لجريدة عمان:
2025-04-07@03:32:09 GMT

في الحاجة لإطار محدد لتنمية القدرات الوطنية

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

تصاعد الحديث في السنوات الماضية عن الحاجة إلى أُطر وطنية وعالمية لمهارات المستقبل، ويأتي ذلك نتيجة لعدة عوامل؛ منها: التغيرات الهيكلية في الاقتصادات وأسواق العمل، التنافسية العالية في الاقتصاد العالمي، وتوسع الفجوة بين المهارات التي تزود بها أنظمة التعليم الدراسين وبين ما يحتاجه الدارسون من مهارات فعلية تمكنهم من البقاء والتنافس وتحقيق الإنتاجية في أسواق عمل محتدمة، إضافة إلى عدم صلاحية المهارات التقليدية في زمن تتوسع فيه التقانة والآلة في أداء المهام التقليدية والبسيطة في أنظمة العمل والإنتاج.

وعلى المستوى المحلي كانت هناك جهود موسعة في هذا الصدد؛ لعل أهمها استصدار الإطار الوطني لمهارات المستقبل؛ والهادف «لضمان إكساب المتعلمين المهارات اللازمة لمواكبة التطور المتسارع في العالم، وتعزيز التنافسية لديهم في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، وتغير نوعية المهن والوظائف المستقبلية». وكذلك، وضع الإطار الوطني للمؤهلات، عوضًا عن المراجعات فيما يتعلق بفلسفة التعليم، والتوجيهات السامية بإعداد خطة تنفيذيـة متكاملة لتطوير قطاع التعليم والتدريب المهني واستكمال إعداد مسار التعليم التقني ضـمن مخرجات التعليم العام، وعديد المناقشات الوطنية التي جرت حول هذه الأطر. لكن في تقديرنا هناك ثلاثة أسئلة لاحقة لكل هذه الجهود: أولها: الكيفية التي يمكن من خلالها ضمان فكرة «التعلم المستمر» كأحد محددات القدرات الوطنية في عالم متغير؟ والثاني: كيفية ضمان المشاركة القطاعية المتكاملة خاصة بين القطاع العام والقطاع الخاص للبناء على الإطار الجامع لمهارات المستقبل؟ وثالثها: كيف يمكن صياغة إطار وطني للمهارات «الوطنية» التي تحتاجها فعليًا قطاعات الإنتاج وفقًا للحالة الاقتصادية الراهنة وفي ضوء التنافسية العالمية؟ هذه أسئلة مهمة وجوهرية في تقديرنا لحوكمة مهارات المستقبل. وعلى الجانب الآخر فإن تعدد الأطراف التي تعمل على مراجعة المهارات ومواءمتها قد يشكل تحديًا أيضًا في تعميم هذه المهارات وتطويرها والبناء عليها. نعتقد في هذه الحالة بضرورة وجود برنامج وطني جامع -على غرار البرامج الوطنية- ويمكن أن يُستجد خلال الخطة الخمسية القادمة (الحادية عشرة)؛ مهمة هذا البرنامج هو تنسيق وحوكمة كافة الجهود الوطنية المعنية بتطوير القدرات الوطنية، وذلك من خلال خمسة عناصر أساسية تمثل (رحلة القدرات) -إن صحت تسميتها- وهي:

1- تحديد وتشخيص نوعية ومهارات القدرات الوطنية المطلوبة (وطنيًا وقطاعيًا) وفقًا لطبيعة الاقتصاد وتغيرات سوق العمل المحلي والموجهات الوطنية الأخرى.

2- تحديد وتشخيص أشكال البرامج المقترحة لتنمية تلك القدرات من خلال خارطة عمل وطنية متكاملة سواء كانت (برامج أكاديمية - برامج تنفيذية - برامج المهارات المهنية والتقنية - برامج رفع القدرات من دورات وبرامج تدريبية ذات احتياج وطني أعلى).

3- إطلاق وحوكمة بعض المبادرات الوطنية الرامية لتنمية القدرات الوطنية في قطاعات محددة، بما في ذلك مبادرات التدريب المقترن بالتشغيل، والتدريب على رأس العمل.

4- تمكين العلاقة بين القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بالشراكة من أجل تجويد نوعية عمليات التدريب وبرامج تنمية القدرات، وفيما يتعلق بتبادل المعرفة حول أفضل ممارسات تمكين التعلم المستمر.

