كشف المستشار الثقافي الإيراني في قطر والكويت ولبنان سابقا ونائب رئيس جامعة الأديان والمذاهب في الشؤون الثقافية، الدكتور عباس خامه يار، أن "طهران تتلقى دائما، بشكل مُعلن وغير مُعلن، رسائل ونصائح وضغوط وتهديدات من قِبل وسطاء أصدقاء وحلفاء (لم يحددهم) من أجل تغيير موقفها من دعم القضية الفلسطينية".

وقال، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "منذ أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى الآن هناك ازدحام مروري سببه كثرة الوسطاء، سواء في بيروت، أو في العواصم العربية والإسلامية الأخرى التي تفضل الوقوف بجانب المُخطط الاستعماري الداعم للكيان الصهيوني؛ فطهران تتعرض لضغوط، وهذه النصائح والرسائل تصلنا عبر حكومات رسمية أو منظمات دولية".




وأضاف الدبلوماسي الإيراني السابق: "هذه النصائح تأتي بأنماط مختلفة، وقد لاحظنا نوعا من التغيير في أسلوبها خلال الفترة الأخيرة، وتغييرا في اللهجة المتداولة، والسبب هو التحولات الكبرى التي شاهدناها ويشاهدها الرأي العام العالمي، ولو أن الأخوة في حركة حماس كانوا يعرفون مدى التأثير الكبير الذي أحدثوه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على المستوى الإقليمي والعالمي لاستبدلوا (طوفان الأقصى) بـ (تسونامي الأقصى)".

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تقيّم الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية؟


بعد قرابة حدود نصف قرن من انتصار الثورة الإسلامية، والمواقف العملية التي اتخذتها إيران من أجل القضية الفلسطينية، وعلى مدى العقود الماضية، أصبحت الأمور واضحة تماما للجميع، وهذا فخر تعتز بها إيران دائما، وكل الأثمان التي تدفعها الجمهورية الإسلامية على مدى العقود الماضية جاءت على خلفية موقفها من القضية الفلسطينية العادلة، والشعب الفلسطيني؛ فالرسائل التي تصل إلى إيران من التهديدات، وفرض العقوبات كلها تصب في هذا الإطار، والأمر أصبح واضحا للجميع.

والفلسطينيون أولى بالإجابة على هذا السؤال، سواء الفلسطينيون في الجانب السياسي أو الجانب العسكري؛ فالقضية الفلسطينية هي الأمن الاستراتيجي الأكبر، والمشكلة الأساسية للعالم الإسلامي، وهذا ما تؤمن به إيران دائما وأبدا.

انظروا إلى الخطاب التاريخي للإمام الخميني في انتفاضة 15 خرداد (5 و6 حزيران/ يونيو 1963) عندما بدأت الانتفاضة من الحوزة العلمية الدينية في مدينة «قُم» بعد خطابه الشهير على مدار ساعة تقريبا، وذكر فيه «الشاه» 15 مرة؛ فقد كان الخطاب موجّه ضد الديكتاتورية والاستبداد، لكنه وفي نفس الخطاب ذكر «إسرائيل» 18 مرة، وربط بين المشروع الاستعماري الصهيوني، والمشروع الاستبدادي والديكتاتوري الإيراني، وهذا إن دل فإنما يدل على موقف الجمهورية الإسلامية، وأهمية القضية الفلسطينية لدى الثورة، والتي اعتبرتها إسرائيل آنذاك بأنها "الزلزال الأكبر الذي هز الكيان الصهيوني".

لكن هناك انتقادات توجّه لإيران والبعض يقول إنها لم تأخذ موقفا حاسما في مواجهة الاحتلال، وإنها تخلت بشكل أو بآخر عن المقاومة الفلسطينية وسط تساؤلات: أين وحدة الساحات.. ما تعقيبكم؟

وحدة الساحات التي تمتد من بغداد إلى صنعاء إلى بيروت وإلى دمشق وإلى طهران.. هل يقودها النظام الرسمي العربي أو يدعمها؟!!، الفلسطينيون هم مَن يجيبون على هذا السؤال أيضا.

