كشف معلم التأريخ الإسرائيلي مائير باروخين أن هناك هجرة واسعة من إسرائيل إلى الخارج خصوصا إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أنه كـ"مواطن إسرائيلي ضد القتل الجماعي في غزة".

"وصموه بمعاداة السامية وأرهبوا أسرته".. مخرج إسرائيلي: هددوني بالقتل لدعوتي إلى وقف النار بغزة

وفي حديث إلى برنامج "قصارى القول" عبر RT عربية، تطرق باروخين إلى الاعتقال والتحقيق من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية بسبب منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا: "تلقيت اتصالا هاتفيا من شرطة القدس تطلب مني الحضور وفي طريقي إلى هناك اتصلت بمحاميي الذي أفهمني أنه من أجل إجراء تحقيق مع مواطن إسرائيلي فإنهم يحتاجون إلى موافقة من الادعاء العام.

وحين لم تحصل الشرطة على الموافقة قرروا التحقيق بتهمتين أخريين إحداهما الرغبة بالخيانة والأخرى الإخلال بالنظام العام من خلال كتابة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي".

وأوضح أنه من خلال منشوراته "منذ عشر سنوات وأنا أحاول إعطاء الفلسطينيين أسماء ووجها وإضفاء الطابع الإنساني عليهم، لكي يتعرف الإسرائيليون على الفلسطيني كبشر"، مشددا على أن "ما جرى في السابع من أكتوبر ليس مجرد كارثة إنسانية بل وكارثة معنوية هزت الكثيرين وأفقدتهم إنسانيتهم".

وأضاف: "لقد قتلنا أكثر من 30 ألف شخص في غزة و12 ألف طفل وأكثر من 8 آلاف امرأة وما نسمعه في الشوارع في إسرائيل هو أساسا غير إنساني يقولون إنهم لا يكترثون لقتل الأبرياء في غزة بعدما فعلته حماس بنا في السابع من أكتوبر"، مؤكدا أنه يرفض هذه التصريحات و"أنا المواطن الإسرائيلي ضد هذا القتل الجماعي في غزة أنا أتشارك المسؤولية في كل هذا وأنا أرفع صوتي ومستعد لدفع الثمن".

ولفت إلى "أننا نعيش في وقت الساحرات أنا يهودي واعتقلوني حين ذهبت إلى مركز الشرطة قاموا بتقييد يدي وقدمي وصادروا هاتفي، واقتحموا منزلي وقلبوا أثاث منزلي رأسا على عقب لا أعرف عن ماذا كانوا يبحثون وبعدها أعادوني إلى مركز الشرطة من أجل التحقيق وحاولوا زرع كلمات في فمي تدينني. بعدها تم اقتيادي إلى غرفة الاحتجاز المنفردة لمدة أربعة أيام قبل الإفراج عني"، مؤكدا أنه "لو كنت فلسطينيا لكان الأمر مختلفا لكان الأمر أكثر عنفا".
وتابع قائلا: "لعقود طويلة نمارس قتل الفلسطينيين ولدينا آلاف الفلسطينيين قيد الاعتقال الإداري ونقوم بسرقة ممتلكاتهم ومياههم ونقطع شجر الزيتون ونخرب الأراضي ونقوم بكل ما يمكن لمحو الهوية الفلسطينية والثقافة الفلسطينية واجتثاث الفلسطيني من الأرض وحين يحاول الفلسطيني الرد ومقاومة الاحتلال بطريقة عنيفة نلومه"، متسائلا: "كيف يمكن للفلسطينيين أن يتحملوا الاحتلال إلى الأبد".

وأكد أنه "في إسرائيل تتجاهل وسائل الإعلام قتل المدنيين العزل وقتل الصحفيين وتدمير المستشفيات والمدارس والمنشآت العامة"، مشيرا إلى أن "الإسرائيلي العادي لا يرى ذلك ولا يعلم أي شيء عن ذلك. فقط أولئك من يتابعون القنوات الأجنبية يحصلون على صورة مختلفة تماما عن ما يتحدث عنه الإعلام الرئيسي في إسرائيل".

