سودانايل:
2025-01-22@14:02:31 GMT

التعليم الجامعي في المستقبل ضرورة ام ترف

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

زهير عثمان حمد
التعليم الجامعي هو ضرورة أساسية للمجتمعات التي تسعى إلى التقدم والابتكار والتنافس في عالم متغير بسرعة. يمكن للتعليم الجامعي أن يساهم في تطوير مهارات الأفراد وقدراتهم ومعارفهم في مختلف المجالات العلمية والمهنية والإنسانية. كما يسهم في تنمية البحث العلمي والتطوير التكنولوجي والحلول المبتكرة للمشاكل المعاصرة.

لذا، فإن التعليم الجامعي لا يمكن أن يعتبر ترفًا أو رفاهية، بل هو استثمار في المستقبل وضمانة للتنمية المستدامة
ومع ذلك، لا يعني ذلك أن التعليم الجامعي يغني عن الدور الهام للمعاهد المتخصصة التي تقدم تدريبات عملية ومهنية في مجالات محددة تلبي احتياجات سوق العمل والمجتمع. هناك حاجة إلى تكامل وتنسيق بين التعليم الجامعي والتعليم المهني والتقني، لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في مجالات التعليم والتوظيف. يجب أيضًا تحديث وتطوير المناهج والمحتويات والمنصات والأساليب التعليمية باستمرار، لمواكبة التغيرات العالمية والمحلية والاستفادة من التقنيات الحديثة
في المستقبل، سيكون التعليم الجامعي أكثر تنوعًا وتخصيصًا وتفاعلًا وتعاونًا. سيعتمد على التعلم النشط والتكيفي والشخصي، وسيستفيد من التعليم عن بعد والتعليم الافتراضي والتعليم المختلط. سيشجع أيضًا على التعلم مدى الحياة والتعلم الذاتي والتعلم القائم على المشاريع وحل المشكلات. لذا، سيظل التعليم الجامعي ضرورة لا تنتهي، ولكنه سيتطلب تحولات وتحديات وفرصًا جديدة الجامعات في المستقبل ستواجه تحديات وفرصًا نتيجة التغيرات السريعة في العالم، من حيث السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا والمعرفة. لذا، ستحتاج الجامعات إلى تطوير استراتيجيات وأساليب تعليمية وبحثية مبتكرة ومرنة ومتكيفة مع هذه التغيرات¹².
بالطبع! يعتبر الذكاء الاصطناعي (AI) شريكًا قويًا في مجال التعليم والجامعات. إليك بعض النقاط حول كيف يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي دور في تدريس الطلاب , التعلم الذاتي والتحسين المستمر: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أداء الطلاب وتوفير توجيهات مخصصة لتحسين أدائهم. يمكنه أيضًا تحديث نفسه باستمرار بناءً على تجاربه والتوجيه والمساعدة الشخصية: يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم توجيهات للطلاب حول المواد الدراسية والمهام. يمكنه أيضًا الإجابة على أسئلتهم وتوفير مساعدة فورية تحليل البيانات والتنبؤات: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الكبيرة المتعلقة بأداء الطلاب والتنبؤ بالتحديات المحتملة
وتخصيص التعليم يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم محتوى تعليمي مخصص لاحتياجات كل طالب بناءً على مستواه واهتماماته
التفاعل البشري-الآلي: يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي دورًا تكميليًا للمحاضرين البشريين. يمكن أن يساعد في تخفيف العبء عنهم وتحسين تجربة التعلم للطلاب
بالطبع، لا يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان تمامًا، ولكنه يمكن أن يكون أداة قوية لتحسين جودة التعليم وتجربة الطلاب

هناك العديد من الجامعات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في التدريس. إليك بعض الأمثلة حول العلم في منطقة الخليج بالتحديد

جامعة هلسنكي (University of Helsinki):
تم نشر إرشادات من قبل مجلس الشؤون الأكاديمية في جامعة هلسنكي حول استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريس.
يمكن للمعلمين في جامعة هلسنكي استخدام CurreChat، وهو واجهة الجامعة الخاصة بنماذج اللغة GPT3.5 وGPT4.
يمكن للمعلمين طلب فتح خدمة CurreChat لطلاب دورتهم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

جامعة سان دييغو (University of San Diego):

تستخدم الذكاء الاصطناعي في التعليم في جامعة سان دييغو لتحسين تجربة الطلاب وتحقيق نتائج أفضل

جامعة ستانفورد (Stanford University):

تقدم Stanford Teaching Commons تقدم حلول حول كيفية فهم تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على التدريس والتعلم

