعة وبتكلفة زهيدة، وهنا يلعب الذكاء الاصطناعي دورا حاسما".
ويضيف: "يشكل ظهور البكتيريا المقاومة للأدوية تهديدا صحيا عالميا هائلا، وهو ما يستلزم إيجاد حلول عاجلة لمكافحة العدوى بشكل فعال، ومع عجز الطرق التقليدية في كثير من الأحيان عن تحديد مركبات المضادات الحيوية الواعدة بسرعة وبطريقة غير مكلفة، تكثّف البحث عن حلول جديدة".
نموذج تصميم المضاد الحيوينموذج الذكاء الاصطناعي هو في الأساس إطار رياضي، أو خوارزمية تُدرَّب على البيانات، وتتضمن عملية التدريب هذه تغذية النموذج بكميات كبيرة من البيانات حتى يتمكن من التعلم وعمل استنتاجات أو تنبؤات بناء على تدريبه. وتلعب جودة وكمية البيانات إلى جانب بنية النموذج، دورا حاسما في تحديد فعالية النموذج ودقته.
ولهذا ظهر ابتكار النموذج "سينثيمول" الذي يأتي تلبية للحاجة الملحة للمضادات الحيوية الفعالة التي تقضي على البكتيريا بشكل سريع، وذلك عبر الاستفادة من عينات جزيئية واسعة مكونة من 132 ألف جزيء.
وبحسب الدراسة، فمن أجل تصميم النموذج "سينثيمول" تدرب الباحثون في البداية على استخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي شبيهة بتلك المستخدمة في أدوات إنتاج الصور "مدجيرني" و"دال إي"، فأتوا بآلاف الأدوية المعروفة بتركيبها الكيميائي الدقيق، ثم اختبروها يدويا على البكتيريا "الراكدة البومانية" لتحديد أي منها قادرة على قتل هذه البكتيريا أو إبطائها.
وبعد ذلك أدخل الباحثون هذه المعلومات في نظام الذكاء الاصطناعي حتى يعرف الخصائص الكيميائية للأدوية القادرة على مهاجمة البكتيريا، بعد ذلك أنتجت الأداة آلاف المضادات الحيوية الجديدة التي تحدد أهدافًا بكتيرية أو فيروسية أو سرطانية بعينها.
ويضيف بيان جامعة "ماكماستر"، أن اللافت للاهتمام في الدواء الجديد هو اقتصار تأثيره على بكتيريا الراكدة البومانية دون سواها من أنواع البكتيريا الأخرى. ويرى الباحثون أن هذه الفعالية الدقيقة ستصعب على البكتيريا تطوير مقاومة للدواء، وتقلل التأثيرات الجانبية المحتملة عند المرضى.
وقال الباحث المشارك في الدراسة "جيمس زو"، وهو أستاذ مشارك في علوم البيانات الطبية الحيوية في جامعة ستانفورد: "لا يُصمم سينثيمول جزيئات جديدة مرشحة للأدوية الواعدة فحسب، بل إنه يولد أيضا الوصفة لكيفية صنع كل جزيء جديد، وبالتالي فإن توليد مثل هذه الوصفات هو نهج جديد يغير قواعد اللعبة، لأن الكيميائيين لا يعرفون كيفية صنع جزيئات مصممة بواسطة الذكاء الاصطناعي".
من المتوقع أن يطول الأمد حتى عام 2030 لتصبح المضادات الحيوية التي ساهم الذكاء الاصطناعي بتطويرها متاحة للمرضى (شترستوك) آفاق مستقبليةيقول البيان الصادر من جامعة "ماكماستر": إن هذا النهج الرائد يتيح التحديد السريع والفعال للمضادات الحيوية، مما يمثل تقدما محوريا في اكتشاف جزيئات جديدة ذات خصائص مضادة للبكتيريا وواعدة.
ويرى الباحث الرئيسي في الدراسة جوناثان ستوكس: إن هذه النتائج هي "نقطة البداية" لانطلاق عملهم، إذ أن الخطوة المقبلة هي تطوير الدواء بدقة ونجاحه في المختبر، ومن ثم إجراء التجارب السريرية. ومن المتوقع أن يطول الأمد حتى عام 2030 لتصبح المضادات الحيوية التي ساهم الذكاء الاصطناعي بتطويرها متاحة للمرضى.
ويضيف بيان جامعة ماكماستر، أن اللافت للاهتمام في الدواء الجديد هو اقتصار تأثيره على بكتريا "الراكدة البومانية" دون سواها من أنواع البكتريا الأخرى، ويرى الباحثون أن هذه الفعالية الدقيقة ستصعّب على البكتيريا تطوير مقاومة للدواء، وتقلل التأثيرات الجانبية المحتملة عند المرضى.
