الشراكة المدنية العسكرية في ثورة ١٩٢٤ المجيدة كأول حركة وطنية وقوة دفاع السودان كأول قوة عسكرية لقمع الحركة الوطنية
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية
الشراكة المدنية-العسكرية في ثورة ١٩٢٤هي بداية الحركة الوطنية في السودان
الطابع العسكري الجهادي للدولة المهدية عمل على عسكرة الدولة بدرجة كبيرة والمجتمع بصورة ملموسة. كما وحكم السودان الإنجليزي-المصري بنظام عسكري منذ احتلال امدرمان بواسطة الجيش المصري-الانجليزي في ١٨٩٨ وحتى العام ١٩٢٦.
وفي المقابل فقد كانت أول مقاومة وطنية للاستعمار في السودان نتاج لشراكة مدنية-عسكرية تشكلت في الطبقة الوسطى المدينية وتمثلت في جمعية الاتحاد السوداني ذات القيادة المدنية للشراكة (الاستاذ عبيد حاج الامين) وخليفتها جمعية اللواء الابيض ذات القيادة العسكرية للشراكة (الملازم علي عبد اللطيف). وتعتبر ثورة ١٩٢٤ المجيدة هي أول مقاومة قومية للاستعمار واول حركة وطنية منظمة ضده واستعملت وسائل الاحتجاج المدنية السلمية، تحديدا اصدار وتوزيع البيانات المعارضة والمظاهرات الاحتجاجية، ووسائل المقاومة المسلحة، تحديدا اعلان العصيان العسكري والمواجهة المسلحة. كل ما سبق ثورة ١٩٢٤ السودانية من مقاومة للاستعمار كان احتجاجات مدنية سلمية ذات طابع ديني محلي أو تمردات ضعيفة التسليح ذات بعد قبلي محدود.
قوة دفاع السودان: ملابسات التكوين
تم إنشاء قوة دفاع السودان كردة فعل لتمرد الكتائب العسكرية السودانية، التابعة آنذاك للجيش المصري في السودان، على الاستعمار الانجليزي في نوفمبر ١٩٢٤ فيما عرف بثورة اللواء الابيض. قام الحاكم العام للسودان بحل الكتائب السودانية المشاركة في تمرد ١٩٢٤؛ وهي الكتائب رقم 9 و10 و11 و12و 13 رغما عن ان هذه الكتائب كانت مشهورة "منذ أيام حربي أم درمان وفشودة بسبب الدور الكبير الذي أدته في إعادة احتلال وبناء السودان الإنجليزي- مصري" (انظر بدر الدين حامد الهاشمي عن ٱرشر، ٢٠٢٤).
عمد الاستعمار الانجليزي عند تكوين قوة دفاع السودان على ضمان إنشاء قوة تابعة للاستعمار وقامعة للتيارات الوطنية المناهضة للاستعمار. وقد نجح في ذلك نجاحا كبيرا، كما سيتضح تاليا.
كانت الواجبات الرئيسية لقوة دفاع السودان عند إنشاءها قبل ما يقارب المائة عام، تحديدا في العام ١٩٢٥, هي الأمن الداخلي: مساعدة الشرطة في حالة الاضطرابات ، بما في ذلك تقييد العنف بين القبائل ومنع الإغارة على الماشية ومكافحة تجارة الرقيق والمساندة عند الكوارث الطبيعية. ولاحقا شاركت قوة دفاع السودان في الحرب العالمية الثانية في شرق وشمال أفريقيا (سيكينجا، ١٩٨٣).
هذا فيما يخص الواجبات المعلنة من قبل السلطات الاستعمارية لقوة دفاع السودان. لكن ماذا عن ولاء قوة دفاع السودان للاستعمار وخضوعها له؟ وماذا عن دور هذه القوة في قمع حركات التمرد السودانية ضد الاستعمار؟ وهل كان لهذه القوة دور في دعم الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار ؟
عمد الاستعمار الانجليزي، بعيدا عن تأثير الجيش المصري المبعد من السودان، عقب ثورة ١٩٢٤ المجيدة على إعادة تأسيس الكتائب العسكرية السودانية، التي كانت تابعة للجيش المصري في السودان، وفق عقيدة غير وطنية، اي بعيدا عن التيار الوطني المناوئ له. وتوخى ايضا فصل قادة قوة دفاع السودان عن قادة المجتمع المدني. الفصل تبدى في اختيار قادة القوة من الصفوة المدينية في الحواضر النيلية بشمال السودان (راجع مدثر عبد الرحيم، ١٩٧٨) واختيار أغلبية قواعد القوة وقادة المجتمع المدني من الصفوة الريفية في الأقاليم. وقد تزامن تكوين قوة دفاع السودان مع تفويض السلطات للإدارات الأهلية القبلية وتبني سياسة الحكم غير المباشر. طرح الاستعمار الانجليزي قوة دفاع السودان كبديل للجيش المصري الذي تم اجلاءه من السودان لمصر وطرحت القيادات القبلية كبديل لخريجي كلية غوردون والمدرسة الحربية الذين تمردوا على معلميهم ومدربيهم الإنجليز.
