وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون المالية العامة الموحد الصادر بالقانون رقم 6 لسنة 2022، حيث يهدف مشروع القانون إلى العمل على تحسين مؤشرات أداء المالية العامة لتتفق مع المعايير الدولية، وما يتطلبه ذلك من إجراءات تشريعية ومحاسبية وفنية، وكذلك ضرورة العمل على تكاتف أجهزة الدولة للعمل على تخفيض دين الحكومة في أسرع وقت ممكن.

 

قانون المالية العامة الموحد


وأوضح رئيس خطة النواب، أن مشروع القانون يتضمن إضافة بعض الأحكام اللازمة لحساب مؤشرات المالية العامة على أساس موازنة الحكومة العامة ووضع حد أقصى سنوي لسقف دين الحكومة، كما يتضمن مشروع قانون المالية الموحد، إعداد جداول تحويل بيانات موارد واستخدامات الهيئات العامة الاقتصادية من التقسيم النمطي للهيئات الاقتصادية إلى التقسيم الاقتصادي للموازنة العامة للدولة، وتصنيف الهيئات العامة الاقتصادية وفقًا للأنشطة الاقتصادية لتطبيق عملية الضم المرحلي للموازنة العامة للدولة بما يضمن التحسن التدريجي لمؤشرات المالية العامة.


وتابع رئيس اللجنة أنه تم إعداد مشروع قانون المالية الموحد من خلال اتخاذ بعض الإجراءات الفنية والتشريعية، مشيرا إلى أن الإجراءات الفنية تتمثل في إعداد جداول تحويل بيانات موارد واستخدامات الهيئات العامة الاقتصادية من التقسيم النمطي للهيئات الاقتصادية إلى التقسيم الاقتصادي للموازنة العامة للدولة وتوحيدها بنفس منهجية عرض بيانات جهات الموازنة العامة للدولة حتى يمكن عرض تلك البيانات بشكل موحد، كما تم دراسة الأسس المحاسبية والموازنية التي يتم تطبيقها على الهيئات العامة الاقتصادية وأسلوب تحويل البيانات ليتم عرضها وفقًا لتقسيمات الموازنة العامة للدولة وفقًا لمنهجية محددة لاختيار الهيئات العامة الاقتصادية التي يتم ضمها على مدار مدة أقصاها خمس سنوات.


وأوضح أن مشروع القانون اعتمد على تصنيف الهيئات العامة الاقتصادية وفقًا للأنشطة الاقتصادية لتطبيق عملية الضم المرحلي للموازنة العامة للدولة بما يضمن التحسن التدريجي لمؤشرات المالية العامة بصفة عامة ونخص منها مؤشر الفوائد لإيرادات الحكومة العامة وللناتج المحلي الإجمالي ومؤشر دين الحكومة العامة للناتج المحلي الإجمالي مع الأخذ في الحسبان ضرورة اتخاذ إجراءات إصلاحية للهيئات العامة الاقتصادية وخاصة الهيئات ذات أرصدة ديون مرتفعة.
 

وجاءت (المادة الأولى) من مشروع القانون لتنص على أن يستبدل بنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 6 لسنة 2022 بإصدار قانون المالية العامة الموحد، وينص تعريف عبارة "السنة" "المالية" الواردة بالمادة (1) وبنصوص المواد ٢٣ فقرة ثانية و(30) الفقرتين الأولى والثانية)، و(35)، و(74) النصوص الآتية:


المادة الثانية (الفقرة الأولى): يطبق نظام موازنة الأبواب والبنود، مع التطبيق الكامل لنظام موازنة البرامج والأداء خلال ست سنوات على الأكثر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، مع مراعاة تطوير الهياكل الوظيفية والإدارية ومقومات التنفيذ للجهات المخاطبة بأحكام هذا القانون والقانون المرافق له للقدر الذي تستطيع معه إنفاذ هذا النظام والتحكم في أدواته ومخرجاته، مع مراعاة تطوير نظم الرقابة بما يناسب تطبيق هذا النظام ويحقق الاستخدام الأمثل لموارد الدولة بكفاءة وفاعلية ويضمن تحقيق أهداف الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والأهداف الاستراتيجية للدولة."


المادة (1): السنة المالية: سنة تبدأ من أول يوليو وتنتهي في آخر يونيو من كل سنة.

