لماذا أمرنا الله بالصيام في شهر رمضان؟ 18 سببا لا يعلمها كثير
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
لماذا شرع الله الصيام ؟ شرع الله تعالى لعباده الصيام في شهر رمضان، وجعله فرضًا من فرائض الإسلام، ذلك الشهر العظيم الذي تضمن أسرارًا عجيبة، وفوائد جليلة، لو تدبرها الإنسان وتأمل في معانيها لأدرك عظيم فضل الله عليه وعلى الناس.
الحكمة من مشروعية الصوم
قالت دار الإفتاء المصرية، أولًا: إن الصوم وسيلة للتحلي بتقوى الله عز وجل؛ لأن النفس إذا امتنعت عن بعض المباحات الضرورية كالطعام والشراب؛ طمعًا في مرضاة الله، وخوفًا من غضبه وعقابه؛ يسهل حينئذ عليها الامتناع عن الْمُحَرَّمات، والتحلي بتقوى الله تعالى.
وأضافت الدار، في فتوى لها، ثانيًا: أن الصوم وسيلة للتحلي بالإخلاص؛ لأن الصائم يعلم أنه لا يطَّلع أحد غير الله تعالى على حقيقة صومه، وأنه إذا شاء أن يترك الصوم دون أن يشعر به أحد لفعل، فلا يمنعه عن الفِطْر إلا اطِّلاعُ الله تعالى عليه، ولا يحثه على الصوم إلا رضاء الله، والنَّفْسُ إذا تعايشت مع هذه الرؤية صارت متحلية بالإخلاص.
الصيام
وتابعت: ثالثًا: الصوم وسيلة للشكر؛ لأَنَّه بالامتناع في وقت الصوم عمَّا أنعم الله به على الإنسان من الطعام والشراب وسائر الشهوات المباحة يتبيَّن للإنسان مقدار تلك النِّعَم وحاجة الإنسان إليها، ومدى المشقة التي تلحق المحروم من تلك النِّعَم، فتتوق نفسه إلى شكر ذلك الْمُنْعِم العظيم الغنيِّ الذي وهب ومنح دون مُقَابل أو حاجةٍ لِمُقَابل.
وواصلت: رابعًا إن في الصوم من تَخَلُّق النفس بالصبر على الجوع والعطش والشهوة، والحد من نَهْمَتِهَا وانطلاقها الغاشم في الملذَّات، فالنفس المنطلقة في الشهوات اللاهثة وراء الملذات ما أسهل أن تستجيب للشيطان حين يُزَيِّن لها المهالك والموبقات؛ لذا كانت النفس في حاجة إلى الضبط والتنظيم في تنعُّمها بنعم الله تعالى.
وأكملت: خامسًا: أن الله تعالى نسب الصيام إليه، وتولى جزاء الصائمين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».
سادسًا: ومن أسرار الصوم وحكمه أنه فيه صحة للبدن من الأمراض والأسقام؛ فبالصيام يطهر البدن من الفضلات والسموم التي نتجت عن أنواع الطعام الذي يُدخله المرءُ إلى جوفه طيلة العام، ومع الجوع يبدأ الجسم باستهلاك المخزون الجسدي، وطرد ما فيه من السموم والفضلات؛ فمع قلة الطعام الناتج عن صيام النهار ينتظم التنفس، ويقل العبء الملقى على القلب، ويتهيأ للجهاز الهضمي أن يجدد أنسجته التالفة، كما أن قلة الفضلات تسمح بإراحة الكلى وتجدد نشاطها، إلى غير ذلك من الفوائد الصحية العظيمة.
فضل صيام شهر رمضان
شهر رمضان فضّله الله على سائر السَّنَة بنزول القرآن الكريم فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" [البقرة: 185]، وميز الله تعالى هذا الشهر الكريم بأن أمر بصيام نهاره؛ فقال: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [البقرة: 185].
والصيام من العبادات التي لها أثرٌ عظيمٌ في حياة الفرد والمجتمع؛ فهو يعود الإنسان على الصبر وتحمل المشاق ويرقق المشاعر والأحاسيس، ويربط العبد بربه وخالقه، وفي الصوم خضوعٌ وطاعةٌ وحرمانٌ من ملذات الحياة وشهواتها طيلة النهار إيمانًا واحتسابًا لله، وهو انتصارٌ على النفس والهوى والشيطان، ورمضان هو شهر المغفرة والعتق من النار، ويكفيه فضلًا أن الله سجّل فضله في القرآن الكريم، ليظل يُتلى على مَرِّ الأيام وكَرِّ الأعوام إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها؛ فهو الشهر الوحيد الذي ذُكر باسمه في القرآن الكريم.
