وسط طابور طويل يترنح فيه الفلسطينيون، تنتظر نجلاء أبو عمشة (41 عاما) نصيبها من الطعام لهذا اليوم، وذلك لإطعام أطفالها الجوعى في إحدى المدارس التي تقدم وجبات غذائية مجانية.

 

في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وتفشي المجاعة في محافظات شمال القطاع، تسعى الفلسطينية، بكل جهد لتأمين القليل من الطعام لزوجها المصاب وأطفالها الـ5.

 

في مدرسة "ذكور جباليا" بمخيم جباليا في شمال قطاع غزة، تقف أبو عمشة برفقة المئات من النساء والأطفال، وتحمل بيدها وعاءً بلاستيكيًا في انتظار حصولها على حساء الخضار المكون من الجزر والبطاطا.

 

وسط الازدحام الهائل من النازحين في المدرسة، لا تعرف أبو عمشة التي يظهر على جسدها الضعف، ما إذا كانت ستحصل على قسم من الطعام أم لا، تاركةً للقدر أن يحكم.

 

وقد يعيد اليوم لها ذكريات يوم أمس، عندما انتظرت لفترة طويلة دون جدوى، حيث لم يكف الطعام عندما وصل دورها.

 

ويعتصر الحزن العميق قلب أبو عمشة الفلسطينية لعدم تناول أطفالها الطعام منذ أمس، وهم يغفون ببطون خاوية.

 

ويعمل فلسطينيون في مدرسة "ذكور جباليا" على توفير الطعام المجاني للنازحين، باستخدام ما يتوفر في أسواق الشمال من مواد غذائية، وذلك بفضل دعم المحسنين في المناطق الشمالية وغيرها.

 

وتشح أسواق شمال قطاع غزة من الدقيق والقمح، وحتى طعام الحيوانات، حيث يعتمد السكان على القليل من الخضروات، التي غالبًا ما تكتسي بطبقات من العفن.

 

وبسبب نقص الطعام في محافظات شمال قطاع غزة، ليس من المتوقع استمرار توفير الوجبات المجانية في مدرسة النازحين خلال الأيام القادمة، بحسب أبو عمشة.

 

وتحلم المرأة الفلسطينية بأن تعيش حياة مثل باقي نساء العالم، حيث يتناول أطفالها الطعام الجيد والسليم، ليساعد في بناء أجسادهم بشكل صحي.

 

ووصفت أبو عمشة، في حديث مع الأناضول، أوضاع الفلسطينية في مدارس النزوح في شمال قطاع غزة بـ"المأساوي".

 

وعبرت النازحة من منطقة بيت حانون عن استيائها من الدول العربية التي لم تقدم المساعدات لأهالي شمال قطاع غزة.

 

وقالت أبو عمشة: "وضعنا مأساوي جداً وغير متوقع، حيث لا يوجد الأرز ولا الطحين ولا السكر، وأسعار حفاضات الأطفال مرتفعة جداً".

 

وأضافت: "نحن نموت جوعاً في شمال قطاع غزة، لا يمكننا الاستمرار في هذه المعاناة والحرب".

 

وتابعت: "ننتظر طويلاً في طابور طويل لنحصل على القليل من الطعام لأطفالنا الجائعين".

 

وأشارت إلى أن عائلتها تعاني في وضع مأساوي، حيث توجد حالات مرضية وشهداء، وأطفالها ينتظرونها بفارغ الصبر لتحضر الطعام.

 

وقالت: "الأمر ليس بالسهولة في شمال قطاع غزة، حيث ينتشر المرض وتكون المياه التي نشربها ملوثة".

 

وبحزن أضافت: "لقد وصلت الأمور إلى درجة أننا اضطررنا للجوء إلى تناول طعام الحيوانات".

 

وبسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ السابع من أكتوبر، اضطر سكان محافظة غزة ومدينة غزة إلى اللجوء إلى تناول أعلاف الحيوانات بعد نفاد مخزون القمح والدقيق.

 

ومنذ بدء حربها المدمرة على القطاع منذ نحو 5 أشهر، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن قطاع غزة، وتركت نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون أوضاعا إنسانية كارثية.

 

وتفرض إسرائيل حصارا خانقا على مدينة غزة وشمال القطاع، وتمنع وصول أي مساعدات غذائية إلى سكان هذه المناطق، ما أدى لنفاد كل ما يملكونه من طعام ومياه صالحة للشرب.