استفاد الاستعمار الانجليزي من اغتيال حاكم عام السودان السير لي استاك في القاهرة عام ١٩٢٤ وما تلاه من مظاهرات مدنية وتمرد الكتائب العسكرية السودانية في الخرطوم عند تنفيذ قرار الاستعمار الانجليزي بإجلاء الجيش المصري من السودان في قمع النزعات الوطنية المناهضة له وسط العسكريين والمدنيين السودانيين. ووفر القمع الانجليزي لهذا التظاهر والتمرد وتنفيذ اجلاء الجيش المصري الفرصة لاضعاف النزعات المصرية والسودانية المناهضة للاستعمار الانجليزي وابعادها عن قوة دفاع السودان. وقد بدأ تكوين قوة دفاع السودان من الكتائب السودانية العسكرية التي لم تشارك في تمرد ١٩٢٤. علما بان هذه الكتائب كانت تخضع لعقيدة الجيش المصري وتقسم بالولاء لخديوي مصر حتى إجلاء الجيش المصري من السودان لمصر.
هذا وتجدر الإشارة إلى أمرين أولهما أن ولاء قوة دفاع السودان كان مطلقا لحاكم عام السودان الانجليزي الجنسية وثانيهما ان الاستعمار الانجليزي احتفظ بكتائب انجليزية عسكرية كافية في الخرطوم لقمع اي تمرد لقوة دفاع السودان. وقد أقر اول قائد عام لقوة دفاع السودان الجنرال هدليستون في العام ١٩٣١ بعدم ثقتهم ابتداء في ولاء قوة دفاع السودان (انظر سيكينجا، ١٩٨٦). وقد استخدم الاستعمار الوسائل التالية لتدجين قوة دفاع السودان: (١) فصل قادة القوة عن مجتمعهم وتدريبهم على عقيدة عسكرية موالية للقادة الانجليزيين، (٢) استخدام القوة لقمع تمرد المجتمعات ضد الاستعمار و (٣) ابعاد القوة من الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار.
جدير بالذكر أن تعداد قوة دفاع السودان بين الحربين العالميتين تراوح بين الخمسة والستة الآلاف وارتفع العدد الى العشرين الفا إبان الحرب العالمية الثانية للتصدي للتهديد الايطالي على الحدود الشرقية ثم للمشاركة لاحقا في حروب شمال افريقيا ضد الألمان. علما بأن تعداد سكان السودان قبيل الحرب العالمية الثانية، اي في العام ١٩٣٩, كان حوالي الستة مليون وثلاثمائة وخمسون الفا.
قوة دفاع السودان كأداة قمع للحركات الوطنية المناهضة للاستعمار وغياب مساهمتها في الحركة الوطنية المقاومة الاستعمار
قامت قوة دفاع السودان مباشرة بعد إنشاءها بشن عدة حملات لقمع ثورات الشعوب السودانية ضد السلطات الاستعمارية؛ نذكر منها اثنتان كانتا في جبال النوبة في العام 1926 واثنتان كانتا ضد النوير في عامي 1927 و1928. واستمرت حملات قوة دفاع السودان ضد المقاومة، وان قلت وتيرتها، حتى الاستقلال.
لم نعثر على اي مراجع تشير لمساهمة قوة دفاع السودان في دعم الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار الانجليزي.
علاقة قوة دفاع السودان بالمستعمر الانجليزي والمجتمع السوداني
يعتبر كتاب احمد العوض سيكينجا حول قوة دفاع السودان رائدا في تناول ملابسات انشاء هذه القوة. ووفقا لترجمة بدر الدين حامد الهاشمي لمراجعة مارتن دالي للكتاب فقد رصد سيكينجا انفصال ضباط قوة دفاع السودان عن مجتمعهم، إذ يقول سيكينجا في ص 60 من الكتاب:
"إن انخراط الجنود في تنظيم حديث وعقلاني (بتقنيات وتدريبات حديثة وقيم جديدة من "النظام" و"الطاعة" كان يجذبهم في اتجاه واحد، بينما كانت خلفيتهم الاجتماعية وظروف معيشتهم تجذبهم إلى مجتمعهم التقليدي .... وعندما وصلوا إلى السلطة، ظلوا منشغلين بالمراسيم (decrees) عوضاً عن المناقشات والمناظرات (debates)، وبنصوص القانون عوضاً عن (نيل) التأييد الشعبي".
