دراسة عربية تكشف عن قدرات مذهلة للمجتمعات الميكروبية
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
يواجه العالم تحديات كبيرة مثل تغيّر المناخ وانعدام الأمن الغذائي. وتُعد التكنولوجيا الحيوية الميكروبية أداة قوية يمكن استخدامها لمواجهة هذه التحديات. وتمتلك تلك التكنولوجيا إمكانية كبيرة في مواجهة تغير المناخ وعدم الاستقرار الغذائي.
وتقدم دراسة جديدة نشرت مؤخرا في "الدورية الأوروبية لعلم الأحياء والتكنولوجيا الحيوية" نظرة عامة على الدور الذي تلعبه الكائنات الحيوية الدقيقة في مواجهة هذين التحديين.
وأوضحت الدراسة أن الكائنات الحيوية الدقيقة تلعب دورا حاسما في إنتاج الغذاء المستدام وتحقيق الاستدامة البيئية ومعالجة تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي، وتشرح كيف يمكن استخدام الكائنات الحية الدقيقة لتحسين الإنتاج الزراعي، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتطوير مصادر طاقة جديدة.
تتعمق الدراسة في التفاعل المعقد بين المجتمعات الميكروبية والتحدي المزدوج المتمثل في الأزمة البيئية والأمن الغذائي. وبحسب الدراسة، تعمل الكائنات الحية الدقيقة المنتشرة في كل مكان -من البكتيريا إلى الفطريات والعتائق- على تشكيل النظم البيئية لكوكبنا، وتلعب دورا حاسما في صحة التربة، ودورة المغذيات، والتفاعلات بين الميكروبات النباتية.
وفي تصريح للجزيرة نت تشير الباحثة الرئيسية في الدراسة الدكتورة حنان ملكاوي إلى أن الدراسة تقوم بتشريح الموائل الميكروبية المتنوعة، وتسلط الضوء على قدرتها الرائعة على التكيف مع بيئات متنوعة، ثم تسلط الدراسة الضوء على التأثيرات المتبادلة للتغيرات البيئية التي يسببها الإنسان في الميكروبات وموائلها.
وفي مواجهة هذه التحديات تقدم الدراسة الكائنات الدقيقة كحليف قوي في التخفيف من تغير المناخ، من خلال استكشاف قدرتها على عزل الكربون، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وتعزيز خصوبة التربة. وتُظهر الابتكارات مثل الأسمدة الحيوية والمبيدات الحيوية قدرة التقنيات الميكروبية على إحداث ثورة في الزراعة وضمان الأمن الغذائي العالمي.
وتؤكد الدراسة العلاقة التكافلية بين الميكروبات والإنتاج الغذائي المستدام. ويمكن للتكنولوجيات الميكروبية أن تكيف الزراعة مع الظروف المناخية المتغيرة، وتعالج ندرة المياه وتعزز الاحتفاظ برطوبة التربة. وتسلط الضوء على قدرتها على تعزيز الإنتاجية في كل من الزراعة التقليدية والدقيقة في ظل ظروف مناخية متنوعة.
تفاصيل الدراسةشهدت الدراسة تعاونا بين عضوين في هيئة التدريس بجامعتي اليرموك الأردنية وجامعة القاهرة بمصر، هما الباحث الأول في الدراسة عضو هيئة التدريس في قسم العلوم الحياتية بجامعة اليرموك في الأردن الدكتورة حنان ملكاوي، وعضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية بكلية العلوم جامعة القاهرة مصر الدكتور طارق قابيل. وتشير الدراسة لدور التكنولوجيا الحيوية الميكروبية في معالجة تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي وتطبيقاتها في العديد من المجالات المرتبطة بهما مثل:
أولا: مجال الزراعة
تثبيت النيتروجين؛ تُستخدم بكتيريا "الريزوبيوم" بشكل شائع في تثبيت "النيتروجين" في التربة، مما يقلل من الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية التي تُنتج انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تعزيز نمو النبات؛ تُستخدم بعض الفطريات -مثل الفطريات الخيطية- لتحفيز نمو جذور النباتات وامتصاص العناصر الغذائية. مكافحة الآفات والأمراض؛ تُستخدم بعض البكتيريا والفيروسات لمكافحة الآفات والأمراض التي تصيب النباتات، مما يقلل من الحاجة إلى المبيدات الكيميائية الضارة بالبيئة.ثانيا: الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
التحويل البيولوجي للكتلة الحيوية؛ تُستخدم بعض البكتيريا لتحويل الكتلة الحيوية إلى وقود حيوي مثل "الإيثانول والبيوديزل"، مما يُقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري. التخلص من النفايات: تُستخدم بعض الكائنات الحية الدقيقة لتحويل النفايات العضوية إلى سماد عضوي، مما يقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من مكبات النفايات.التنظيف البيئي: تُستخدم بعض الكائنات الحية الدقيقة لتنظيف التربة والمياه الملوثة بالنفط والمواد الكيميائية.ثالثا: تطوير مصادر طاقة جديدة
الهيدروجين؛ تُستخدم بعض البكتيريا لإنتاج الهيدروجين من الماء باستخدام ضوء الشمس، مما يُعد مصدرا نظيفا ومتجددا للطاقة. الوقود الحيوي؛ تُستخدم بعض الكائنات الحية الدقيقة لإنتاج الوقود الحيوي من الكتلة الحيوية مثل الطحالب والوقود الحيوي.بالإضافة إلى ذلك؛ تُستخدم التكنولوجيا الحيوية الميكروبية في إنتاج الأدوية والمواد الكيميائية والإنزيمات، كما تستخدم في استصلاح التربة وتحسين جودة المياه.
