سودانايل:
2024-11-24@20:15:29 GMT

حول حديث ياسر العطا

تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT

عمر الدقير

من الطبيعي أن تتسم أحاديث القادة العسكريين أمام الحشود خلال الحرب بالحماس الزائد وتأكيد الجاهزية والتبشير باقتراب النصر بهدف التعبئة ورفع الروح المعنوية للمقاتلين، لكن الحديث الأخير للفريق ياسر العطا أكثر فيه من إلقاء القول على عواهنه وحوى قدراً غير قليل من عدم الانضباط المؤسسي وعدم احترام زمالة المسؤولية الجماعية، ومعظم الأسئلة التي طرحها على مستمعيه تَجُرُّ معها أسئلةً أخرى بلا إجابات.



بدأ الفريق العطا كمن يطلق النار على قدميه عندما أعلن خلال حديثه “أنه لا يعترف بالوثيقة الدستورية إطلاقاً. وسيقاتلها”!! وعلّل ذلك بعدم وجود طرفين من أطراف الوثيقة الدستورية هما الحرية والتغيير والدعم السريع، ولكنه نسي – أو تناسى – أن الحرية والتغيير قد سُلِبَت وضعها الدستوري عنوةً بتعديل انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ للوثيقة الدستورية – المتوافَق عليها والمعتمدة في أغسطس ٢٠١٩ – وشارك هو في ذلك التعديل، واعترف به وأدى القسم، في ١٢ نوفمبر ٢٠٢١، بموجب تلك الوثيقة المعدلة عضواً بمجلس السيادة “الانقلابي”، أما الدعم السريع، فقد كان قائده أيضاً عضواً بذات المجلس بموجب ذات الوثيقة المعدلة، حتى أُعْفِي بمرسوم دستوري بتاريخ ١٩ مايو ٢٠٢٣ استناداً على ذات الوثيقة المعدلة، وذلك بعد أكثر من شهر من اندلاع الحرب.

فأين ذهب القسم الذي أداه الفريق ياسر وعلى؟ ماذا يستند الآن في عضويته في مجلس السيادة، بينما هو لا يعترف بالوثيقة الدستورية التي أدى القسم بموجبها؟!.. كان الأوفق أن يسعى الفريق ياسر مع زملائه في قيادة الانقلاب لتعديل الوثيقة الدستورية “المعدلة عنوةً بانقلاب ٢٥ أكتوبر” – كيفما يشاؤون وبأية طريقةٍ يرونها ما دام قلم للأعمال كتابتها بأيديهم دون رقيبٍ أو حسيب – أو حتى تعليقها والاستعاضة عنها بأحكام عرفية “Martial law”، عوضا عن إعلانه عدم الاعتراف بها، والذي يعني إقراره بعدم وجود شرعية دستورية لمجلس السيادة وشبه الحكومة التنفيذية الموجودَيْن حالياً، كما يعني إثباته لحقيقة أن النظم الانقلابية لا تأبه كثيراً بالدستور، ولا تقيم له وزناً حتى لو أقرّته بنفسها. وأمّا تعهده بقتال الوثيقة الدستورية، فإنه يترك سؤالاً حائراً عمن هو الطرف المقابِل في هذا القتال الموعود؟!

وغنيٌّ عن القول – في تقديرنا – أن شرعية الوثيقة الدستورية المعدلة عن طريق انقلاب ٢٥ أكتوبر قتلتها المقاومة الجماهيرية الباسلة للانقلاب، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمفقودين.

وكان من عدم الانضباط المؤسسي، في حديث الفريق ياسر، وصفه لأجهزة القضاء والنيابة العامة وبنك السودان بأنها “مكبّلة” عن طريق “الجنجويد” و “القحاتة”، لأن هذا الوصف والطريقة التهكمية التي أطلقه بها يمثلان ازدراءً لهذه الأجهزة الحسّاسة والمهمة لمصالح الناس – مع أنها بالفعل تحتاج إلى إصلاح – ولكن عندما يأتي هذا الوصف والتهكم من مسؤول رئاسي، فذلك يعني إضعافاً لثقة الناس فيها ومدعاةً لعدم ائتمانهم لها على مصالحهم كونها “مكبّلة”، كما قال. وإذا افترضنا جدلاً أن حال هذه الأجهزة كما قال الفريق ياسر، فلماذا لم يسعَ لتحريرها من التكبيل عبر الآليات المؤسسية، خصوصا أنه شخصياً المشرف على بنك السودان والنيابة العامة – رغم أنها جهاز مستقل – حسب القرار الذي أصدره الفريق أول البرهان، وقسّم بموجبه الإشراف على الوزارات وبعض الأجهزة على أعضاء مجلس السيادة وفقاً للخطاب الممهور بتوقيع الأمين العام لمجلس السيادة محمد الغالي بتاريخ ١١ سبتمبر ٢٠٢٣ والموجّه لرئيس الوزراء المكلف عثمان حسين؟!

