الإسلام دين العمل ولا مكان فيه للكسل والتراخي. ومع قدوم شهر رمضان المبارك، نجد الكثير من الناس يتعاملون مع أيام الشهر بالكسل والنوم والتراخي، أو بالسهر مع الأصدقاء في المقاهي والخيم الرمضانية حتى الصباح. رمضان ليس لذلك بل للعمل الذي يأخذ صيغا مختلفة لعل من أهمها الاستثمار بالذات وبناء المهارات.

أهمية الاستثمار في الذات

إذا كان عليك إعطاء الأولوية لاستثمار واحد باليوم، فماذا سيكون؟ بالنسبة للكثيرين منا، قد تكون الإجابة هي بدء عمل تجاري، أو شراء منزل، أو الاستثمار في سوق الأوراق المالية.

صحيح أن هذه الإجراءات مهمة لبناء الثروة، ولكن الطاقة التي تنفقها في تحسين نفسك يمكن أن توفر عوائد أكبر بكثير لك ولمن حولك.

وفي هذا السياق تؤكد محللة الأسواق المالية سارة الياسري من شركة "سي إف آي" (CFI) العالمية أن "الاستثمار لا يقتصر على المال فقط. في عالم سريع التغير والتطور تعد القدرة على التكيف أمرا بالغ الأهمية لتحقيق النجاح، وأقوى وأهم استثمار يمكنك القيام به هو في نفسك، والتغييرات الصغيرة التي تُحدثها في نمط حياتك يمكن أن تدر عوائد كبيرة في المستقبل، كما أن التحسين المستمر للذات وتخصيص الوقت والجهد يفتح لك أبوابا لفرص جديدة".

الأبحاث تربط طول العمر والصحة العامة بالعادات الصحية مثل ممارسة الرياضة بانتظام (شترستوك)

ووفقا لوارن بافيت، وهو أحد أنجح المستثمرين في العالم على الإطلاق وأحد أغنياء العالم، فإن "أفضل استثمار يمكنك القيام به هو في نفسك". وتربط الأبحاث طول العمر والصحة العامة بالعادات الصحية مثل ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول الطعام بشكل جيد، والحصول على قسط كاف من النوم، والحفاظ على العلاقات الاجتماعية، ووجود هدف يجلب لك السعادة، ويعطي لحياتك معنى. ولكن عندما تركز على تحسين نفسك وتطويرها يُمكن أن تترجم هذه العادات إلى مجالات أخرى من حياتك، لعلّ من أهمها تحقيق رفاهيتك المالية.

7 طرق للاستثمار في الذات واستغلال أوقات الفراغ في رمضان لتطوير المهارات:

1- حدد الأهداف

للاستثمار في نفسك، فكر أولا في تحديد الأهداف. ما الذي تريده بالضبط في عام 2024؟ هل تريد وظيفة، أم فتح مشروع تجاري، أو إكمال دراساتك العليا في الجامعة، أو قضاء دين أو التخلص من عادة سيئة، أو أي شيء آخر. عليك أن تحدد أهدافك بدقة، وتبقيها مرتبة في جدول أو قائمة خاصة.

وتوضح سارة الياسري أن "الاستثمار في نفسك يبدأ بوضع أهداف واضحة، تتيح لك اكتساب معارف ومهارات وخبرات جديدة وتطوير تفكيرك الإبداعي، فعندما تستثمر في نفسك، وترى تقدما ملموسا، تنمو ثقتك بنفسك، سواء كان إتقان مهارة جديدة أو تحقيق هدف شخصي، فإن هذه الإنجازات تؤكد قدراتك فهي تمكنك من مواجهة التحديات، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة قيمتك في سوق العمل".

2- استثمر في التدريب وتعلم مهارة جديدة

"أهم أنواع الاستثمار الذاتي هو التعليم والتدريب، فإنه يعزز النمو الشخصي، ويزيد من الفرص الوظيفية، ويوسع الخبرة ويسهم في النجاح الوظيفي" كما تؤكد سارة الياسري في تصريح للجزيرة نت.

وقد يكون تعلم مهارة جديدة أمرا حاسما لمستقبلك ورفاهيتك المالية، وتساعد الدورات التدريبية، (والكثير منها مجاني عبر الإنترنت) على تعليمك مهارات جديدة لم تكن تعرفها في السابق، وهذه الدورات التدريبية قد تدر عليك الكثير من المال، أو تفتح لك مجالات جديدة للعمل والتوظيف.

هل فكرت بتعلم التسويق الإلكتروني مثلا، أو التصميم الغرافيكي أو إنشاء المحتوى أو غيرها من الدورات والمهارات المتخصصة التي ستساعدك كثيرا في عملك الحالي؟، أو تفتح لك آفاقا جديدة لم تكن تعرفها في المستقبل.

