في ظلال #طوفان_الأقصى “54”
#غزة محرومة من #السحور وموائدها خالية من #الفطور
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
إنه اليوم السابع من شهر رمضان الفضيل، المتمم لليوم ألـــــ 163 للعدوان الإسرائيلي الهمجي المتواصل على قطاع غزة، وما زالت آلته الوحشية، الأمريكية الدولية، في ظل شهر الصيام المعظم، كما في الأشهر الخمسة التي مضت، تقتل وتدمر، وتفتك وتخرب، وتحرق وتهدم، ولا تراعي حرمةً لشعبٍ أو احتراماً لدين، ولا تقديساً لشعائر أو تقديراً لطقوسٍ وعبادات.
بينما تقف دول العالم وحكوماته متفرجةً على ما يقوم به الجيش الصهيوني الذي سلحوه ودربوه، وأهلوه ومكنوه، وما زالوا يمدونه بالذخيرة والسلاح، ويزودونه بالآليات والطائرات، ويرسلون له المساعدات بالسفن وأسراب الطائرات، وهم يعلمون أن القتل الذي يمارسه جيشهم، إنما يتم بسلاحهم وبعلمهم وبأمرٍ من قادتهم.
استجاب الفلسطينيون في قطاع غزة، رغم المحنة القاسية والحرب الضروس، والقتل المستشري والعدوان الهمجي، لنداء الله عز وجل في كتابه الكريم، وقد حل شهره الفضيل “فمن شهد منكم الشهر فليصمه”، وقد شهدوه ورأوا هلاله وهم تحت الحصار فصاموا، ولكنهم صاموا عن الطعام غير الموجود، وامتنعوا عن الشراب الذي ليس إلا الماء على ندرته وقلته، وعجزوا عن شراء ما يحتاجونه من أسواقهم المدمرة ومحالهم التجارية التي باتت خاوية، فلا شيء بقي فيها ولا جديد بسبب الحصار يدخل إليها.
لكنهم أصروا على تعظيم شعائر الله عز وجل، صياماً وصلاةً، على الرغم من أجسادهم النحيلة التي أصابها الوهن، وأضناها الحصار وأوجعها ألم الفقد وحر القتل، فصاموا نهارهم، وأقاموا الليل وأدوا صلاة التراويح في بقايا المساجد المدمرة، التي لم يعد فيها صحنٌ ولا فناء، ولا منبرٌ ولا محراب، ولا مئذنة ولا مذياع.
في غزة التي يسكنها اليوم أكثر من مليوني فلسطيني، يصوم أطفالها الصغار وشيوخها الكبار، ونساؤها الحوامل وجرحى العدوان، والمصابون بالأمراض المستعصية والأوبئة التي سببها الحصار والعدوان، وغيرهم ممن نجوا من نيران القصف ولهيب الغارات، إلا أن عصف الحصار قد طالهم، وناب الجوع قد قرصهم، فأصابهم ما أصاب أهلهم من الجوع والحرمان، فغدوا جميعاً في مركب الجوع القاتل، وباستيل الحصار المذل، يصومون النهار وهم يعلمون أنهم لن يجدوا شيئاً يفطرون عليه في المساء، كما لم يجدوا شيئاً يتسحرون عليه قبل الإمساك، ورغم ذلك فإنهم يصرون على الصيام، ويعتقدون كما أنه شهر القرآن فإنه شهر الانتصارات، وشهر الفتوحات والمعجزات، وأن الله عز وجل لن يتركهم في شهره الفضيل فريسةً لعدوهم، يستفرد بهم ويقتلهم، ويستقوي عليهم ويعذبهم.
الفلسطينيون عامةً وأهل قطاع غزة خاصةً، مشهودٌ لهم بالجود والعطاء، والكرم والسخاء، ويعرفهم أهلهم ويشهد لهم ضيوفهم بأنهم كرامٌ كما الندى، وأسخياء كما الريح المرسلة، ويغدقون على ضيوفهم كما السحب المثقلة، ولا يخشون من كرمٍ فقراً ولا إملاقاً، ولا يترددون في إتلاف أموالهم وتقديم أفضل ما عندهم ليرضى ضيفهم، ويسعد زائرهم، ويهنأ من نزل عندهم، وهم في شهر رمضان أكثر جوداً وكرماً، وأوسع عطاءً وسخاءً، ويعلم الغريب والقريب أن موائدهم عامرة، وبيوتهم زاخرة، وأنهم يتبادلون أطباق الطعام ويتزاورون ليلاً حتى وقت السحور.
في غزة اعتاد أهلها على نصب الموائد العامة وإقامة المآدب في الشوارع والطرقات، وفي الحدائق والساحات، وفي المدارس والمساجد، فيرتادها من يريد، ويتناول فيها طعام الإفطار الغني والفقير، والغريب والمقيم، فلا يشعر ساكنها بفقرٍ أو حاجةٍ، ولا يشكو زائرها من غربةٍ أو وحدةٍ، فكل سكان غزة هم أهله ومضيفوه، بيوتهم له مفتوحة، وقلوبهم به مرحبة، فهو كما يقولون عنه، ضيف الرحمن ساقه الله عز وجل إليهم أجراً، ليكون لهم يوم القيامة ذخراً.
اليوم غزة أيها المسلمون جائعة فقيرة، كسيرةٌ معدمة، تشكو وتعاني، وتقاسي وتتألم، وهي في أمس الحاجة إلى لقمة العيش وكسرة الخبز وشربة الماء، فقد حرمها العدو الإسرائيلي وحلفاؤهم من الغرب وإخوانهم من العرب وغيرهم، كل أسباب العيش الكريم والحياة الحرة الآمنة المستقرة، فجففوا مياههم وخربوا زروعهم وحرقوا بيوتهم، وقتلوا رجالهم، ووأدوا أطفالهم، ولم يستثنوا من القتل نساءهم وحتى الأجنة في بطون أمهاتهم، والخدج في محاضنهم، وما زالت آلة قتلهم تعمل، وجيش كيانهم يعتدي ويقتل.
