عمر الدقير .. حول حديث ياسر العطا..!!
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
عمر الدقير
من الطبيعي أن تتسم أحاديث القادة العسكريين أمام الحشود خلال الحرب بالحماس الزائد وتأكيد الجاهزية والتبشير باقتراب النصر بهدف التعبئة ورفع الروح المعنوية للمقاتلين، لكن الحديث الأخير للفريق ياسر العطا أكثر فيه من إلقاء القول على عواهنه وحوى قدراً غير قليل من عدم الانضباط المؤسسي وعدم احترام زمالة المسوولية الجماعية، ومعظم الأسئلة التي طرحها على مستمعيه تَجُرُّ معها أسئلةً أخرى بلا إجابات.
بدا الفريق العطا كمن يطلق النار على قدميه عندما أعلن خلال حديثه “أنه لا يعترف بالوثيقة الدستورية إطلاقاً .. وسيقاتلها”!! وعلّل ذلك بعدم وجود طرفين من أطراف الوثيقة الدستورية هما الحرية والتغيير والدعم السريع، ولكنه نسي – أو تناسى – أن الحرية والتغيير قد سُلِبَت وضعها الدستوري عنوةً بتعديل انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ للوثيقة الدستورية – المتوافَق عليها والمعتمدة في أغسطس ٢٠١٩ – وشارك هو في ذلك التعديل واعترف به وأدى القسم، في ١٢ نوفمبر ٢٠٢١، بموجب تلك الوثيقة المعدلة عضواً بمجلس السيادة “الانقلابي”، أما الدعم السريع فقد كان قائده أيضاً عضواً بذات المجلس بموجب ذات الوثيقة المعدلة حتى تم إعفاؤه بمرسوم دستوري بتاريخ ١٩ مايو ٢٠٢٣ استناداً علي ذات الوثيقة المعدلة، وذلك بعد أكثر من شهر من اندلاع الحرب .. فأين ذهب القسم الذي أداه الفريق ياسر وعلى ماذا يستند الآن في عضويته في مجلس السيادة بينما هو لا يعترف بالوثيقة الدستورية التى أدى القسم بموجبها؟! .. كان الأوفق أن يسعى الفريق ياسر مع زملائه في قيادة الانقلاب لتعديل الوثيقة الدستورية “المعدلة عنوةً بانقلاب ٢٥ أكتوبر” – كيفما يشاؤون وبأية طريقةٍ يرونها ما دام قلم كتابتها بأيديهم دون رقيبٍ أو حسيب – أو حتى تعليقها والاستعاضة عنها بأحكام عرفية “marshal law”، بدلاً من إعلانه عدم الاعتراف بها والذي يعني إقراره بعدم وجود شرعية دستورية لمجلس السيادة وشبه الحكومة التنفيذية الموجودَيْن حالياً، كما يعني إثباته لحقيقة أن النظم الانقلابية لا تأبه كثيراً بالدستور ولا تقيم له وزناً حتى لو أقرّته بنفسها .. وأمّا تعهده بقتال الوثيقة الدستورية، فإنه يترك سؤالاً حائراً عن من هو الطرف المقابِل في هذا القتال الموعود؟!
وغنيٌّ عن القول – في تقديرنا – أن شرعية الوثيقة الدستورية المعدلة بواسطة انقلاب ٢٥ أكتوبر قتلتها المقاومة الجماهيرية الباسلة للانقلاب والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمفقودين.
وكان من عدم الانضباط المؤسسي، في حديث الفريق ياسر، وصفه لأجهزة القضاء والنيابة العامة وبنك السودان بأنها “مكبّلة” بواسطة “الجنجويد” و “القحاتة”، لأن هذا الوصف والطريقة التهكمية التي أطلقه بها يمثلان ازدراءً لهذه الأجهزة الحسّاسة والمهمة لمصالح الناس – مع أنها بالفعل تحتاج لإصلاح – ولكن عندما يأتي هذا الوصف والتهكم من مسؤول رئاسي فذلك يعني إضعافاً لثقة الناس فيها ومدعاةً لعدم ائتمانهم لها على مصالحهم كونها “مكبّلة”، كما قال .. وإذا افترضنا جدلاً أن حال هذه الأجهزة كما قال الفريق ياسر، فلماذا لم يسعَ لتحريرها من التكبيل عبر الآليات المؤسسية، خصوصاً وأنه شخصياً المشرف على بنك السودان والنيابة العامة – رغم أنها جهاز مستقل – حسب القرار الذي أصدره الفريق أول البرهان، وقسّم بموجبه الإشراف على الوزارات وبعض الأجهزة على أعضاء مجلس السيادة وفقاً للخطاب الممهور بتوقيع الأمين العام لمجلس السيادة محمد الغالي بتاريخ ١١ سبتمبر ٢٠٢٤ والموجّه لرئيس الوزراء المكلف عثمان حسين؟!