مادة 23 فقرة ثانية مستحدثة: ويرفق بمشروع الموازنة العامة للدولة موازنة الحكومة موضحا بها الحد الأقصى لقيمة دين الحكومة العامة العامة المقرر وفقا لحكم المادة ٣١ مكررا من هذا القانون.

المادة (30) الفقرتين الأولى، والثانية: "يتعين أخذ رأي الوزارة في مشروعات القوانين التي من شأنها ترتيب أعباء مالية مباشرة أو غير مباشرة، إيرادا أو استخدامًا، منظورة أو محتملة، إيجابا أو سلبا على الخزانة العامة للدولة مالم تكن مدرجة في الموازنة العامة للدولة. كما يتعين على الجهات الإدارية أخذ موافقة الوزارة على مشروعات القرارات التي من شأنها ترتيب التزامات أو أعباء مالية مباشرة أو غير مباشرة، منظورة أو محتملة، إيرادا أو استخدامًا، إيجابا أو سلبا على الخزانة العامة للدولة مالم يكن مدرجا بالموازنة العامة للدولة قبل إصدارها من السلطة المختصة."
المادة (35): يحظر علي جميع المسئولين بالجهات الإدارية الارتباط بآية مصروفات أو إبرام أية تعاقدات أو اتفاقات مالية أو بروتوكولات أو مبادرات أو غيرها يترتب عليها التزامات أو أعباء مالية مباشرة أو غير مباشرة، منظورة أو محتملة، قبل الحصول على إقرار من المسئولين عن نظام الارتباطات بإدارة الموازنة بالجهة، بسماح البند المختص الواجب الخصم عليه قانونا بقيمة الارتباط، وأن يكون ذلك في حدود الاعتمادات المدرجة له بالموازنة.


كما يحظر علي ممثلي الوزارة بالوحدات الحسابية الموافقة على صرف أية مبالغ قبل التأكد من وجود ارتباط مالي، وأن البند المختص، دون غيره، يسمح بالصرف وأن المشروع مدرج بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أو تم الحصول على موافقة الوزارة المختصة بشؤن التخطيط والتنمية الاقتصادية " فيما يتعلق بالباب السادس: شراء الأصول الغير مالية ( الاستثمارات" حسب الأحوال، ما عدم الاخلال بالمادة ٣٧ من هذا القانون وتنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون نظام الارتباطات والسجلات اللازمة لمراقبتها، ونظام الارتباطات للتوريدات والمصروفات المتكررة التي تمتد لأكثر من سنة مالية.

وفي حالة مخالفة الأحكام المبينة بالفقرتين الأولى والثانية لا يجوز للجهات الإدارية ومسئوليها مطالبة الخزانة العامة للدولة بأية تمويلات أو اعتمادات إضافية في هذا الشأن."

المادة (74): مع عدم الإخلال بما ورد في شأنه نص خاص، لا يجوز للجهة الإدارية إصدار أو تعديل لوائح خاصة يترتب عليها أعباء مالية مباشرة أو غير مباشرة، إيرادا أو استخدامًا، إيجابا أو سلبا على الخزانة العامة للدولة ما لم تكن مدرجة بالموازنة العامة للدولة، إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من الوزارة، ولا تلتزم الخزانة العامة للدولة بتدبير أي أعباء مالية تخص لوائح خاصة غير معتمدة من الوزارة حاليا أو مستقبلًا.

المادة الثانية) فتقضي بإضافة تعريفات جديدة للمادة (1) من قانون المالية العامة الموحد المشاراليه هى " موازنة الحكومة العامة " يلي تعريف عبارة "المالية العامة"، ودين الحكومة العامة يليات تعريف المالية العامة وتعريف "التقسيم النمطي" يلي تعريف عبارة "التصنيف الإداري"، نصورها الآتي