أين النظام العربي الرسمي؟!!، وأين القوى الإسلامية التي كانت تدافع وتتحدث ( عن فلسطین)؟!!وأين القوى التي تملك القاعدة الشعبية من القضية الفلسطينية؟، نحن نعرف الظروف والضغوط، وكثير من هذه القضايا، وعلى الجميع أن يجيب عن السؤال: مَن يدير المعركة في اليمن، وبغداد، وطهران، وبيروت؟

والانتقادات الموجّهة لإيران هي جزء من الحرب النفسية والإعلامية الموجهة من قِبل الامبراطوريات الإعلامية، التي تقف مع الكيان، وتشنّ هذه الحرب ضد المقاومة ومحور المقاومة بكل أشكاله، وأبعاده، هي فقط تريد النيل من وحدة الساحات.

وحدة الساحات الآن ربما هي الأهم والأجمل والأكبر، وتلعب هذا الدور القيادي والريادي الذي لا مثيل له على مدى العقود الماضية، هل يستطيع أحد أن ينكر الموقف اليمني تجاه الضغط الاقتصادي على الكيان الصهيوني، أو موقف المقاومة في جنوب لبنان، أو موقف طهران الداعم، أو موقف بعض القوى الإسلامية في العالم؟؛ فهذا الذي ينتقد ويتحدث.. أين هو من القضية الفلسطينية؟، وأين هو من نصرة شعب غزة؟

أين هم علماء السلاطين، الذين يملكون الميكروفونات، والمنابر الإسلامية الكبرى على مستوى العالم الاسلامي؟، انظر كيف يتحدثون عن حركة "حماس"، ويتحدثون عن القوى الفلسطينية؟، وكيف يتهمونها بالوقوف مع محور المقاومة؟، هؤلاء أصبحت مواقفهم مخزية ومعيبة للغاية، ويجب أن تُنتقد في ظل الصمت الرهيب الذي نشاهده هنا وهناك.

الموقف الإيراني كان وما زال واضحا، وداعما بكل أشكاله للقضية، وهذا يتحدث عنه الفلسطينيون في غزة، والضفة الغربية، وفي الميدان، وفي المنابر السياسية، وحتى في داخل الأنفاق؛ فلا يستطيع أحد أن ينكر هذا الموقف.

إيران أعلنت أكثر من مرة أنها تدعم "المقاومة" في فلسطين والمنطقة.. فماذا لو لم يكن هناك دعم إيراني لقوى المقاومة؟

هذا السؤال يجب أن يوجّه إلى الذين يتهمون إيران بالتخلي عن القضية الفلسطينية، وهو سؤال مهم جدا، إن لم تكن هذه القوى الداعمة للقضية الفلسطينية في الساحات الإسلامية والعربية التي تسمى بمحور المقاومة.

محور المقاومة أصبح الآن أكثر انسجاما، ويملك استراتيجية واضحة، ويدخل المعركة بقوة، ولكنه لن يعطي الفرصة لنتنياهو كي يبرر اتساع رقعة هذه الحرب، وإعطائه الذرائع.

ومحور المقاومة هو العمود الفقري، وعمود الخيمة، ولكم أن تتخيلوا كيف كان سيكون وضع القضية الفلسطينية في حال غياب الدعم الإيراني؟، وأعود وأكرر أين المنتقدون؟، وأين النظام العربي الرسمي؟، وأين الدول المجاورة لفلسطين المحتلة؟، ولماذا هذا الصمت الرهيب، وهذا التواطؤ؟، ولماذا هذا الدعم التآمري للكيان المحتل؟

هذه فرصة تاريخية لتُفتح الحدود، وتُفتح الأجواء والمنافذ، وتُقدم تلك المساعدات الكبرى المتواجدة على الحدود، والتي تأتي من كل صوب وحدب، وأن يُسمح لهذه الشعوب المنتفضة بدعم القضية الفلسطينية، ولنرى تنافس المتنافسون والمتسابقون لدعم هذه المشاريع الخيرة، والدعم يجب ألا يكون متناهيا لشعبنا في فلسطين.