5- وضع خطة متكاملة وطنية - قطاعية لبرامج التعلم المستمر لمختلف القدرات الوطنية العاملة في مستوياتها المختلفة الإشرافية والتنفيذية وربطها بإطار القدرات الوطنية.

ولا شك أن فكرة هذا البرنامج ستبنى على ما توصلت إليه الجهود الراهنة، سواء تلك المتحققة في البرنامج الوطني للتشغيل، أو عبر المؤسسات بما فيها وزارة العمل ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ولكن تبقى القيمة المتحققة من وجود مثل هذا البرنامج هو تنسيق الجهود، المراجعة المرنة والدورية لكفاءة وتطوير القدرات الوطنية، وتمكين قطاعات العمل من تجويد برامج تنمية القدرات، وتقليص فجوة المهارات بين القطاعات والمؤسسات.

يرى المنتدى الاقتصادي العالمي أن التغير العالمي في الطلب على المهارات لابد أن يقابله أربع تحركات وطنية في سبيل مواكبة هذا التغير وهي:

1. ينبغي للحكومات والشركات ومقدمي التعليم العمل معًا لبناء نظام بيئي قوي ومترابط ملتزم بأجندة شاملة لتحسين المهارات.

2. ينبغي للحكومات أن تتبنى نهجا مرنا لتحفيز المبادرات الوطنية لتحسين المهارات، والعمل مع الشركات والمنظمات غير الربحية وقطاع التعليم، مثل توفير الحوافز لإيجاد فرص العمل في الاقتصاد الأخضر ودعم الابتكار التكنولوجي.

3. ستحتاج الشركات إلى ترسيخ تحسين المهارات والاستثمار في القوى العاملة كمبدأ أساسي في العمل وتقديم تعهدات محددة زمنيًا للعمل.

4. يجب على المعلمين إعادة تصور التعليم وتبني التعلم مدى الحياة لضمان حصول الجميع على فرصة المشاركة في مستقبل العمل.

وتوفر بيئات وأنماط التعلم المستجدة التي ظهرت في أعقاب جائحة كورونا (كوفيد 19) فرصًا هائلة لتحقيق مبدأ ضمان التعلم المستمر والمتعدد والمخصص Continuous, multiplexed and personalized learning والذي يواكب طبيعة وأنماط العمل الجديد والوضع الجديد للقوى العاملة، وهو ما يُمكن في الوقت ذاته من تحقيق القيمة الاقتصادية من التعلم المستمر، حيث تشير أبحاث AlayaCare إلى أن الشركات التي تستثمر في التعلم عبر الإنترنت تحقق إيرادات أعلى بنسبة 218% وهوامش ربح أعلى بنسبة 24%. ويبقى الرهان كيف يمكن تقاسم هذه الربحية ليس فقط في قطاعات الأعمال الخاصة، ولكن كيف تستفيد الحكومات أيضًا من أنماط التعلم الجديدة في مضاعفة إنتاجية العاملين، والتحقق من قدرة الداخلين الجدد إلى أسواق العمل من مطابقة المهارات والقدرات التي تحتاجها تلك الأسواق فعليًا. في تقديرنا فإن هناك مهارات متفق على الحاجة إليها عالميًا، لكونها مرتبطة بالتنافسية العالمية، وبالتواصل العالمي، ولكن على المستوى الوطني هناك حاجة دقيقة للتركيز على الحاجيات الفعلية من المهارات والجدارات والقدرات في بيئات العمل، فقد نتوصل إلى أشكال جديدة من فجوات المهارات، أو قد تكون هناك مزايا نسبية للمهارات العُمانية تحتاج إلى استثمارها والعمل عليها استراتيجيًا لتعزيزها وتمكينها بشكل أفضل لخدمة سوق العمل.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القدرات الوطنیة التعلم المستمر

إقرأ أيضاً:

خريجو الجامعات يفتقرون إلى المهارات التقنية بالعلوم والتكنولوجيا والرياضيات

أبوظبي: سلام أبوشهاب

أكد تقرير برلماني اعتمده المجلس الوطني الاتحادي، وحصلت «الخليج» على نسخة منه، أن استراتيجيات الحكومة تؤكد أهمية بناء منظومة حكومية مستقبلية متكاملة تواكب المتغيرات العالمية وتلبي متطلبات التنمية الشاملة، وتعزز التنافسية والمرونة ببناء القدرات والكفاءات الوطنية، إلا أنه اتضح للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل والسكان والموارد البشرية في المجلس، بتدارس موضوع «سياسة الحكومة في رفع كفاءة العاملين في القطاع الحكومي» عدم جاهزية الموارد البشرية في القطاع الحكومي لوظائف المستقبل وامتلاكهم المهارات اللازمة لهذه الوظائف، وهذا ما أكده تقرير مهارات المستقبل، الذي أشار إلى أن الخريجين يفتقرون إلى المهارات التقنية (وخاصة المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات) والمهارات الأساسية (مثل القدرات التحليلية والاتصال ومهارات التكنولوجيا الأساسية والتفكير النقدي، والتعاون، ومهارات العمل في فرق).
أوضح تقرير اللجنة أن البيانات أشارت إلى أن نحو 40% من القوى العاملة الإماراتية تقع ضمن فئة «كفء وخبير» في المهارات الرقمية، و15% يفتقر للمهارة، و45% مستجد. كما بينت الدراسة التي أعدها المنتدى الاقتصادي العالمي في مايو عام 2023، بعنوان «تقرير مستقبل الوظائف Future of Jobs Report»، تحليلاً شاملاً للتغيرات المتوقعة في سوق العمل العالمي من 2023 إلى 2027 إلى التركيز على أهمية تطوير المهارات وإعادة التأهيل المهني للموظفين لضمان استدامة الوظائف في المستقبل، وأبرز ما توصلت إليه بشأن الكفاءات المستقبلية هو ازدياد أهمية المهارات الرقمية، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني، مع تركيز قوي على تطويرها لمواكبة التحول الرقمي، وازدياد الحاجة إلى التفكير الإبداعي والتحليلي، ما يعكس تزايد الطلب على الحلول الابتكارية والتحليل المعمق. كذلك، يُتوقع أن تصبح مهارات التعلم مدى الحياة والمرونة والقدرة على التكيف أساسية لمواكبة التغيرات السريعة في سوق العمل، في حين أن بعض الكفاءات الاجتماعية مثل التعاطف والقيادة ستنمو، وستتراجع المهارات التقليدية مثل التعدد اللغوي والبراعة اليدوية مع زيادة الاعتماد على الأتمتة والتكنولوجيا.
وذكر التقرير أنه تبين للجنة عبر البحث والاطلاع على المنصات التدريبية التي أطلقتها «الهيئة الاتحادية للموارد البشرية» والجهات الحكومية الأخرى الاعتماد على برامج تدريبية افتراضية تعتمد على الجانب النظري، وعدم الاهتمام الكافي بالجانب العملي الذي يؤدي دوراً مهماً في اكتساب المهارات الأمر الذي يترتب عليه 4 نتائج وهي: الأولى: ضعف الأداء الوظيفي، حيث إن غياب التدريب الفعال يؤدي إلى قلة المهارات، وانخفاض الإنتاجية، وزيادة الأخطاء. والثانية: انخفاض التنافسية، حيث إن عدم تطوير المهارات يقلل قدرة الحكومة على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية. والثالثة: التأثير السلبي في الابتكار، حيث إن نقص المهارات الحديثة يحد الإبداع ويعوق تحسين العمليات والخدمات. والرابع: الاعتماد على العمالة الوافدة، حيث تشكل نحو 80% من القوى العاملة في الإمارات، ما يسهم في تعزيز التنوع والخبرات في سوق العمل، ومع ذلك، تبرز الحاجة إلى تحقيق توازن يدعم المواطنين في تطوير مهاراتهم وزيادة فرصهم التنافسية.
