نظمت لجنة العلاقات الثقافية والخارجية بكلية الالسن جامعة عين شمس، ندوة بعنوان "ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى.. الآفاق المتاحة وسبل الدعم الممكنة"، تحت رعاية الدكتورة سلوى رشاد،  عميد الكلية،  والدكتور أشرف عطية، وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث، والدكتور حسانين فهمي حسين،  مقرر لجنة العلاقات الثقافية والخارجية بالكلية، استضافت خلالها  الكاتبة والروائية ومدير التحرير التنفيذي بجريدة أخبار الأدب الأستاذة منصورة عزالدين، والتي ألقت محاضرة بعنوان "ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى.

. الآفاق المتاحة وسبل الدعم الممكنة" والتي شهدت حضور كبير من أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلاب بالكلية. وفي بداية الندوة رحب أ.د حسانين فهمي حسين بالكاتبة والروائية منصورة عزالدين وهي من أبرز الأسماء على الساحة الأدبية المصرية والعربية، كما صدر لأعمالها ترجمات إلى لغات أجنبية عديدة من بينها الإنجليزية والفرنسية والصينية والفارسية وغيرها. مؤكدًا على حرص اللجنة على استضافة المبدعين والمثقفين المصريين لتعريف الطلاب والباحثين بالكلية بالمشهد الثقافي المصري والعربي. وتنظيم الندوات واللقاءات التي تساعدهم في التعرف على سوق العمل في مجال الترجمة التحريرية والترجمة الأدبية على وجه الخصوص، وتعريفهم بالمؤسسات والمراكز الثقافية المصرية والعربية المعنية بالترجمة بين العربية واللغات الأجنبية. 


وفي بداية المحاضرة، وجهت الكاتبة منصورة عزالدين الشكر لإدارة كلية الألسن ولجنة العلاقات الثقافية على دعوتها لهذه الندوة، وأشادت بالدور الكبير والمهم لكلية الألسن جامعة عين شمس في تعزيز التواصل الثقافي بين مصر ومختلف الثقافات، والحضور الواضح والمميز لأبناء الألسن في مجال الترجمة الأدبية من مختلف اللغات إلى اللغة العربية. 
وأضافت أنها تتفق مع القول الذي يرى أن الكتاب يكتبون الأدب المحلي، وأن الأدب العالمي صنيعة المترجم، لأنه لولا الترجمة لما تعرفنا على أي أدب مكتوب بلغات أخرى، ولظل هذا الأدب أدب محلي لا يعرفه سوى من يتحدثون لغته، وتابعت أن هناك تواجد كبير لأبناء الألسن في الترجمة عن مختلف اللغات العالمية، في الوقت الذي نجد فيه ترجمات قليلة للأدب المصري أو الأدب العربي إلى اللغات الأجنبية، وتحدثت عن العوائق التي تقف أمام وصول الأدب المصري أو العربي إلى العالم، وعلى رأسها غياب الدعم المؤسسي لعملية الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية، وأكدت إلى ضرورة تفعيل دور الوكيل الأدبي في مصر على غرار ما هو معمول به في الدول الأوربية بل وفي دول عربية. مؤكدة على ضرورة دفع حركة ترجمة الأدب المصري إلى اللغات الأجنبية حتى لا يغيب الصوت المصري. وأكدت على أهمية الاستفادة من المعارض والمؤتمرات التي تحل فيها مصر ضيف شرف في دول أجنبية، والتعريف بالإبداع الأدبي المصري وترجمة نماذج من أعمال كتاب مصريين.
كما قامت الأستاذة منصورة بالرد على أسئلة الحضور من الأساتذة والطلاب حول واقع ترجمة الأدب المصري والعربي إلى اللغات الأجنبية. وتعليقها على ما يترجم من الأدب المصري والعربي إلى لغات أجنبية. 
وفي نهاية الندوة، قام  الدكتور حسانين فهمي حسين مقرر اللجنة بتكريم الأستاذة منصورة وتسليمها شهادة تقدير من قطاع الدراسات العليا بكلية الألسن.
شهدت الندوة حضور كبير من أعضاء لجنة العلاقات الثقافية والخارجية والسادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والباحثين والطلاب بالكلية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إلى اللغات الأجنبیة العلاقات الثقافیة الأدب المصری ترجمة الأدب

إقرأ أيضاً:

السَّاردُ السَّاحر

عرفت الأستاذ صلاح الدين بوجاه - رحمه الله - أستاذا فـي المعهد الثانوي، وأنا فتى صغير، أحاول كتابة القصة وألتهم الأدب التهاما، وأرى فـي جيل أدباء السبعينيات نماذج عليا، فحضرت بعضا من دروسه، وشدتني أناقة لغته، وسعة اطلاعه وعمق تواضعه ووفرة ابتسامته، وغزارة علمه، وسيطرته على اللسانيين، فهو الهمذاني والتوحيدي والجاحظ ساعة يتكلم العربية، وهو بالزاك وفلوبير ساعة يقلب متحدثا بلغة الفرنسيين، ثم غاب عنا مدة وجيزة، إذ انتقل إلى التدريس فـي الجامعة، والتقيته من بعد ذلك، أستاذا لي فـي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، يدرسني مقرر الحضارة، وكانت المسألة «فتوح البلدان» للبلاذري، ومن ساعتها لم نفترق إلى أن تغمده الله برحمته الواسعة، شاركته مرجعيات كان مهووسا بها من أدب العرب والفرنسيين، أطْلعني على كنز ألف ليلة وليلة، الكتاب الذي صاحبني منذ الطفولة متعة قراءة، وتحول معه إلى ثراء لأرضية نقدية أكتشف منها فنون القصص، كان قارئا، مواكبا لمحدثات التجديد القصصي فـي الغرب، منصرفا إلى الأدب المقارن، ومن الخصال الجيدة آنذاك فـي الجامعة التونسية أن الأستاذ المساعد فـي التعليم العالي لا ينعم - بالضرورة - بتدريس اختصاصه، وإنما هو - برغبته أحيانا، وإكراها أحيانا أخرى - يجب أن يطوف على التخصصات ليتكون فـيها مع طلبته قبل أن يستقر فـي تخصصه، ولذلك فقد أفادنا صلاح الدين بوجاه بشكل لافت فـي درس الحضارة ودرس الأسلوبية وأبدع فـي درس الرواية. لقد ساهمت مدينة القيروان فـي تشكيل الخلفـية الأدبية والنقدية والمعرفـية لصلاح الدين بوجاه، كما فعلت مع محمد الغزي ومع منصف الوهايبي ومع جعفر ماجد ومع البشير القهواجي، وغيرهم من الفاعلين فـي المجال الأدبي. القيروان مدينة حاضنة للفقهاء والأدباء والمجانين، بإرثها الديني والأدبي، وبما بقي فـيها من آثار وبقايا عهود السيادة والألق والريادة، يشعر أبناؤها أنهم من سلالة أدب وعلم، ويفخرون بما ترك لهم من منابر وجدران وصوامع ومخطوطات، ولذلك وجد صلاح الدين بوجاه مهجعه واستكانته وساح فـي فضاءاتها وتفاعل مع أطلالها الباقية، وجاور أولياءها، وتشرب من أسفارها وعايش من بقي من أنفاس علي الحصري وابن رشيق من شعراء وأدباء نهجوا النهج السلفـي فـي الكتابة شعرا ونثرا، وغذاه والده من ثراء مكتبته وهو غض طري، فابتلاه ببلوة الأدب عشقا وهياما، يقول فـي حوار معه: «قـضيت السنوات العشر الأولى من طـفولتي فـي ريف سـيدي فرحات (منطقة ريـفـية قريـبة من مدينة القيروان). وكانت مكتبة الوالد فـي ذلك الوقت بمثابة غـنم كبير بالنسبة إلي. فكان الريف والصمت والكتب فضاء رحبا مكـنني من الغوص فـي ذاتي والبحث عن أجـوبة خـفـية للاستفهامات الكبرى التي أحاطت بي مبكرا. أما باقي العمر الذي يتجاوز الأربعـين سنة فـقد قضيـته فـي محراب القيروان المدينة المـفعـمة رخاما وترابا وأساطير».

القيروان مدينة المجانين، ففـيها البهلول بن راشد، حكيم المجانين، ومن سلالته وفرة من المجانين العقلاء يملؤون المدينة، وفـيها علي الحصري، صاحب الأشعار الجياد، وابن رشيق القيرواني صاحب العمدة، وعنه نتج عدد من الأدباء ما زالوا يمثلون المدرسة القيروانية فـي الأدب. اختار صلاح الدين بوجاه أن يكون وريثا وفـيا لآبائه، عينه على التراث، وعينه الأخرى على الأدب الفرنسي، وخاصة منه أصحاب «الرواية الجديدة» تنظيرا وإبداعا، فنهل من هذا وذاك، إبداعا ونقدا، ووجد فـي طريق الأدب المقارن سبيلا جامعا بين المختلفـين، فكتب فـي ذلك نقدا ودراسة ما أثْرى به المكتبة العربية وأبلغ تصوره للإبداع، من ذلك مثلا كتابه «كيف أثبت هذا الكلام» و«أدبية الاختلاف» و«الشيء بين الجوهر والعرض»، «مقالة فـي الرواية»، وكتابه الرائع، بالغ الأثر فـي الدراسات المقارنية «فـي الألفة والاختلاف، بين الرواية العربية والرواية المكتوبة بالفرنسية فـي تونس»، ومن هذا التراكم النقدي يمكن أن ندرك دعوة صلاح الدين بوجاه إلى ابتكار أرضية نقدية لا تطابق النظر الغربي ولا تتشربه تمام التشرب، وإنما هي تستلهم قوانينها وضوابطها من روح الأدب العربي الذي أسس قديمه أرضية متينة يمكن الاستناد عليها، ولذلك، فقد دخل التجريب الروائي عن وعي وإدراك، فكتب أول ما كتب من رواية، عملا يستلهم الشكل الإخباري العربي القديم، وبنى روايته على المتن والهامش، وهي التجربة العربية الأولى فـي الكتابة الروائية ظهرت فـي روايته «مدونة الاعترافات والأسرار»، ثم طفق من بعد ذلك، يستلهم من ألف ليلة وليلة، ومن أدب الرحلة، ومن المقامة، فـي رواية حققت القبول الحسن شرقا وغربا، ففتح بابا وسيعا من محاورة الأشكال التراثية السردية، وهي رواية النخاس، التي بها حقق انتشارا ومقروئية، وكانت رواية «التاج والخنجر والجسد» داخلة فـي الإطار ذاته من تجريب الأشكال وإعمال لغة صوفـية، ضاربة فـي القدم.