الصيامفضل صيام شهر رمضان
خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»..
سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».
فضل شهر رمضان
أولًا: خص الصائمين بباب في الجنة يُسمى باب الريان، وحتى يحصل الأجر العظيم ينبغي للصائم اجتناب أعمال السوء كلها، والبعد عن الرفث والفسوق، مصداقًا لِما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ).
ثانيًا: فيه ليلة القدر: فقد فضّل الله -تعالى- شهر رمضان بأن جعل فيه ليلة عظيمة، تُغفر فيها الذنوب والآثام، وتتضاعف فيها الأجور، مصداقًا لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، بالإضافة إلى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ).
ثالثًا: شهر العتق من النار، و العتق من النار أسمى أمنيات المسلم، لا سيما أن العتق يعني اجتناب عذاب النار، ودخول الجنة، ومن فضل الله -تعالى- ورحمته بعباده أنه يصطفي منهم في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار، مصداقًا لِما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ).
رابعًا: شهر نزول القرآن الكريم، من أعظم فضائل شهر رمضان المبارك أن الله -تعالى- اصطفاه من بين شهور العام وأنزل فيه القرآن الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، بل إن جميع الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان، مصداقًا لِما رواه واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، وأُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، وأُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ).
خامسًا: من فضائل شهر رمضان أن فيه صلاة التراويح، لا سيما أن الإجماع انعقد على سنيّة قيام ليالي رمضان، وقد أكّد الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من القيام يتحقق في صلاة التراويح، وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قيام رمضان مع التصديق بأنه حق، واعتقاد فضيلته، والإخلاص بالعمل لوجه الله تعالى، واجتناب الرياء والسمعة، سبب لمغفرة الذنوب، حيث قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).
سادسًا: اختص الله -تعالى- شهر رمضان بأن تُفتح أبواب فيه الجنة، وتُغلق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين عند دخوله، كما ورد في الحديث الذي رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).
سابعًا: شهر الجود في كل شيء، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أجود ما يكون في شهر رمضان.
ثامنًا: رمضان من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، ويُكرم الله فيه عباده بالعديد من الكرامات، ويعطيهم المزيد من فضائل رحمته وعطياه؛ فصيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، حيث صامه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وأمر الناس بصيامه، وأخبرهم أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما حث فيه على المبادرة إلى التوبة من الذنوب والخطايا، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع الأخلاق التي تُرضي الله، وتُقرب العبد من ربه.
تاسعًا: العمرة في رمضان ثوابها مضاعف، وقد أخبر رسول الله أنّ العمرة في رمضان تعدل الحج في الأجر والثواب.
عاشرًا: الصدقة في رمضان أجرها عظيم، فقد كان رسول الله أجود الناس في رمضان.
أحد عشر: من فضائل الصيام أن الله -تعالى- قد أضافه إليه، فكل أعمال العباد لهم، إلا الصيام فهو لله وهو يجزي به، وقد قال العلماء في سبب اختصاص الصوم بهذه المزية أنّه من الأعمال التي لا يقع فيها الرياء، وقيل لأن الله هو فقط العالم بمقدار ثوابه ومضاعفة حسناته، وهو من أفضل الأعمال التي لا مساوي لها عند الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة الباهلي: (عليك بالصَّوم فإنَّه لا مثل له)، وهو وقاية من شهوات الدنيا، فيمنع صاحبه من الوقوع في الشهوات والمعاصي، وهو وقاية من عذاب الآخرة كذلك.
اثنا عشر: يحصل الصائم على أجر الصبر على طاعة الله، والصبر في البعد عن المعصية، والصبر على ألم الجوع والعطش والكسل وضعف النفس، وفيه يكفر الله الخطايا والذنوب، ويشفع لصاحبه يوم القيامة، ويدخله الجنة من باب الريان، ويعيش الصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وإنّ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقد بشّر رسول الله بأنّ دعوة الصائم من الدعوات المستجابة، فقال: (ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المظلُوم، ودعوةُ المسافر).
