أستاذ سموم يشدد على أهمية الفهم السليم للتداخلات الغذائية مع الأدوية
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
أكدت الدكتورة رشا عزت مصطفى، أستاذ الاغذية والسموم بمعهد البحوث الطبية والدراسات الاكلينيكية بالمركز القومي للبحوث، أن تداخل الدواء مع الغذاء يؤثر على خصائصه، ما يؤدي إلى تأثير مباشر على آلية تأثيره وتوزيعه في الجسم، مشددة على أهمية الانتباه إلى وقت تناول الدواء وعدم تجاوز الجرعات الموصوفة، حيث يمكن أن يؤثر تغيير مواعيد الجرعات على فعالية العلاج.
وأوضحت أستاذ الاغذية والسموم بمعهد البحوث الطبية، خلال تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن جسم الإنسان يفرز مواد وأنزيمات يمكن أن تؤثر في كفاءة امتصاص بعض الأدوية من خلال تحسين امتصاصها أو العمل على إعادة الامتصاص بالشكل المطلوب، وكما هو معروف فإن الدواء والغذاء مهمان جداً لمعالجة الجسم من حدوث أي مرض .
واستطردت أنه عادة فى رمضان يضطر مرضى إلى تغيير مواعيد الأدوية لتتماشى مع مواعيد الصيام، أو الاعتماد على الأدوية طويلة التأثير، وقد يتم تغيير الشكل الصيدلى للدواء فبدلا من تناول الأقراص يمكن أخذ الدواء كحقن، حتى لا يفسد الصيام.
تأثير الصيام على امتصاصية الدواءوأوضحت أستاذ الاغذية والسموم بمعهد البحوث الطبية، أن الصيام قد يؤدي إلى تغيير في نمط الأكل، وهو ما يمكن أن يؤثر على امتصاص الدواء في الجسم، ومن هنا تكمن أهمية التشاور مع الأطباء لتحديد أفضل وقت لتناول الأدوية مع الأخذ في اعتبارنا مواقيت الإفطار والسحور.
وأكدت الدكتورة رشا عزت، على أهمية توعية الجمهور بالتفاعلات الغذائية التي قد تحدث عند تناول الأدوية، ومن بين الأطعمة والمشروبات التي يجب تجنبها أثناء تناول الأدوية:
1. المشروبات الغازية:
حذرت استاذ الاغذية والسموم بمعهد البحوث الطبية، من تناول المشروبات الغازية مع الأدوية، خاصة تلك المرتبطة بارتفاع ضغط الدم والقلب، فالتفاعل بين هذه المشروبات والأدوية قد يقلل من فعاليتها أو يزيد من مخاطر الآثار الجانبية.
2. منتجات الألبان:
شددت عزت، على ضرورة تجنب تناول منتجات الألبان مثل الحليب والزبدة والجبن مع بعض الأدوية، هذا يشمل خاصة الأدوية التي تتفاعل مع الكالسيوم، حيث يمكن أن يؤثر الكالسيوم على امتصاص المضادات الحيوية.
3. المكملات الغذائية بالكالسيوم والماغنسيوم:
حذرت أستاذ الاغذية والسموم بمعهد البحوث الطبية، من تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على كميات عالية من الكالسيوم والماغنسيوم مع الأدوية، حيث يمكن أن يؤثرا على امتصاص الأدوية في الجسم وبالتالي يقللان من فعاليتها.
وتابعت: بالإضافة إلى الشيكولاتة "الدارك" التى فى حال تناولها بالتزامن مع تناول أدوية منومة قد تؤدى إلى نتائج عكسية، وستؤدى إلى ارتفاع درجات حرارة الجسم إلى درجات كارثية، مشيرا إلى أن تناول أقراص الحديد منفردة، أو مع فيتامينات، يمثل خطورة على المرضى الذين يعانون مشاكل بالغدة الدرقية، كما يزيد الكافيين، من فعالية بعض الأدوية النفسية، وترفع من تأثير أدوية أخرى مثل الأسبرين، وعلاجات حساسية الصدر.