ويُظهر هذا الاكتشاف مدى الفعالية المحتملة للذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، خاصة أنه يستطيع فحص ملايين المركبات المحتملة بسرعة كبيرة، وهو أمر يتعذر القيام به يدوياً. وهنا يعلق ستوكس قائلاً: "يعزز الذكاء الاصطناعي معدلات النتائج، وربما يقلل حجم النفقات، مما يتيح لنا اكتشاف أنواع جديدة من المضادات الحيوية اللازمة في مجالنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات مضادات المیکروبات المضادات الحیویة للمضادات الحیویة الذکاء الاصطناعی الصحة العالمیة على البکتیریا الباحثون أن
إقرأ أيضاً:
انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات “الوباء الصامت” في جدة
انطلقت في جدة اليوم، أعمال المؤتمر الوزاري العالمي الرابع رفيع المستوى، حول مقاومة مضادات الميكروبات تحت شعار “من الإعلان إلى التنفيذ”.
ويضم المؤتمر الذي يقام تحت رعاية من وزارة الصحة ويستمر 3 أيام، عددًا من وزراء الصحة والبيئة والزراعة من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب ممثلين من المنظمات الدولية الرائدة والمجتمع المدني؛ بهدف تعزيز الجهود الدولية لمواجهة التحديات المتزايدة الناجمة عن مقاومة مضادات الميكروبات، ويعد تحديًا عالميًا يؤثر في الصحة والاقتصاد والمجتمعات، حيث تكون الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأكثر تأثرًا.
وأكد معالي وزير الصحة الأستاذ فهد بن عبدالرحمن الجلاجل، أن المؤتمر الوزاري الرابع لمقاومة مضادات الميكروبات يُعد فرصة للمجتمع الدولي للالتزام بخارطة طريق موحدة ومجموعة من النتائج الواضحة التي ستساعد على التصدي لتزايد مقاومة الأدوية في البشر والحيوانات، وتُشكل مقاومة مضادات الميكروبات تهديدًا لجميع الفئات العمرية، حيث تؤثر في صحة الإنسان والحيوان والنبات، وكذلك البيئة والأمن الغذائي.
وللحد من انتشار مقاومة مضادات الميكروبات، بيّن معاليه أنه يجب أن نتبنى نهجًا شاملاً يعالج التحديات التي تعيق التقدم بشكل منهجي، يتضمن ذلك تبادل أفضل الممارسات، والمبادرات التمويلية المبتكرة، وتطوير أدوات جديدة لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، مؤكدًا أن الاجتماع يُعد فرصة حيوية لتعزيز استجابتنا العالمية الجماعية لمخاطر هذا “الوباء الصامت” المتزايد.
من جانبه قال مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس: مقاومة مضادات الميكروبات ليست خطرًا مستقبليًا، بل هي هنا الآن، مما يجعل العديد من المضادات الحيوية والأدوية الأخرى التي نعتمد عليها أقل فعالية، ويجعل العدوى الروتينية أكثر صعوبة في العلاج وقد تكون مميتة، مشيدًا بقيادة المملكة العربية السعودية لاستضافة هذا المؤتمر الوزاري المهم حول مقاومة مضادات الميكروبات، مؤكدًا أنه يجب أن نعمل سويًا عبر مجموعة من القطاعات الصحة والبيئة والزراعة لوقف انتشار مقاومة مضادات الميكروبات وحماية الأدوية التي تحمينا.
وأشار إلى أن اجتماع جدة سيساعد على تنسيق الجهود العالمية عبر أنظمة بيئية متنوعة، بما في ذلك الصحة البشرية والحيوانية والزراعية، إضافة إلى حماية البيئة.
اقرأ أيضاًالمملكةالأمير عبد العزيز بن سعود يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
بدورها بينت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، أن البيئة تقوم بدور رئيسي في ظهور وانتقال وانتشار مقاومة مضادات الميكروبات، للحد من عبء مقاومة مضادات الميكروبات ومخاطرها، ويجب أن نعزز التدخلات البيئية بشكل عاجل، مع وضع الوقاية في صميم العمل، وندعو إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية البيئة كونها جزءًا من استجابتنا لمقاومة مضادات الميكروبات، مشيرة إلى أهمية تكاتف جميع الجهات المعنية، وتوسيع نطاق الإجراءات الوقائية لتقليل النفايات والمخلفات الناتجة عن إنتاج الأدوية والصناعات الغذائية والرعاية الصحية والنظم البلدية.
يذكر أن مؤتمر “من الإعلان إلى التنفيذ”، هو تسريع للعمل من خلال الشراكات متعددة القطاعات لاحتواء مقاومة مضادات الميكروبات”، وتُعـد مقاومة مضادات الميكروبات واحدة من أكبر التهديدات للصحة العامة والتنمية على مستوى العالم، حيث تقدر أنها تتسبب بالفعل في أكثر من مليون حالة وفاة سنويًا – أكثر من الإيدز والملاريا مجتمعين – وتسهم في وفاة 5 ملايين شخص إضافي سنويًا، إلى جانب التأثيرات الصحية، تؤثر مقاومة مضادات الميكروبات بالفعل في الاقتصاد، حيث من المتوقع أن تقلل من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 4% بحلول عام 2050 وتكلف الاقتصاد العالمي قرابة 100 تريليون دولار.
وسيتناول الاجتماع أولويات مثل المراقبة والإشراف، وبناء القدرات، وتوفير التمويل، والحوكمة، والابتكار، والبحث والتطوير، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز التعاون الدولي ومواجهة التحديات الصحية العالمية، وتأكيد دورها القيادي في دعم الأمن الصحي العالمي.