متى يكون القلق إيجابيا؟ وما أبرز فوائده؟
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
يعدُّه كثيرون شعورا بغيضا، تتعرق راحة يدك، وتتسارع ضربات قلبك، وقد تشعر بتقلصات في البطن أو بعض الاضطرابات في المعدة، وقد تعاني الأرق وعدم القدرة على النوم، وقد يفقد عقلك القدرة على التفكير المنطقي السليم، يُرافقك الإحساس بأن هناك خطرا وشيكا، مما يخلق شعورا عاما بعدم الارتياح يجتاحك، هذا هو القلق.
ومن المنطقي أن تراه شعورا سلبيا، وتحاول الابتعاد عنه وتجنبه بكامل طاقتك، بل والبحث عن الطرق والخطوات التي تُمكنك من مواجهته والتخلص منه.
ترجع بعض الدراسات العلمية حرص بعض الناس على تنمية شعورهم بالقلق إلى قدرته على تعزيز الأداء المعرفي وقدرته على إشعار البعض بالارتياح.
من ناحية أخرى، ربما لا يكون القلق متعلقا بأي منفعة أو فائدة بالنسبة للبعض. لكن بعضهم يتعلق بالقلق لمجرد أنه أصبح شعورا "مألوفا"، وهو الأمر الذي رصدته باحثة علم النفس بريت فورد من جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأميركية عبر استبيان شارك فيه 139 طالبا جامعيا، لقياس المشاعر التي يميل الناس إلى الشعور بها في معظم الأوقات.
بعد فترة، عادت فورد لتسأل الأشخاص الذي يميلون للشعور بالقلق الدائم عن الشعور الذي يرغبون في اختباره؟ فأجابوا بأنهم يرغبون في الشعور بـ"القلق".
ويوضح عالم الأعصاب كينت بيريدج من جامعة ميشيغان -لمجلة "نيوزويك" الأميركية- أن الرغبة في الإحساس بشعور معين يختلف تماما عن الاستمتاع بهذا الشعور، إذ تتولد "الرغبة" عن مجموعة من الناقلات العصبية، تختلف تماما عن الناقلات العصبية التي تولد الشعور بـ"الاستمتاع".
وقد تكون الحاجة إلى الشعور بالقلق ناتجة إلى حد كبير عن حالة "إدمان القلق"، وهو ما يولد بدوره الرغبة في الشعور بالقلق بغض النظر عمّا إذا كان هذا الشعور ممتعا أم لا.
يلجأ البعض إلى تعزيز شعورهم بالقلق لأنه يرفع من وتيرة الأداء المعرفي لديهم (بيكسابي) مزايا "القلق"تقول عالمة الأعصاب ومؤلفة كتاب "القلق الجيد" الدكتورة ويندي سوزوكي، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن "مشاعر القلق والاستجابة للضغط النفسي الأساسي لحمايتنا"، مُشيرة إلى أن إدارة القلق والتوتر والتعامل مع هذا النوع من المشاعر بفاعلية قد تكون أكثر فائدة من التخلص منها أو تجنبها بشكل تام.
بالطبع، ليس المقصود هنا القلق المرضي، فاضطرابات القلق تُصنف على أنها أمراض عقلية خطيرة، ويتسم اضطراب القلق بأنه يحمل قلقا أو شعورا بخوف كبير لا يختفي.
لكن المقصود هنا هو القلق الطبيعي، الذي تعد أبرز مزاياه أنه يجعلك أكثر ذكاء، إذ يجعلك تلجأ إلى التفكير النقدي والتحليل، لمحاولة الوصول إلى بواطن الأمور وعدم الاكتفاء بالظاهر. كما يحول القلق دون الإفراط في التفاؤل الساذج لمجرّد رصد بعض المؤشرات المبدئية الإيجابية.
وقد يجعلك القلق تتوصل إلى حقيقة يصعب إدراكها عند التحلي بالمشاعر الإيجابية، فقد تلاحظ مثلا تكرار شعورك بالقلق من فكرة أو موقف ما، ليكون القلق هنا مثل جهاز إنذار، فمن المرجح أن عقلك وجسدك يحاولان إخبارك أن هناك ما يستدعي الانتباه والمعالجة.
من جهته، يوضح موقع "فيري ويل مايد" أن الشعور بالقلق قد يكون مجرد علامة تحذيرية تحتاجها لزيادة الوعي بوضعك الحالي وإجراء بعض التغييرات الضرورية في حياتك. على سبيل المثال، قد يكون أحد الأعراض التي تساعدك على التصرف بسرعة لتجنب وقوع حادث أثناء قيادة السيارة، أو منعك من دخول مكان أو ظرف غير آمن، وقد يشكّل علامة تحذيرية على أن علاقتك وصلت إلى طريق مسدود، أو أن ضغط وظيفتك يهدد صحتك العقلية.