فضل شهر رمضانفوائد شهر رمضان
أولًا: يتعلم المسلم من خلال الصيام السيطرة على شهواته؛ فيتحكم بها ومن ثم يكون قادرًا على التحكم برغباته دون الإضرار بحاجاته الجسدية.
ثانيًا: الصوم مدرسة للجود؛ فيجود المسلم بماله للمحتاجين، فهو يشعر بجوعهم وحاجتهم، ويجود بوقته في مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم.
ثالثًا: يُنمي الصيام في النفس حب عمل الخير، ويدربها على الإكثار منه وملازمته كلما أُتيحت الفرصة؛ فالعمل الصالح في هذا الشهر تتضاعف، الأمر الذي يُشجع المسلم على الإكثار من الأعمال الصالحة طمعًا في الأجر.
رابعًا: يساعد الصيام على الالتزام بالقواعد والقوانين واحترام الحدود المرسومة دون زيادة أو نقصان.
خامسًا: يكسر الصيام الكِبَر في القلب؛ فيرى الصائم الأعداد العظيمة من المسلمين المقبلين على العبادات؛ فيقوم بدوره بالسعي إلى المزيد من العبادات ليلحق بمن سبقوه دون النظر إلى مكانتهم الاجتماعية.
سادسًا: يُشجع الصيام على السرية في أعمال الخير؛ فالصيام مبني على العلاقة بين العبد وربه دون تدخلات أو حاجة إلى أن يعرف الجميع بذلك؛ فيتصدق صمتًا في مساعدة الآخرين.
سابعًا: الصيام في رمضان يهدف إلى تجديد النية، وتنقيتها مما عَلِق بها، واحتساب هذه النية عند الله - تعالى-؛ لقول الرسول - عليه السلام-: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ).
ثامنًا: تتجدد العلاقة بين المسلم وربه في رمضان، من خلال قراءة القرآن الكريم، والابتعاد عن المُحرّمات، وتطبيق السّنة النبويّة، والإقبال على صلاة التراويح وقيام الليل.
تاسعًا: تجتمع أركان الإيمان في الصيام: قول القلب الذي يكون بالتصديق والإيمان بالصيام، وعمل القلب الذي يكون بالاحتساب، وفعل الجوارح الذي يكون بالابتعاد عن المحرّمات.
عاشرًا: يساعد الصيام المسلم على التأقلم بسرعة عند تغير الظروف؛ فيصبح أكثر مرونة وتقبُّلًا لتقلبات الحياة السريعة.
أحد عشر: يزيد الصيام من روحانية المسلم، ونقاء روحه، وارتقائه عن الشهوات والحاجات الماديّة.
اثنا عشر: يُعلم الصيام المسلم فقه الأولويات؛ فيعرف أهمية الأعمال الصالحة ومستوياتها، فيرتبها حسب ذلك السُلم، كما يُربيه على فقه الاختلاف.
صيام شهر رمضانالأعذار المبيحة للفطر
وحددت دار الإفتاء المصرية، الأعذار المبيحة للفطر، مؤكدة أنه يُبَاح الفطر لِمَن وجب عليه الصوم إذا تحقق فيه أمر من الأمور الآتية:
1) «العجز عن الصيام» لكبر سِن، أو مرض مُزْمن لا يُمكن معه الصيام، وحكمه إخراج فدية عن كل يوم وقدرها مُدّ من طعام لِمِسْكِين؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖ} [البقرة: 184]، ومِقْدَار المد (وهو مكيال) يساوي بالوزن 510 جرامات من القمح، عند جمهور الفقهاء.
2) ومن الأعذار المبيحة للفطر «المشقة الزائدة غير المعتادة» كأن يشق عليه الصوم لِمَرض يرجى شِفَاؤه، أو كان في غزو وجهاد، أو أصابه جوع أو عطش شديد وخاف على نفسه الضرر، أو كان مُنْتَظِمًا في عمل هو مصدر نفقته ولا يمكنه تأجيله ولا يمكنه أداؤه مع الصوم، وحكمه جواز الفطر ووجوب القضاء.