نصائح عامةواختتمت أستاذ الاغذية والسموم بمعهد البحوث الطبية، بنصائح عامة تشمل تناول الأدوية مع كميات كافية من الماء، والامتناع عن تناول الطعام الثقيل قبل تناول الأدوية لتجنب تأثيرات تأخير الامتصاص.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وقت تناول الدواء فعالية العلاج الدواء الغذاء تناول الأدویة یمکن أن یؤثر على امتصاص من تناول
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الفهم الصحيح لآليات التعامل مع الموروث الإسلامي من أسباب النهضة الحضارية
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، فى منشور جديد له عبر صفحته على فيس بوك: إن من المهام الأولى لعلماء الأزهر نقل هذا الدين لمن بعدهم بصورة صحيحة.
أوضحت أنه لابد أن يمتلكوا الأداة الضرورية اللازمة لفهم آليات التعامل مع «الموروث الإسلامي»، ليستطيعوا أن ينقلوه في إطاره الصحيح الذي وصل إليهم من أسلافهم إلى من يخلفهم، مع ضرورة حفظ التمييز بين الأصلين المنزَّهين (الكتاب والسُّنة)، وسائر التراث الذي اجتهد في إنتاجه المسلمون من علوم وفكر، وفقه وفتاوى، ورؤى وواقع تاريخي.
وأشار الى إنه لاشك أن هناك فجوة مشهودة بين أجيال الباحثين المعاصرين وهذا الموروث الثمين، فكثيراً ما نقرأ القرآن أو السُّنة أو علوم التراث الإسلامي ولا نفهم دلالات المقروء، فلا نستطيع الاستفادة منها، ومن ثم فإن أول مطلوب هو «الفهم»، فهو الخطوة الأولى لسائر الخطوات، فلا يمكنني نقد هذا الموروث أو تطبيقه دون فهم.
ونوه ان كثيراً ما يتساءل الباحثون عن آليات تطبيق هذا الموروث في مجالاتهم العلمية والبحثية الحالية، وعن «الحلقة الواصلة» بين الموروث وهذه العلوم الحديثة، في حين أن المطلوب أولاً -قبل التطبيق- هو «الفهم».
وبين ان تحديد الهدف والخطوات وتمثُّل هذه الخطوات جيداً، هو أمر مطلوب جداً من أجل الوعي والاستفادة.. لكن تشوُّف الباحث إلى ما هو أمام، وتعجُّله قطف الثمار قبل النضج - وربما قبل الزرع والإنبات - هو ما يدفعه إلى نوع من القفز وعدم الاتزان، فأنا -كباحث أو كدارس اطَّلعت على العلوم الحديثة- أريد أن أستفيد مما رأيته أو استشعرته في الموروث من منهجية ومضمون في دراستي لهذه العلوم، وهذا -بعد تحقيق «الفهم»- يحتاج إلى عملية أكبر، وهي ما يمكن تسميتها بعملية «التجريد»، ثم تتلوها عملية ثالثة وهي «الاستنباط»، والمقصود بها استنباط المناهج والقواعد والأدوات التي يمكن بها أن يواصلوا المسيرة ويكملوا البنيان.
وذكر انه ليس المراد من الاطلاع على هذه العلوم والأفكار وما فيها من منهجيات أن نحاكيها، فتتوقف مسيرة العلم، ونذهب في رحلة موات، بل أن نستخلص منها ما نحتاج إليه.
ولفت الى ان الموروث -بجملته- عبارة عن مكوّنين: نتاج فكرى، وواقع تاريخي. النتاج الفكري له «محلٌ» عَمِل الفكر فيه، وهو القرآن والسُّنة مصدرا المعرفة الأساسيان عند المسلمين باعتبارهما وحياً.
والنتاج الفكري له «ثمرة»، وهي ما يخرجه البشر بتفاعلهم مع هذا المحل من رؤى وأفكار وعلوم ومناهج وأحكام وممارسات.
محور الحضارة الإسلامية
وكشف عن ان محور الحضارة الإسلامية الذي بنيت عليه هو (النص): الكتاب والسُّنَّة، فما معنى المحور؟ معنى المحور أن كل العلوم خادمة له، وقد أنشئت لتخدمه، وهو المعيار للتقويم، والإطار المرجعيّ.