اليونسكو (UNESCO) تقدم اليونسكو أمثلة على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين نتائج التعلم والوصول إلى التعليم ودعم المعلمين وكذلك هذا للجامعات في منطقة الخليج وهي جامعة الأمير محمد بن فهد وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والجامعة العربية المفتوحة وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي , الذكاء الاصطناعي (AI) يمكن أن يكون له دور مهم في تحسين التعليم، ولكن هناك تحديات تتعلق بهذا الاستخدام. إليك بعض هذه التحديات:

تطوير سياسات عامة شاملة للذكاء الاصطناعي و يتطلب تقدم الذكاء الاصطناعي تنسيقًا بين العديد من العوامل والمؤسسات. يجب أن تعمل السياسات العامة على مستوى دولي ووطني معًا لخلق بيئة تعزز من استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة.
ضمان الشمولية والعدالة في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم: يواجه البلدان الأقل تطورًا خطر التفاوت التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي مع تطور الذكاء الاصطناعي. يجب التغلب على عقبات رئيسية مثل البنية التحتية التكنولوجية الأساسية لتحقيق الشروط الأساسية لتنفيذ استراتيجيات جديدة تستفيد من الذكاء الاصطناعي لتحسين التعلم.
تأهيل المعلمين للتعليم المدعوم بالذكاء الاصطناعي: يجب أن يتعلم المعلمون مهارات رقمية جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تربوية ومعنوية. يجب أيضًا أن يتعلم مطورو الذكاء الاصطناعي كيف يعمل المعلمون وكيف يمكنهم إنشاء حلول مستدامة في بيئات الحياة الحقيقية.
تطوير أنظمة بيانات ذات جودة وشمولية: إذا كان العالم في طريقه نحو تحويل التعليم إلى بيانات، يجب أن يكون الاهتمام الرئيسي هو جودة البيانات. يجب تطوير قدرات الدول لتحسين جمع البيانات وتنظيمها. يجب أن يكون تطوير الذكاء الاصطناعي فرصة لزيادة أهمية البيانات في إدارة النظام التعليمي.
هذه التحديات تتطلب تعاونًا دوليًا وجهودًا مشتركة للتغلب عليها واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في تحسين التعليم

الذكاء الاصطناعي (AI) يمكن أن يكون له دور مهم في تحسين التعليم، ولكن هناك تحديات تتعلق بهذا الاستخدام. وهذه بعض التحديات التي تكمن في , تطوير سياسات عامة شاملة للذكاء الاصطناعي: يتطلب تقدم الذكاء الاصطناعي تنسيقًا بين العديد من العوامل والمؤسسات. يجب أن تعمل السياسات العامة على مستوى دولي ووطني معًا لخلق بيئة تعزز من استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة , وضمان الشمولية والعدالة في استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم: يواجه البلدان الأقل تطورًا خطر التفاوت التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي مع تطور الذكاء الاصطناعي. يجب التغلب على عقبات رئيسية مثل البنية التحتية التكنولوجية الأساسية لتحقيق الشروط الأساسية لتنفيذ استراتيجيات جديدة تستفيد من الذكاء الاصطناعي لتحسين التعلم
هذه التحديات تتطلب تعاونًا دوليًا وجهودًا مشتركة للتغلب عليها واستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في تحسين التعليم , و بالطبع! هناك العديد من الأمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين نظام التقويم والتصحيح. بعض هذه الأمثلة _ تحسين التصحيح الآلي للأوراق: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين عملية تصحيح الأوراق الامتحانية والواجبات. يمكن للنماذج اللغوية الطبيعية (NLP) أن تحلل الإجابات المكتوبة وتقديم تقييمات دقيقة , تقديم تعليقات فورية ومخصصة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أداء الطلاب وتقديم تعليقات فورية ومخصصة. يمكن أن يكون ذلك مفيدًا للطلاب لفهم نقاط قوتهم ومجالات التحسين.
ولابد من تحسين الشفافية والموضوعية , و يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم تصحيح موضوعي وموحد لجميع الطلاب. يمكن أن يكون ذلك مفيدًا للحفاظ على الشفافية وتجنب التحيز , تحليل أداء الطلاب وتوجيه التدريس: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أداء الطلاب على مستوى الصف والفصل الدراسي. يمكن أن يساعد في توجيه الأنشطة التعليمية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين ويري الباحثين تتمثل فيما يلي 0تقديم تقارير تحليلية للمعلمين والإدارة: يمكن للذكاء الاصطناعي توليد تقارير تحليلية تساعد المعلمين والإدارة في تقديم تحسينات على النظام.