- موازنة الحكومة العامة: بيان باجمالي موارد واستخدامات الموازنة العامة للدولة وموارد واستخدامات جميع الهيئات العامة الاقتصادية، بعد استبعاد العلاقة الموازنية المتبادلة وفقا لقانون ربط الموازنة العامة للدولة.وذلك كله دون التأثير على طبيعة عمل إلهيئات العامة الاقتصادية أو مراكزها القانونية أو إعداد موازناتها أو نظم المحاسبة بها أو علاقتها بالخزانة العامةدين الحكومة: الدين الذي يتضمن دين أجهزة الموازنة العامة للدولة ودين الهيئات الاقتصادية بعد استبعاد العلاقات المتبادلة بينهما.- التقسيم النمطي: تقسيم التكاليف والمصروفات والإيرادات الجارية وكذا الاستخدامات والموارد الرأسمالية إلى مجموعات وبنود وأنواع وفروع بما يتوافق مع النظام المحاسبي الموحد.كما تضاف مادتان جديدتان برقمي ٢٥ مكررا و٣١ مكررا إلى ذات القانون نهما الاتى:


وذلك كله دون التأثير على طبيعة عمل إلهيئات العامة الاقتصادية أو مراكزها القانونية أو إعداد موازناتها أو نظم المحاسبة بها أو علاقتها بالخزانة العامة.

دين الحكومة: الدين الذي يتضمن دين أجهزة الموازنة العامة للدولة ودين الهيئات الاقتصادية بعد استبعاد العلاقات المتبادلة بينهما.

التقسيم النمطي: تقسيم التكاليف والمصروفات والإيرادات الجارية وكذا الاستخدامات والموارد الرأسمالية إلى مجموعات وبنود وأنواع وفروع بما يتوافق مع النظام المحاسبي الموحد

كما تضاف مادتان جديدتان برقمي ٢٥ مكررا و٣١ مكررا إلى ذات القانون نهما الاتى:

مادة (25 مكررًا): تحسب كافة مؤشرات المالية العامة على أساس موارد واستخدامات الحكومة العامة.

مادة (31 مكررًا): مع عدم الاخلال بأحكام المادتين 31 و36 من هذا القانون يضع مجلس الوزراء سنويًا بناء على عرض وزير المالية حدًا أقصى لقيمة دين الحكومة العامة ويتم تحديد هذه القيمة بنسبة من الناتج المحلي المتوقع خلال السنة المالية، ولا يجوز تجاوز الحد الأقصى السنوي لدين الحكومة العامة إلا في حالات الضرورة والحتميات القومية بعد العرض على رئيس الجمهورية واعتماد مجلس الوزراء بناء على عرض وزير المالية، وموافقة مجلس النواب على تعديل موازنة الحكومة العامة المرفقة بمشروع قانون ربط الموازنة العامة للدولة.

ويعتد بالحد الأقصى لدين الحكومة العامة في حساب مؤشرات المالية العامة طبقًا للمادة (25 مكررًا) من هذا القانون.

المادة برقم المادة الثالثة(مستحدثة ): يكون شمول قيم موارد واستخدامات الهيئات العامة الاقتصادية ضمن موارد واستخدامات موازنة الحكومة العامة المشار اليه بصورة تدريجية خلال مدة لاتجاوز خمس سنوات مالية حسبما تنص عليه قوانين ربط الموازنة العامة للدولة طبقا لجدول زمني يعتمده مجلس الوزراء بناء على عرض وزير المالية.

وجاءت (المادة الرابعة ) لتلغي كل ما يخالف هذا القانون أو يتعارض مع أحكامه.

فيما تقضي (المادة الخامسة ) بأن ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: للموازنة العامة ة الموازنة العامة قانون المالية العامة الموحد قانون المالية العامة مشروع الموازنة العامة للدولة قانون المالیة العامة الموحد الهیئات العامة الاقتصادیة الموازنة العامة للدولة للموازنة العامة للدولة الخزانة العامة للدولة مؤشرات المالیة العامة موازنة الحکومة العامة من هذا القانون مشروع القانون

إقرأ أيضاً:

النص الكامل لعظة راعي الأبرشية مار بطرس قسيس خلال قداس ليلة عيد الميلاد بحلب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال راعي الأبرشية  مار بطرس قسيس في عظة الميلاد والتي القاها خلال القداس في كاتدرائية مار أفرام السرياني بالسليمانية بحلب:

الأحباء الكهنة والشمامسة وأعضاء المجالس الملية واللجان والمؤسسات وعموم أبناء الأبرشية الموقرين

نعمة لكم وسلام من الله أبينا يسوع المسيح إلهنا ومخلصنا.

