فعّلت بكركي دورها وحضورها على الخط الرئاسي، بالتوازي مع الدعوات المتكرّرة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي الى النواب لتحمّل مسؤولياتهم والتعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية وفق ما يوجبه الدستور. وفيما بدأت ضمن هذا المسار جولة مشاورات واسعة، تواصلت ترددات الاجتماع الأخير في بكركي،فاكد مصدر نيابي مسيحي بارز في المعارضة لـ "الديار" ان الوثيقة التي يناقشها ممثلون عن القوى المسيحية برعاية بكركي "ليست جديدة وعمرها اكثر من عشرة اشهر، وهي تتضمن عناوين وطنية عامة ولا تقتصر على موقف لطائفة او فئة".

وقال" ان المطران انطوان بو نجم وضع خطوطها العريضة منذ عشرة اشهر بتوجيهات من البطريرك الماروني بشارة الراعي، واشتغل على اعدادها مستعينا بوثائق ودراسات لقانونيين وناشطين قبل ان يوزعها على الاحزاب والقوى المسيحية التي دعيت لدراستها ثم مناقشتها برعاية بكركي، وهي وثيقة مبدئية ذات طابع وطني".

واوضح رداً على سؤال "ان هذه الوثيقة والاجتماعات بشأنها ربما اثيرت حولها ضجة مبالغ فيها"، مشيرا الى ان بحثها ومناقشتها سيأخذان مداهما، وهي ليست آنية". ولم يستبعد أن "تكون الضجة ناجمة عن ترافق او الاعلان عن اجتماعات بكركي بشأن هذه الوثيقة مع دعوة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل للقاء القيادات المسيحية برعاية بكركي ومناقشة الموقف المتعلق بـ "الشراكة" وانتخاب رئيس الجمهورية، لكن هذه الاجتماعات لا ترتبط بدعوة باسيل". وقال المصدر ان الوثيقة تتضمن عناوين مبدئية ذات بعد وطني منها "سيادة لبنان، احترام الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية، عدم زج لبنان بالصراعات الاقليمية، واللامركزية الادارية والمالية الموسعة، وغيرها". وقال مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ "الديار" إن "الهدف من هذه الاجتماعات في بكركي ليس الاصطفاف بوجه الطرف الآخر، وهذا هو موقفنا الواضح كما انه موقف بكركي". واضاف: "اننا لسنا بصدد مناقشة مطالب مسيحية فحسب وانما نناقش مطالب وطنية، وعندما تقاطعنا على اسم الوزير جهاد ازعور لانتخابه رئيسا للجمهورية قيل يومذاك تتقاطعون على اسم وتختلفون على الرؤية، ونحن نحاول ان نتفق على رؤية وطنية مكتوبة تريح الموقف المسيحي ولكن ليست في وجه الطرف المسلم ابدا. ونحن كتيار نسعى لاعادة "الشراكة" ولانتخاب رئيس لا يمثل فريقا على حساب الاخر، وعندما حصلت محاولات للذهاب الى مواضيع اخرى كان لنا موقفنا في هذا الشأن. ونؤكد ان الغاية ليست الذهاب الى اصطفاف بوجه اصطفاف اخر او اصطفاف مسيحي بوجه اصطفاف مسلم. نحن لا نريد الذهاب الى خيارات متطرفة كما يتراءى للبعض، وانما نريد العودة الى "الشراكة" المسيحية الفعلية". وفي المعلومات المتوافرة انه في ضوء التفسيرات المختلفة وحصول نوع من لعبة شد الحبال بين القوى المسيحية لا سيما بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر حول طبيعة واهداف اجتماعات بكركي، اوعز البطريرك الراعي اول من امس الى المطران بو نجم لاصدار بيان توضيحي يؤكد ان هذه الاجتماعات هي عبارة عن "مسار تشاوري لمبادرة وطنية جامعة انقاذية تؤكد على الثوابت التي يؤمن بها اللبنانيون على اختلاف مكوناتهم". واشار الى ان هذا التشاور انطلق مع القوى المسيحية كمرحلة اولى ليتوسع الى حوار يشمل كل القيادات والمرجعيات الروحية والسياسية. وفي هذا الشأن، قال مصدر سياسي خارج اطار قوى اجتماعات بكركي الحالية ان بعض العناوين التي جرى تسريبها عن الورقة التي تناقش في بكركي "هي موضع تباين ليس بين المكونات السياسية فحسب بل ايضا بين القوى المسيحية التي اجتمعت في بكركي، وان هناك تفسيرات مختلفة حولها. لكن تأكيد المطران بو نجم على الحوار بين كل المرجعيات الروحية والسياسية امر مهم وايجابي ومرحب فيه بشكل عام".