3) ومن الأعذار المبيحة للفطر «السفر» إذا كان السَّفر مُبَاحًا، ومسافة السفر الذي يجوز معه الفطر: أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، قدَّرها العلماء بِالأَمْيَالِ، وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلا، وبالفراسخ: سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَتُقَدَّرُ بِسَيْرِ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ، وهي تساوي الآن نحو: ثلاثة وثمانين كيلو مترا، فأكثر، سواء كان معه مَشَقَّة أم لا، والواجب عليه حينئذ قضاء الأيام التي أفطرها؛ لقوله عز وجل: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ» (البقرة: 184).
4) ومن الأعذار المبيحة للفطر «الحَمْل» فإذا خافت الحامل من الصَّوم على نفسها جاز لها الفِطْر ووجب عليها القضاء؛ لكونها في معنى المريض؛ أمَّا إذا كانت تخاف على الجنين دون نفسها، أو عليهما معا فإنها تفطر، ويجب عليها القضاء والفدية، وعند الحنفية أنه لا يجب عليها إلا القضاء.
5) ومن الأعذار المبيحة للفطر «الرضاعة» وهي مثل الحمل، وتأخذ نفس الحُكْم.
6) «إنقاذ محترم وهو ما له حُرْمَة في الشَّرع كمُشْرِفٍ على الهلاك» فإنه إذا توقَّف إنقاذ هذه النَّفْس أو جزء منه على إفطار الْمُنْقِذ جاز له الفطر دَفْعًا لأشد المفسدتين وأكبر الضررين، بل قد يكون واجبًا كما إذا تعيَّن عليه إنقاذُ نفسِ إنسانٍ لا مُنقذ له غيرُه، ويجب عليه القضاء بعد ذلك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصيام فوائد شهر رمضان فضل شهر رمضان فضل صيام شهر رمضان رسول الله صلى الله علیه وسلم القرآن الکریم قال رسول الله رضی الله عنه فی شهر رمضان الله تعالى الصیام فی مصداق ا ل من النار ال ق ر آن فی رمضان عند الله ما رواه أن الله أنه قال الله أ الذی ی رابع ا عز وجل ثانی ا خامس ا ثالث ا
إقرأ أيضاً:
بالناس المسرة| «المجد لله في الأعالي» تُستخدم لخلق جو من الفرح والتأمل في حدث الميلاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الأب إسطفانوس دانيال جرجس عبد المسيح راعي كنيسة مار مرقس الرسول بالجلاوية – ساقلتة - سوهاج "الصوم هو تقليد من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، لكنه أيضًا ممارسة تطورت وتنوعت بحسب الزمان والمكان".
صوم الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية هو صوم يمتد من 1 ديسمبر حتى 24 ديسمبر، ويعرف بصوم “التحضير لميلاد المسيح” وفق العقيدة المسيحية ويهدف هذا الصوم إلى تحضير المؤمنين روحيًا للاحتفال بميلاد المسيح في عيد الميلاد.
ونشأة صوم الميلاد تعود لتاريخ صوم الميلاد إلى القرن الرابع في الكنيسة الغربية (أي الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية)، حيث بدأ الاحتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر من هذا القرن ففي البداية، كان الصوم مرتبطًا بالتحضير للعيد من خلال الصلاة والتوبة والتأمل في السر الذي حدث بميلاد المسيح.
وكان يُعتبر فترة زمنية للتركيز على التأمل في الله من خلال الصلاة والعمل الخيري، وتجنب المغريات مثل الطعام الزائد.
معاني الصوم
يتميز صوم الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية بروح التوبة والتأمل، حيث يُشجَع المؤمنون على التوبة والاعتراف والقيام بأعمال خيرية ويُشدد على التقليل من الطعام والشراب والاهتمام بالصلاة والقراءة الكتابية، خاصة تلك التي تتعلق بتنبؤات الميلاد في الكتاب المقدس ويهدف هذا الصوم إلى تنقية القلب والروح استعدادًا للاحتفال بعيد الميلاد، الذي يُعتبر عيدًا لفرح تجسد الله في المسيح.
قد يختلف التطبيق الدقيق لصوم الميلاد حسب التقاليد المحلية. في بعض المناطق، يُنصح بتقليل الطعام أو الامتناع عن تناول اللحوم أو تناول الطعام الخفيف، بينما قد يُسمح في أماكن أخرى بعدد معين من الوجبات اليومية وبيتم تشجيع المؤمنين على حضور القداسات اليومية والتوبة الروحية، بالإضافة إلى أعمال الخدمة والتضامن مع المحتاجين.