بالطبع! هناك العديد من التحديات المتعلقة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في تحسين نظام التقويم والتصحيح. إليك بعض هذه التحديات , التحديات الأخلاقية والقانونية يجب مراعاة قضايا الخصوصية والأمان عند استخدام الذكاء الاصطناعي في تصحيح الأوراق وتقديم التقييمات. يجب أن يتم التعامل مع البيانات الشخصية بحذر وفقًا للقوانين واللوائح المحلية والدولية
التحديات التقنية يجب حل مشكلات الدقة والتحديات التقنية الأخرى المتعلقة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في تصحيح الأوراق. قد يكون هناك تحديات في التعرف على الخط اليدوي وتحليل الإجابات المعقدة
التحديات في تقديم التعليقات البناءة يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على تقديم تعليقات دقيقة وبناءة للطلاب. يجب أن يكون قادرًا على تحديد نقاط القوة والضعف وتقديم توجيهات للتحسين
وهنالك تحديات في تقديم تقييم شامل يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على تقديم تقييم شامل للطلاب يشمل جوانب متعددة مثل المعرفة والمهارات والتفاعل الاجتماعي
التحديات في تحقيق الشفافية والعدالة يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي عادلًا وشفافًا في تقديم التقييمات. يجب تجنب التحيز وضمان تقديم نتائج موضوعية للطلاب.هذه التحديات تتطلب تعاونًا بين المعلمين والمطورين والمختصين في مجال الذكاء الاصطناعي لتحقيق أفضل نظام لتصحيح وتقديم التقييمات. ؟نحن أمام عالم متغير بسرعة لا تعطي احد حق التفكير حتي في أتخاذ قرار بالتعامل هذه المتغييرات التي سوف تحتاح كل شيء حتي ذواتنا الهالكة و قول الله تعالى: “وفوق كل ذي علم عليم”، وهذا يعني أن الله هو العليم الأعلى، وأن كل من لديه علم يعلم أن الله هو الأعلم بكل شيء. حتى العلماء البشر يعلمون أن علمهم محدود وأن الله هو العليم الذي يعلم كل شيء

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی التعلیم استخدام الذکاء الاصطناعی فی فی تحسین التعلیم التعلیم الجامعی هذه التحدیات یمکن أن یکون فی المستقبل یجب أن یکون تحدیات فی العدید من أن یکون ا إلیک بعض فی تقدیم تطور ا

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي في المسرح

لستُ من القلقين حول توظيف الذكاء الاصطناعي فـي المسرح على المستويات جميعها، لكن قلقي ينبع ككثيرين (المؤلف والمخرج والسينوغراف) من الاعتماد الكامل فـي توجيه الذكاء الاصطناعي للقيام بمهمات عديدة كزرع نواة الحكاية وتأليفها وتسليمها إلى المخرج الذي بدوره سوف يعدلها وحصر عدد ممثليها، فعلى سبيل الشاهد عوضَ أن تكون المسرحية متضمنة عددا من الممثلين أو الجوقة بتعبير الكلاسيكيين، يمكن للذكاء الاصطناعي اقتراح اختزالها فـي مونودراما أو ديودراما. ولا يقف الأمر بالاستفادة من قدرة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته عند هذا الأمر، بل يُمكنه التمدد إلى مستويات متعددة كاختيار نوع الإضاءة والأزياء والموسيقى المناسبة والقاعة المثالية الصالحة لتقديم العرض وكذلك قدرته على انتخاب الجمهور الملائم، من الأعمار والشرائح .

أعود إلى سؤال قديم سألته نفسي بعد قراءاتي لقصة حُلم الحكيم الصيني (جوانج زو)، وكان السؤال: هل يُمكن تحقيق حلم جوانج زو فوق خشبة المسرح على وجه الحقيقة، لا وجه المجاز؟ أمّا الحلم فتروى قصته كما يلي: «رأيتُ أنا جوانج زو مرّةً فـي منامي أنّني فراشةٌ تُرفرفُ بجناحيها فـي هذا المكان وذاك، أنا فراشةٌ حقا من الوجوه جميعها، ولمْ أَكنْ أُدركُ شيئا أكثرَ منْ تتبعي لخيالاتي التي تُشعرني بأنّني فراشة، أمّا ذاتي الإنسانيّة، فلم أكنْ أُدركها البتّة، ثُمَّ استيقظتُ على حينِ غفلة وها أنا ذا مُنطرحٌ على الأرض رجلا كما كنت، ولستُ أعرفُ الآن هل كنتُ فـي ذلكَ الوقتِ رجلاً يحلمُ بأنّه فراشة، أو أنّني الآن فراشةٌ تحلمُ بأنّها رجل».