إنها ليلة الميلاد المجيد، الليلة التي تحققت فيها أولى خطوات الوعد الإلهي بأنَّ نسل المرأة يسحق رأس الحية. الليلة التي تصالحت فيها السماء مع الأرض بميلاد المخلص الذي سيرفع خطيئة العالم. الليلة التي رنمت فيها طغمات الملائكة نشيد الظفر معلنة مد جسر العبور، عبور البشر من الأرض إلى السماء، وعبور النعم والبركات من السماء إلى الأرض.

ولكن الأهم ضمن هذه النعم والبركات التي حصلنا عليها بميلاد رب المجد، معرفتنا الحقة بأن الله يحبنا، كما عبر عن ذلك يوحنا الرسول في رسالته الأولى قائلاً: "بهذه أُظهرت محبة الله فينا: أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به".

محبة الله لخليقته، أيها الأحبة، هي طبيعة الله الحقيقية، لأن الله محبة. 

وقد تجلت هذه المحبة للإنسان منذ البدء بأن هيأ له أفضل الظروف لكي يعيش حياة هانئة وسعيدة، في سلام وخير، مع الآخر، طبيعة كان أو مخلوقات. ولكن سرعان ما ظل الإنسان عن طريق الله ساقطاً في فخ الكبرياء المقيت وخاضعاً لإرادة الشرير ابليس.

ومشت الإنسانية في ظل الخوف والموت زماناً طويلاً، وما كانت تقدم لنفسها إلا مزيداً من السقوط والانحدار، وكأنها تقوم بإفناء نفسها. فأتى الميلاد. ميلاد الكلمة يسوع المسيح. وفي الحقيقة، فإن هذا العمل العظيم هو لائق بدرجة فائقة بصلاح الله. لأنه إذا أسس ملكٌ مدينةً، ثم بسبب إهمال سكانها حاربها اللصوص، فإنه لا يهملها قط، بل ينتقم من اللصوص ويخلّصها لأنها صنعة يديه وهو غير ناظر إلى إهمال سكانها، بل إلى ما يليق به هو ذاته.

هكذا وبالأكثر جداً، فإن كلمة الآب كلي الصلاح، لم يتخلّ عن الجنس البشري الذي خُلق بواسطته، ولم يتركه ينحدر إلى الفناء، بل أبطل الموت الذي حدث نتيجة التعدي، بتقديم جسده الخاص. ثم قوَّم إهمالهم بتعاليمه، وبقوته الخاصة أصلح كل أحوال البشر.   
في هذا يقول القديس أثناسيوس في كتابه تجسد الكلمة: "أنه لم يكن ممكناً أن يُحوِّل الفاسد إلى عدم فساد إلا المخلص نفسه، الذي خلق منذ البدء كل شيء من العدم. ولم يكن ممكناً أن يعيد خلق البشر ليكونوا على صورة الله إلا الذي هو صورة الآب. ولم يكن ممكناً أن يجعل الإنسان المائت غير مائت إلا يسوع المسيح الذي هو الحياة ذاتها. ولم يكن ممكناً أن يُعلِّم البشر عن الآب ويقضي على عبادة الأوثان إلا الكلمة الذي يضبط الأشياء وهو وحده الابن الوحيد الحقيقي".

لذا أيها الأحبة، ليس لنا نحن الترابيون إلا أن نشكر الرب الإله على افتقاده لبشريتنا الضعيفة بهذا الخلاص العظيم الذي قدمه لنا ونحن لسنا بمستحقين. ولنعمل على أن يكون جوابنا له فعلاً يعكس إدراكاً لدعوتنا ورسالتنا في هذه الحياة. كما أرادنا هو أن نكون: ملحاً للأرض ونوراً للعالم وخميرة للعجين. ليس في شرقنا العزيز فقط. بل في كل أنحاء الأرض. حيث الشهادة لمحبة الله للعالم يحتاجها العالم بأجمعه، كل العالم، ووصيته الأخيرة لنا كانت "أحبوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم". فلنكن رسلاً حقيقيين لرسالة المحبة الخالصة والباذلة التي سلمنا وعهدنا إياها نحن المخلصين باسمه القدوس.