ومع ذلك، يذكر ذات المؤلف في جزء الخلاصة، الذي جاء مقتضباً للغاية، التالي في صفحة 111:
"وعوضاً عن أن تصبح قوة دفاع السودان هي محور ونواة الحركات الوطنية، غدت تلك القوة واحدةً من أكبر دعائم النظام الكلولونيالي، الذي اعتمد عليها في تعامله مع المقاومة المحلية" (بدر الدين حامد الهاشمي عن سيكينجا، ٢٠٢٤).
خلاصات
ثورة ١٩٢٤ المجيدة كانت شراكة مدنية-عسكرية ومثلت اول حركة وطنية قومية الطابع حداثية التوجه ضد الاستعمار الإنجليزي وقاد قمعها الى تكوين قوة دفاع السودان وتشكيل نظام الإدارة الأهلية. اما قوة دفاع السودان، والتي هي نواة الجيش السوداني وقاعدته التأسيسية، فقد مثلت اول مؤسسة لقمع الحركات الوطنية المقاومة للاستعمار. وقد رصدنا في مقالنا هذا التالي (١) انفصال قادة قوة دفاع السودان عن مجتمعهم , (٢) ولاءهم للاستعمار الانجليزي, (٣) قمعهم للحركات الوطنية المناهضة للاستعمار و(٤) عدم مساهمتهم في الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار.
المراجع
Ahmad Sikainga, Sudan Defense Force: Origin and Role, 1925-1955 (1983), Institute of African and Asian Studies, Occasional Paper No. 13
Muddathir Abdel-Rahim. Changing patterns of civilian-military relations in the Sudan (1978) The Scandinavian Institute of African Studies, Research Report No. 46, Uppsala ipp
بدر الدين حامد الهاشمي، استعراض لكتاب أحمد العوض محمد: “قوة دفاع السودان: أصلها ودورها، 1925 – 1955م” (٢٠٢٤), سودانايل https://sudanile.com/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%B6-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%AF%D9%81%D8%A7/، تم الاطلاع في ٢١ مارس ٢٠٢٤
بدر الدين حامد الهاشمي، مقتطفات من مذكرات حاكم عام السودان جيفري آرشر عن أيامه بالسودان: زيارة الجزيرة أبا (٢٠٢٤)، سودانايل ، https://sudanile.com/%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b7%d9%81%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%86-%d9%85%d8%b0%d9%83%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d8%a7%d9%83%d9%85-%d8%b9%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%af%d8%a7%d9%86-%d8%ac%d9%8a%d9%81/، تم الاطلاع في ٢٣ مارس ٢٠٢٤
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: بدر الدین حامد الهاشمی الجیش المصری من السودان فی السودان فی العام
إقرأ أيضاً:
حكومة موازية في السودان… ما الموقف المصري؟
تشهد الساحة السودانية تصعيداً جديداً، يفاقم من أزمة الانقسام السياسي الداخلي، مع تحركات من قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة لإعلان تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، وذلك على وقع الحرب الداخلية الممتدة منذ نحو 22 شهراً.
ومع تنديد الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، بتلك الخطوة، والتحذيرات الأممية من تأثيرها على «تفاقم الأزمة الداخلية»، قال خبير ودبلوماسي سابق مصريان إن «القاهرة تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره السلطة الرسمية المعترف بها دولياً، ومن المستبعد اعترافها بأي (حكومة موازية)»، في حين «لم تعلق مصر رسمياً على هذه التحركات».
وتسببت الحرب الداخلية في السودان التي اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.
واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المدن الرئيسية التي كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.
وبدأت قوى سودانية في مشاورات التوقيع على «وثيقة إعلان سياسي، ودستور مؤقت للحكومة الموازية»، في العاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، بمشاركة ممثلين لـ«الدعم السريع»، وأحزاب مثل «الأمة، والاتحادي الديمقراطي (الأصل)»، وشخصيات سودانية، بينهم قائد «الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال» عبد العزيز الحلو، وعضوا «مجلس السيادة» السابقان الهادي إدريس، والطاهر حجر.
