«قتل الحنش» و«أذون أذون» و«ثواب».. عادات عمانية في رمضان
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
تتنوع وتختلف العادات الرمضانية من محافظة عمانية إلى أخرى ولكن جميعها تصب في تعزيز الترابط بين أفراد المجتمع وتزيد المودة والتكافل بين أفراده، ولا تزال بعض العادات الرمضانية تمارس إلى اليوم فيما أفل بعضها ويستذكرها ممن عايشوها في تلك الفترة، ومن بين العادات الرمضانية "أذون.. أذون" و"ثواب" وهي من العادات التي تشتهر بها محافظة جنوب الشرقية، وفي المحافظات الشمالية يردد المصلون بعد صلاة التراويح دعاء "الوداع الوداع يا رمضان" في أواخر الشهر الفضيل،وهي من العادات المنتشرة، ويستذكر أهالي ولاية المصنعة المسحر الذي كان آخر عهد به قبل نحو 10 أعوام.
عادات رمضانية
وقال المؤرخ حمود بن حمد الغيلاني: إن ولاية صور تتميز بالعديد من العادات الرمضانية في الشهر الفضيل بينها عادة "ثواب" إذ اعتادت الأسر في ولاية صور على توزيع قدر مما طُبخَ لوجبة العشاء في عموم الحال طوال السنة، إلا أن الأمر يكون أكثر اهتمامًا في شهر رمضان من كل عام، فمنذ اليوم الأول تبدأ الأسر وقبل فترة كافية من أذان صلاة المغرب بتوزيع كمية من بعض لطائف ما طبخوا، ويقوم أبناء الأسرة بحمل وتوزيع تلك الصحون بما تحتويه مما طُبخ في بيتهم إلى بيوت أرحامهم وجيرانهم، ويتم في ولاية صور التركيز على الأسر الفقيرة، ومن الجدير بالذكر أن بعض الأسر الفقيرة قد توزع مما طبخت رغم قلة وضعف مكونات تلك الطبخة، ويلاحظ أن رب الأسرة الغنية التي أهدي لها ذلك الطبق البسيط يسبق أهل بيته في تناول ما تيسر منه، على الرغم مما يتوفر أمامه مما لذ وطاب من طبيخ بيته، ولكنه يقوم بذلك جبرًا لخاطر تلك الأسرة الفقيرة، كما تقوم الأسر في ولاية صور بإرسال الإفطار إلى المساجد، حيث تكفي الكميات الكبيرة منها للمسافرين والغرباء والفقراء والموجودين بالمسجد بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي، مضيفًا: إن عادة الثَواب (ويقصد بالثواب هنا الأجر) تهدف منها الأسر لتحقيق عدد من الغايات والأهداف، تتمثل في غرس جوانب من السلوك الإسلامي للمجتمعات، من تكافل وتعاضد، وتعاون، وهم كذلك ومن خلال تكليف أبناءهم يدفعونه إلى ممارسة هذا السلوك مما يغرس في نفس الأبناء حب الخير وإكرام الضيف والجيران والأرحام، وحب مساعدة الفقراء، مما يساعد على بهجة الأنفس، وصفاء القلوب، وتعزيز المحبة والترابط بينهم وتقوية العلاقات.
وأشار إلى أن من ضمن العادات الرمضانية في ولاية صور عادة "وأذون.. وأذون" وهي من العادات الجميلة للأطفال حيث تقوم الأسر بإعداد وجبة إفطار كاملة لشخص واحد، وترتب في صحون عدة، فيقوم أطفال تلك الأسرة وأطفال جيرانهم من الأسر الأخرى بالتجمع على شكل حلقات، فتجد هنا حلقة للبنات، وعلى مسافة منها حلقة للبنين، وهكذا يجتمعون ويغنون (وأذون..وأذون... شنبيعوه بنت خويدوم... فطروا.. فطروا..يا صائمين... باكر بتصبحوا نائمين) حتى لحظة انطلاق الأذان لصلاة المغرب، مشيرًا إلى أن هذه العادة تعمل على تعويد الأطفال على الترابط المجتمعي وذلك من خلال تجمعهم مع أصدقائهم من أبناء الجيران، وتعودهم على البذل بما يملك حينما يدعوا أصحابه إلى مشاركته فطوره وطعامه، مما يزيد الألفة والمحبة بينهم فتتوثق عرى العلاقة والإخوة وتكون أكثر تماسكا.
وأضاف: إن من العادات الرمضانية الجميلة أيضا قيام أهالي صور بممارسة عادة تعرف باسم (الترحيب برمضان) ويكون ذلك في أواخر شهر شعبان، من اليوم الثامن والعشرين، والتاسع والعشرين، حيث يجتمع الرجال في المسجد، وذلك من خلال الإنشاد بـ: مرحب مرحب يا رمضان.. شهر العبادة وشهر الصيام.. شهر محمد عليه السلام.. ثم يقومون بتلاوة القرآن الكريم كل حسبما يتيسر له، ولكن الجميع يختمون القرآن كاملا ثلاثين جزءًا.
