إلغاء التعصيب في المغرب.. مطالب إنهاء الظلم تصطدم بـقطعية نصوص الإرث
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
عادت قضية مراجعة منظومة الإرث إلى واجهة النقاش الحقوقي والديني في المغرب، مع تصاعد مطالبات مجموعة من المنظمات والتيارات بإلغاء نظام التعصيب، بالتزامن مع رفع لجنة خاصة مقترحات جديدة لتعديل قانون الأسرة إلى عاهل البلاد.
وعلى إثر الجدل الدائر منذ أشهر بشأن ورش تعديل مدونة (قانون) الأسرة، ظلت مسألة التعصيب في الإرث، نقطة جدلية حساسة في المناقشات، في ظل التباين الكبير بين المطالبين بإلغاء النظام "الذي يكرّس التمييز ويهضم حقوق الفتيات والنساء"، والمدافعين بالإبقاء عليه باعتباره "حكما شرعيا قطعيا".
والتعصيب في نظام الإرث الإسلامي، إحدى طرق توزيع التركة على الورثة، ويعني أن يرث الذكور من العصبات ما تبقى من التركة بعد أصحاب الفروض، الذين حدد لهم نصوص القرآن نصيبا معينا، كما هو الشأن بالنسبة الأبناء والبنات والأم والأب.
"نظام ظالم"ويبقى نظام انتقال التركة إلى الأعمام في حال عدم وجود أبناء ذكور وبوجود بنات فقط، إحدى تطبيقات نظام التعصيب في الإرث الإسلامي، والتي كانت موضع تقديرات متباينة بين مؤيدين للإبقاء على النظام وداعين لإلغائه، مثيرين أسئلة عن مدى تحقيقه لمقاصد الشرع ومواكبته لتطور الأسرة والمجتمع، خاصة وأنه لا يستند على نص قرآني صريح.
رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، سميرة موحيا، تقول إن الوقت قد حان للقطع مع نظام التعصيب الذي "يتسبب في الكثير من الظلم والقهر للسيدات والفتيات"، ويكرس "التمييز واللامساواة ضدهن".
ومنذ عام 2008، ترفع الفيدرالية مطلب إلغاء التعصيب، بعد أن توصلت بشكايات أسر ورجال يستفسرون عن كيفية منع تطبيق النظام الذي يهدد بحرمان بناتهم من الإرث ومن حقوقهن بعد وفاتهم، وفقا لموحيا.
وعلى مدار السنوات، تقول موحيا، إن الفيدرالية التي ترأسها "وقفت على عدد من حالات المعاناة لنساء بسبب نظام التعصيب"، مشيرة إلى أنه "يتسبب في مآسي ويشرد الأسر".
وتنص المادة 336 من قانون الأسرة المغربي، على أنه "إذا لم يوجد أحد من ذوي الفروض أو وجد ولم تستغرق الفروض التركة، كانت التركة أو ما بقي منها للعصبة بعد أخذ ذوي الفروض فروضهم".
"تغيير كلام الله" ودعوة لإنهاء "التمييز".. جدل جديد بشأن "المدونة" في المغرب تجدد الجدل المرتبط بإصلاح قانون الأسرة بالأوساط الحقوقية والسياسية في المغرب، بعد الخرجة الأخيرة لزعيم حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، عبد الإله بنكيران، والتي دعا فيها إلى مواجهة أي بنود "تخالف" المرجعية الإسلامية بـ"مسيرة شعبية مليونية". "نظام متكامل"وتطالب فعاليات حقوقية، ومن بينها "تنسيقية المناصفة"، المهتمة بقضايا المساواة بين الجنسين، بأن يتم تغيير النص ليصبح "إذا لم يوجد أحد من ذوي الفروض كانت التركة للعصبة".
كما تقترح تعديل المادة 338: "الوارث بالتعصيب فقط، ثمانية: الابن، وابنه وإن سفل، والأخ الشقيق والأخ للأب وابنهما وإن سفل، والعم الشقيق والعم للأب وابنهما وإن سفل"، وذلك بإلغاء التعصيب عند وجود البنت.
لكن في المقابل، يرى الباحث في الدراسات الإسلامية، حسن الموس، أن التعديل في قضايا الإرث ينبغي أن يتم بشكل "متأن ويراعي الخصوصية والقطعيات"، مشيرا إلى أن نصوص الإرث في مجملها "قطعية".
ويضيف الموس في تصريح لموقع "الحرة"، أن الآيات القرآنية في سورة النساء، فيها تأكيد "وصية من الله" و"فريضة من الله"، ولهذا يسمى الإرث علم الفرائض لأنه "فريضة محكمة من الله".
وفيما يتعلق بقضية التعصيب، يقول إنها "من القطعيات"، موضحا أن الإرث قائم على مبدأين: الذين يرثون عن طريق الفروض أي أن الله فرض لهم فريضة، مثل الأم مثلا والأب..، أو من يرثون بالتعصيب "أي يأخذون ما بقي من التركة"، وهي الحالة التي صدر فيها فيها حديث نبوي، يقول إن "ما بقي فلأولى رجل".
ويوضح أن من "ينادون بإلغاء التعصيب يخالفون من قطعية الدين ومن هذا النظام الإسلامي"، مشيرا إلى أنهم "ينظرون إلى بعض الحالات الخاصة، التي يقع فيها إجحاف على المرأة أو الطفل".