من الغريب أن يتساءل الفريق ياسر “لماذا لا يجاز قانون جهاز الأمن والمخابرات العامة الذي راجعتُهُ قبل شهرين ووافقتُ عليه”، فهو يعلم أن الذي يجيز القوانين هو اجتماع مجلسي السيادة والوزراء، ويعتمدها مجلس السيادة، ويوقع عليها البرهان بوصفه رئيساً له. فهل تساؤله هذا يعني حتمية إجازة قانون جهاز الأمن بمجرد موافقة سيادته عليه؟! وهل هذا التساؤل موجّه لرفاقه في مجلسي السيادة والوزراء أم للبرهان بوصفه رئيس مجلس السيادة الذي يعتمد القوانين؟! مع العلم أن المجلسين عقدا اجتماعاً مشتركاً في بورتسودان، في ٨ فبراير ٢٠٢٤، تناول الأعمال التي ترتبط بأولويات الحكومة والقضايا المتعلقة بموازنة عام ٢٠٢٤، وكان بإمكان الفريق ياسر أن يرسل تساؤله إلى ذلك الاجتماع، والذي لم يشارك فيه لعدم وجوده في بورتسودان. وأيّاً كان الأمر، فإن القذف في الهواء الطلق بهذا التساؤل – الذي ينطوي على اتهامٍ بالتقصير – وحديثه الاستنكاري العلني عن العجز في تسليح الشرطة تصرفٌ لا ينسجم مع الانضباط المؤسسي واحترام زمالة المسؤولية الجماعية.

أما حديث العطا عن المقاومة الشعبية، فقد يُفْهَم منه أنه قصد الرد بطريقة غير مباشرة على حديث الكباشي حول الموضوع نفسه، لأن الأخير أشار إلى “خطر المقاومة الشعبية التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة” ونبّه لضرورة “عدم استغلال المعسكرات النظامية عن طريق أي حزب برفع شعارات سياسية”، بينما أكد العطا أن المقاومة الشعبية”تعمل بانضباط وتحت إمرة قادة المتحركات “، ودعا لعدم الالتفات لما يقال حولها بحسبانه “كلمات تذروها الرياح”. وأيّاً كانت الجهة التي قصدها الفريق ياسر، فلسنا هنا بصدد المقارنة – اتفاقاً أو اختلافاً – بين حديثه وحديث الفريق كباشي، ولسنا في وارد الاحتفاء بحدوث خلافات بين أي أطراف في قيادة الجيش أو أية منظومة عسكرية أو مدنية – بصرف النظر عن مساحة اتفاقنا أو اختلافنا معها – لأن ذلك يفاقم تعقيد المشهد الوطني، ويقلل من فرص الحل السياسي والتوافق المطلوب لعبور الأزمة. وإذا كان أقصى ما يمكن توقعه من الخلافات وسط أي تنظيم مدني هو التراشق بالذخيرة الكلامية عبر البيانات والتصريحات الإعلامية أو حتى انشقاق التنظيم، فإن الخلافات وسط قيادة أية مؤسسة عسكرية إذا خرجت من أضابير النظم التي تحكمها إلى العلن، فإن نتيجتها ربما تكون – في حال عدم انصياع طرف لرأي، وقرارة الآخر – المواجهة بالذخيرة الحيّة، وذلك إن حدث، فإنه يزيد جسد الوطن جراحاً على جراحه ومعاناة شعبه ضِغْثاً على إبّالة.