كيف تردون على مَن يقول بأن المقاومة باتت مجرد أداة في أيدي إيران؟

هذه الأقاويل تُطرح من أناس هم أبعد ما يكون عن القضية الفلسطينية، والدعم الشعبي الفلسطيني، وربما يطرحون هذه الأسئلة للحيلولة دون الوصول إلى الوقائع على الأرض؛ فإذا تدخلت إيران ودعمت المقاومة يقولون هذه قضية إيرانية، ثم يتهمون الفلسطينيين بأنهم جزء من المخطط والمشروع الإيراني، وإذا اتخذت إيران بعض المواقف التكتيكية في هذا الإطار ولم تعلن عن عمق الدعم.. تُطرح أسئلة: "لماذا هذا الصمت، والانزواء، ولماذا عدم الدعم الإيراني؟".. فكيفما عملت ستجد آلة الثرثرة الإعلامية تقوم بأداء دورها المتكامل مع المخطط الاستعماري الصهيوني العسكري والأمني، وكلها أمور لا تقدم ولا تؤخر، وتحاول يائسة شيطنة محور المقاومة بكل السبل الخبيثة.

الإيرانيون منذ اندلاع ثورتهم وقبل ذلك مُصمّمون على نصرة القضية الفلسطينية، ويدفعون الثمن باهظا دائما، وكل الرسائل التي تصل إلى إيران من هنا وهناك، في السر والعلن، تطالب إيران بتغيير موقفها من القضية الفلسطينية، من أجل إنهاء الحصار عليها.

لكن إيران تسير في هذا الاتجاه على أصول ومبادئ، ولن تتخلى عن مبادئها، وهذا الأمر بات واضحا للجميع.

هل تلقت طهران بعض الرسائل خلال الفترة السابقة بشكل غير مُعلن من أجل تغيير موقفها من القضية الفلسطينية؟

نعم تلقت بالتأكيد، وهذه "النصائح" أو الضغوط والتهديدات دائمة ومستمرة من أصدقاء وحلفاء، والضغوط متتالية، وإيران تعرف أن العدو يريد أن يستفرد بالتيارات الإسلامية الكبرى في المنطقة.

إسرائيل مشروع استعماري بامتياز وليست مجرد احتلال -كما قال المفكر الجزائري مالك بن نبي-؛ فلأول مرة نرى الأساطيل العسكرية الأمريكية والغربية تدخل المنطقة بقادتها، ولأول مرة نرى الدبلوماسيين والرؤساء والمسؤولين الأمريكيين والغربيين يدخلون مباشرة غرفة العمليات العسكرية الإسرائيلية، ويرتدون الزي العسكري بدلا من الزي الدبلوماسي الذين كانوا يرتدونه في الظاهر، وهذا يدل على أهمية هذا المشروع، وأهمية تنفيذ وعد بلفور 1917، وأهمية الإبقاء على اتفاقية «سايكس بيكو»، إذن هو مخطط استعماري بامتياز، وليس مجرد احتلال.

وهذا المشروع الاستعماري يستهدف كل الدول الإسلامية، وشعاره "من النيل إلى الفرات"، وهو مشروع استراتيجي بالنسبة للغرب، وشاهدنا بصورة واضحة التعامل مع القضية الأوكرانية، وكيف وُضعت جانبا عندما اشتعلت الانتفاضة في غزة، والأراضي الفلسطينية، وكيف أصبحت أوكرانيا قضية هامشية عندما اُستهدف المُخطط الاستعماري في العالم الإسلامي في فلسطين.

لذا، يجب النظر إلى الموضوع من هذه الزاوية، وعلينا ألا نتبع العناوين الخاطئة التي تُرسم لنا من قِبل أعدائنا ومحتلينا.

مَن هم الوسطاء الذين نصحوا طهران بتغيير موقفها من دعم القضية الفلسطينية؟ ومَن الذي طلب منهم ذلك؟

الوسطاء متعددون ومختلفون، ومنذ أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى الآن هناك "ازدحام مروري" سببه كثرة الوسطاء، سواء في بيروت، أو في العواصم العربية والإسلامية الأخرى التي تفضل الوقوف بجانب المُخطط الاستعماري؛ فطهران تتعرض لضغوط، وفي بعض الأحيان تقدم لها النصائح في إطار هذه الضغوط، وتصل هذه النصائح عبر حكومات رسمية، أو منظمات دولية.