القلق قد يكون علامة تحذيرية على أن علاقتك لم تعد ناجحة أو أن وظيفتك ضاغطة ومهددة لصحتك العقلية (شترستوك) كيف تواجه الشعور بالقلق؟في حين توضح إلين هندريكسن، عالمة النفس الإكلينيكي في بوسطن ومؤلفة كتاب "كيف تكون على طبيعتك: سيطر على نقدك الداخلي وتجاوز القلق الاجتماعي"، أن درجة معينة من القلق يمكن أن تساعد في الحذر والتنظيم وتوقع العقبات.
أما عندما يرفض الناس الشعور بالقلق ويعملون على مواجهته فور ظهوره أو يحاولون تجنب الشعور به من الأساس، فإنهم في هذه الحالة يتحولون إلى ما يشبه شخصا يعمل على إسكات صافرة إنذار الحريق، لأن صوتها مُزعج، من دون أن يدرك أن هذه الصافرة تُشير إلى وجود حريق يستدعي الإطفاء بدلا من التركيز على الإزعاج الذي تصدره.
المقصود هنا ضرورة التفكير في جذور الأمور، ومحاولة الوصول إلى الرسائل التي يبعثها القلق، وتحديد التعديلات التي قد تحتاج إلى إجرائها في حياتك.
يساعد القلق أيضا في التعرّف على الذات بطريقة أفضل وأكثر عمقا، إذ يُعدّ البوابة الأساسية للعثور على أعمق القيم وتحديدها.
على سبيل المثال، قد تشعر بالقلق لدى رؤية شخص يكذب أو يجرح شخصا آخر بكلمات سلبية أو يتنمر عليه، هذا الشعور بعدم الارتياح الناتج عن رؤية مثل هذه التصرفات، قد يكون بمثابة رادار حيوي يُبين لك الخطأ من الصواب، ويُبين لنا ما السلوكيات والأخلاقيات التي نقبلها وتلك التي نرفضها، وهذا يُزيد من قدرتنا على تمييز ذواتنا الداخلية وتنمية وعينا الذاتي.
قانون "يركيس-دودسون"وفقا لقانون "يركيس-دودسون" -وهي نظرية نشأت أوائل القرن العشرين وتمت صياغتها من خلال إجراء بعض التجارب على الفئران- فإن زيادة كميات الاستثارة المعرفية، أو الشعور بالقلق والتوتر، يمكن أن يحسن الأداء، لكن إلى حد معين فقط.
وتُظهر النظرية، التي يتم تمثيلها من خلال منحنى على شكل جبل، أنه بعد وصول المنحنى إلى ذروته، تؤدي مستويات التوتر الأعلى إلى تراجع الأداء.
بينما يشير تقرير لموقع "سيكولوجي توداي" إلى أن القلق بإمكانه أن يجعلك أكثر قدرة على الشعور بالسعادة، ذلك لأن توقع أسوأ السيناريوهات يجعلنا نشعر بالسعادة عندما لا تحدث أي من هذه السيناريوهات السلبية التي توقعناها.
من شأن القلق أن يجعلك أكثر قدرة على الشعور بالسعادة (شترستوك)كما يُشير "سيكولوجي توداي" إلى أن الأشخاص القلقين ينزعون إلى الخروج باستنتاجات سلبية في المواقف الغامضة. مثلا، إذا كان الشخص القلق يحاول تشغيل جهاز الكمبيوتر، ووجد أنه لا يعمل، فإن أول ما سيقفز إلى ذهنه في هذه الحالة أن الجهاز تعرض للتلف، رُبما لن يفكر في أن البطارية من المحتمل أن تكون قد نفدت وتحتاج إلى إعادة الشحن فقط! وهو ما قد يجعله يشعر بالارتياح والسعادة عندما يكتشف أن "الكارثة" التي تخيل حدوثها لم تحدث.
ورُبما يضع الشخص خطة بديلة تمكنه من التعامل في حال التحقق من تلف جهاز الكمبيوتر بالفعل، وهو أمر ربما لا يطرق ذهن الشخص المتفائل.