لم أخفِ دهشتي أو متعتي بحلم جوانج زو. منطلقات الحلم ليس صراعا بين الأنا والذات فحسب، أو بين الحقيقي وغير الواقعي، أو المحسوس واللامحسوس، بل أعدّه درسا تأسيسيا فـي تربية الخيال الإبداعي وتنمية مستوياته، ومحفزا للابتكار وآلية أوليّة لتشريح التفكير الناقد.

منذ اختراع الأساطير، والإنسان يسعى باحثًا عن تفسير الماورائيات والموجودات من حوله. كانت الأفكار الغريبة وتشظياتها تحفر فـي داخله، فلا يستكين، ولا يهدأ. فلماذا وصل بنا الخوف أن نرى ما نتخيله مجسدا فوق الخشبة؟ هل سببه الخوف لمجرد الخوف؛ لأن الإنسان عدو ما يَجهل؟ فـي سياق الابتكار والإبداع والطموح بالذهاب مع الخيال إلى عوالم غير مُدركة ولا ملموسة، لم يكن مثلا صانعا أول طائرة حقيقية (الأخوان رايت - 1903م) إلا تراكما لحق بأفكار مَن سبقهم من محاولات فـي الطيران بدأها (عباس بن فرناس 810 - 887م) الذي حاول «الطيران عن طريق القفز من مكان مرتفع عن طريق أجنحة من الحرير وريش الطيور».

هذه المحاولات وغيرها الكثير كانت دافعا لتطوير البحث فـي مجالات العلوم التي من بينها علم الحاسوب، حتى جاء اكتشاف الذكاء الصناعي Artificial Intelligence- AI الهادف «إلى إنشاء أنظمة وبرامج قادرة على محاكاة القدرات العقلية البشرية، مثل التفكير والتعلّم واتخاذ القرارات وحل المشكلات. يعتمد الذكاء الاصطناعي على خوارزميات وتقنيات تمكّن الآلات من أداء مهام تتطلّب ذكاء بشريا».

الناظر إلى الذكاء الاصطناعي المُنطلق من فعل المُحاكاة Mimesis يعيدنا إلى المعلم الأول أرسطو. فالمحاكاة نقلا عن (معجم المصطلحات المسرحية - للدكتور أحمد بلخيري - ص396) هي «تقليد أو عرض شيء. وفـي الأصل تعتبر المحاكاة تقليدا لشخص بوسائل فـيزيقية أو لغوية؛ هذا الشخص يمكن أن يكون شيئا أو فكرة، كما يمكن أن يكون بطلا أو إلها. وفـي شعرية أرسطو يتحدد الإنتاج الفني انطلاقا من كونه تقليدا للفعل».

ليس من شك فـي أن موضوعة المحاكاة هي منطلق جميع الفنون والأفكار والإبداع، وأن السعي البشري بالتقدم العلمي إنما يهدف إلى السيطرة على الوجود والتمركز فـي العالم والتحكم فـي المسار البشري والهيمنة عليه بتعطيل أجزاء من قدراته الحيوية، فالعقل البشري الجامح الذي لا يعترف بوجود إله يُنظم الكون، لا تُهمه الأخلاق ولا القوانين ولا الأعراف التي وضعها الإنسان لتنظيم العلاقات بين الناس على امتداد الحضارات المنتجة.

أعود من جديد إلى أرسطو، ولكن هذه المرة فـي فلسفته التي نظر من خلالها إلى الوجود، الفلسفة التي شكلّت أساسا لنظرية الدراما فنيا لا تاريخيا. فـي كتابها (المسرح بين الفكر والفن) تناقش الأكاديمية الراحلة الدكتورة نهاد صليحة بتوسع المسرح بين النظرية الدرامية والنظرة الفلسفـية متتبعة فـي أحد فصوله أسباب هيمنة النظرية الدرامية الأرسطية على المسرح الغربي حتى القرن العشرين، متمثل ذلك كما تقول فـي وجود «تشابه الأيديولوجيا التي بطنت النظرية الأرسطية للدراما مع جوهر الأيديولوجيات التي تلتها»، فنظرية أرسطو بحسب قولها لم «تكن فلسفته مجرد بحث موضوعي غير مغرض فـي الحقيقة والوجود، بل كانت طرحا على مستوى الوعي أو اللاوعي- لتصور نظري، أو رؤية للعالم تتضمن تأصيل نظام سياسي - اجتماعي - أخلاقي معين». إن نظرة أرسطو إلى الوجود بجعل العالم يتحرك نحو غاية مسبقة محسوبة لا دخل فـيها للإنسان تجعل من وجود تشابه بين نظريته عملا أو فكرا يستعاد بفعل الذكاء الاصطناعي. صحيح أن هذا الأخير ينطلق من وفرة المعلومات والخوارزميات لدى الإنسان ومحاولة محاكاتها وابتكار لحظات جديدة أو قدرات خارقة، فـي حين أن نظرية المحاكاة تتمظهر أو تتمركز فـي القدرة على إنتاج وتقليد الفعل البشري.

