في الحاجة لإطار محدد لتنمية القدرات الوطنية
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
تصاعد الحديث في السنوات الماضية عن الحاجة إلى أُطر وطنية وعالمية لمهارات المستقبل، ويأتي ذلك نتيجة لعدة عوامل؛ منها: التغيرات الهيكلية في الاقتصادات وأسواق العمل، التنافسية العالية في الاقتصاد العالمي، وتوسع الفجوة بين المهارات التي تزود بها أنظمة التعليم الدراسين وبين ما يحتاجه الدارسون من مهارات فعلية تمكنهم من البقاء والتنافس وتحقيق الإنتاجية في أسواق عمل محتدمة، إضافة إلى عدم صلاحية المهارات التقليدية في زمن تتوسع فيه التقانة والآلة في أداء المهام التقليدية والبسيطة في أنظمة العمل والإنتاج.
1- تحديد وتشخيص نوعية ومهارات القدرات الوطنية المطلوبة (وطنيًا وقطاعيًا) وفقًا لطبيعة الاقتصاد وتغيرات سوق العمل المحلي والموجهات الوطنية الأخرى.
2- تحديد وتشخيص أشكال البرامج المقترحة لتنمية تلك القدرات من خلال خارطة عمل وطنية متكاملة سواء كانت (برامج أكاديمية - برامج تنفيذية - برامج المهارات المهنية والتقنية - برامج رفع القدرات من دورات وبرامج تدريبية ذات احتياج وطني أعلى).
3- إطلاق وحوكمة بعض المبادرات الوطنية الرامية لتنمية القدرات الوطنية في قطاعات محددة، بما في ذلك مبادرات التدريب المقترن بالتشغيل، والتدريب على رأس العمل.
4- تمكين العلاقة بين القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بالشراكة من أجل تجويد نوعية عمليات التدريب وبرامج تنمية القدرات، وفيما يتعلق بتبادل المعرفة حول أفضل ممارسات تمكين التعلم المستمر.
5- وضع خطة متكاملة وطنية - قطاعية لبرامج التعلم المستمر لمختلف القدرات الوطنية العاملة في مستوياتها المختلفة الإشرافية والتنفيذية وربطها بإطار القدرات الوطنية.
ولا شك أن فكرة هذا البرنامج ستبنى على ما توصلت إليه الجهود الراهنة، سواء تلك المتحققة في البرنامج الوطني للتشغيل، أو عبر المؤسسات بما فيها وزارة العمل ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ولكن تبقى القيمة المتحققة من وجود مثل هذا البرنامج هو تنسيق الجهود، المراجعة المرنة والدورية لكفاءة وتطوير القدرات الوطنية، وتمكين قطاعات العمل من تجويد برامج تنمية القدرات، وتقليص فجوة المهارات بين القطاعات والمؤسسات.
يرى المنتدى الاقتصادي العالمي أن التغير العالمي في الطلب على المهارات لابد أن يقابله أربع تحركات وطنية في سبيل مواكبة هذا التغير وهي:
1. ينبغي للحكومات والشركات ومقدمي التعليم العمل معًا لبناء نظام بيئي قوي ومترابط ملتزم بأجندة شاملة لتحسين المهارات.
2. ينبغي للحكومات أن تتبنى نهجا مرنا لتحفيز المبادرات الوطنية لتحسين المهارات، والعمل مع الشركات والمنظمات غير الربحية وقطاع التعليم، مثل توفير الحوافز لإيجاد فرص العمل في الاقتصاد الأخضر ودعم الابتكار التكنولوجي.
3. ستحتاج الشركات إلى ترسيخ تحسين المهارات والاستثمار في القوى العاملة كمبدأ أساسي في العمل وتقديم تعهدات محددة زمنيًا للعمل.
4. يجب على المعلمين إعادة تصور التعليم وتبني التعلم مدى الحياة لضمان حصول الجميع على فرصة المشاركة في مستقبل العمل.