أيها المسلمون ويا أيها العرب، ويا أحرار العالم ودعاة الإنسانية في كل مكانٍ، لا تنسوا اليوم غزة وأهلها في معاناتها، ولا تتركوها وحدها تواجه مصيرها، وكونوا معها بسيوفكم قبل ألسنتكم، وبمالكم قبل دعائكم، وبحراككم قبل استنكاركم، واعلموا أن أهلها ولو بقوا وحدهم، فإنهم لن يتخلوا عن واجبهم، ولن يلقوا البندقية من على أكتافهم، ولن ينفضوا من حول مقاومتهم، فهي عزتهم وشامتهم، وهي التي رفعت رايتهم وأحيت قضيتهم، وهي التي ستستعيد مجدهم وستحرر أرضهم، وهي من قبل ومن بعد تنافح عن دينكم، وتحمي قدسكم، وتقاتل من أجل الأقصى والمسرى وكذلك الأسرى.
بيروت في 17/3/2024
moustafa.leddawi@gmail.com —
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى غزة السحور الفطور الله عز وجل
إقرأ أيضاً:
ضباط إسرائيليون سابقون: الوحدة 8200 تشهد أسوأ أزمة في تاريخها بعد الفشل في إحباط “طوفان الأقصى”
سرايا - نقل موقع “أكسيوس” الأميركي عن ضباط استخبارات إسرائيليين سابقين أن الوحدة 8200 في الجيش الإسرائيلي تشهد “أسوأ أزمة في تاريخها بعد فشل أكتوبر”، في إشارة إلى هجوم طوفان الأقصى الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وبحسب 3 ضباط كبار سابقين في الوحدة، فإن الوحدة تحتاج إلى العمل الاستخباراتي الأساسي الذي لا يعرف الكثير من العاملين فيها اليوم كيفية القيام به، وبدون ذلك فإن الفشل سوف يكرر نفسه.
وأضاف هؤلاء بأن تعيين أوري ستاف قائدا للوحدة 8200 هو “إحياء لذكرى الفشل الذي أدى إلى تخلف 7 أكتوبر”، مؤكدا أنها خطوة غير كافية لإصلاحها وترميمها.
وقال أحد كبار المسؤولين السابقين، إن القائد الجديد للوحدة أوري ستاف فشل في التأثير على قائد الوحدة السابق يوسي شارييل، “ولم يوقف الغباء الذي أدى إلى الكارثة”.
وذكر الموقع أن الضباط السابقين الثلاثة اتفقوا على أنه رغم أن ستاف تدرج في المناصب التقنية داخل الوحدة، إلا أنه ليس رجل استخبارات، وهو ما تحتاجه الوحدة في الوقت الحالي، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنه ظل نائبا لرئيس الوحدة السابق على مدى 3 سنوات، ومن ثم فهو مشارك في اتخاذ القرار والإخفاقات التي أدت إلى الفشل.
وقال المسؤولون الثلاثة السابقون إنه من أجل التغلب على الفجوة في مجال الاستخبارات، سيكون من الضروري تعيين نائب قائد يأتي من مجال الاستخبارات، خصوصا أن هناك حاجة لإعادة بناء الوحدة من الصفر تقريبا.
ويعتقد المسؤولون السابقون أنه سيكون من الضروري تشكيل فريق استشاري من جنود الاحتياط ذوي الخبرة في مجال الاستخبارات الذين سيعملون بشكل وثيق مع قائد الوحدة ونائبه وقائد مركز المخابرات في عملية إعادة التأهيل.
وفي 12 سبتمبر/أيلول الماضي، أبلغ يوسي شاريئيل رئيس الأركان هرتسي هاليفي، استقالته من منصبه بعد مسؤوليته عن الإخفاقات الاستخباراتية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما قبلها.
وتداولت منصات عبرية خطابا منسوبا لقائد الوحدة 8200، يؤكد فيه استقالته قائلا: “في 7 أكتوبر فشلت في مهمتي.. اليوم بعد الانتهاء من التحقيقات الأولية، أود أن أمارس مسؤوليتي الشخصية وأسلم القيادة إلى من بعدي”.
وتُعد الوحدة 8200 كبرى الوحدات في مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتأخذ على عاتقها مهمة جمع المعلومات الرئيسة، إضافة إلى تطوير أدوات جمع المعلومات وتحديثها باستمرار، مع تحليل البيانات ومعالجتها، وإيصال المعلومات للجهات المختصة، وكثيرا ما تشارك هذه الوحدة وتمارس عملها من داخل مناطق القتال.
إقرأ أيضاً : صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين "إسرائيل" ولبنان لوقف إطلاق النار .. هدنة لـ60 يومًا وانسحاب تدريجيإقرأ أيضاً : بوتين: روسيا تواجه تهديدات ولا توجد وسيلة في العالم يمكنها منع صاروخ “أوريشنيك” وسنواصل اختبار أنظمة أسلحة جديدةإقرأ أيضاً : بعد الغارات "الإسرائيلية" على العاصمة اللبنانية .. وسم "بيروت" يعتلي منصات التواصل الاجتماعي
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #روسيا#العالم#اليوم#العمل#بوتين#رئيس#الوحدات
طباعة المشاهدات: 1609
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 23-11-2024 12:53 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...