تعلم مهارات جديدة أمر مهم ولا يقل عنه صقل مهاراتك السابقة وتنميتها وتطويرها (غيتي) 3- صقل المهارات السابقة

إن تعلم مهارات جديدة أمر مهم، ولا يقل عنه صقل مهاراتك السابقة وتنميتها وتطويرها. إذا كنت تتقن مهنة ما، فمتى اطلعت على آخر المستجدات والتطورات في مهنتك، هل تواكب التطورات؟ نحن نعيش في عصر متسارع، وهناك شيء جديد كل يوم، لهذا من المهم جدا العمل على صقل المهارات السابقة وتطويرها بشكل مستمر ودائم. جرب أن تأخذ دورة عبر الإنترنت في مجال مهنتك التي تعمل بها بدلا من النوم طوال النهار أو السهر مع الأصدقاء حتى السحور.

4- إنشاء ميزانية وكتابة مذكرات مالية

إن التعامل مع أموالك من خلال إنشاء ميزانية يمكن أن يساعد في خلق شعور بالأمان في حياتك. إذا كانت لديك ميزانية، فيمكنك استخدام أموالك بحكمة لدفع فواتيرك وديونك والتخطيط للترفيه والسفر. فكر في استخدام جدول بيانات أو برنامج مالي لوضع ميزانية لأموالك.

ما رأيك أيضا بكتابة مذكراتك المالية، وهذا يعني تدوين ما تنفقه أو تكسبه يوما بيوم. هذا نوع آخر من التنظيم يندرج تحت باب الميزانية، وليس من الضروري أن تركز يومياتك على المال فقط. إنها مساحة رائعة وآمنة للتأمل والتخطيط، وهناك الكثير من الفوائد لتدوين اليوميات، مثل إدارة التوتر وتحديد المشكلات وحلها.

5- البدء في خطة للتوفير

يُعد حساب التوفير موردا قيما في حالات الطوارئ والنفقات غير المتوقعة، وتسمح لك هذه الحسابات أيضا بتوفير المال لمشتريات أكبر، مثل شراء منزل أو سيارة. ابدأ في الادخار عن طريق توفير بعض المال من كل راتب أو دخل تحققه مهما كان ضئيلا، أو تقليل الإنفاق غير الضروري على الكماليات التي لا يعني غيابها شيئا حقيقيا لك أو لعائلتك.

التحدث بلغتين أو 3 لغات قد يكون مفيدا للغاية في مكان العمل (غيتي) 6- تعلم لغة جديدة

من المهم أن تبقي عقلك نشطا للحفاظ على الوظائف المعرفية والصحية، وننصحك بأخذ الوقت الكافي لتغذية عقلك من خلال الانخراط في أنشطة مختلفة مثل تعلم لغة جديدة.

إن التحدث بلغتين أو 3 لغات قد يكون مفيدا للغاية في مكان العمل، ودراسة لغة جديدة يمكن أن تساعدك في مواقف مختلفة. على سبيل المثال، معرفة بعض العبارات أو الكلمات يمكن أن تكون مفيدة للتواصل مع العملاء الدوليين في عملك. حاول قضاء بعض الوقت كل ليلة في تعلم كلمات جديدة، حتى تتمكن من التحسن بشكل مطرد.

7- استثمر في العلاقات

يمكن أن يساعدك إنشاء العلاقات والصداقات في بناء مجتمع مهني قوي، وهو أمر مهم للحصول على الدعم والمساندة، سواء كان في مكان العمل أو في الحياة نفسها.  كما يمكن أن يساعدك استثمار الوقت والطاقة في تنمية وتطوير علاقاتك في أن تصبح صديقا أو زميلا أفضل في العمل. للقيام بذلك، خصص وقتا للأشخاص الموجودين في حياتك من خلال تناول العشاء معهم، وحضور الأحداث والمناسبات الاجتماعية معا، والاتصال والتحدث معهم بانتظام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات یمکن أن فی نفسک

إقرأ أيضاً:

السؤال اللولبي

بمناسبة امتحانات الثانوية العامة وشكوى الطلاب وبكاء الطالبات من صعوبة الامتحان وغرابة الأسئلة خصوصًا في اللغة العربية والنحو والصرف والبلاغة ومعاني الكلمات والجمع والمضاد لكلمات لا تستخدم أساسًا والعجائب الطرائف التي نراها كل عام في أيام الامتحانات منذ أن وعينا على الدنيا وكأنها فيلم هندي أو عربي سخيف ممل ومتكرر.