واستدعت «الخارجية السودانية» سفيرها لدى كينيا للتشاور، رداً على استضافة اجتماعات تشكيل «حكومة موازية»، ووعدت في إفادة، الخميس، باتخاذ «إجراءات لصون أمن السودان، وحماية سيادته ووحدة أراضيه». وسبق ذلك، إعلان «مجلس السيادة» السوداني، الأربعاء، «تشكيل حكومة انتقالية، يرأسها شخصية تكنوقراط، لا تنتمي لأي جهة سياسية».
وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليقات رسمية من الجهات المصرية المعنية، على تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، لكن لم يتسنَّ ذلك. في حين جاء أحدث مواقف القاهرة الداعمة للسودان، في بيان مصري - إسباني، الخميس، خلال ختام زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمدريد، أكد «ضرورة احترام وحدة وسلامة أراضي السودان، والحفاظ على مؤسساته الوطنية». وشدد البيان على «أهمية العمل على إطلاق عملية سياسية شاملة بملكية وقيادة القوى السياسية والمدنية السودانية، دون إملاءات خارجية».
وبحسب عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فإن «مصر تتعامل مع (مجلس السيادة) السوداني باعتباره النظام الرسمي الذي يمثل السودان دولياً»، مشيراً إلى أن «القاهرة تعترف بالحكومة السودانية، وتستقبل رئيس (مجلس السيادة) وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، باعتباره رئيس السلطة الحالية في السودان».
وترأس البرهان وفد السودان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويستبعد حليمة «اعتراف مصر بخطوة تشكيل (حكومة موازية)»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم عدم اكتمال تشكيل القوى والأطراف لتلك الحكومة، فإنه لا يوجد اعتراف دولي بها، سوى من بعض الأطراف الإقليمية، منها كينيا التي تستضيف اجتماعات صياغة الإعلان السياسي لها»، لافتاً إلى أن «القاهرة تدعم مؤسسات السودان الوطنية».
الدعم المصري للحكومة السودانية، أكده وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، مجدداً خلال محادثات مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في 14 فبراير (شباط) الجاري، وشدد على «موقف بلاده الداعم للسودان، ومؤسساته الوطنية، وبذلها كافة الجهود لتعزيز سيادته ووحدته وسلامة أراضيه»، حسب «الخارجية المصرية».
ويرى حليمة افتقاد «الحكومة الموازية» للتأثير والدعم السياسي والشعبي بالمقارنة بتفاعل السودانيين داخلياً وخارجياً مع انتصارات الجيش الأخيرة، وأكد أن «هناك إدانات ورفضاً من أحزاب وقوى سياسية سودانية لهذه الحكومة»، لكنه لم يقلل من خطورتها حال اكتمالها، قائلاً إن «إعلان سلطة موازية سيضر بوحدة السودان، ويزيد من حالة الانقسام الداخلي، ويفاقم من صراع السلطة والنفوذ بين الأطراف السياسية».
و«تتابع القاهرة مساعي تشكيل حكومة سودانية موازية، لحين بحث الموقف مع أقرب محادثات مع مسؤولي الحكومة الشرعية في السودان»، وفق قنصل مصر السابق لدى السودان، اللواء حاتم باشات، الذي أشار إلى أن «مصر لا تستطيع أن تعلن موقفاً بشأن هذه التحركات؛ لكونها شأناً سودانياً داخلياً»، كما أن «موقفها ثابت بشأن دعم المؤسسات السودانية».
ويربط باشات بين خطوة الإعلان عن تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وانتصارات الجيش السوداني الأخيرة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تأثير الجيش بات أقوى ميدانياً، وفي طريقه للسيطرة الكاملة على الأراضي السودانية»، وعدّ ذلك التقدم «يدفع معارضين للبحث عن دور في السلطة، ما بعد انتهاء الحرب».
وحذرت الأمم المتحدة من إعلان «قوات الدعم السريع» تشكيل «حكومة موازية»، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الأربعاء، إن تلك الخطوة «تزيد الانقسام وتفاقم الأزمة في السودان».
وتتعارض خطوة تشكيل «حكومة موازية» مع مبادئ أساسية وثابتة في سياسة مصر الخارجية تجاه السودان، وفق الباحث السياسي السوداني المقيم في القاهرة، صلاح خليل، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تدفع نحو تدشين عملية سياسية شاملة، تشارك فيها الأطراف السودانية كافة، دون إملاءات خارجية».
ويرى خليل أن «تشكيل حكومة موازية يتعارض مع التحركات المصرية لحل الأزمة في السودان، ومنها استضافة مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية، العام الماضي، لتوحيد جهودها، ووضع خريطة طريق لإنهاء الأزمة في البلاد ووقف الحرب الداخلية».
وجمعت القاهرة في يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، خلال مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاثة ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».
القاهرة : الشرق الأوسط: أحمد إمبابي