من مزايا القلق أيضا أنه قد يُعزز علاقاتك الاجتماعية، وذلك لأن الأشخاص الذين جربوا الشعور بالقلق قد يصبحون أكثر تعاطفا وتفهما للمشكلات والمشاعر السلبية التي يواجهها المحيطون بهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من القلق قد یکون التی ت
إقرأ أيضاً:
دائرة النار تتسع.. الاستهدافات الإسرائيلية لمسؤولي حزب الله تثير قلق اللبنانيين
لا تفارق مخيلة هدى، المرأة الأربعينية، مشاهد الغارات الإسرائيلية التي طالت مبان سكنية بسبب وجود كوادر من حزب الله فيها، وتقول "صوت صراخ الأم في بلدة عين يعقوب العكارية، وهي تردد 'ابني مات'، لا يغادر أذني. مشاهد الحطام والأشلاء عالقة في مخيلتي، ولا أريد أن أكون وأهلي الضحايا الجدد لهذه الغارات".
هذا الخوف بات مشتركاً بين اللبنانيين مع ازدياد استهداف إسرائيل لمسؤولي حزب الله داخل المنازل والأبنية السكنية.
وأصبح اللبنانيون يخشون من وجود مسؤولين من الحزب في المباني أو الأحياء التي يقطنونها، ما يهدد حياتهم في أي لحظة، وما يزيد من مخاوفهم التهديدات الإسرائيلية المتكررة بمواصلة استهداف كوادر الحزب أينما وجدوا.
وأسفرت الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منازل ومبانٍ تؤوي عائلات نازحة عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، وسط أنباء تشير إلى وجود مسؤولين من حزب الله داخل هذه المباني.
ففي بلدة عرمون (بمحافظة جبل لبنان)، استهدفت غارة جوية فجر اليوم الأربعاء شقة في مبنى سكني، مما أدى إلى سقوط ستة قتلى وفق حصيلة أولية، أما في بلدة بعلشميه (بمحافظة جبل لبنان)، فقد استهدفت غارة جوية أمس الثلاثاء منزلاً، ما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص، وفي اليوم ذاته، استهدفت غارة أخرى مبنى في بلدة جون بإقليم الخروب، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً.
تعيش هدى في حالة من القلق المستمر، خاصة في ظل الغموض حول أماكن وجود مسؤولي الحزب داخل المباني والأحياء السكنية، وتقول لموقع "الحرة" إنه "قبل شهر، تم تأجير شقة في الطابق العلوي في المبنى الذي أقطن فيه لنازحين لا نعرف عنهم شيئاً، كما أن عدداً كبيراً من النازحين سكنوا في المباني المجاورة. لا أعلم إذا كان بينهم أي مستهدف".
وتشدد قائلة "أخشى من غارة قد لا تبقينا على قيد الحياة أو تقلب حياتنا رأساً على عقب، وما يزيد من قلقي أن الصاروخ كما نشاهد لا يدمر المنزل المستهدف فحسب، بل يطال أيضاً الأبنية المحيطة به، لذلك كله بتنا محاصرين بالخوف. أصبحت أقصى أحلامنا أن نعيش بسلام وأمان، دون أن نكون مهددين بالموت والدمار".
وزير الدفاع الإسرائيلي: لا هدنة في لبنان حتى تحقيق أهداف الحرب أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن إسرائيل ستواصل ضرب حزب الله بكل قوتها، ولن تتوقف حتى الحرب حتى تحقيق الأهداف. بين إجراءات الأمان وغيابهااستقبلت بلدة برجا بإقليم الخروب حوالي 30,000 نازحاً كما يؤكد رئيس بلديتها العميد حسن سعد لموقع "الحرة"، وقد تعرضت للاستهداف مرتين، المرة الأولى في 5 أكتوبر حيث شن الجيش الإسرائيلي غارة على شقة سكنية فيها، ما أسفر عن مقتل 20 شخصاً، ولم تكد تمضي أيام قليلة حتى شهدت البلدة غارة أخرى في 12 أكتوبر، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص.
يقول ابن البلدة الناشط جمال ترو، الذي ساهم في تأمين مأوى للنازحين إلى البلدة، سواء في منازل مجانية أو في مراكز ومدارس مخصصة للإيواء، إن "العمل الذي قمت به مع مجموعة من الناشطين، وما زلنا نقوم به، هو عمل إنساني واجتماعي ينبع من أخلاقنا وقيمنا وتربيتنا، ولا علاقة له بالسياسة. نحن نختلف سياسياً مع النظام اللبناني بشكل عام، وعلى رأسه حزب الله، ولكن ذلك لا يبرر تجاهل معاناة المواطنين، فلم نعتد أن نميز يوماً بين اللبنانيين على أساس مناطقي أو مذهبي أو سياسي".