وصفه بعض النقاد الشرقيين، بأنه واءم الصدع الحال بين أدب المغرب وأدب المشرق، وأنه تلقى التلقي الحسن فـي بلاد المشرق، وقرئت أعماله وانتشرت فـيها، إذ قال صبري حافظ إن رواية النخاس تؤرخ لبداية حوار بين النصوص التونسية والنصوص العربية فـي المشرق. صلاح الدين بوجاه، هو مثال الجامع بين لطافة النقد وحسن إجرائه واختباره وإعماله فـي نصوص شعرية ونثرية، وكتابة الرواية والقصة، وهو فـي الفعلين، وفـي الصورتين، مهتم باللغة الرامزة، يجريها لعبا وجدا، انصاعت له لغة العرب، التي يراها ميزة وخصيصة فـي جمالها وألقها يمكن أن تؤسس ما أسماه هو بالرواية اللغوية، الرواية التي تحتفـي باللغة، وتضعها بؤرة يتركز عليها السرد، ولعله من هذا المنطلق قرر علينا ونحن فـي سنتنا الثانية من التعليم الجامعي رواية لم نسمع بها، ولم نعلم بصاحبها، وهي رواية «الجواشن» لقاسم حداد وأمين صالح، وهي رواية اللغة بامتياز، ومنه تفتحت أعيننا على كتب فـي التراث لم نكن نقف على منزلتها، وعلى أدباء معاصرين اضطررنا لتتبع آثارهم. والأهم من كل ذلك أنه علمنا حيل اللغة، وإدراك جمالها، اللغة فـي روايات صلاح الدين بوجاه، كما فـي دروسه، هي محراب صوفـي، هي متأسسة على عمق رمزي وسيع. أختم بانصراف بوجاه فـي رواياته إلى دمج الأسطوري والواقعي، الأسطورة فـي رواياته ليست عاملا موظفا، وإنما هي الواقع ذاته، أو هي البعد الثالث للواقعية فـي مصطلح بوجاه. «سبع صبايا»، «لون الروح»، «النخاس»، «التاج والخنجر والجسد»، كلها فضاءات سردية، تعْمل الأسطورة وجها من الواقع، وتصرف اللغة لإيقاظ الأساطير بطرائق شتى. لقد أفنى بوجاه جهده فـي البحث عن الشكل الأمثل لرواية عربية مميزة، والعمل الأدبي فـي نهاية المطاف، على حد عبارة هولدرلاين «هو بحث عن الشكل»، الذي سخر له بوجاه، اللغة والشخصيات والألوان والأصباغ لخلقه، «أفلا يمكن القول إن مشروع الكتابة عند صلاح الدين بوجاه قائم على «البحث عن الشكل» مع كل رواية جديدة! هكذا تكون «المدونة» استرجاعا لشكل المتن والحاشية، و«التاج والخنجر والجسد» استدراجا للسيرة الذاتية، و«النخاس» مداورة للملحمة، و«السيرك» قراءة للعمارة العربية، و«سبع صبايا» استباقا للأسطورة».

مقالات مشابهة

  • أمريكا الأخرى: كلمة التحرير
  • منصة دولية: هل يحمل اليمن الحل المناخي المتمثل في القهوة كأجودها بالعالم؟ (ترجمة خاصة)
  • تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي ضمن إصدارات قصور الثقافة
  • سعر الدولار والريال السعودي والعملات الأجنبية والعربية مقابل الجنيه المصري اليوم 22 يناير 2025
  • السَّاردُ السَّاحر
  • العراق يرحب بتخفيض بريطانيا للمستوى الأمني ويدعو الدول الأخرى لقرار مشابه
  • أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 21-1-2025
  • تعليم الدقهلية لـ "الفجر"..فحص امتحان الشهادة الإعدادية مادة الهندسة اللغات بعد شكاوى اولياء الأمور
  • مترجم مدرب الأهلي المصري يزور تصريحا بشأن إمام عاشور
  • بحضور رئيس الوزراء.. مذكرة تفاهم لتصدير تجربة بنك المعرفة المصري إلى العالم العربي