وتوفر بيئات وأنماط التعلم المستجدة التي ظهرت في أعقاب جائحة كورونا (كوفيد 19) فرصًا هائلة لتحقيق مبدأ ضمان التعلم المستمر والمتعدد والمخصص Continuous, multiplexed and personalized learning والذي يواكب طبيعة وأنماط العمل الجديد والوضع الجديد للقوى العاملة، وهو ما يُمكن في الوقت ذاته من تحقيق القيمة الاقتصادية من التعلم المستمر، حيث تشير أبحاث AlayaCare إلى أن الشركات التي تستثمر في التعلم عبر الإنترنت تحقق إيرادات أعلى بنسبة 218% وهوامش ربح أعلى بنسبة 24%. ويبقى الرهان كيف يمكن تقاسم هذه الربحية ليس فقط في قطاعات الأعمال الخاصة، ولكن كيف تستفيد الحكومات أيضًا من أنماط التعلم الجديدة في مضاعفة إنتاجية العاملين، والتحقق من قدرة الداخلين الجدد إلى أسواق العمل من مطابقة المهارات والقدرات التي تحتاجها تلك الأسواق فعليًا. في تقديرنا فإن هناك مهارات متفق على الحاجة إليها عالميًا، لكونها مرتبطة بالتنافسية العالمية، وبالتواصل العالمي، ولكن على المستوى الوطني هناك حاجة دقيقة للتركيز على الحاجيات الفعلية من المهارات والجدارات والقدرات في بيئات العمل، فقد نتوصل إلى أشكال جديدة من فجوات المهارات، أو قد تكون هناك مزايا نسبية للمهارات العُمانية تحتاج إلى استثمارها والعمل عليها استراتيجيًا لتعزيزها وتمكينها بشكل أفضل لخدمة سوق العمل.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القدرات الوطنیة التعلم المستمر
إقرأ أيضاً:
قنا تودع أيقونة العمل الإنساني.. رحيل "شيماء القوصي" فارسة الخير التي لا تُنسى
سادت حالة من الحزن العميق والأسى في أرجاء مركز نجع حمادي، شمال محافظة قنا، بل وفي الصعيد بأكمله، عقب الإعلان عن وفاة المحسنة الفاضلة شيماء القوصي، التي اشتهرت بين الأهالي بلقب "فارسة الخير"، وذلك بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء الإنساني المتواصل.
لقد مثلت شيماء القوصي نموذجًا فريدًا لـ العمل الخيري الصادق، وكرست حياتها لـ خدمة المحتاجين، تاركة وراءها سجلًا حافلًا من المبادرات الإنسانية التي لامست حياة الآلاف.
خلال رحلتها، كانت الفقيدة سندًا وعونًا لكل من طرق بابها. وشملت أعمالها الخيرية جوانب متعددة من الحياة المجتمعية: الأيتام والأرامل كانت ملاذًا داعمًا لهم، بتوفير الرعاية والاحتياجات الأساسية، الأسر الفقيرة حيث أسهمت في توفير حياة كريمة لهم، ودعم مشروعاتهم الصغيرة، دعم الزواج والعلاج حيث كان لها دور فاعل في تزويج الفتيات المحتاجات، وتوفير العلاج والدعم الإنساني للمرضى والمصابين، لم يقتصر عطاؤها على الدعم المادي، بل امتد لدعم مشروعات محو الأمية للارتقاء بالمجتمع.
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في محافظة قنا وخارجها إلى ساحة عزاء واسعة لوداع "فارسة الخير" ونعى الأهالي والأصدقاء والمستفيدون الراحلة بكلمات مؤثرة، مؤكدين أن رحيل شيماء القوصي يمثل خسارة كبيرة للمجتمع الإنساني في نجع حمادي.
وعبّر المعزون عن حزنهم العميق لفقدان رمز من رموز الإنسانية والصدق في العطاء، مشددين على أن اسمها سيبقى شاهدًا حيًا على الخير الذي لا يعرف الحدود.
واختتم الأهالي نعييهم داعين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته، ويجعل ما قدمته في ميزان حسناتها.