سودانايل:
2024-10-02@04:02:33 GMT

حول حديث ياسر العطا

تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT

عمر الدقير

من الطبيعي أن تتسم أحاديث القادة العسكريين أمام الحشود خلال الحرب بالحماس الزائد وتأكيد الجاهزية والتبشير باقتراب النصر بهدف التعبئة ورفع الروح المعنوية للمقاتلين، لكن الحديث الأخير للفريق ياسر العطا أكثر فيه من إلقاء القول على عواهنه وحوى قدراً غير قليل من عدم الانضباط المؤسسي وعدم احترام زمالة المسؤولية الجماعية، ومعظم الأسئلة التي طرحها على مستمعيه تَجُرُّ معها أسئلةً أخرى بلا إجابات.



بدأ الفريق العطا كمن يطلق النار على قدميه عندما أعلن خلال حديثه “أنه لا يعترف بالوثيقة الدستورية إطلاقاً. وسيقاتلها”!! وعلّل ذلك بعدم وجود طرفين من أطراف الوثيقة الدستورية هما الحرية والتغيير والدعم السريع، ولكنه نسي – أو تناسى – أن الحرية والتغيير قد سُلِبَت وضعها الدستوري عنوةً بتعديل انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ للوثيقة الدستورية – المتوافَق عليها والمعتمدة في أغسطس ٢٠١٩ – وشارك هو في ذلك التعديل، واعترف به وأدى القسم، في ١٢ نوفمبر ٢٠٢١، بموجب تلك الوثيقة المعدلة عضواً بمجلس السيادة “الانقلابي”، أما الدعم السريع، فقد كان قائده أيضاً عضواً بذات المجلس بموجب ذات الوثيقة المعدلة، حتى أُعْفِي بمرسوم دستوري بتاريخ ١٩ مايو ٢٠٢٣ استناداً على ذات الوثيقة المعدلة، وذلك بعد أكثر من شهر من اندلاع الحرب.

فأين ذهب القسم الذي أداه الفريق ياسر وعلى؟ ماذا يستند الآن في عضويته في مجلس السيادة، بينما هو لا يعترف بالوثيقة الدستورية التي أدى القسم بموجبها؟!.. كان الأوفق أن يسعى الفريق ياسر مع زملائه في قيادة الانقلاب لتعديل الوثيقة الدستورية “المعدلة عنوةً بانقلاب ٢٥ أكتوبر” – كيفما يشاؤون وبأية طريقةٍ يرونها ما دام قلم للأعمال كتابتها بأيديهم دون رقيبٍ أو حسيب – أو حتى تعليقها والاستعاضة عنها بأحكام عرفية “Martial law”، عوضا عن إعلانه عدم الاعتراف بها، والذي يعني إقراره بعدم وجود شرعية دستورية لمجلس السيادة وشبه الحكومة التنفيذية الموجودَيْن حالياً، كما يعني إثباته لحقيقة أن النظم الانقلابية لا تأبه كثيراً بالدستور، ولا تقيم له وزناً حتى لو أقرّته بنفسها. وأمّا تعهده بقتال الوثيقة الدستورية، فإنه يترك سؤالاً حائراً عمن هو الطرف المقابِل في هذا القتال الموعود؟!

وغنيٌّ عن القول – في تقديرنا – أن شرعية الوثيقة الدستورية المعدلة عن طريق انقلاب ٢٥ أكتوبر قتلتها المقاومة الجماهيرية الباسلة للانقلاب، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمفقودين.

وكان من عدم الانضباط المؤسسي، في حديث الفريق ياسر، وصفه لأجهزة القضاء والنيابة العامة وبنك السودان بأنها “مكبّلة” عن طريق “الجنجويد” و “القحاتة”، لأن هذا الوصف والطريقة التهكمية التي أطلقه بها يمثلان ازدراءً لهذه الأجهزة الحسّاسة والمهمة لمصالح الناس – مع أنها بالفعل تحتاج إلى إصلاح – ولكن عندما يأتي هذا الوصف والتهكم من مسؤول رئاسي، فذلك يعني إضعافاً لثقة الناس فيها ومدعاةً لعدم ائتمانهم لها على مصالحهم كونها “مكبّلة”، كما قال. وإذا افترضنا جدلاً أن حال هذه الأجهزة كما قال الفريق ياسر، فلماذا لم يسعَ لتحريرها من التكبيل عبر الآليات المؤسسية، خصوصا أنه شخصياً المشرف على بنك السودان والنيابة العامة – رغم أنها جهاز مستقل – حسب القرار الذي أصدره الفريق أول البرهان، وقسّم بموجبه الإشراف على الوزارات وبعض الأجهزة على أعضاء مجلس السيادة وفقاً للخطاب الممهور بتوقيع الأمين العام لمجلس السيادة محمد الغالي بتاريخ ١١ سبتمبر ٢٠٢٣ والموجّه لرئيس الوزراء المكلف عثمان حسين؟!