ويشدد ترو على ضرورة "ابتعاد أي شخص يشعر أنه مستهدف عن الأماكن المأهولة بالسكان حفاظاً على سلامة المواطنين، وذلك من مبدأ ديني وأخلاقي وإنساني، فإسرائيل تحاول استغلال هذه الظروف لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية".
ويضيف " من دون أدنى شك أخشى على عائلتي وأهلي وأبناء بلدتي من ضمن خوفي الكبير على لبنان، على هويتنا وانتمائنا وأرضنا، فنحن أمام حرب مدمرة يبدو أنها طويلة".
وفي أعقاب الاستهدافين الذين تعرضت لهما بلدة برجا، اتخذت البلدية سلسلة من الإجراءات لتعزيز الأمن، ويوضح رئيس البلدية، العميد حسن سعد، أن "البلدية أوعزت للنازحين بعدم استقبال أي شخص قد يكون عرضة للاستهداف"، ويشدد "كما أنه من واجب أي شخص يشعر بأنه قد يكون هدفاً للتهديد الابتعاد عن البلدة، حفاظاً على سلامة الجميع".
ويشير سعد إلى أن "البلدية ترسل دوريات لإبعاد أي شخص يثير الشبهات"، مشيراً إلى أن "المواطنين يتعاونون في هذا الجانب من خلال الإبلاغ فوراً عند الشك بشخص معين، كما تنظم البلدية دوريات ليلية لتعزيز شعور السكان بالأمان".
كذلك تعرضت بلدة عين يعقوب في عكار شمال لبنان، لغارة ليلية يوم الاثنين أسفرت عن تدمير مبنى من طابقين يقطنه نازحون لبنانيون ولاجئون سوريون، ما أدى إلى مقتل 17 شخصاً. ورغم الحادثة، يؤكد رئيس البلدية، ماجد درباس، أنه "لم تتخذ أي إجراءات جديدة للحد من تكرار مثل هذه الحوادث".
ويوضح درباس في حديث لموقع "الحرة" أن "الوضع لا يزال على حاله، ولدينا حوالي 370 نازحاً"، مشيراً إلى صعوبة التحقق من وجود أي مستهدفين بين النازحين أو من لديهم انتماءات حزبية معينة.
بين الاحتضان والريبة"لطالما سادت المجتمع اللبناني الانقسامات العمودية والإصطفافات الطائفية بين مختلف فئاته وطوائفه ومذاهبه، ولقد ازدادت اليوم مع التصعيد الذي تشهده الساحة اللبنانية في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله"، كما تقول الأخصائية في علم الاجتماع الدكتورة هيفاء سلام.
وتضيف سلام في حديث لموقع "الحرة" أنه "بالرغم من أن بعض اللبنانيين لم يكونوا موافقين على الدخول في الحرب لاعتبارات عديدة، إلا أنهم وبمختلف طوائفهم سارعوا إلى احتضان إخوانهم النازحين من اللبنانيين وأبدوا تعاطفا وتكاتفا كبيرين تجاههم، ففتحوا لهم بيوتهم ومناطقهم وقدموا لهم المساعدات".
"لكن الإستهدافات الإسرائيلية المتكررة لعناصر موالية لحزب الله في المناطق التي تصنف آمنة ولّدت لدى أهالي هذه المناطق التي نزحت إليها بيئة الحزب الشعور بالقلق والخوف والهلع، من أن يستخدموا كدروع بشرية من قبل هؤلاء الكوادر الحزبية"، كما تقول سلام، مشيرة إلى أن ذلك "يفاقم النقمة الشعبية ضد الحزب وضد بيئته الحاضنة من النازحين، ويتسبب بخلق نوع من الحذر والريبة تجاههم عموما ويؤدي إلى شرخ بين اللبنانيين".
وتلفت سلام إلى أن "البعض من أبناء الأحياء عمدوا إلى الاستفسار عن هوية طالبي استئجار الشقق السكنية وعن سكنهم الأصلي ومهنتهم، للتأكد من عدم ارتباطهم بالحزب، في محاولة لدرء الخطر عنهم".
كذلك تؤكد الأخصائية في علم النفس، الدكتورة إيمان رزق، أن ما يحصل "دفع العديد من أصحاب المنازل إلى الامتناع عن تأجير عقاراتهم للنازحين خوفاً من احتمالية وجود كوادر تابعة لحزب الله بينهم، الأمر الذي يزيد من توتر العلاقات الاجتماعية بين اللبنانيين، ويدفع عدداً كبيراً من النازحين إلى اللجوء إلى مراكز الإيواء".