الاستبشار برمضان
وقال سعيد بن خاطر بن سعيد الصلتي: من العادات في وادي بني جابر عند استقبال الشهر الفضيل "الاستبشار" والتي تقام في الأيام الأخيرة من شهر شعبان تردد النساء والفتيات بعض الكلمات، ابتهاجًا واستبشارًا بقدوم الشهر الفضيل مجتمعات أو متفرقات، وعلى شكل غناء، والكلمات هي: رحب رحب يا رمضان، شهر العبادة وشهر الصيام، فيك القسمة للنسوان، وهكذا يتبادلن الشلة بينهن، وهذا ما حفظناه وعايشناه في تلك الأيام، وتستمر هذه العادة حتى دخول الشهر الفضيل.
وأضاف: إن من العادات الرمضانية "مدفع رمضان" إذ تستخدم هذه العادة كطريقة للإعلان عن موعد دخول شهر رمضان المبارك، وبالتحديد في 29 من شهر شعبان، ويتم تشكيل الفرق من القرى نفسها لتخرج لرؤية هلال شهر رمضان، حيث يتم اختيار مكان مناسب مقابل غروب الشمس ويكونون موجودين في المكان قبل الغروب بساعات أي قبل صلاة العصر أو بعدها ليتأكدوا من الجهة التي تغرب فيها الشمس، وعند رؤية الهلال يطلقون النار ببنادقهم الخاصة إعلانا بدخول الشهر الفضيل، بالإضافة إلى ترقب إطلاق المدفع من حصن بلاد صور (حلة السوق) من قبل الوالي لإعلان رؤية الهلال ليصل النبأ إلى جميع القرى البعيدة والقريبة.
المسحراتي
تعد عادة المسحر من العادات الرمضانية التي اختفت من ولاية المصنعة قبل نحو عقد من الزمان مع وفاة آخر مسحراتي بالولاية، حول هذه العادات الرمضانية يقول جعفر بن عبدالله البلوشي، عضو المجلس البلدي السابق بالمصنعة: إن المسحر هو الذي يتحمل مسؤولية إيقاظ الصائمين من النوم لأجل تناول السحور في رمضان، حيث يقرع الطبل ويمر بمناطق عدة مرددا بعض الكلمات "اصح يا نائم سحور سحور سحور.. يا نائم الليل سحور" وهذا المسحر كان اسمه مصبح بن طناف الهدابي.. وبعدما توفى خلفه في ذلك خلفان بن سالم الرزيقي.. ويردد المسحر في أواخر العشر من رمضان مع دقات طبله ذات الكلمات ويضيف إليها "الوداع يا رمضان الوداع يا رمضان" رحمهما الله كان زمنا جميلا عشنا فيه أجواء رمضان الفضيل.
الوداع يا رمضان
وقال محمد بن درويش الخصيبي: تتنوع العادات الرمضانية في مختلف المحافظات ومنها عادة توديع رمضان وهي من العادة التي يتلى فيها دعاء وداع رمضان، تقام في الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر رمضان بعد أداء صلاة التراويح مباشرة، ويقرأ فيها أحد الحاضرين دعاء يعرف بوداع رمضان، ويتكون الدعاء من أبيات شعرية تبين فضائل هذا الشهر، وتظهر الحزن على انتهائه، وبعد الانتهاء من قراءة الدعاء يقرأ جميع الحاضرين الفاتحة ثم ينصرفون، وتنتشر هذه العادة في بعض أنحاء سلطنة عمان لا سيما في شمالها.
وأشار إلى أن ما يميز الشهر الفضيل في سلطنة عمان الإكثار من زيارة الأرحام والمرضى ولمة الأصدقاء وكثرة اللقاءات الأسرية مما يعزز الترابط المجتمعي ويزيد من المودة بين الأفراد، وقد ورثنا عن الأجداد عادات أصيلة يجب المحافظة عليها لأنها الحصن الحصين للتماسك المجتمعي.
قتل الحنش
ومن العادات الرمضانية التي يُحافظ عليها الأجيال في محافظة ظفار ما يسمى "قتل الحنش" وهي لا علاقة لها بقتل الأفاعي، بل هي احتفال سنوي غذائي دسم، يبدأ أواخر شعبان وحتى أول سحور في رمضان، وعن هذه العادة، قالت حنان بنت سالم الشنفرية، عضوة جمعية المرأة العُمانية في صلالة: هي عادة سائدة في محافظة ظفار، تبدأ في الأسبوع الأخير من شهر شعبان لغاية أول يوم من أيام السحور من شهر رمضان المُبارك، وهي عبارة عن احتفال سنوي غذائي دسم تجتمع فيه العوائل والأصدقاء لتناول الوجبات المتنوعة. حيث يرجع مسمى قتل الحنش لقطع المشاحنات والخلافات بين الأهالي والأصدقاء وتصفية النفوس من أية ضغينة في شهر شعبان، كما لا يوجد طبق رئيسي خلال الاحتفال ويفضل الجميع وجود مختلف الوجبات الدسمة وغالبًا ما يكون التجمع لوجبة العشاء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الشهر الفضیل فی ولایة صور هذه العادة شهر رمضان شهر شعبان من شهر وهی من
إقرأ أيضاً:
وعدت يا "عيد"
ها هو عيد الفطر المبارك وقد هلت أيامه علينا، بعد أن أعاننا الله على صيام وقيام شهر رمضان المبارك، تقبل الله منا جميعا صالح الأعمال والطاعات، وأعاده علينا بالخير والبركة والأمان.