من الغريب أن يتساءل الفريق ياسر “لماذا لا يجاز قانون جهاز الأمن والمخابرات العامة الذي راجعتُهُ قبل شهرين ووافقتُ عليه”، فهو يعلم أن الذي يجيز القوانين هو اجتماع مجلسي السيادة والوزراء، ويعتمدها مجلس السيادة، ويوقع عليها البرهان بوصفه رئيساً له. فهل تساؤله هذا يعني حتمية إجازة قانون جهاز الأمن بمجرد موافقة سيادته عليه؟! وهل هذا التساؤل موجّه لرفاقه في مجلسي السيادة والوزراء أم للبرهان بوصفه رئيس مجلس السيادة الذي يعتمد القوانين؟! مع العلم أن المجلسين عقدا اجتماعاً مشتركاً في بورتسودان، في ٨ فبراير ٢٠٢٤، تناول الأعمال التي ترتبط بأولويات الحكومة والقضايا المتعلقة بموازنة عام ٢٠٢٤، وكان بإمكان الفريق ياسر أن يرسل تساؤله إلى ذلك الاجتماع، والذي لم يشارك فيه لعدم وجوده في بورتسودان. وأيّاً كان الأمر، فإن القذف في الهواء الطلق بهذا التساؤل – الذي ينطوي على اتهامٍ بالتقصير – وحديثه الاستنكاري العلني عن العجز في تسليح الشرطة تصرفٌ لا ينسجم مع الانضباط المؤسسي واحترام زمالة المسؤولية الجماعية.

أما حديث العطا عن المقاومة الشعبية، فقد يُفْهَم منه أنه قصد الرد بطريقة غير مباشرة على حديث الكباشي حول الموضوع نفسه، لأن الأخير أشار إلى “خطر المقاومة الشعبية التي تعمل خارج إمرة القوات المسلحة” ونبّه لضرورة “عدم استغلال المعسكرات النظامية عن طريق أي حزب برفع شعارات سياسية”، بينما أكد العطا أن المقاومة الشعبية”تعمل بانضباط وتحت إمرة قادة المتحركات “، ودعا لعدم الالتفات لما يقال حولها بحسبانه “كلمات تذروها الرياح”. وأيّاً كانت الجهة التي قصدها الفريق ياسر، فلسنا هنا بصدد المقارنة – اتفاقاً أو اختلافاً – بين حديثه وحديث الفريق كباشي، ولسنا في وارد الاحتفاء بحدوث خلافات بين أي أطراف في قيادة الجيش أو أية منظومة عسكرية أو مدنية – بصرف النظر عن مساحة اتفاقنا أو اختلافنا معها – لأن ذلك يفاقم تعقيد المشهد الوطني، ويقلل من فرص الحل السياسي والتوافق المطلوب لعبور الأزمة. وإذا كان أقصى ما يمكن توقعه من الخلافات وسط أي تنظيم مدني هو التراشق بالذخيرة الكلامية عبر البيانات والتصريحات الإعلامية أو حتى انشقاق التنظيم، فإن الخلافات وسط قيادة أية مؤسسة عسكرية إذا خرجت من أضابير النظم التي تحكمها إلى العلن، فإن نتيجتها ربما تكون – في حال عدم انصياع طرف لرأي، وقرارة الآخر – المواجهة بالذخيرة الحيّة، وذلك إن حدث، فإنه يزيد جسد الوطن جراحاً على جراحه ومعاناة شعبه ضِغْثاً على إبّالة.

لقد أوشكت حرب ١٥ أبريل على إكمال عامها الأول وشعبنا تجتاحه مصائب الموت والتشريد والجوع والانتهاكات والتدمير، ولا خلاص منها في الخطب والخطب المضادة – من أي طرفٍ كان – وإنما يكمن الخلاص في وجود إرادة جادة من الأطراف جميعهم، العسكرية والمدنية، للسير في طريق السلام والحل السياسي التوافقي والتعافي الوطني. ذلك يبدأ بإسكات أصوات البنادق ومغادرة حالة التشظي والإقبال على مخاطبة قضايا الأزمة الوطنية المتراكمة، بتجرد وعقلانية واعتبار من دروس التاريخ، بما يفضي لطي صفحة الحروب وضمان وحدة واستقرار وطننا ووضعه على درب التحول الديمقراطي وحشد الطاقات لبنائه على قواعد سليمة وراسخة.