في المقابل، ترى الناشطة الحقوقية، أن "لا معنى من أن يستفيد الأعمام أو أبناء عمومة من إرث قد يكون عقارا أو ثروة أو أي تركة "لم يسهموا في بنائها أو جمعها، خاصة وأنه في أغلب الحالات لا يقومون بالإنفاق على تلك الزوجة أو الفتيات اللائي فقدن الأب، في ظل غياب أي قانون يفرض عليهم ذلك".
وتضيف موحيا، أن "من المؤلم أن يستمر هذا النظام الذي لم يعد له أي مبرر، بعد أن تم إقراره في ظروف وسياقات اجتماعية واقتصادية وثقافية تغيرت اليوم".
قطيعة أم استمراريةويتجه المغرب نحو تعديل مدونة (قانون) الأسرة التي كانت مثار نقاش متواصل منذ إقرارها عام 2004، بعد دعوة العاهل المغربي، محمد السادس، في سبتمبر الماضي، إلى إطلاق مشاورات موسعة لإصلاحها من أجل تجاوز "الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود التي تم الانحراف بها عن أهدافها".
وقادت هذه المشاورات لجنة شُكلت أواخر سبتمبر، وتضم إلى جانب وزير العدل، مسؤولي عدد من المؤسسات القضائية والحقوقية والدينية، وعهد إليها إعداد مشروع الإصلاح في أجل أقصاه ستة أشهر، على أن تقوم الحكومة بإعداد مشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على البرلمان.
وأعربت موحيا، عن أملها في أن تنهي المدونة الجديدة مع نظام التعصيب، الذي جاء كـ"اجتهاد فقهي، في سياق تاريخي معين بغايات سياسية وقبلية عشائرية محضة للحفاظ على الأموال"، مضيفة أنه "اليوم وفي إطار الدولة الحديثة والتغيرات التي طرأت على شكل الأسر التي انتقلت من العائلة الممتدة إلى الأسرة النووية، لم يعد لاستمراريته أي معنى".
وتضيف موحيا، أن من بين المقاصد الكبرى للإسلام أنه ما لم تكن هناك مصلحة في قاعدة أو حكم من الأحكام الشرعية "تترك دون إحراج"، عملا بقاعدتي "جلب المصلحة ودرء المضار"، و"أينما يكون العدل فثم شرع الله".
"لحظة مهمة" في المغرب.. إصلاح قانون الإسرة "لن يكون سهلا" بعد أن كانت مضامينه في قلب جدل متواصل منذ إقراره عام 2004، يتجه المغرب نحو إصلاح قانون الأسرة، في أعقاب توجيه العاهل المغربي، الثلاثاء، الحكومة بإعادة النظر في "المدونة" التي تطالب الحركة الحقوقية، منذ سنوات، بإدخال تعديلات وتغييرات جذرية على بنودها.من جهته، يرى الباحث في الدراسات الإسلامية، أن نظام الإرث "متكامل وفيه حقوق وواجبات"، والاقتراحات بشأنه من طرف بعض التيارات "بعيدة كل البعد عن مصلحة المرأة والأسرة".
ويضيف، أن هذا الحالات أيضا "يوجد لها حل من داخل المنظومة الشرعية"، موضحا أنه يتم دائما إعطاء مثال "هلك هالك وترك زوجة وبنت أو بنتين"، فيقولون يأتي العم أو ابن العم، وهو بعيد لأخذ جزء من التركة، لكن السؤال هو "ماذا سيأخذ، حيث إن توزيع الإرث يكون في هذه الحالة من خلال استفادة البنت من النصف، والأم الثلث، أو بنتين فأكثر لهما الثلثين"، وما يبقى للعاصب فهو قليل.
ويلفت إلى أنه حتى لو قدرنا أن "هؤلاء الطفلات لا زلن صغيرات بإمكان الأب أن يعمرهن ذلك البيت في حياته ذلك المسكن، أو أن يهبهم حق الانتفاع مثلا.."، ما يشير إلى أن "الشريعة تضع أيضا حلول للحالات الخاصة".
ويختم الباحث الإسلامي حديثه بالإشارة إلى أنه لا ينبغي أن "نتصور دائما أن هذا العاصب يأتي لكي يظلم"، بل إن دوره الأصلي "أن يحمي الأسرة ويؤازرها وهذا دوره في هذا النظام الإسلامي المتكامل"، غير أن الناشطة الحقوقية تجدد التأكيد على أن "هذا المعطى لم يعد قائما في ظل التغيرات التي رافقت تطور المجتمع وشكل أسر اليوم".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قانون الأسرة فی المغرب إلى أنه إلى أن
إقرأ أيضاً:
ملك الأردن: مستمرون في العمل لإنهاء الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال ملك الأردن عبد الله الثاني، اليوم الخميس، إننا مستمرون في العمل مع الدول العربية والمجتمع الدولي لإنهاء الظلم والقتل والتدمير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وجدد ملك الأردن في برقية بعثها للرئيس الفلسطيني محمود عباس بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لإعلان استقلال دولة فلسطين، وقوف الأردن إلى جانب الفلسطينيين في نيل كامل حقوقهم المشروعة.
وشدد ملك الأردن على ضرورة بذل جهود مضاعفة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والاعتداءات على الفلسطينيين بالضفة الغربية.