صوم الميلاد يشبه إلى حد بعيد صوم الأربعين المقدسة (الصوم الكبير)، لكنه يختلف في توقيته والمحتوى الروحي المرتبط به.
صوم الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية (كما في العديد من الكنائس المسيحية الأخرى) يختلف في طقوسه عبر مختلف المناطق الثقافية والكنسية. لكن هناك بعض الممارسات العالمية الموحدة التي تعكس روح هذا الصوم والتحضير لميلاد المسيح. في هذا السياق، يمكننا الحديث عن أبرز الطقوس العالمية المرتبطة بصوم الميلاد.
يبدأ صوم الميلاد عادةً في 1 ديسمبر ويستمر حتى 24 ديسمبر، أي لمدة 24 يومًا ويُعتبر هذا الصوم فترة تحضير روحي وعاطفي لعيد الميلاد، ويختلف عن صوم الأربعين (الصوم الكبير) في الكنيسة الكاثوليكية، والذي يكون أطول ويصاحبه طقوس أخرى مثل القداسات اليومية حيث تركز الكنيسة الكاثوليكية في صوم الميلاد على الصلاة اليومية والقداسات الخاصة. يمكن أن تكون هناك قداسات صباحية أو مساءً في بعض الأماكن لتشجيع المؤمنين على الصلاة والتوبة والطقوس الخاصة ففي بعض الدول، يقام قداس خاص يُسمى “قداس ليلة الميلاد” في 24 ديسمبر (مساء 24)، وهو واحد من أهم الطقوس الاحتفالية. في هذه الليلة، يتم الاحتفال بميلاد المسيح من خلال قداس يشارك فيه غالبية المؤمنين.
ويزداد في فتره الصوم أعمال المحبة والخدمة
ففي صوم الميلاد، يتم تشجيع المؤمنين على القيام بأعمال خيرية مثل مساعدة الفقراء والمحتاجين. تُعتبر هذه الأعمال جزءًا أساسيًا من الروح المسيحية في هذا الصوم، وهي وسيلة للتقرب إلى الله من خلال الخدمة للآخرين والتضامن مع الفقراءفكثيرًا ما يتم جمع التبرعات من أجل العائلات الفقيرة والمحتاجين خلال فترة صوم الميلاد، وتوزيع الهدايا والموارد على من لا يملكون والامتناع عن اللحومففي بعض الأماكن، يُطلب من المؤمنين الامتناع عن تناول اللحوم أيام معينة من الصوم، خاصة في أيام الجمعة. يُعتبر الامتناع عن اللحوم رمزًا للتضحية والتوبة وتقليل الطعامحيث يقبل المؤمنون على تناول الطعام البسيط وتجنب الأطعمة الفاخرة. يتم استبدال الأطعمة الدسمة بالأطعمة النباتية أو البسيطة، مما يساعد في ممارسة الانضباط الذاتي.
وذكر البابا فرنسيس في عظته الخاصه بصوم الميلاد قائلا: بقدر ما سيكون زمن الصوم هذا زمن ارتداد، ستشعر البشريّة الضّائعة بارتكاض الإبداع، وبإشراق رجاء جديد.
إنّه زمن العمل، وفي زمن الصّوم العمل هو أيضًا أن نتوقّف. أن نتوقّف لنصلّي، لنقبل كلمة الله، ونتوقف مثل السّامري، في حضرة الأخ الجريح. إنَّ محبّة الله ومحبّة القريب هي محبّة واحدة. وألا يكون لدينا آلهة أخرى يعني أن نتوقّف في حضرة الله وبالقرب من جسد القريب. لهذا، فالصّلاة والصّدَقَة والصّوم ليست ثلاث ممارسات منفصلة، بل هي حركة انفتاح واحدة، وإخلاء للذات: لنُخرج الأصنام التي تُثقلنا، ولنُبعد الأمور التي نتعلّق بها وتقيّدنا. عندها ستستيقظ قلوبنا المُرهقة والمنعزلة. لنُبطئ الخطى إذًا ولنتوقّف.