أتذكر وتتذكرون معي مع هذه السخافات اليومية المتكررة كل عام أن كل ما درسناه وامتحنا فيه وعانينا منه لا قيمة له مطلقًا في الحياة العملية وأن كل الحفظ والمذاكرة والدروس الخصوصية والأسئلة اللولبية التي يتفنن فيها السادة موجهو المواد وواضعو الامتحان لا تساوي الحبر والورق التي طبعت عليه ولا تفيد أبدا في دنيا المال والأعمال وهي مضيعة للوقت والجهد.

والغريب في الأمر أنه بعد كل هذا التطور المذهل في تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي والتغيير الجذري في معطيات العمل وظروف الحياة اليومية واختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية ومناخ العمل ونوعية الوظائف المطلوبة بقيت الثانوية العامة وامتحاناتها بعبع البيوت المصرية وكأنها نهاية العالم رغم أن اجتياز الامتحان والحصول على المجموع والالتحاق بالجامعات لا يعني شيئًا بالنسبة لسوق العمل والمهم طبعًا اكتساب المهارات اللازمة المطلوبة في سوق العمل وهذه المهارات معروفة ويعلمها كل الناس كما يعلمون أنها لا تدرس في المدارس.

ومن حسن الحظ أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات دائمًا ما تعلن وتلح في عرض خدمات تأهيل الكوادر البشرية واكساب المهارات المطلوبة وبمنح مجانية وفي كل المراحل العمرية.

ويقول الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إن التكنولوجيا أصبحت عنصرًا أساسيًا مثل القراءة والكتابة لتمكين كافة الأفراد من تطوير أعمالهم بمختلف المجالات، وأن استخدامات التكنولوجيا فى التعليم بالغة التعدد، وأنه خلال الأعوام الست الماضية تمت مضاعفة أعداد المتدربين في برامج وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لبناء القدرات الرقمية 100 مرة، فيما تمت مضاعفة موازنة التدريب 34 مرة لتصل الى 400 ألف متدرب بميزانية 1.7 مليار جنيه، موضحًا أن زيادة أعداد المتدربين بشكل أكبر بكثير من الزيادة فى الموازنة جاء نتيجة لاستخدام أشكال أخرى فى التدريب إلى جانب التدريب التقليدى من خلال بناء منصات تختزن مجموعة ضخمة من المحاضرات التى يمكن أن يتلقاها ويستفيد منها عدد كبير من المتدربين.

بالإضافة إلى توفير بيئة تعليمية تشمل المعرفة الشاملة والفعّالة في مجال الفنون الرقمية، ويتضمن ذلك تزويد الطلاب بالمعرفة المفصلة حول مفاهيم وأسس الفنون الرقمية وتطويرها، وتجهيز الطلاب بالمهارات العملية اللازمة للعمل في صناعة الفنون الرقمية وتطوير الأعمال الفنية الثنائية والثلاثية الأبعاد، والقدرة على التفاعل مع التكنولوجيا المتقدمة.

وتنفيذ مسارات تدريبية خاصة بمجال تحليل البيانات وتطبيق النماذج الإحصائية وأدوات علم البيانات الحديثة لفهم وتحليل البيانات وحل مشاكل الأعمال، ودراسة خوارزميات تعلّم الآلة لاتخاذ القرارات الصحيحة ومواجهة تحديات الأعمال الحديثة.

وبجانب المسارات التكنولوجية، يلتحق المتدربون ببرامج تدريب تشمل المهارات القيادية والإدارية واللغة الإنجليزية ومنصات العمل الحُر وريادة الأعمال والابتكار، وفي نهاية البرنامج، يحصل المتدربون على شهادات احترافية ويكونون مؤهلين للعمل في الهيئات أو الشركات المحلية والإقليمية والدولية.

إذن هناك اهتمام كبير من وزارتي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم بإتاحة فرص التدريب والتأهيل والتعليم المستمر المفيد جدا والمطلوب بشدة في سوق العمل، ولكن هناك إصرار عجيب من الطلاب وأولياء الأمور والمدرسين والموجهين على استمرار منظومة القلق والرعب المتكرر كل عام مع امتحانات الثانوية العامة.

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

مقالات مشابهة

  • كيف تصبح مليونيراً في العشرينات؟
  • العادات السبع التي قد تدمر مستقبلك دون أن تشعر
  • 5 نصائح للتغلب على الاكتئاب الموسمي في الصيف
  • ما أهمية انضمام العراق للاتفاقيات الدولية؟
  • الأطفال وثقافة الحرب
  • “نقل عجمان” تعرض فرصاً استثمارية في “ملتقى الاستثمار الأول”
  • السؤال اللولبي
  • “نقل عجمان” تعرض فرصا استثمارية في “ملتقى الاستثمار الأول”
  • المطاعم والمولات: هل هي مستقبل للاستثمار أم غطاء لغسيل الأموال؟
  • الاحتراق الوظيفي.. أعراضه وطرق الوقاية