هذه النصائح تأتي بأنماط مختلفة، وقد لاحظنا نوعا من التغيير في أسلوب تلك النصائح خلال الفترة الأخيرة، وتغييرا في اللهجة المتداولة، والسبب هو التحولات الكبرى التي شاهدناها ويشاهدها الرأي العام العالمي.

أقول دائما: لو أن الأخوة في "حماس"، والفلسطينيون بوجه عام، كانوا يعرفون مدى التأثير الكبير الذي أحدثوه في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على مستوى الرأي العام العالمي، وعلى مستوى الإمبراطوريات الإعلامية، وعلى مستوى المفاهيم الفلسفية السياسية الغربية، وما يتعلق بمفاهيم الثورة الفرنسية، والثورات الأخرى التي تنادي بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، والمؤسسات القائمة على المفاهيم، ولو كانوا يعرفون مدى التغيير الذي أحدثوه في الشباب في العالم الغربي، لاستبدلوا "طوفان الأقصى" بـ "تسونامي الأقصى"، وهذه نقطة مهمة تُحسب للفلسطينيين ولحركة "حماس"، ولباقي التيارات الجهادية والمقاومة الوطنية والإسلامية في فلسطين.

وبماذا ردت طهران على هذه الرسائل؟

هذه الرسائل لم تكن رسائل جديدة، لأنها بدأت منذ أن رفع الإيرانيون شعار "اليوم إيران وغدا فلسطين" عام 1979، ومنذ أن سلّم نجل الإمام الخميني آنذاك السيد أحمد الخميني السفارة الإسرائيلية في طهران إلى السيد ياسر عرفات "أبو عمار"، ومنذ تلك اللحظة وحتى الآن وهذه الرسائل، والعقوبات، والضغوط تتواصل، والرد كان وسيظل واضحا: أوقفوا العدوان، أوقفوا الاحتلال، أوقفوا المشروع الصهيوني، تنتهي الأمور، بينما الجديد أن تلك الرسائل كانت مكثفة ولافتة منذ "طوفان الأقصى".

لو كانت إيران تريد أن تأخذ بهذه النصائح لكانت الثورة اتبعت مسارا آخر ككثير من الثورات السابقة، بينما الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية اليوم، وكل التيارات التي تؤمن بمكافحة الاستعمار والاستكبار، هم أكثر عزما، وصمودا، ومقاومة، وكل ما نشاهده في وحدة الساحات، وفي هذا النمط الجديد الذي دخل الأدب المقاوم في الساحة هو جراء هذه المواقف، وهو نابع من الصمود، ومن المواقف الإيرانية المستمرة على مدار نصف قرن.

هل تسعى إيران لإقامة قواعد عسكرية على البحر الأحمر من خلال السودان، كما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرا؟

لا أعرف سبب وجوب الرد الإيراني على كل مفردة وكل موقف وكل حديث تتناقله الإمبراطوريات الإعلامية المنتشرة على مدى الجغرافيا الواسع.

والسؤال الذي يجب طرحه لهؤلاء: هل إقامة القواعد العسكرية منحصر فقط على الدول التي تبعد آلاف الكيلومترات، وتتحكم بها باسم مصالحها الوطنية –إن صح الخبر-.

القواعد الأمريكية والغربية المتواجدة في كل العالم، في نظرهم قواعد صالحة ومهمة وذات بُعد ضروري واستراتيجي، ولكن إذا كانت هناك قواعد لدول أخرى فهي قواعد مُحرّمة، وغير صحيحة.

القواعد العسكرية المُقامة في دول المنطقة من قِبل المسؤولين المحليين والإقليميين، تحكمها العلاقات بين دول المنطقة، وهذه الدول تعرف كيف تتعامل، وكيف تخطط علاقاتها مع حلفائها وأصدقائها.