التحديات
يري الباحثان أن هناك بعض التحديات التي تواجه التكنولوجيا الحيوية الميكروبية، مثل:
السلامة البيولوجية: يجب التأكد من أن الكائنات الحية الدقيقة المُستخدمة آمنة على البيئة والصحة البشرية. التكلفة: قد تكون بعض تقنيات التكنولوجيا الحيوية الميكروبية باهظة الثمن. القبول العام: قد يكون هناك بعض القلق من استخدام الكائنات الحية الدقيقة في المنتجات الغذائية والأدوية.يقول الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور طارق قابيل للجزيرة نت: "التكنولوجيا الحيوية الميكروبية أداة قوية يمكن استخدامها لحل العديد من التحديات التي تواجه العالم اليوم مثل تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي. وتقدم التكنولوجيا الحيوية الميكروبية حلولاً واعدة للعديد من التحديات التي تواجه العالم اليوم. ومن خلال الاستفادة من قدرات الكائنات الحية الدقيقة، يمكننا تطوير تقنيات مبتكرة لتحسين الصحة والزراعة والبيئة. ومن خلال الاستثمار في البحث والتطوير في هذا المجال، يمكننا إيجاد حلول مستدامة لتغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي والعديد من المشاكل الأخرى".
ويدعو الباحثان في الدراسة إلى الاعتراف العاجل بالقوة الميكروبية وتسخيرها من أجل مستقبل مستدام. يقول قابيل: "إن تبني التقنيات الميكروبية لا يعزز الإدارة البيئية فحسب، بل يمهد الطريق أيضا لمستقبل زراعي مرن ويتسم بالكفاءة في استخدام الموارد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات انبعاثات غازات الاحتباس الحراری الکائنات الحیة الدقیقة التحدیات التی تواجه ت ستخدم بعض فی الدراسة
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع الذكاء الاصطناعي التفكير مثلنا؟.. دراسة تكشف المفارقات!
مع التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي، أصبح من الواضح أن هذه الأنظمة قادرة على تنفيذ مهام معقدة مثل تحليل البيانات، وإنتاج النصوص، وتقديم استشارات قانونية. ومع ذلك، هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفكر مثل البشر؟.. فنحن نعلم أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع التفكير بنفس طريقة الإنسان، لكن بحثاً جديداً كشف كيف يمكن لهذا الاختلاف أن يؤثر على عملية اتخاذ القرار لدى الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى عواقب واقعية قد لا يكون البشر مستعدين لها.
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يحوّل الأفكار إلى كلام في الوقت الحقيقي
دراسة حديثة نُشرت في مجلة "Transactions on Machine Learning Research" كشفت أن هناك فجوة جوهرية في كيفية استدلال البشر مقارنة بالنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) مثل GPT-4. والاستدلال هو عملية استخراج جواب أو نتيجة بناء على معلومات معروفة مسبقاً وقد تكون صحيحة أو خاطئة.
فالبشر قادرون على التجريد والاستنتاج التناظري، بينما يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على مطابقة الأنماط التي تعلمها، مما يؤدي إلى ضعف في قدرته على التكيف مع المواقف الجديدة.وفقاً لموقع "livescience".
بحثت الدراسة في مدى قدرة نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) على تكوين تشبيهات. وتم اختبار قدرة النماذج اللغوية الكبيرة مثل GPT-4 على حل مشكلات التناظر في سلاسل الحروف.وجد الباحثون أنه في كل من تشبيهات سلسلة الأحرف البسيطة ومسائل المصفوفات الرقمية - كانت المهمة إكمال مصفوفة بتحديد الرقم المفقود - كان أداء البشر جيدًا، لكن أداء الذكاء الاصطناعي انخفض بشكل حاد.