وسيحرك فينا البعد التأمُّلي في الحياة، الذي نستعيده في زمن الصوم، طاقات جديدة وفي حضرة الله، ننصبح إخوة وأخوات، ونشعر بالآخرين بقوّة جديدة: وبدل التّهديدات والأعداء، نجد رفاق سفر. هذا هو حلم الله، وأرض الميعاد التي نتوق إليها، عندما نخرج من العبوديّة.
إن الشكل السينودسي للكنيسة، الذي نعيد اكتشافه وعزيزه خلال هذه السّنوات، يقترح علينا أن يكون زمن الصّوم أيضًا زمن قرارات جماعيّة، وخيارات صغيرة وكبيرة عكس التّيّار، قادرة على تغيير حياة الأشخاص اليوميّة والحياة في حيٍّ ما: العادات في الشِّراء، والعناية بالخليقة، وإدماج الأشخاص الذين لا نراهم أو نحتقرهم. أدعو كلّ جماعة مسيحية لكي تقوم بما يلي: أن تقدّم لمؤمنيها أوقاتًا يعيدون فيها التّفكير في أساليب حياتهم، وأن تأخذ الوقت لكي تتحقق من حضورها في المنطقة ومساهمتها في جعلها أفضل.
والويل لنا إذا كانت التّوبة المسيحيّة مثل تلك التي كانت تحزن يسوع فهو يقول لنا أيضًا: "لا تُعبِّسوا كالمُرائين، فإِنَّهم يُكلِّحونَ وُجوهَهُم، لِيَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّهم صائمون". بل، ليظهر الفرح على وجوهكم، وليَفُحْ منكم عِطر الحريّة، ولينبعث منكم ذلك الحب الذي يجعل كلّ الأشياء جديدة، بدءًا من تلك الصغيرة والقريبة. يمكن لهذا أن يحدث في كلّ جماعة مسيحيّة.
وقال مطران السريان المطران ايلي ورده مطران السريان بمصر صوم الميلاد في الكنائس الكلدانية والسريانية والأرمنية الكاثوليكية له خصائصه المميزة التي تختلف قليلًا عن التقليد اللاتيني في الكنيسة الكاثوليكية الغربية، ولكنها تشترك في الهدف الروحي، وهو التحضير لعيد الميلاد من خلال التوبة والصلاة والتأمل في تجسد المسيح. إليك لمحة عن كيفية ممارسة صوم الميلاد في هذه الكنائس:الكلدان الكاثوليك
الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية تتبع الطقس الشرقي (السرياني) ولها تقاليد خاصة فيما يتعلق بالصوم:مدة الصوم: صوم الميلاد لدى الكلدان يمتد عادة من 1 ديسمبر حتى 24 ديسمبر. وهذا يشمل الأربعين يومًا التي تسبق عيد الميلاد والطقوس والممارسات وهي هي التوبة والصلاة فهي كما هو الحال في الكنائس الشرقية، يتم التركيز على التوبة، والاعتراف، والصلاة اليومية. كما يتم الإشارة إلى الصوم باعتباره وقتًا لتحضير القلب لاستقبال المخلص والامتناع عن الطعام فيلتزم المؤمنون بالامتناع عن اللحوم في أيام الصوم، والابتعاد عن الأطعمة الدسمة. يُشجع على تناول الأطعمة النباتية والأطعمة الخفيفة وايضا القداسات ففي بعض الأبرشيات، يقام قداس خاص بمناسبة صوم الميلاد، ويُشجع المؤمنون على حضور قداس يومي. يُحتفل بعيد الميلاد في 25 ديسمبر عبر قداس احتفالي مهيب وعن الاحتفال بمغارة الميلاد فقال غالبًا ما يتم وضع مغارة الميلاد في الكنائس والمنازل، ويُحتفل بميلاد المسيح في ليلة 24 ديسمبر مع قداس عشية الميلاد.