نقلاً عن صحيفة الجريدة  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الوثیقة الدستوریة مجلس السیادة الفریق یاسر

إقرأ أيضاً:

حزب المصريين: حماية الأمن القومي وصون السيادة الوطنية هما أساس الاستقرار

أشاد المهندس نادر أحمد، مساعد رئيس حزب المصريين، بتجديد الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوته للحوار الوطني إلى إعطاء الأولوية لقضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، موضحًا أن دعوة الرئيس السيسي تأتي في ظل اشتعال المنطقة بالحروب والنزاعات ما يؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، الأمر الذي يتطلب من كافة القوى السياسية والأحزاب الاشتباك مع هذه القضايا بصورة عملية.

قضايا الأمن القومي

وقال «أحمد»، في تصريح خاص لـ«الوطن»، إنه يجب تقديم حلول وتوصيات من جانب النخب السياسية لرفع مستوى الوعي الشعبي بخطورة التحديات الراهنة وما تشهده المنطقة من توترات واضطرابات مستمرة، مؤكدًا أن حماية الأمن القومي وصون السيادة الوطنية هما أساس الاستقرار ومحور لكل جهود التنمية، والتصعيد الخطير في المنطقة يفرض ضرورة التنسيق الوطني والالتفاف حول الدولة المصرية وقيادتها السياسية.

دعم القضية الفلسطينية

وأضاف مساعد رئيس حزب المصريين، أن موقف مصر ثابت في دعم القضية الفلسطينية، والتي تُشكل جوهر الأزمات الإقليمية، وتشهد المنطقة العربية في هذه الأيام أحداثًا استثنائية غير متكررة تفرض فيها إسرائيل وحلفاؤها قواعد جديدة للصراع العربي-الصهيوني بشروط إسرائيل، وإشعال الأحداث في المنطقة من حولنا يؤثر بلا شك على اقتصادنا، ولا يجب النظر للمسألة الاقتصادية بمعزل عن الأحداث السياسية وقدرات مصر الهائلة على التأثير فيها وهو أمر تدركه القوى الكبرى في العالم.

وأوضح أن الأزمة الحالية في المنطقة أكدت على أن حدود الأمن القومي المصري تبدأ من اليمن والسودان جنوبًا وتستمر حتى سوريا شمالا مرورًا بفلسطين ولبنان، ومن المهم للحوار الوطني أن يستجيب لمطالبة الرئيس بإيلاء قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية الأولوية المستحقة في المناقشات خلال الفترة الحالية، حيث أن المجزرة في غزة يجب أن تنتهي، والأزمة في لبنان سواء السياسية أو العسكرية يجب أيضًا أن تتوقف على الفور من خلال الجهد الدبلوماسي، كما يمكن لمصر باعتبارات أهمية أمنها القومي أن تلعب دورًا كبيرًا في استقرار الأوضاع بلبنان يبدأ بدعم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بأسرع وقت ممكن وإعادة بناء الدولة هناك كامتداد لخط الأمن القومي المصري.

وأشار إلى دعم الحزب بجميع قياداته وأعضائه لموقف القيادة السياسية في جميع ما يتم اتخاذه من قرارات من شأنها الحفاظ على الأمن القومي المصري، لا سيما وأن جميع التنويهات التي حذرت منها مصر حدثت بحذافيرها وبدأنا المرحلة الأصعب ومن المزمع أن تدخل المنطقة في حرب إقليمية ستأخذ بين قدميها الكثير والكثير من الأبرياء والمدنيين العزل.

وأكد أن الرئيس السيسي حريص كل الحرص على ثوابت لا يمكن أن نغفل عنها وهي أمن لبنان واستقراره وسيادته، وكذلك التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة والوصول لاتفاق للإفراج عن المحتجزين وإنهاء الصراع في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن للدولة المصرية دورًا محوريًا لإيقاف ما يحدث بالمنطقة، وسعت بكل جهودها من أجل تحقيق الاستقرار ووقف الحرب، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم خاصة المجتمع الدولي الصامت أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلي تجاه شعب أعزل.

مقالات مشابهة

  • النوّاب يُؤكد دستورية قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا
  • سجال بين البرلمان والرئاسي بشأن إنشاء المحكمة الدستورية
  • رئيس مجلس الوزراء يلتقي رئيس وأعضاء اللجنة الدستورية بمجلس الشورى
  • مجلس النواب يرد على بيان المجلس الرئاسي بشأن قانون المحكمة الدستورية العليا
  • أبو الغيط: انتهاك السيادة اللبنانية قد يؤدي إلى اتساع رقعة الصراع
  • ياسر العطا يتفقد الخطوط الأمامية للجيش ببحري
  • ???? العطا: (نحن ما ماسكين اللجام لكن المعركة بدأت)
  • بالفيديو.. العطا يتفقد المواقع الأمامية بأم درمان وبحري مدشنا ربط أم درمان وبحري رسمياً
  • “العقوري” يطلع على مسودة تقرير حقوق الإنسان التي أعدها الفريق المُشكل من ديوان مجلس النواب
  • حزب المصريين: حماية الأمن القومي وصون السيادة الوطنية هما أساس الاستقرار