في الأسابيع الأخيرة شهدت سورية الحبيبة تغييراً جذرياً في نظامها الذي حكمها لأكثر من خمسين عاماً. هذا التغيير كان أشبه بزلزال بشدة عالية جداً، وكان من الممكن أن نعيش اليوم أياماً وتجارب قاسية على كل المستويات. إلا أن رحمة الله ومحبته لنا خففت بأكبر قدر من أثره المدمر. فكان تغييراً سلساً ولم يتم رصد حالات مؤلمة إلا ما ندر. أما ارتدادات هذه الزلزال فهي التي نعيشها اليوم وننزعج من حصول بعض التعديات أو التجاوزات في غير منطقة من الوطن. ولا أود أن أطلق التوصيفات جزافاً على بعض هذه الممارسات، إلا أننا نقول باختصار بأنها لا تبني الوطن الذي نحلم به. لذا يجب أن نرفضها ونستنكرها بشدة ونعمل على وأدها في مهدها.

لا يجب أن تنتهي فقط هذه التعديات، وإنما يجب على كل واحد فينا أن يتطهر ويتغير. يجب علينا أن نقوم بهذه النقلة النوعية للأمام، رافضين الاستمرار بكل ما اعتدنا القيام به من ممارسات وكل ما كنا نقوم به راضين أو مرغمين، مشاركين بذلك في فساد السلطة والمجتمع.

نعم أيها الأحبة، أمامنا اليوم فرصة ذهبية قد لا تتكرر. والفرص التي تعطى للشعوب ليست بكثيرة. أمامنا فرصة حتى نثبت لأنفسنا قبل الآخرين، بأننا شعب يحب الحياة، وعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة. باننا شعب مؤمن، وإيماننا يقودنا إلى فعل الخير والفضيلة. بأننا شعب صابر وقد آن أوان افتقاده ونشله من سقطته.

ولننظر جميعنا للأطفال والشبان، أي بلد نود أن نورثهم، وأي مجتمع نحلم أن يعيشوا به. لنؤسس للأجيال القادمة قاعدة وطنية إيمانية إنسانية، بعيداً عن الاختلافات التي لم ولن تزول، ولكننا نستطيع فعل شيء واحد، ألا تكون هذه الاختلافات سبباً أساسياً لخلافات ونزاعات بين أبناء هذا الوطن.

بلدنا فيه من الفقر والبطالة والجوع والجهل والفساد الشيء الكثير، أكثر مما تتحمله أية دولة في العالم مهما عظمت، وهو موروث قديم جديد، لن نستطيع ولا يجب أن نقبل بالاستمرار فيه. ولذلك نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى لفترة من الأمن والسلام والاستقرار، حتى نعالج كل هذه المشاكل وغيرها ونصل إلى واقع أفضل لبلداتنا ومدننا وبشكل عام لوطننا. إنها بحق مسئولية الجميع.

كما أنها مسئولية الجميع الوصول إلى المصالحة الحقيقية بين مكونات هذا الشعب. فما فعله النظام السابق لم يفعله باسم طائفة معينة ولم يحل ظلمه وقمعه على طائفة دون الأخرى. فكلنا عانينا الأمرين وكلنا ضحايا للعهد البائد. ولكننا اليوم ولكي نبني وطننا، لا بد من المصالحة والمسامحة المتبادلة. لا الانتقام أو العدالة الانتقائية. هذا ما علمنا إياه يسوع بقوله لنا:
"يا ابت اغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يعملون" 
"لا تقاوموا الشر بالشر" 
"يا رب كم مرة يخطأ إليّ أخي وأغفر له؟ أسبع مرات؟ لا أقول لك سبع مرات بل سبعين مرة سبع مرات" 
"من منكم بلا خطيئة فليكن أوّل من يرميها بحجر" 
"ولكن إن جاع عدوك فأطعمه، وإذا عطش فاسقه، لأنك في عملك هذا تركم على هامته جمرًا متقدًا"

آيات كثيرة تتكلم عن المسامحة والمصالحة، هذا لأنها الطريق الوحيدة التي تقود إلى بناء المجتمعات التي عانت ما عانيناه. وفيها فرصة قوية لكي تقود المخطئ إلى التوبة الحقة. فيرجع عن أعماله الظالمة ويقوم بالتكفير عن أفعاله المشينة بتعويض ضحاياه عما افتعله بهم. لذلك نحن المسيحيون لا نتشفى بالظالمين ولا نطلب الانتقام منهم. بل نصلي من اجلهم حتى يُسكن الرب روحه في عقولهم وأفكارهم فتتقدس أفعالهم ونواياهم.  