وأشار تقرير اللجنة إلى أنه وفقاً لما أشار إليه الخبراء في إعداد السياسات الخاصة بالموارد البشرية، فإن عدم جاهزية الموارد البشرية لوظائف ومهارات المستقبل تعود إلى 5 أسباب: الأول التغيرات السريعة في التكنولوجيا، إذ قد تصبح البرامج التدريبية الحالية غير قادرة على تزويد الموظفين بالمهارات الحديثة إذا لم تحدّث باستمرار، ما قد يؤدي إلى تأخر الموظفين في اكتساب المهارات الضرورية. والثاني: العقبات التنظيمية، حيث في بعض الأحيان قد تعوق الهياكل التنظيمية التغيير السريع والتكيف مع احتياجات السوق المتغيرة، حيث يصعب تنفيذ التغييرات بسرعة، بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة. والثالث: ضعف التعاون والتنسيق بين القطاعين العام والخاص، حيث في بعض الحالات، لا يوجد تنسيق كاف لتحديد المهارات المستقبلية وتطوير برامج تدريب تتناسب مع هذه الاحتياجات. والرابع: عدم كفاية الموارد المالية، حيث تعاني بعض الهيئات الحكومية قيوداً مالية تؤثر في قدرتها في استثمار الوقت والمال في التدريب والتطوير المهني للموظفين. والخامس: ثقافة عدم التغيير، حيث تتردد بعض الهيئات الحكومية في تغيير أساليب العمل أو تبني تقنيات جديدة، ما يؤدي إلى مقاومة تطوير المهارات اللازمة لوظائف المستقبل.
وذكر التقرير، أن ممثلي الحكومة ردوا على هذه الملاحظات بالإشارة إلى انه أُطْلِق عدد من المبادرات للتدريب والتطوير في الحكومة الاتحادية. وكان آخرها «جاهز» وهي مبادرة وطنية لتعزيز جاهزية الموظفين لمواجهة تحديات المستقبل. وصممت المبادرة خطوة استباقية لتعزيز مرونة الموظفين واستعدادهم للمستقبل، وتهدف إلى تمكينهم بالمهارات الجديدة، ودعم جاهزية الحكومة، ورفع مشاركة كوادر الحكومة في تنفيذ رؤى القيادة، وتعزيز الأداء والإنتاجية، وتتضمن مسارين: الأول خاص بموظفي الحكومة يتضمن وحدات تعليمية مرتبطة بنظام «بياناتي»، ما يسهل تتبع إنجازات الموظفين وربطها بمراجعة الأداء. والثاني خاص بالفئة القيادية، يتضمن جلسات ماستر كلاس إلزامية للقادة.
كما أوضح ممثلو الحكومة، أن نظام التدريب والتطوير للموظفين، يتضمن عدداً من أشكال التدريب المختلفة، منها التطبيقي والتعلم بالظل الوظيفي الذي يوفر التعلم عبر الجوانب العملية والتطبيقية للبرامج التدريبية. و«مشروع الزمالة الرقمية» الذي يهدف إلى تطوير القدرات الرقمية لدى موظفي الحكومة الاتحادية. وفي عام 2021، أطلقت الهيئة «مبادرة النخبة للشهادات المهنية التخصصية» التي تهدف إلى تمكين الموظفين، بتزويدهم بشهادات مهنية معترف بها عالمياً، يقدّمها أفضل مزودي التدريب في 20 أسرة وظيفية، بأسعار تفضيلية.
وأكد التقرير أن اللجنة تثمن جهود الحكومة بإطلاق برامج تدريبية متخصصة لموظفي الحكومة، إلا أنها لم تركز على الجانب التطبيقي والعملي فيها، وهنا تؤكد تبني البرامج التعليمية والتدريبية الحكومية التي تركز على الجانب العملي والتطبيقي بشكل أكبر، والمهارات التقنية والتحليلية (STEM). كما تقدر اللجنة دعم برامج تعليم المهارات الرقمية في القطاعات الحكومية الموجهة للمهارات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، ودمجها في التعليم وتطوير مهارات القطاع العام.

مقالات مشابهة

  • قائمة بالهواتف التي سيتوقف واتساب عن العمل عليها بداية من الشهر المقبل
  • خريجو الجامعات يفتقرون إلى المهارات التقنية بالعلوم والتكنولوجيا والرياضيات
  • لماذا يتجاهل المعلمون أنماط التعلم لطلابهم؟
  • عمر مرموش: أشعر بالراحة في جميع مراكز الهجوم.. وأستفيد من خبرة جوارديولا
  • مؤتمر "مبادرة القدرات البشرية" يكشف عن قائمة المتحدثين
  • مشاركة 300 من قادة الفكر العالميين بمؤتمر "القدرات البشرية" بالرياض
  • مؤتمر “مبادرة القدرات البشرية” يكشف عن قائمة المتحدثين
  • المفتي قبلان: اللحظة للتضامن الوطني وليس لتمزيق القبضة الوطنية العليا التي تحمي لبنان
  • حسان الناصر: لا مناوي ولا زمرته ومن حوله هم محدد لمواقفنا ومعاركنا
  • ضغط لتأجيل الانتخابات لهدف محدد