 

ودخلت المساعدات الإنسانية لمناطق شمال غزة، لأول مرة، خلال الهدنة الإنسانية التي بدأت في 24 نوفمبر الماضي، واستمرت لمدة أسبوع.

 

وفي 13 يناير/كانون ثاني الماضي، قال المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، إن "الموت يهدد نحو 800 ألف نسمة في محافظتي غزة والشمال بسبب استمرار سياسة التجويع والتعطيش التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي بحقهم".

 

وذكر المكتب في بيان وصل الأناضول أن المحافظتين "بحاجة إلى ألف و300 شاحنة غذاء يوميا للخروج من حالة الجوع، بواقع 600 شاحنة للشمال و700 لغزة".

 

في 16 فبراير/ شباط الحالي، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أنه بين الأول من يناير/ كانون الثاني و12 فبراير، رفضت السلطات الإسرائيلية وصول 51 بالمائة من البعثات التي خططت لها المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني لإيصال المعونات وإجراء تقييمات إلى المناطق الواقعة إلى الشمال من وادي غزة.

 

وحسب الأمم المتحدة، تشير التقارير إلى تزايد المستويات الكارثية لانعدام الأمن الغذائي الحاد في شتى أرجاء قطاع غزة، حيث يتزايد عدد التقارير عن الأسر التي تكافح من أجل إطعام أطفالها، ويزداد خطر الوفيات الناجمة عن الجوع في شمال القطاع.

 

وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت "أونروا" أن السكان في شمال قطاع غزة أصبحوا "على حافة المجاعة ولا ملاذ يأوون إليه" في ظل الحرب المستمرة.

 

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فی شمال قطاع غزة من الطعام أبو عمشة

إقرأ أيضاً:

كارثة ثقافية في معرض الرباط: أجنحة مصرية خاوية وناشرون بلا كتب.. فمن يُحاسَب؟

في مشهد صادم ومحرج لمكانة مصر الثقافية، خلت أجنحة 35 دار نشر مصرية من الكتب داخل أروقة معرض الرباط الدولي للكتاب، بسبب تأخر شركة الشحن التي تعاقد معها اتحاد الناشرين المصريين باعتبارها الناقل الرسمي والوحيد لإصدارات الناشرين المشاركين في المعرض، في كارثة تنظيمية تتكرر للمرة الثالثة، دون محاسبة أو عبرة، وبينما جلس الناشرون في أجنحتهم بلا إصدارات ولا جمهور، تتحرك باقي الوفود بنجاح لافت، لتبدو مصر – صاحبة الريادة في مجال النشر والثقافة – في صورة لا تليق بتاريخها، ولا تمثل قوتها الناعمة التي لطالما كانت حاضرة ومؤثرة.

وزارة الثقافة تتابع... واتحاد الناشرين في قفص الاتهام

وأكدت وزارة الثقافة المصرية متابعتها الدقيقة للأزمة، موضحة أن مسؤولية الشحن والتنسيق تقع على عاتق اتحاد الناشرين المصريين، الذي تعاقد مع شركة واحدة للشحن دون بدائل أو خطط طوارئ، وأعلن الوزير أحمد فؤاد هنو، خلال وجوده في المغرب، عن عقد اجتماع عاجل لبحث أسباب الأزمة ووضع آليات تمنع تكرارها.

وقال الوزير إنه تم التنسيق مع السلطات المغربية المعنية لتسهيل خروج شحنة الكتب المصرية فور وصولها إلى الرباط خلال الأسبوع الجاري، بما يضمن مشاركتها في فعاليات المعرض دون مزيد من التأخير، في إطار الحرص على ضمان تمثيل مشرف للنشر المصري في هذا الحدث الثقافي العربي المهم.

وشددت وزارة الثقافة على إيمانها بحرية واستقلالية الاتحادات المهنية في إدارة شؤونها، على أن يتم ذلك بما يصون صورة مصر الثقافية ويعكس مكانتها الريادية، كما تؤكد الوزارة التزامها بدعم الناشرين المصريين وتعزيز حضور الكتاب المصري في الساحة الثقافية العربية والدولية.

وكان اتحاد الناشرين المصريين، قد أصدر بيانا حول أزمة معرض الرباط، جاء فيه: "وصلت شحنة الطيران الأولى بعدد 84  طردا وسيتم تسليمها للناشرين في المعرض خلال اليوم، بالنسبة لشحنة الطيران الثانية كان من المفترض استلامها مع الشحنة الأولى اليوم ولكن بسبب عدم توافر مساحة في الطائرة أثناء الترانزيت بالسعودية لم تتمكن شركة الطيران من شحنها وجاري المتابعة مع الخطوط الجوية السعودية لإيجاد مساحة في رحلة لاحقة غدا أو بعد غد".