السودانيون كانوا وما زالوا -وهذا يعرفه الجميع وخاصة الإسلاميون على مدى العقود الماضية– يعرفون ماذا قدمت إيران للسودان، والشعب السوداني يعرف جيدا الخدمات التي ما زال يعيشها الشارع السوداني، ولم تطلب إيران يوما من السودانيين ومن شعوب المنطقة الأخرى مقابلا أمام هذه الخدمات، ومقابل هذا الدعم اللامتناهي.

هل من الوارد أو المحتمل أن تدخل إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل خلال الفترة ‏المقبلة، وماذا لو دخلت إيران في حرب مع إسرائيل؟

الظروف والتطورات هي التي تحكم هذا الأمر، والصهاينة يعرفون مدى قوة وإرادة إيران، ويعرفون قدرات محور المقاومة، ويعرفون الوحدة التي دخلت الأدبيات العسكرية بمصطلح "وحدة الساحات"، وهم لن يتجرأوا على الدخول في حرب مباشرة وغير مدروسة مع المقاومة الإسلامية في لبنان مع حزب الله؛ فكيف بهم إن دخلوا في حرب مع قوة كبيرة، ولاعب إقليمي يملك القدرات العسكرية، والأمنية، والطاقة الشعبية في العدد الهائل من النفوس، والعدد الكبير من المتطوعين الذين ينتظرون هذه اللحظة.

الإيرانيون، وحلفائهم في المنطقة يدركون جيدا كيف يتعاملون مع أي أزمة وأي حرب مستقبلية، وأي مُخطط استعماري مستقبلي؛ فهم يملكون قدرا الذكاء يجعلهم يسيرون في هذا الاتجاه، أما الأفخاخ فلن ترهبهم، ولن تغير مسارهم؛ فهم حذرون، ومُستعدون كامل الاستعداد، وهذا ما تعرفه القوى الاستعمارية جيدا.



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات الإيراني حركة حماس إسرائيل غزة حزب الله إيران إسرائيل غزة حركة حماس حزب الله المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من القضیة الفلسطینیة محور المقاومة وحدة الساحات هذه النصائح تشرین الأول خلال الفترة موقفها من فی فلسطین على مستوى من ق بل من أجل فی حرب التی ت فی هذا

إقرأ أيضاً:

تذهيب الكتب .. تراث إيراني عريق يتحدى عصر الذكاء الاصطناعي

طهران ـ "أ.ف.ب": في وقت يمكن للذكاء الاصطناعي ابتكار عمل فني في بضع دقائق، يستغرق محمد حسين أقاميري ستة أشهر من العمل المكثف لإنجاز منمنمة فارسية، مساهماً بذلك في استمرار تقليد إيراني قديم. متكئاً على طاولة الرسم الخاصة به، يمارس أقاميري فنه بتركيز شديد، إذ يرسم منحنى رفيعاً بطلاء ذهبي مستخدماً فرشاة ذات شعيرات دقيقة للغاية.

يُعدّ محمد حسين أقاميري، البالغ 51 عاماً، أحد معلّمي تذهيب الكتب الإيرانيين، وهو فن يجمع بين الرسم وتزيين المخطوطات أو النصوص، إذ يحترفه "منذ أكثر من 30 عاماً".

و"من المحتمل أن يكون هناك ما يقرب من عشرة محترفين" ما زالوا يكسبون رزقهم من هذه الحرفة في إيران، وفق أقاميري الذي يعمل بمفرده في ورشة هادئة بالقرب من وسط طهران. ويوضح أقاميري "إنها مهمة فريدة للغاية، وتتطلب الكثير من الصبر والدقة، وهي ليست في متناول الجميع".

ويتطلب هذا الفن دقة فائقة، فأدنى خط ملتوٍ، حتى لو كان صغيراً، من شأنه أن يكسر التناغم المتماثل لـ "الشمسة" (تمثيل رمزي للشمس)، وهو عمل يبلغ قطره نحو 50 سنتيمتراً مع زخارف مجرّدة وهندسيّة وزهريّة متشابكة، وقد بدأ في إنجازه قبل أربعة أشهر ويخطط للانتهاء منه خلال "شهر ونصف شهر".