لكنه اضاف ان "التوسع في مناقشة كل العناوين التي قيل انها الخطوط العريضة للورقة في المرحلة الراهنة تحتاج الى فترة وربما لا تؤدي الى النتائج المرجوة، لذلك فان الاولوية يجب ان تتركز بالحوار حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمكن ان يرعى حوارا جامعا حول القضايا الاخرى". واكد المصدر أن "الحوار هو السبيل الانجع لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية في اقرب وقت ممكن، ما دامت التوازنات داخل المجلس النيابي لا تسمح بانتخابه من خلال العملية الدستورية من دون التفاهم وتحقيق الحد الادنى من التوافق". اما في المواقف فرحّب أمس عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدالله بلقاء بكركي "الذي يحرص على بقاء لبنان وحماية شعبه"، مؤيدًا "المساعي التي تهدف إلى إخراج لبنان من المأزق السياسي والمعيشي"، آملاً بأنّ "يتوسّع ويأخذ طابعاً وطنيّاً أكبر".   واعتبر أنّ "الحديث الجدي المطلوب هو عدم تعطيل جلسات الانتخاب والاسراع في إنهاء الشغور"، مشدّداً على "ضرورة الإسراع لانتخاب رئيس للجمهورية"، ومؤكّداً أنّ "التواصل بين كتلة اللقاء الديمقراطي وجميع الكتل قائم على أمل إتمام هذا الاستحقاق".

وقال عضو "تكتل لبنان القوي" النائب شربل مارون أنّ الاجتماعات المتتالية بين الأطراف المسيحية في بكركي لا تهدف إلى وثائق وطنية فحسب إنّما لحوار طويل الأمد، موضحا أن الأحاديث والبيانات التي ستصدر عن تلك الاجتماعات ستكون باسم بكركي حصرًا.   وكشف عن "اتصالات تحت الطاولة بين "التيار الوطنيّ الحرّ" و"القوات اللبنانية" حول مواضيع عدة والاجتماع في بكركي وضع القضايا بكاملها على الطاولة".   وعن غياب تيار المردة عن اللقاء المسيحي، قال: "هناك ضبابية في هذا الغياب"، مضيفاً: "كنّا نأمل حضور الجميع لكي تتم مناقشة القضايا بين الأطراف كافّة وإنتاج ورقة وطنية موافق عليها من كافّة الكتل".

وقال النائب طوني فرنجية: "قلناها منذ بداية الفراغ الرئاسي ونعود لنكررها، لا حل سوى بالجلوس جميعاَ معاً، فيناقش كل طرف هواجسه دون شروط لا تكون لاحقة ولا مسبقة ولا حل الا بالشراكة والتطلع إلى بناء بلد بنوايا صافية وإرادة وعزيمة. ومن يرفض ربط المسار الرئاسي بمسار الحرب كان عليه ألا يرفض الحوار، لا بل أن يطالب به منذ بداية الشغور فهو السبيل الوحيد لانتخاب رئيس صنع في لبنان. ونكرّر اليوم تمسكنا بحوار وطني، وننتظر أي مبادرة قد تطلقها البطريركية المارونية، علماً اننا لا ننسى انقضاض البعض على المُسلمات التي أعلنت من بكركي بعد إجتماع الأقطاب الموارنة فيها".

وقال النائب كميل شمعون إنّ "الهدف من مبادرة بكركي توحيد الآراء ووضع أهداف مشتركة، أي تطبيق الدستور وفقاً لاتفاق الطائف"، وكشف عن لقاء جديد ربما في 14 نيسان للمجموعات المسيحية، مطالباً بـ "حياد لبنان لعودة الثقة بالبلد وإنجاز الاستحقاق الرئاسي".