الناشرون غاضبون: لا اعتراف بالخطأ ولا اعتذار

في المقابل، جاءت ردود فعل الناشرين المشاركين غاضبة وحاسمة، فقد وصفوا بيان الاتحاد بأنه "لا يُعوَّل عليه"، مؤكدين أن الأخطاء الكارثية تكررت بسبب إهمال واضح في المتابعة.

 وتساءلوا عن غياب أي اعتراف بالخطأ أو حتى اعتذار رسمي، رغم فداحة الموقف، مشيرين إلى أن كتب الناشرين ظلت في مخازن الشحن لشهر كامل قبل التحرك، بينما ظل الاتحاد صامتًا.

اتهامات مباشرة للاتحاد.. وبيانات “مستفزّة”

واتهموا اتحاد الناشرين المصريين بالمسؤولية الكاملة عن الأزمة، لأن اختيار شركة الشحن تم بشكل فردي دون مشاركة الناشرين، وانتقدوا البيان الصادر عن الاتحاد واصفين إياه بـ"الاستفزازي"، لأنه لم يوضح المسؤول ولا طرق التعويض، وكأنه يتهرب من تحمل المسؤولية رغم أن الأزمة تمس واجهة مصر الثقافية في محفل دولي مهم.

الاتحاد يرد: التحقيق قادم.. والشحن الجوي لم يكن كافيًا

من جانبه، أقرّ فريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، في بيان أخر، بوجود أزمة حقيقية أثّرت على صورة الناشرين المصريين، مشيرًا إلى أن شركة الشحن تأخرت لأسباب خارجة عن إرادتها، بحسب قولها. 

وأوضح زهران أن الاتحاد أجبر الشركة على تنفيذ بند الشحن الجوي بنسبة 10%، لكن تعذر إيجاد مساحة على الطائرات أدى إلى وصول 84 طردًا فقط، ما لم يكن كافيًا لسد العجز في أجنحة معظم الناشرين.

حلول متأخرة.. ووعود بالمحاسبة

أكد زهران أن الشحنة البحرية وصلت إلى ميناء كازابلانكا المغربي، ومن المتوقع أن يتم تسليم الكتب إلى الناشرين صباح الإثنين، أي بعد مرور أربعة أيام على انطلاق المعرض، ووعد بفتح تحقيق شامل وشفاف بعد انتهاء الأزمة، مع التأكيد على محاسبة المقصرين، سواء كانوا من داخل الاتحاد أو خارجه، وبحث تعويض المتضررين.

سؤال أخير يفرض نفسه: من يعيد لمصر هيبتها الثقافية؟

وسط كل هذه الفوضى والتصريحات المتضاربة، تبقى الحقيقة المؤلمة أن مشاركات مصر الخارجية في المعارض الدولية باتت تُدار بلا احترافية، ما يستدعي وقفة جادة لا تكتفي بتبريرات أو وعود مؤجلة، لأن ما جرى في معرض الرباط لا يُعد فقط أزمة لوجستية، بل سقوطًا مدوّيًا لصورة مصر الثقافية، يتطلب شجاعة في المحاسبة، قبل أن يفقد الكتاب المصري مكانته في الخارج، كما فقد ثقة ناشريه في الداخل.

مقالات مشابهة

  • تكية في الفاشر لتقديم الطعام لنازحي مخيم زمزم في شمال دارفور
  • أبرز الطائرات الانتحارية التي يستخدمها جيش الاحتلال (إنفوغراف)
  • 30 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة
  • ما يفعله وسيفعله متحرك الصياد هو تطهير كردفان من دنس التمرد
  • كارثة ثقافية في معرض الرباط: أجنحة مصرية خاوية وناشرون بلا كتب.. فمن يُحاسَب؟
  • وزيرة فلسطينية: يجب وقف حرب الإبادة وإدخال المساعدات لأهالي غزة
  • وزيرة فلسطينية: يجب دعم الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة وبسط سيطرة السلطة على القطاع
  • ‏مصادر فلسطينية: 41 قتيلا في غارات إسرائيلية على مناطق عدة في قطاع غزة منذ فجر اليوم
  • لحظات مؤلمة لأم فلسطينية تقبّل قدمي نجلها عقب استشهاده بغزة (شاهد)
  • صور تدمي القلوب لأهالي غزة في “التكيات” بحثا عن الطعام وسط مجاعة وحصار خانق