من الغريب أن يتساءل الفريق ياسر: “لماذا لا يجاز قانون جهاز الأمن والمخابرات العامة الذي راجعتُهُ قبل شهرين ووافقتُ عليه”، فهو يعلم أن الذي يجيز القوانين هو اجتماع مجلسي السيادة والوزراء ويعتمدها مجلس السيادة ويوقع عليها البرهان بوصفه رئيساً له .. فهل تساؤله هذا يعني حتمية إجازة قانون جهاز الأمن بمجرد موافقته سيادته عليه؟! وهل هذا التساؤل موجّه لرفاقه في مجلسي السيادة والوزراء أم للبرهان بوصفه رئيس مجلس السيادة الذي يعتمد القوانين؟! مع العلم أن المجلسين عقدا اجتماعاً مشتركاً في بورتسودان، في ٨ فبراير ٢٠٢٤، تناول الأعمال التي ترتبط بأولويات الحكومة والقضايا المتعلقة بموازنة عام ٢٠٢٤ وكان بإمكان الفريق ياسر أن يرسل تساؤله إلى ذلك الاجتماع والذي لم يشارك فيه لعدم وجوده في بورتسودان .. وأيّاً كان الأمر، فإن القذف في الهواء الطلق بهذا التساؤل – الذي ينطوي على اتهامٍ بالتقصير – وحديثه الاستنكاري العلني عن العجز في تسليح الشرطة تصرفٌ لا ينسجم مع الانضباط المؤسسي واحترام زمالة المسؤولية الجماعية.
أما حديث العطا عن المقاومة الشعبية فقد يُفْهَم منه أنه قصد الرد بطريقة غير مباشرة على حديث الكباشي حول نفس الموضوع، لأن الأخير أشار إلى “خطر المقاومة الشعبية التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة” ونبّه لضرورة “عدم استغلال المعسكرات النظامية بواسطة أي حزب برفع شعارات سياسية”، بينما أكد العطا أن المقاومة الشعبية “تعمل بانضباط وتحت إمرة قادة المتحركات”، ودعا لعدم الالتفات لما يقال حولها بحسبانه “كلمات تذروها الرياح” .. وأيّاً كانت الجهة التي قصدها الفريق ياسر، فلسنا هنا بصدد المقارنة – اتفاقاً أو اختلافاً – بين حديثه وحديث الفريق كباشي، ولسنا في وارد الاحتفاء بحدوث خلافات بين أي أطراف في قيادة الجيش أو أية منظومة عسكرية أو مدنية – بصرف النظر عن مساحة اتفاقنا أو اختلافنا معها – لأن ذلك يفاقم تعقيد المشهد الوطني ويقلل من فرص الحل السياسي والتوافق المطلوب لعبور الأزمة .. وإذا كان أقصى ما يمكن توقعه من الخلافات وسط أي تنظيم مدني هو التراشق بالذخيرة الكلامية عبر البيانات والتصريحات الإعلامية أو حتى انشقاق التنظيم، فإن الخلافات وسط قيادة أية مؤسسة عسكرية إذا خرجت من أضابير النظم التي تحكمها إلى العلن، فإن نتيجتها ربما تكون – في حال عدم انصياع طرف لرأي وقرارت الآخر – المواجهة بالذخيرة الحيّة، وذلك إن حدث فإنه يزيد جسد الوطن جراحاً على جراحه ومعاناة شعبه ضِغْثاً على إبّالة.
لقد أوشكت حرب ١٥ أبريل على إكمال عامها الأول وشعبنا تجتاحه مصائب الموت والتشريد والجوع والانتهاكات والتدمير، ولا خلاص منها في الخطب والخطب المضادة – من أي طرفٍ كان – وإنما يكمن الخلاص في وجود إرادة جادة من جميع الأطراف، العسكرية والمدنية، للسير في طريق السلام والحل السياسي التوافقي والتعافي الوطني .. ذلك يبدأ بإسكات أصوات البنادق ومغادرة حالة التشظي والإقبال على مخاطبة قضايا الأزمة الوطنية المتراكمة، بتجرد وعقلانية واعتبار من دروس التاريخ، بما يفضي لطي صفحة الحروب وضمان وحدة واستقرار وطننا ووضعه على درب التحول الديمقراطي وحشد الطاقات لبنائه على قواعد سليمة وراسخة.