للرسم، يستخدم محمد حسين أقاميري أصباغاً طبيعية، مثل اللازورد أو الزعفران، والغواش، بالإضافة إلى الكثير من الذهب الخالص المستورد من الصين. ويلفت إلى أن "الذهب يتمتع بجاذبية بصرية كبيرة، وبما أنه باهظ الثمن، فإنه يعزز قيمة العمل في نظر المتفرج".

ينحدر محمد حسين أقاميري من عائلة فنانين، ويقدّم نفسه على أنه وريث "للتقاليد الحرفية" المتجذرة بعمق في إيران، بما في ذلك الخط العربي أو المنمنمات أو السجاد المنسوج يدوياً. وعلى غرار المنسوجات اليدوية، كان فنّ التخطيط المذهّب موجوداً قبل وصول الإسلام، في القرن السابع. وقد استُخدم هذا الفنّ لتجميل أشعار ونصوص الأساطير الفارسية التي يعشقها الإيرانيون، بحسب أقاميري. كما استعان الفنانون المسلمون بالتخطيط المذهّب لإبراز المصاحف. واليوم، يبيع الفنان بعضاً من أعماله في إيران، لا سيما للمتاحف، لكن نشاطه يتركز بشكل خاص على بلدان الخليج العربية، حيث يتزايد عدد محبي الفن الشرقي والإسلامي. ويقول "80% من أعمالي يتم شراؤها في المنطقة، خصوصاً في الإمارات وقطر"، ولكن "أيضاً في تركيا"، حيث يحظى هذا النوع من الفن بشعبية كبيرة. كما يقدم محمد حسين أقاميري دورات في فن تذهيب الكتب عبر الإنترنت للطلاب المقيمين في الخارج، وخصوصاً في الولايات المتحدة. وسيستقر قريباً لأسباب عائلية في إنجلترا، حيث سيقود أيضاً حلقات عمل لتعليم تخصصه، الذي يختلف بشكل ملحوظ مع مثيلاته من الفنون في أوروبا. بعد أن شهد عصره الذهبي في العصور الوسطى، أصبح فن تذهيب الكتب ذا طابع رمزي أكثر، ويعيد إنتاج الوجوه البشرية والحيوانات والمناظر الطبيعية، وغالباً ما يوضح حلقات من الكتاب المقدس.

وفي ديسمبر 2023، سلطت منظمة اليونيسكو الضوء على فن تذهيب الكتب من خلال إدراجه على قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية، وذلك بناءً على طلب دول عدة من بينها إيران أو تركيا أو أذربيجان أو أوزبكستان. ويقرّ محمد حسين أقاميري "قبل عشرين عاماً، لم يكن لدي الكثير من الأمل" في مستقبل فن تذهيب الكتب الفارسي، "لكن الأمور تغيرت وأرى أن هذا الفن أصبح يتمتع بشعبية متزايدة".

مقالات مشابهة

  • مخرج فلسطيني: لم يعد يمكن الحديث عن فلسطين في هوليوود عقب 7 أكتوبر
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تبارك عملية كرمئيل وتعتبرها رد طبيعي على جرائم العدو
  • تذهيب الكتب .. تراث إيراني عريق يتحدى عصر الذكاء الاصطناعي
  • «الحرية المصري»: تخصيص 60% من أرباح مهرجان العلمين لغزة ريادة مجتمعية للمتحدة
  • سجال صاخب في مناظرة جولة الإعادة برئاسيات إيران.. وهذا الفائز بها
  • مسؤول إيراني: طهران ستدعم حزب الله إذا شنت إسرائيل حربا عليه
  • بزعم مساعدة حماس.. مستوطنون يقاضون 3 دول أمام الفيدرالية الأمريكية
  • إيران تؤكد دعمها للمقاومة الفلسطينية وتلميحات بعملية “الوعد الصادق 2” ضد “إسرائيل”
  • المملكة تجدّد موقفها الراسخ في دعم القضية الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلي
  • حزب المصريين: تبرع «المتحدة» بـ60% من أرباح مهرجان العلمين يعكس دورها الوطني