قرأ المسلمُ النصَّ، فلما استعصى عليه أمرٌ ما فيه راح يبحث عن وسائل فهمه، فصار هناك المُعجم وظهرت التراكيب والنحو والصرف.. تساءل: هل هذا الكلام معتاد أم معجز؟ ما الذي جعله متميزاً؟ فظهر علم البلاغة.. تساءل: إذا كنت قد فهمت دلالات اللفظ (المفردات والتراكيب)، فماذا عن الدليل والمدلول؟ وبالمثل ظهر علم النقل والتوثيق، وهو علم لم يخرج مثله في الأمم، وذلك لخدمة الوثوق في النص، وتوالت التصنيفات بين علوم ذاتية كالتفسير والحديث، وعلوم مضمونية كالتوحيد والفقه، وتقسيمات أخرى هي من نتاج تعامل العقل المسلم مع النص.
فالفقه -مثلاً- من القرآن إجمالاً، والقليل منه هو من القرآن مباشرةً، فهناك نحو مليون ومائتي ألف مسألة فقهية، بينما الآيات أقل من ذلك بكثير من حيث العدد والحجم، إلا أن القرآن العظيم منه الانطلاق، وإليه العودة، وبه التقويم، وله الخدمة، في علم الفقه وغيره من العلوم التي ورثناها.
وأضاف: الشق الثاني للموروث -الذي يقابل النتاج الفكري- هو الواقع، وهو يتكون من خمسة عوالم: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الرموز، وعالم الأفكار، وعالم الأحداث.. فما معنى أن النص الذي هو محور الحضارة له دور في التعامل مع عوالم الواقع؟ إن ذلك يعني أنني عندما أتعامل مع الواقع أضع على عيني نظارة النص.
إذن الموروث إما مصادر أصلية وإما نتاجاً بشرياً، والواقع هو العوالم الخمسة، وما نريده في البداية هو الفهم -الفهم الصحيح- وليس النقد أو التجريد أو التطبيق، وعلى ذكر «الفهم الصحيح»، فمع الدعوة للتأمل وتحريك الذهن في مختلف المسائل، ننبه إلى أن هناك سقفاً للفهم الصحيح ينبغي ألا يتم تجاوزه، وهو يشتمل على خمسة حدود لابد من معرفتها والالتزام بها في مطالعة التراث:
حدود الفهم الصحيح
1- اللغة العربية، التي هي وعاء المنطق العربي المتصل بالفطرة الإسلامية.
2- الإجماع، الذي ينبغي على الساعي إلى الفهم ألا يـخـرقه أو يتجاهله.
3- المقاصد الكلية للشريعة، من حفظ الدين والنفس والعِرض أو النسل والعقل والمال.
4- النموذج المعرفي، وهو ما نسميه العقيدة أو الرؤية الكلية.
5- القواعد الفقهية أو المبادئ العامة للشريعة، من قبيل: لا ضرر ولا ضرار، لا تزر وازرة وزر أخرى... إلخ.
لابد من ذلك كله حتى نخرج عقليات من أمثال ابن مقلة وابن الهيثم والبيروني وابن خلدون وابن رشد وغيرهم، ونؤكد أن أهم ما يعنينا استخلاصه في هذا التراث هو «المناهج» وطرائق التفكير: كيف كانوا يُعملون عقولهم في واقعهم؟ ولا يهمنا بالضرورة «الموضوعات» أو الجزئيات التفصيلية التي كانوا يفكرون فيها. سأجد أنني أبحث في المصادر، وطرق البحث وأدواته، وآليات الاحتجاج والاستدلال، وفي شروط الباحث.. تلك الأمور التي أخذها روجر بيكون وجعلها أصولاً للمنهج العلمي الحديث، وهي لا تتجاوز تعريفات الرازي والبيضاوي لعلم أصول الفقه.
إن من يطالع هذا التراث الكنز -اليوم- سوف يُفاجأ بمنهج ضخم وأسئلة جوهرية ربما لا إجابة عنها إلا في هذا التراث نفسه، مطالعة هذا التراث هي أصل المنهج الأزهري القويم الذي يجب أن يكون الإطار العام لكل من أراد أن يسلك طريق العلم والتفقُّه.