إن المنطلق الأخلاقي وعلاقته بالذكاء الاصطناعي كسؤال مرحلي هو أحد منطلقات الملتقى الفكري المصاحب للدورة الخامسة عشرة لمهرجان المسرح العربي التي أقيمت فـي مسرح العرفان بالعاصمة مسقط للفترة من 10-15 يناير 2024م. حمل الملتقى على مدى يومين العنوان التالي: (المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع)، وبين عناوين الأوراق النقدية التي قدمها الباحثون: «المساحة الرمادية بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي: تجربة مسرحية كونتراست»، للدكتور أسامة لاذقاني، وورقة بعنوان «حول التصميم»، للدكتور محمد مبارك تسولي، وورقة «الإضاءة المسرحية البديلة: استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي فـي التصميم الإبداعي»، للدكتور عماد الخفاجي، وورقة «قناع الفـيروفـيوس... برامج وسائطية فـي الدراما: قناع فـيروفـيوس لدمج حركة الممثل والتكنولوجيا والإنترنت»، للدكتور أيمن الشريف، وورقة «الذكاء الاصطناعي وتوليد النص المسرحي» للأستاذ عبداللطيف فردوس، وورقة «الصوت... المؤثرات الخاصة: الصوت المحيطي والهولوجرافـي والمؤثرات البصرية التفاعلية بين الآلة والممثل»، للأستاذين وسام قطاونة وحسن حينا، وورقة «التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي.. البديل الغامض»، للدكتور خليفة الهاجري، وورقة «التصميم والابتكار - الإبداع» للباحث Shen Qian، وورقة «تصميم إضاءة نحو المستقبل» للباحث Guo Jin Xin، فإن العناوين تضعنا أمام تحديات عدة أهمها: محاولة الذكاء الاصطناعي محاكاة (العقل) البشري لا (الفعل) فـي ظل الخوارزميات التي تعمل بآلية معقدة تستطيع أن تفـيد الإنسان فـي مناحي الحياة العلمية والطبية والفنية، وأنها تقدر أن توجهه التوجيه الذي يراه الذكاء الاصطناعي بأنه «الأمثل»، فـي المقابل قصور الذكاء الاصطناعي عن معرفة المشاعر والأحاسيس من جهة، والحاجة إلى ضوابط أخلاقية صارمة تحفظ للإنسان خصوصيته من جهة مقابلة، هي مسائل فـي غاية الصعوبة. فهل هناك حدود للذكاء الاصطناعي لا يستطيع تجاوزها؟ إن الصانع بتعبير الفلاسفة للذكاء الاصطناعي هو الإنسان، وكما قدم الدكتور يوسف عيدابي فـي افتتاحية الملتقى الفكري بالقول: «المسرح والتقانة صنوان، تأتي التكنولوجيا بجديدها الذي يذهب بعد حين إلى قديم، ويأتي جديد آخر. ولكن ما يثير هو أن الذكاء الاصطناعي يصادم فـي (الخَلق)، هو يكتب ويُخرج ويُمثل وينتج ويفعل بنا ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسيّر، هو لا يؤمن إلا بقدرته وأقداره... هو الهو! - ولكنه من خلق الإنسان الفاني - مع هذا الذكاء يتراجع المؤدي/ الإنسان إلى المرتبة الثانية - الآلة تكون لها الأولوية، وهذا إشكال وجوهره فـي هذا الجدل الذي لن ينتهي.

مقالات مشابهة

  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تفتح باب التسجيل في برنامج التدريب البحثي
  • محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تفتح باب التسجيل في برنامج التدريب البحثي
  • «الاتصالات» تعلن إطلاق الإصدار الثاني من استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي 2025
  • مصر تطلق الإصدار الثاني من استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي 2025-2030
  • ترامب يطلق أكبر مشروع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في التاريخ
  • ستارغيت. مشروع ترامب الضخم لإنشاء بني تحتية للذكاء الاصطناعي
  • ترامب: أمريكا تملك أكبر مشروع للذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي في المسرح
  • تشكيل لجنة للذكاء الاصطناعي في «الشارقة الرياضي»
  • طبيب يفجر مفاجأة.. الزيت قد يكون خطرا صامتا.. كم مرة يمكن استخدامه؟