لقد أوشكت حرب ١٥ أبريل على إكمال عامها الأول وشعبنا تجتاحه مصائب الموت والتشريد والجوع والانتهاكات والتدمير، ولا خلاص منها في الخطب والخطب المضادة – من أي طرفٍ كان – وإنما يكمن الخلاص في وجود إرادة جادة من الأطراف جميعهم، العسكرية والمدنية، للسير في طريق السلام والحل السياسي التوافقي والتعافي الوطني. ذلك يبدأ بإسكات أصوات البنادق ومغادرة حالة التشظي والإقبال على مخاطبة قضايا الأزمة الوطنية المتراكمة، بتجرد وعقلانية واعتبار من دروس التاريخ، بما يفضي لطي صفحة الحروب وضمان وحدة واستقرار وطننا ووضعه على درب التحول الديمقراطي وحشد الطاقات لبنائه على قواعد سليمة وراسخة.

نقلاً عن صحيفة الجريدة  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الوثیقة الدستوریة مجلس السیادة الفریق یاسر

إقرأ أيضاً:

كين: أجيد «حديث الملعب»!

 
ميونيخ (أ ف ب)

أخبار ذات صلة كين هداف البايرن في 14 شهراً سان جيرمان ضد السقوط في فرنسا!

ردّ الإنجليزي هاري كين، مهاجم بايرن ميونيخ الألماني، على الانتقادات الموجهة اليه، قائلاً إنه سيتحدث «في أرض الملعب»، وذلك بعد أن أصبح أسرع لاعب يسجل خمسين هدفاً في «البوندسليجا».
سجل قائد منتخب إنجلترا ثلاثية (هاتريك) في الشوط الثاني منحت البايرن الفوز على ضيفه أوجسبورج 3-0، وأبعدته بفارق ثماني نقاط عن أقرب مطارديه في الدوري الألماني لكرة القدم.
رفع كين رصيده إلى 50 هدفاً في الدوري في 43 مباراة، ليحطم الرقم السابق المسجل باسم النروجي إرلينج هالاند عام 2021، بواقع 50 هدفاً في 50 مباراة مع بوروسيا دورتموند.
وكانت ثلاثية «هاتريك» كين السابعة له في الدوري، منذ قدومه إلى الفريق البافاري في صيف 2023.
اثنان من أهداف كين الثلاثاء أمام أوجسبورج تحققا من نقطة الجزاء، رافعاً رصيده إلى 25 ركلة جزاء متتالية مع فريقه ومنتخب بلاده في مختلف المسابقات، منذ إهداره ركلة ثمينة أمام فرنسا في ربع نهائي مونديال 2022.
وتحقق هذا الرقم بعد انتقادات تعرض لها ابن الحادية والثلاثين، مع مطالبة البعض في إنجلترا في منح أولي واتكنز، مهاجم أستون فيلا، موقعاً أساسياً على حسابه في المنتخب.
كين الذي انتُقد بسبب أدائه الباهت في كأس أوروبا 2024، قال لمراسلين إنه «معتاد على هذا الأمر الآن»، مضيفاً أنه يملك «الخبرة بما يكفي لمعرفة تداعيات أن يكون اللاعب بين أفضل اللاعبين وأفضل المهاجمين».
أضاف أنه يشعر «بأفضل فترة في مسيرتي»، مضيفاً «كل ما اهتم به هو الحديث في أرض الملعب».
قال إنه لم يتحدث بعد مع المدرب المقبل لمنتخب ألمانيا توماس توخل الذي يعيش أيضاً في ميونيخ «أنا متأكد من أننا سنتحدث عن التجارب التي خضتها، الجيدة والسيئة، وما يمكننا تحسينه».

مقالات مشابهة

  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • نادي البشائر يعلن جهازه الفني الجديد الذي يقود الفريق الأول لكرة القدم
  • "الضمان الصحي": الوثيقة الإلزامية توفر رعاية شاملة للحد من مضاعفات الأمراض
  • الأمانة العامة لمجلس السيادة تنعى المهندس عماد عدلي
  • ياسر العطا من أمدرمان: الانتصارات ستتواصل وستعم إرجاء البلاد “أمة الأمجاد والأعراق”
  • 12 لاعبًا من عائلة واحدة.. الفريق العائلي الذي حيّر الخصوم
  • كين: أجيد «حديث الملعب»!
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • توم بيريلو: نقدر جهود مجلس السيادة لتسهيل زيادة حجم المساعدات الطارئة
  • مولوي: التمسك بالشرعية يحفظ السيادة ويحقق الأمان