اما السريان الكاثوليك فالكنيسة السريانية الكاثوليكية، التي تتبع الطقس السرياني الشرقي، لديها تقاليد مشابهة للكلدان في صوم الميلاد، ولكن مع بعض الاختلافات الطفيفة في الطقوس والممارسات فمدة الصوم: ويمتد صوم الميلاد عند السريان عادة من 15 نوفمبر حتى 24 ديسمبر. يُطلق عليه أحيانًا “الصوم الكبير” أو “الصوم الاستعدادي” لميلاد المسيح والطقوس والممارسات وعن الامتناع عن الأطعمة قال يُمتنع عن تناول اللحوم في أيام الصوم، ويشمل ذلك أيام الاثنين والأربعاء والجمعة. في بعض الأماكن، يُسمح بتناول الأسماك، ولكن يُشجع المؤمنون على أن يكون غذاؤهم بسيطًا ونباتيًا والتركيز على الصوم الروحي حيث يولي السريان اهتمامًا كبيرًا للصوم الروحي من خلال الصلاة والاعتراف وأعمال الرحمة. يتم التشديد على أهمية التوبة والمصالحة وعن القداسات فيُحتفل بالصلاة اليومية والقداسات الخاصة في فترة الصوم، وخاصة في الأيام التي تسبق عيد الميلاد. تقام قداسات خاصة في 24 ديسمبر، حيث يتم الاحتفال بقداس عشية الميلاد وعن طريقه الاحتفال بمغارة الميلاد بيتم إنشاء مغارة الميلاد في المنازل والكنائس، ويُحتفل بهذه المناسبة من خلال الترانيم السريانية الخاصة بعيد الميلاد. تُستخدم الترانيم الكنسية السريانية القديمة التي تروي قصة الميلاد.
واضاف ان الأرمن الكاثوليك تتبع تقاليد خاصة بها فيما يتعلق بصوم الميلاد، وهي متميزة عن الكنائس الغربية في طريقة احتفالها فمدة الصوم يالميلاد لمدة 40 يومًا، ولكن هناك بعض الاختلافات بين الطقس الأرمني الكاثوليكي والطقس الأرمني الأرثوذكسي. يبدأ الصوم عادة في الاثنين الأخير من نوفمبر (أو بداية ديسمبر حسب التقليد المحلي) ويستمر حتى 6 يناير، حيث يحتفل الأرمن الكاثوليك بعيد الميلاد في هذا اليوم (بخلاف معظم الكنائس الغربية التي تحتفل في 25 ديسمبر) والطقوس والممارسات تتمثل في الامتناع عن الطعام: يتم الامتناع عن اللحوم ومنتجات الألبان في أيام الصوم، وكذلك تقليل الطعام والشراب، خاصة في الأيام المتقدمة من الصوم والتركيز على الصوم الروحي: الأرمن الكاثوليك يركزون أيضًا على الصوم الروحي من خلال الصلاة، والاعتراف، والتأمل في المعاني الروحية لميلاد المسيح والقداسات بيتم الاحتفال بالقداسات اليومية خلال فترة الصوم، وتُقام قداسات خاصة بمناسبة صوم الميلاد ويُحتفل بعيد الميلاد بشكل مميز في 6 يناير، حيث يقام قداس كبير في الكنائس وختما الاحتفال بالعيد بيكون في عشية عيد الميلاد (5 يناير)، يُقام قداس “التهليل” الكبير في الكنائس الأرمنية. هذا القداس يتضمن تلاوة الترانيم الأرمنية الخاصة بميلاد المسيح ويُعد من أبرز المظاهر الاحتفالية في 6 يناير، يتم الاحتفال بعيد الميلاد من خلال قداس يتضمن تلاوة الإنجيل، وتوزيع المياه المقدسة، التي تُعتبر رمزية لتعميد يسوع.
وقال الأب إسطفانوس دانيال جرجس عبد المسيح راعي كنيسة مار مرقس الرسول بالجلاوية – ساقلتة - سوهاج الصوم هو تقليد من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، لكنه أيضًا ممارسة تطورت وتنوعت بحسب الزمان والمكان، فمنذ بداية المسيحية كان الصوم متنوعًا ومختلفًا من منطقة إلى أخرى بل وضمن المنطقة نفسها. حتى أن الباحثين في عصرنا يعتقدون بأن الصوم الأربعيني جاء تدريجيًا، وأنه لم يكن ثابت المدة دائمًا، إذ يستشهدون في ذلك برسالة ايرينيوس إلى البابا فكتور في القرن الثاني، المذكورة في كتاب التاريخ الكنسي لأوسيبيوس القيصري: «يعتقد البعض أن عليهم الصوم ليوم واحد، وغيرهم ليومين، بل وغيرهم لعدة أيام، بينما يحسِب آخرون أربعين ساعة، ليل نهار، لصيامهم».