وجدّد النائب تيمور جنبلاط دعوة الجميع إلى "تحفيز الخطى لبلوغ توافق وطني حول خارطة طريق تؤسّس لخطوات مُجدية ومسؤولة، من شأنها أن تطلق مسارات سريعة للحلول الداخلية المطلوبة، وفي مقدمتها الشغور الرئاسي".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: القوى المسیحیة فی بکرکی وطنی ا

إقرأ أيضاً:

أشهر شهداء المسيحية.. الكنيسة تحتفل بذكرى استشهاد القديس مار مينا العجائبي|اعرف قصته

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الأحد، الموافق الخامس عشر من شهر هاتور القبطي، بذكرى استشهاد القديس العظيم مار مينا العجائبي، أشهر شهداء المسيحية الذي يحظى بمكانه كبيرة في قلوب جميع الأقباط. 

الشهيد مار مينا العجائبي مار مينا العجائبي 

وقال كتاب السنكسار الكنسي الذي يدون سير الآباء الشهداء والقديسين، إنه في مثل هذا اليوم من سنة 25 للشهداء (309 م) استشهد القديس العظيم مار مينا العجائبى.

وُلِدَ بنيقيوس في أواخر القرن الثالث المسيحي من أب اسمه أودوكسيوس وأم اسمها أوفومية.

واضاف السنكسار: “كان أبوه والياً على مدينة نيقيوس (نيقيوس: مدينة قديمة محلها الآن زاوية رزين بمركز منوف بمحافظة المنوفية)، فحسده أخوه أناطوليوس وسعى به عند الملك فنقله والياً في نواحى شمال أفريقيا – منطقة مريوط – ففرح به أهلها، لأنه كان تقياً خائفاً الله وكانت أوفومية سيدة تقية مواظبة على الأصوام والصلوات، ولأنها كانت عاقراً، فكانت تطلب كثيراً من السيد المسيح أن يهبها نسلاً طاهراً، وكانت تصوم إلى المساء وتُقدِّم صدقات كثيرة للفقراء والمساكين”. 

وتابع السنكسار: "وفي عيد نياحة القديسة العذراء (21 طوبة)، ذهبت القديسة أوفومية إلى كنيسة العذراء بأتريب (أتريب: مدينة قديمة محلها الآن مدينة بنها، وما زالت آثارها موجودة حتى الآن)، وهناك رأت الجموع يتقاطرون على الكنيسة وهم فرحين متهللين، والسيدات يحملن أطفالهن بفرح، فوقفت أمام أيقونة العذراء وصلَّت رافعة قلبها متضرعة إلى الله بلجاجة أن يهبها نسلاً فسمعت صوتاً من الأيقونة يقول "آمين".

وواصل السنكسار: "ففرحت، وبعد انتهاء القداس الإلهي، رجعت إلى بيتها وأخبرت زوجها البار أودوكسيوس بما حدث، ففرح معها وقال: إن ثقتنا كبيرة في إلهنا القادر أن يفعل كما سَمِعْتِ، وبعد قليل حملت القديسة أوفومية وكانت تشكر الله على هذه النعمة، وعند الولادة أرادوا تسمية الطفل باسم جده بلوديانوس، ولكن أمه رفضت بسبب كلمة "آمين" التي سمعتها من أيقونة القديسة العذراء، ودعت اسمه "مينا" قائلة إن مينا هي "آمين" بنفس حروفها. 

وحدث فرح وابتهاج بولادته، ووزع أودوكسيوس صدقات كثيرة على الفقراء والمحتاجين بهذه المناسبة السعيدة.

اهتم والداه بتربيته تربية روحية وهذَّباه بتعاليم الكنيسة، وكانا يشجعانه دائماً على قراءة الكتاب المقدس، وكانا يترددان به كثيراً على الكنيسة، فشب على التقوى والفضيلة.

وتابع السنكسار: “لما بلغ مينا الحادية عشرة من عمره انتقل أبوه للفردوس سنة 296م، وبعد ثلاث سنوات لحقت به أمه، فورث عنهما ثروة كبيرة، وزع منها الكثير على الفقراء والمساكين، وفي حوالي سنة 300م دخل مينا إلى الجيش، ولأن القائد كان صديقاً لأبيه جعله التالي له في السلطة، فأحبه الجميع للُطفه وتقواه”.

الشهيد مار مينا العجائبي ترك الجندية ورحل للصحراء 

وصدر منشور الملكين دقلديانوس ومكسيميانوس يأمر بعبادة الأوثان واضطهاد المسيحيين، فوزع مينا كل ثروته على الفقراء والمساكين، وترك الجُندية، ورحل إلى الصحراء ليتمكن من التمتع بالعشرة الإلهية في عبادة نقية. 