عمر الدقيرياسر العطاالمصدر: تاق برس
كلمات دلالية: عمر الدقير ياسر العطا الوثیقة الدستوریة مجلس السیادة الفریق یاسر
إقرأ أيضاً:
العثور على جثمان طفل حديث الولادة وسط القمامة بالسلام
عثر الأهالي منطقة السلام بالقاهرة على جثمان طفل حديث الولادة وسط كومة من القمامة تجمعت أسفل كوبري، تحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق.
تلقت غرفة عمليات النجدة بالقاهرة، بلاغا بالواقعة، وعلى الفور انتقل رجال المباحث لمكان الواقعة، وجرى فرض كرونا أمنا بمحل العثور على جثمان الرضيع.
ويكثف رجال قسم شرطة السلام جوهدهم ونشر مصادرهم السرية، بعد تفريغ كاميرات المراقبة المحيطة، للوقوف على ملابسات الواقعة وتحديد هوية المتهمين والقبض عليهم.
وقبل 3 أيام حدثت جريمة مماثلة بعثور الأهالي على رضيعة في منور عقار بشبرا الخيمة
إذ كشفت الأجهزة الأمنية بمحافظة القليوبية، تفاصيل واقعة العثور على رضيعة داخل منور عقار في شبرا الخيمة، حيث تبين أن الطفلة أنجبتها فتاة قاصر تبلغ من العمر 15 عامًا نتيجة علاقة غير شرعية، وألقت بها فور ولادتها.
بدأت القضية عندما رصدت كاميرات المراقبة فتاة صغيرة تلقي رضيعة حديثة الولادة من أعلى العقار داخل منوره، ما أثار استنفار الأجهزة الأمنية التي تمكنت من تحديد هوية الفتاة وضبطها.
وأظهرت التحريات أن الفتاة القاصر أقامت علاقة غير شرعية مع قريبها، البالغ من العمر 17 عامًا، ما أدى إلى حملها بالطفلة، وعقب الولادة، قررت التخلص منها خوفًا من الفضيحة.
وبمواجهة الفتاة، أقرت بارتكاب الواقعة، مؤكدة أن الطفلة ناتجة عن علاقة محرمة مع قريبها، الذي اضطر للزواج منها عرفيًا بعد علمه بحملها، وكشفت التحقيقات أن الفتاة تعرضت لطرد من منزل والدها، فاضطرت للعيش مع الشاب، ما أدى إلى استمرار العلاقة بينهما.
تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط الشاب المتهم، وبمواجهته أقر بصحة الواقعة، موضحًا أنه كان خاطبا للفتاة ثم تزوجها عرفيًا لصغر سنهما، إلا أن الظروف دفعتهما إلى التخلص من الطفلة بعد ولادتها.
قررت جهات التحقيق حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات.
وفي سياق منفصل شيّع أهالي قرية عرب أبو ساعد بمدينة الصف، فجر اليوم، جثامين 5 أفراد من أسرة واحدة لقوا مصرعهم في حادث مأساوي، بعدما دهستهم سيارة نقل أثناء استقلالهم "توك توك" على طريق الأوتوستراد.
انطلقت الجنازات في الرابعة فجرًا من مسجد عباد الرحمن، حيث حمل المشيعون النعوش الخمسة عقب صدور تصاريح الدفن من النيابة العامة، والتي تأخرت، ما أدى إلى تأجيل التشييع الذي كان مقررًا بعد صلاة العشاء.
وكان الحادث وقع عند مدخل قرية عرب أبو ساعد بمدينة الصف، حيث صدمت سيارة نقل "توك توك" كان يقل الأسرة، ما أسفر عن وفاة جميع الركاب، وهم: أحمد. ش. أ (محامٍ)، شقيقه محمد نجل شقيقه شعبان، زوجة شقيقه، والدته.
تلقت غرفة النجدة بلاغًا بالحادث، فانتقلت قوات الأمن مدعومة بسيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، حيث فرضت الشرطة كردونًا أمنيًا في محيط الحادث، كما باشرت الجهات المختصة رفع آثار التصادم لإعادة تسيير الحركة المرورية.
تم نقل الجثامين إلى المستشفى، وحرر محضر بالواقعة، فيما تتولى النيابة العامة التحقيق لكشف ملابسات الحادث.
تحفظت الأجهزة الأمنية بمحافظة الجيزة، على قائد السيارة النقل الذي تسبب في مصرع 5 أشخاص من أسرة واحدة أثناء استقلالهم “توك توك” بطريق الأوتوستراد مدخل عرب أبو ساعد بدائرة قسم شرطة الصف.
وتبين أن السيارة النقل المتسببه في الحادث كان يقودها طفل يبلغ من العمر 14 عاما، وتم إخطار النيابة للتحقيق.