فى الأسبوع الأخير والأيام القليلة قبل العيد لاحظنا حركة كبيرة فى الأسواق سواء فى محال الملابس الجاهزة وذلك لشراء ملابس العيد، وفى محال الحلويات لشراء لوازم الاحتفال بالعيد من كعك وبسكويت وخلافه.
حالة الاستغلال والجشع التى أصابت التجار خلال هذه الايام لا تجد من يضع لها حدا، والحجة أن السوق عرض وطلب، ومن يرد البضاعة فليتحمل ثمنها أو يتركها لمشتر آخر، وهو ما أدى إلى مزيد من "الابتزاز" لجيوب المواطنين، الذين أصبح الكثيرون منهم غير قادرين على الوفاء باحتياجاتهم، الأمر الذى يضطرهم للبحث عن البدائل الأوفر والأرخص..
ويرتبط عيد الفطر المبارك، الذى نعيش أيامه، فى التقاليد المصرية بعمل الكعك بكل أنواعه، بالإضافة إلى شراء ملابس للأطفال الصغار، وشراء مستلزمات الاحتفال بالعيد، وهى عادات توارثتها الأجيال عاما بعد عام، وبدونها يفقد الناس إحساسهم ببهجة العيد وفرحة قدومه.
هذه العادات والتقاليد أصبحت مكلفة للغاية، خاصة أن الشهر الفضيل أيضا تتزايد فيه المصروفات بشكل مضاعف، فهو شهر التزاور والتواصل مع الأهل والأصدقاء، وبالتالي فإن هناك إجراءات تقشفية فرضت نفسها هذا العام، على معظم الأسر، ومنها الاستغناء عن بعض الأنواع من الأطعمة مرتفعة الثمن، وتقليل العزومات، أو تقليل أعداد المدعوين..
الأسعار التى قفزت قفزات سريعة خلال أيام الشهر الفضيل، فى معظم السلع الأساسية وخاصة اللحوم والدواجن، كان لها أثر بالغ فى التخطيط لاستقبال العيد، وعلى سبيل المثال كعك العيد الذى تضاعف سعره هذا العام وحتى الأصناف العادية منه، لم تقدم كثير من الأسر على شراء كميات كبيرة منه، كما كان يحدث فى السابق، ولكن تم تقليل الكميات بقدر المستطاع، حتى أن البعض اكتفى بكميات بسيطة للغاية حتى لا يحرم أطفاله منها، والبعض لجأ إلى تصنيعه فى المنزل توفيرا للنفقات، أما بالنسبة للملابس فتلك مشكلة أخرى، حيث بلغت أسعارها حتى فى المناطق الشعبية أرقاما مبالغا فيها.
الملاحظ هذا العام هو تزايد الحركة على بائعي ملابس "البالة" المنتشرة فى بعض الشوارع وخاصة فى منطقة وكالة البلح والشوارع المحيطة فى شارع الجلاء ومنطقة الإسعاف، وكذا فى كثير من شوارع المناطق الشعبية، وذلك نظرا لوجود فرق واضح فى الأسعار مقارنة بمحلات الملابس الجاهزة، والتى تعرض قطعا من الملابس يتجاوز متوسط سعرها الالف جنيه، وهو رقم كبير بالنسبة لمعظم الأسر.
أما بالنسبة لأماكن المتنزهات التى يمكن أن ترتادها الأسر بسيطة الحال والشباب، فأصبحت قليلة ولا تكفي تلك الأعداد التى تتدفق من الأحياء الشعبية باتجاه منطقة وسط البلد مثلا، وبالتالي تكتظ الشوارع بشكل كبير، ويقضي الشباب كل وقته فى التنقل من شارع لآخر، مع تفريغ طاقة اللعب واللهو فى الشارع، وهو ما ينتج عنه أحيانا سلوكيات غير حضارية.
حتى الكباري الممتدة بطول نهر النيل استغلها أصحاب الكافيهات فى وضع الكراسي واستقبال الزبائن، غير عابئين بحق الناس الطبيعي فى التجول دون تضييق عليهم، الأمر الذى يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، والتوسع لعمل متنزهات وحدائق عامة بأسعار رمزية فى كل الأحياء السكنية أو قريبا منها، وكل عام وأنتم بخير.