عاش في البرية نحو خمس سنوات في أصوام وصلوات نهاراً وليلاً، وفي إحدى الليالي سمع صوتاً يأمره بالنزول إلى المدينة، والاعتراف بالسيد المسيح أمام الوالي وسينال ثلاثة أكاليل، واحد من أجل البتولية، وواحد من أجل العبادة والنسك، وواحد من أجل الاستشهاد.

لما سمع مينا هذا الصوت، ترك البرية، وذهب إلى المدينة، واعترف جهاراً بالسيد المسيح أمام الوالي وسط جمهور كثير، فتعجب القائد جداً، وأمر بالقبض عليه وإلقائه في السجن وفي اليوم التالي أحضره وحاول ملاطفته لمَّا عرف بشرف نسبه، لكي يسجد للأوثان ووعده بوعود كثيرة، لكن القديس كان يجيب في وداعة: "إن طلبي الوحيد من إلهي أنْ يحفظ حياتي من الفساد، ويهبني الإكليل الذي لا يُفنى".

وإذ فشل الوالي في إقناعه بعبادة الأوثان بدأ يعذبه بعذابات كثيرة مثل جلده بأعصاب البقر، وتعليقه على الهنبازين، وتمزيق جسده بأسياخ حديدية، وتدليكه بمسوح من شعر، ووضع مشاعل ملتهبة تحت ضلوعه... ثم ألقاه في السجن، فظهر له المخلص وعزاه وشجعه وشفي جراحاته. 

ولما احتار الوالي في تعذيبه، كتب قضيته وأمر بقطع رأسه وحرق جسده بالنار. 

نفَّذ الجنود أمر الوالي فاقتادوا القديس مينا إلى مكان تنفيذ الحكم، وهناك رفع عينيه إلى السماء وصلى صلاة حارة، ثم مدّ عنقه للسيَّاف فقطع رأسه المقدس، فنال إكليل الشهادة، ولما حاولوا حرق الجسد الطاهر، مكث في النار ثلاثة أيام وثلاث ليال ولم تُؤَثِّر فيه، فأتى بعض المؤمنين وأخذوه من وسط النيران وكفنوه بأكفان فاخرة ودفنوه بإكرام جزيل.

جدير بالذكر أن كتاب السنكسار يحوي سير القديسين والشهداء وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم، مرتبة حسب أيام السنة، ويُقرأ منه في الصلوات اليومية.

ويستخدم السنكسار ثلاثة عشر شهرًا، وكل شهر فيها 30 يومًا، والشهر الأخير المكمل هو نسيء يُطلق عليه الشهر الصغير، والتقويم القبطي هو تقويم نجمي يتبع دورة نجم الشعري اليمانية التي تبدأ من يوم 12 سبتمبر.

والسنكسار بحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مثله مثل الكتاب المقدس لا يخفي عيوب البعض، ويذكر ضعفات أو خطايا البعض الآخر، وذلك بهدف معرفة حروب الشيطان، وكيفية الانتصار عليها، ولأخذ العبرة والمثل من الحوادث السابقة على مدى التاريخ.

الشهيد مار مينا العجائبي 

مقالات مشابهة

  • المفتي قبلان: حركة أمل وحزب الله ثنائي وطني بوزن ثقيل
  • بمشاركة مصر.. وقف الحرب في لبنان وغزة يتصدر اجتماعات مجموعة السبع بإيطاليا
  • لبنان ينتظر بحذر ورقة الملاحظاتمن هوكشتاين.. ميقاتي: رسالة دمويّة اسرائيلية برفض المساعي والاتصالات
  • مدني القصيم يواصل متابعة الحالة المطرية التي تشهدها المنطقة .. فيديو
  • أشهر شهداء المسيحية.. الكنيسة تحتفل بذكرى استشهاد القديس مار مينا العجائبي|اعرف قصته
  • ترقب في بيروت لنتائج اجتماعات هوكشتاين بقادة الاحتلال
  • ترودو يندد باحتجاجات خلال اجتماعات الناتو في كندا
  • كاتب أمريكي: العراق ركيزة أساسية في محور المقاومة الذي تقوده إيران
  • معهد أمريكي يسلط الضوء على القاذفة الشبحية B-2 ونوع الذخائر التي استهدفت تحصينات الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • خبير: إسرائيل تحاول إيجاد أكثر من محور للهجوم وتحقيق الأهداف في لبنان