ووفقا لباروخين فهناك تقارير موثقة تشير إلى هجرة معاكسة من إسرائيل، قائلا: "لدي الكثير من الأصدقاء غادروا وهناك معارف وأصدقاء يفكرون بمغادرة إسرائيل لأنهم لا يريدون أن يربوا أطفالهم في إسرائيل.. بعضهم غادر إلى البرتغال وإلى اليونان وإلى ألمانيا وإلى المملكة المتحدة وكندا وأنا أيضا أفكر بنفسي بالمغادرة".

وأفاد بأن "هناك مئات الآلاف يتقدمون للحصول على جوازات السفر وخاصة جوازات السفر التي تمكنهم من الترحال بحرية في بلدان الاتحاد الأوروبي".

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: RT العربية الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة الديانة اليهودية القضية الفلسطينية تل أبيب حركة حماس حقوق الانسان سلام مسافر طوفان الأقصى قطاع غزة فی إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

ذاكرة الخيانة: حين يصير الحلم العسكري موتًا مؤجلاً

"قراءة في بنية الانقلابات في السودان من عبود إلى البرهان وحميدتي"

إهداء

إلى الذين لم يكفوا عن الإيمان بأن الحلم أكبر من البندقية،
وأن الوطن لا يُؤخذ بيانًا، بل يُصنع صبرًا.

…………………………….

مفتتح

ثمة خيبات لا تسقط فجأة، بل تنمو، مثل داء خفي، في بطانة البزة العسكرية، قبل أن تنفجر بيانًا يبتلع ما تبقى من الحلم.

………………………….

في أعماق كل ضابط جيش سوداني، ترقد بذرة صامتة:
أن يقود انقلابًا، ويُصبح الحاكم الذي كتب له التاريخ مكانه بين أضرحة الخراب.

وكما نبّهت حنة أرندت، فإن “غواية السلطة المطلقة ليست امتياز الطغاة وحدهم، بل لعنة كامنة في كل بنية سلطوية غير خاضعة للمساءلة”.
وفي السودان، حيث اختلطت البنادق بالأوهام، صار الحلم بالاستيلاء على الوطن نزعة تتخلق باكرًا في مؤسسات أُقيمت لا لصناعة المواطنين، بل لصناعة الحكام.

منذ انقلاب الفريق عبود (1958)، مرورًا بنميري (1969)، وصولًا إلى انقلاب البشير (1989)، كانت الدبابة تكتب التاريخ بالحبر الأسود قبل أن تسطره الشعوب بدمائها.
لم يكن الوطن ساحةً للحرية، بل ساحةً للمناورات؛ تُمحى خرائطه مع كل بيان أول، ويُعاد رسمه كغنيمة معلقة على كتف جنرال.

لم تكن الانقلابات عارضًا، بل سلوكًا بنيويًا، تجد جذوره في الخيال السياسي المشبع بثقافة “الزعامة” لا ثقافة “الشراكة”.
شعارات مثل “الإنقاذ”، و”تصحيح المسار”، و”الثورة”، كانت مجرد أقنعة فضفاضة لغريزة التملك: غريزة تختصر الوطن في رقعة يسودها البيان العسكري لا العقد الاجتماعي.

ولو تعمقنا أكثر، لاكتشفنا أن هذه الغواية العسكرية ليست ابنة اليوم،
بل ابنة مجتمع رعوي تاريخي رفع من شأن السيطرة على القطيع أكثر من شأن بناء المؤسسات.
فالبنية الاقتصادية الاجتماعية، حيث يُنظر إلى الزعامة باعتبارها غنيمة، تقاطعت مع العقلية العسكرية التي ترى الحسم فوق التعاقد، والولاء الشخصي فوق الشرعية الدستورية.

جاء انقلاب البرهان، في 2021، كتجلٍ فج لهذا المسار الكارثي.
لم يكن انقلابًا ضد فساد سابق، بل كان نزاعًا مكشوفًا بين مشروعين صغيرين يتنازعان على جسد وطنٍ جريح.
البرهان الذي سُيّرته عقدة تحقيق “حلم الأب”، لا حلم الوطن،
و من خلفه الجبهة الإسلامية و حلمها ايضاً بالعودة إلي المشهد، وحميتي الذي ورث أدوات القوة دون أن يمتلك مشروعًا وطنيًا،
كلاهما كان وجهين لعملة اغتيال آخر لأمل الانتقال المدني.