أما أكثر ما يخشى منه، وفق سلام "هو إطالة مدة هذه الحرب، لأن هناك حذرا وخوفا من تغير التوزيع الديمغرافي للمناطق ومن تزايد الاحتكاكات بين النازحين والأهالي، وإن لا زالت حتى الآن هذه المشكلات محدودة ومضبوطة وغير موسعة، ولكن ما يزيد من هذا الشعور هو أن الشعب اللبناني برمته يعيش ضائقة اقتصادية غير مسبوقة يمكن أن تنفجر وتتحول إلى صراع داخلي وتوترات أمنية متفرقة".
في المقابل، تعرب رزق عن تفاؤلها بأن التوترات الراهنة لن تؤدي إلى انقسامات أو كراهية بين اللبنانيين، قائلة "لا أعتقد أن هذا الوضع المؤقت سيخلق عداء بين اللبنانيين، فالجميع يشعر بالحزن لما يحدث في الوطن"، مشددة على أن "الأولوية الآن يجب أن تكون للتوصل إلى وقف إطلاق النار من أجل حماية سلامة اللبنانيين والحفاظ على استقرارهم النفسي والاجتماعي".
أبرز ملامح التسوية المرتقبة في لبنان.. و"نقطة الخلاف" الرئيسية أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في المفاوضات الجارية بشأن التوصل لتسوية بين إسرائيل ولبنان تتعلق بسرعة انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني فور إعلان وقف إطلاق النار. تداعيات نفسية"الوضع النفسي للبنانيين يتأثر بشكل كبير نتيجة التصعيد الأمني الحالي"، كما تؤكد رزق، واصفة ما يجري بـ"حرب نفسية" تؤدي إلى "القلق المزمن، وقد تتطور الحالات إلى الاكتئاب والصدمات النفسية"، وتوضح أن "التوتر الناجم عن ترقب الأسوأ والمشاهد المروعة للدمار وسماع أصوات الانفجارات يضع المواطن اللبناني في حالة من الضغوط النفسية، قد تتحول إلى صدمة مجتمعية، حيث تنتقل تأثيرات هذه الصدمة من الأفراد إلى المجتمع".
من جانبها تقول مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص إن "العيش تحت وطأة التوتر المستمر لفترات طويلة يؤدي إلى ارتفاع مستويات القلق".
وتوضح قصقص في حديث لموقع "الحرة" أن الآثار القريبة المدى لهذا التوتر تتمثل في "الاحتراق النفسي والإرهاق"، بينما تشمل الآثار البعيدة المدى "احتمالات الإصابة بالاكتئاب واضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة".
ومن الأعراض الأكثر شيوعاً "القلق المستمر، والخوف غير المبرر، والتوتر الدائم، واضطرابات النوم والطعام، والعصبية، وصعوبة التركيز، إلى جانب أعراض جسدية مثل تسارع دقات القلب، وتشنج العضلات، ومشاكل في الجهاز الهضمي، وصعوبة في التنفس".
وفيما يتعلق بسبل التعامل مع هذه التحديات النفسية، تنصح قصقص بضرورة تبني استراتيجيات للتكيف، "مثل الالتزام بروتين صحي، وممارسة التأمل، والاستماع إلى الموسيقى الهادئة، والتعبير عن المشاعر والمخاوف ضمن مساحة آمنة، سواء مع الأصدقاء والعائلة أو من خلال المبادرات المجتمعية"، مشيرة إلى أن جمعيتها توفر خطاً ساخناً متاحاً على مدار الساعة، لطلب استشارة مجانية من المتخصصين.
كذلك توصي "بممارسة الرياضة لتخفيف التوتر، والبحث عن لحظات صغيرة للشعور بالامتنان، ما يعزز السلام الداخلي ويحسن المزاج".
أما سلام فتعتبر أن الحد أو التخفيف من القلق لدى اللبنانيين، يتطلب من السلطة أن "تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها، نازحين وغير نازحين"، وتشرح "عليها أن تتولى أمن المواطنين كافة وحمايتهم، وأن توكل هذه المهام إلى الجيش والقوى الأمنية في هذه الأوقات الحرجة، ما يعطي شعورا للمواطن اللبناني بشيء من الطمأنينة والأمان وبأن ما زال هناك دولة لبنانية يمكن أن يعول عليها وحدها حصراً في إعادة بناء الوطن والنهوض به في اليوم التالي لانتهاء الحرب".
المصدر: الحرة