هذا وقت الصلاة والتضرع أيها الأحبة. في السابق صلينا كثيراً من أجل حاجات متنوعة. أما اليوم فالصلاة هي من أجل أن يُنقّذ هذا البلد من أيدي أعدائه وأعوانهم. من أجل أن يهيأ الرب الإله لسورية حكاماً صالحين ويخافون الله. من أجل كل من ضحى ويضحي لخير هذا البلد واستقلاله وسيادته على أراضيه. من أجل أن يستطيع الواحد منا أن يقبل الآخر كما هو ويضع الواحد منا يده بيد الآخر لبناء هذا الوطن، الذي يتسع للجميع ويحتاج لجهود الجميع "ولنا هذه الثقة أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا".

أيها الأحبة: نحن ككنيسة سريانية أرثوذكسية نفتخر بأننا من أصل هذه الأرض المباركة. كنا وما زلنا وسنبقى فيها. لغتنا قوميتنا حضارتنا عبادتنا قديسونا، بل وحتى إلهنا المتجسد هم من هذه الأرض. نحن منها وهي منا. فيا سورية القلب والروح. يا معشوقة المغتربين وغرام المقيمين. ويا أرض القداسة والقديسين. لن نبخل عليكي بأي جهد حتى تستعيدي عافيتك وتعودي لتكوني منارة الشرق. برسالتك الأرضية والسماوية. رسالة المحبة والأخوة والسلام بين كل الناس.

وقلناها سابقاً ونكرر، لنا الفخر بأن مطران وراعي هذه الأبرشية هو الحبر الجليل مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم، الشخصية الدينية والوطنية، الذي قدم ذاته رخيصة من أجل هذا البلد ومواطنيه. ناطقاً بالحق في زمن غابت فيه الأصوات المنادية بالعدالة والمساواة والتحرر. بخطفه حاولوا اسكات صوته، ولكن بقيت رعيته تنادي باسمه في كل المنابر راجية إطلاق سراحه وتحريره من أسره. واليوم ونحن نذكره من جديد، نصلي من أجله كما فعلنا دائماً كي يعود لنا سالماً ومعه سيادة المطران بولس يازجي والكهنة وكل المخطوفين.    

أخيراً نهلل لصاحب هذا العيد المجيد كما هللت وسبحت الملائكة قائلة: "المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر". وليحل أمنه وسلامه في المعمورة أجمع وليعيد إلينا راعينا الجليل مار غريغويوس يوحنا إبراهيم سالماً، وليبارك في حياة وخدمة قداسة سيدنا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، الرجل الجبار والحكيم، الذي أرسله الله لكنيستنا ولوطننا في هذه الظروف الصعبة، نعايده ومن خلاله نعايد كل السادة المطارنة أعضاء المجمع الأنطاكي السرياني المقدس. كما ونعايد الآباء كهنة الأبرشية وأعضاء مجالسها الملية ولجانها ومؤسساتها الخدمية والاجتماعية وشمامستها وكورالاتها وكشافاتها وعموم مؤمنيها.

شملتكم العناية الإلهية بشفاعة أمنا القديسة الطاهرة مريم وجميع قديسيه وكل عام وأنتم خير.
بريخ مولوده دموران

مقالات مشابهة

  • أستاذ جراحة: قانون المسئولية الطبية مليء بالعوار
  • قبل مناقشته بـ"النواب".. ننشر فلسفة قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • السكوري: جلسة ماراتونية للتصويت على قانون الإضراب أنهت 62 عاماً من الإنتظار
  • قبل مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. ضوابط تحصيل المبالغ المستحقة من المتهمين
  • بعد تحرك البرلمان.. كيف واجه القانون ظاهرة انتشار الشائعات على مواقع التواصل
  • النص الكامل لعظة راعي الأبرشية مار بطرس قسيس خلال قداس ليلة عيد الميلاد بحلب
  • المالية النيابية: لايمكن تمرير قانون موازنة 2025 لصالح طرف على حساب أطراف أخرى
  • النص الكامل لتقرير ديوان المحاسبة 2023
  • الدولة ينهي مناقشة مشروع قانون المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة
  • وزير الإسكان: التدفقات المالية تحكم عجلة تنفيذ المشروعات القومية