كما وصف غوستاف لوبون: “الجماهير لا تطلب الحرية، بل مخلصًا”،
وقد ظلت الجماهير في السودان، تحت وطأة الدبابة، تختار سجانيها الجدد،
ربما تحت إكراه، وربما تحت إرث نفسي أعمق من أن يمحوه بيان ثورة عابر.

ما يجعل المؤسسة العسكرية أكثر خطورة ليس فقط امتلاكها للبندقية،
بل قناعتها الداخلية أن الوطن مشروع امتياز شخصي، لا فضاءً مشتركًا.
المدنيون في هذا المخيال، مجرد "مَلَكِية" يفتقرون للصرامة؛
أما الضابط فهو، في أسوأ تجلياته، المنقذ الذي لا يعرف سوى لغة النار.

ليس غريبًا إذًا أن يخرج الضباط من ثكناتهم حاملين هذا الحلم الدفين:
أن يُصبح البيان الأول طريقًا معبدًا نحو القصر، لا نحو الشعب.

وكما قال نيتشه: “من يحارب طويلاً من أجل الغلبة قد يصير الغلبة نفسها”،
فقد تحولت المؤسسة العسكرية السودانية، عبر الأجيال، إلى جهاز يعيد إنتاج نزعته الخاصة في التشبث بالغلبة، حتى لو كان الثمن وطنًا آخر يُضاف إلى خرائط الخراب.

والحق أن فترات الحكم المدني في السودان، مهما تألقت ومضت ساطعة لحظات،
كانت دومًا استثناءات هشة، محاطة بثكنات تنتظر فرصة الانقضاض.

من عبود إلى البرهان، ليس مسارًا سياسيًا فقط، بل مسارًا نفسيًا أيضًا:
خيبات متكررة، كأن الوطن لا يُكتب له إلا أن يكون صدى لحلم البزة لا حلم الجماعة.

وفي كل مرة، كانت الحرية تُدهس تحت جنازير الدبابات،
وكان الأمل يقتل برصاصة صادرة من حلمٍ فردي قصير النظر و الأفق.

وحين أشعل البرهان حربه مع مليشيا الدعم السريع، لم يكن يدافع عن وطن،
بل عن موقع في سُلم الغنائم.
وكذلك فعل حميدتي: صعد على جماجم الأبرياء ليعقد صفقاته باسم “الهامش” و”التحرير”.

واليوم، يتسكع الوطن بين أنقاضه كطفل يتيم، لا يجد حتى ظله.
وفي الأفق، لا تزال البزات مكوية، تنتظر من يحلم من جديد بالانقلاب الموعود.

ليس السؤال كيف نوقف البيان الأول،
بل كيف نوقف الحلم به قبل أن يُكتب.
وليس العدو بندقية،
بل الخيال المريض الذي يُقدّسها.

في انتظار معجزة من معجزات الوعي،
سيبقى السودان معلقًا بين فوهتين:
فوهة الحلم المعطوب، وفوهة الخيانة المؤجلة.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • فهد بن معيان يروي تفاصيل ضرب والدته له بسبب كتاب شمس المعارف .. فيديو
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 51,495 شهيدًا
  • ذاكرة الخيانة: حين يصير الحلم العسكري موتًا مؤجلاً
  • إنقاذ الفلسطينيين من حماس.. الإعلام الإسرائيلي يصطاد في الماء العكر بنشر تصريحات العولقي
  • أمير جازان يلتقي بأبناء المواطنين في أحد الكافيهات بالأحضان والقبلات .. فيديو
  • تل أبيب في مواجهة اللهيب.. حصيلة خسائر إسرائيل من حرائق الغابات
  • قائد الثورة: العدو الإسرائيلي سعى ومعه بعض الأبواق العربية على تأليب الفلسطينيين في قطاع غزة ضد المجاهدين
  • المحكمة العليا في إسرائيل توافق على طلب نتنياهو تأجيل تقديم إفادته على شهادة رئيس الشاباك
  • خبيرة: إسرائيل حاولت تزوير التاريخ.. ومصر ردّت بالخريطة الصحيحة
  • نتنياهو يصر على إبادة غزة "ولو وقفت إسرائيل وحدها"