لماذا يحدث هذا؟
تشير هذه النتائج إلى أن GPT-4 قد يعتمد بشكل كبير على أنماط محددة في بيانات تدريبه، مما يجعله أقل مرونة في التعامل مع مشكلات تتطلب استدلالاً تناظرياً عاماً. بالمقابل، يظهر البشر قدرة أفضل على تعميم الأنماط وتطبيقها في سياقات جديدة، حتى مع تغييرات في بنية المشكلة أو عند استخدام رموز غير مألوفة.
ما التداعيات؟
تُبرز هذه الفجوة أهمية تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تتمتع بقدرات استدلال أكثر مرونة، خاصةً في التطبيقات التي تتطلب فهماً عميقًا وتكيفاً مع سياقات متنوعة. كما تؤكد الدراسة على ضرورة تقييم أداء هذه النماذج ليس فقط بناءً على دقتها، بل أيضاً على مدى قدرتها على التكيف مع تغييرات في المشكلات المطروحة.
لماذا يهمنا أن الذكاء الاصطناعي لا يفكر مثل البشر؟
أوضحت مارثا لويس، الأستاذة المساعدة في الذكاء الاصطناعي العصبي الرمزي بجامعة أمستردام، أن البشر لديهم قدرة فطرية على التجريد من الأنماط المحددة إلى قواعد أكثر عمومية، بينما يفتقر الذكاء الاصطناعي لهذه المهارة.
فالذكاء الاصطناعي بارع في مطابقة الأنماط التي رآها سابقاً لكنه لا يستطيع تعميمها بشكل فعال. على سبيل المثال، إذا درّبنا نموذجاً على عدد هائل من الأمثلة، فسيتمكن من التعرف على الأنماط المتكررة، لكنه لن يتمكن بالضرورة من اكتشاف القاعدة الأساسية وراء هذه الأنماط.
الكمية لا تعني الفهم
تعمل معظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي على زيادة كمية البيانات لتصبح أكثر دقة، ولكن كما قالت لويس:
"الأمر لا يتعلق بكمية البيانات، بل بكيفية استخدامها".
لماذا علينا الاهتمام؟
إذا استمر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون تحسين قدراته في التفكير المجرد، فقد يؤدي ذلك إلى مشكلات في: اتخاذ القرارات: قد يتعامل الذكاء الاصطناعي مع الحالات الجديدة بالطريقة نفسها التي تعامل بها مع حالات سابقة، من دون فهم التغيرات الجوهرية.
الأخلاقيات والتحيز: الذكاء الاصطناعي قد يكرر الأنماط الموجودة في البيانات من دون تحليل أعمق لسياقها وأخلاقياتها.
التطبيقات المتقدمة: مثل الرعاية الصحية، والقانون، والتعليم، حيث يلعب التجريد والاستدلال البشري دورًا أساسيًا.
ما الحل؟
نحتاج إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قدرة على التجريد والاستدلال، بحيث لا تكتفي بمقارنة الأنماط، بل تفهم المفاهيم الكامنة خلفها.
هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي في القرارات القانونية؟
مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأبحاث القانونية، وتحليل السوابق القضائية، وحتى التوصيات في الأحكام، تبرز مشكلة كبيرة بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي المحدودة على إجراء المقارنات والاستدلال التناظري.
فعند التعامل مع القضايا القانونية، يعتمد القضاة والمحامون على مقارنة الحالات الجديدة بالسوابق القضائية. لكن بما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على مطابقة الأنماط بدلاً من فهم المبادئ القانونية الأساسية، فقد يفشل في التمييز بين الفروق الدقيقة في القضايا وتطبيق السوابق القانونية بشكل صحيح على حالات جديدة
وتقديم توصيات عادلة ومتسقة.
مثلاً: تخيل أن هناك سابقة قضائية لحالة تتعلق بالاحتيال الإلكتروني، ولكن القضية الجديدة تتضمن تقنيات جديدة لم تكن موجودة وقت صدور السابقة. البشر يمكنهم التفكير بشكل مرن لتطبيق القاعدة العامة، لكن الذكاء الاصطناعي قد يعجز عن الربط بين الحالتين بسبب الاختلافات الظاهرية.
اقرأ أيضاً..الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!
الدراسة أكدت أن تقييم الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يقتصر على الدقة فقط، بل يجب أن يشمل قدرته على التكيف والاستدلال العميق. أي أننا بحاجة إلى نماذج أكثر ذكاءً واستقلالية في التفكير، وليس مجرد أدوات لحفظ البيانات واسترجاعها..بحيث لا يمكننا الاعتماد بالكامل على الذكاء الاصطناعي في القرارات القانونية دون تطويره ليكون أكثر قدرة على تحليل القواعد وتطبيقها بمرونة. حتى ذلك الحين، يجب أن يكون دوره داعماً وليس حاسماً.
لمياء الصديق (أبوظبي)