واضاف قائلا تُعلمنا الكنيسة في تعالميها الوصية الرابعة من وصايا الكنيسة عن الصوم تحت بند 2043 «انقطع عن أكل اللحم وصُم الصومَ في الأيّام التي تُقرُّها الكنيسة تؤمّن أوقات الجهاد والتوبة التي تُهيّئُنا للأعياد الليترجية، وتمكّنُنا من التسلّط على غرازنا ومن حرية القلب».
ويكتب الطيب الذكر مثلث الرجمات البابا بندكتوس 16 «إِنَّ الصَّومَ يَدعونا إلى تغذيةِ الإيمانِ من خِلالِ إِصغاءٍ أَكثَرَ ٱنتباهًا ودَيمومةً لكلامِ اللهِ، وإِلى الإِشتراكِ في الأَسرار، وفي الوقتِ عينِه، إِلى النُّموِّ في المَحبَّةِ، في مَحبَّةِ اللهِ ومحبَّةِ القَريب».
واستطرد هل الصوم غاية وهدف أم هو وسيلة للوصول إلى غاية؟ البعض يصومون على اعتبار أنه فرض عليهم، وآخرين يصومون لأن هناك غرضًا من الصيام.
هل عَلَّم يسوع شيئًا بخصوص الصيام، ماهيته وكيفيته؟
ليس الصوم غاية بحدّ ذاته. لا قيمة له منفردًا لأننا إذا أكلنا لا نزيد وإذا لم نأكل لا ننقص. ماذا ننتفع من الصحن إذا غسلناه ولم نجعل فيه طعامًا لنأكل؟ فالصوم مرتبط بالصلاة والصدقة أيّ له جناحان يطيران به نحو السماء هو الصلاة والصدقة.
فالصوم الحقيقي بحسب كلمة الله هو:
١. الامتناع الكامل عن كلّ شيء: سواء كان طعام أو شراب أو تسليه، لفترة محددة، للتفرغ فيها أمام الرب والتأمّل في كلمة الله وما أجمل ما نصليه في ذوكصولوجيّات وبالأخص الذوكصولوجية الثالثة لرفع البخور العشيّة لأيّام سبوت الصوم: «المتمسِّكون بالصوم والصلاة دائمًا بأيديهم، سيوف وأسلحة»
٢. الصوم مرتبط بالتذلل والتوبة: لا قيمة لصوم دون انكسار أمام الرب «أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي» (مزمور٣٥: ١٣).
٣. الصوم مرتبط بالصلاة: لا بد أن يُصاحب الصوم تضرع وصلاة وشركه أمام الرب «فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا» (أعمال١٣: ٣).
٤. الرب ينظر لحالة القلب وليس المظهر الخارجي: «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ» (متى٦: ١٧، ١٨).
أزمتنا كشرقيين هي التدين في كلّ شيء ويسوع المسيح لم يتعرّض لنظام الصوم لدى اليهود، بل انتقد روح ممارسة صومهم، فعلى سبيل المثال كان هناك صوم اسمه الصوم الكامل ويبدأ من الغروب حتى حلول ظلام اليوم التالي أيّ غروب الشمس فكان اليهودي عندما يصوم يظهر بثياب غير منسقّة وشعر غير مدهون ليظهروا للناس صائمين وينالوا مجدا من الناس، «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ» (متى٦: ١٧، ١٨)
فزمن الصوم هو زمن الرياضات الروحيّة وحياة التوبة ومسيرة مقدّسة إلى يسوع المسيح، فتعلّمنا الكنيسة في تعالميها تحت بند 1438 «أوقات التوبة وأيّامها على مدار السنة الليترجية زمن الصوم وكلّ جمعة تذكارًا لموت المسيح كلّها أوقات مكثّفة لممارسة التوبة في الكنيسة. هذه الأوقات تناسب، بطريقة خاصّة الرياضات الروحيّة وليترجيات التوبة، والحجّ في سبيل التوبة والتضحيات الطوعيّة كالصوم والصدقة، والمشاركة الأخوية (الأعمال الخيرية والرسوليّة)»
فالصّوم المقبول لدى الله هو صوم مقترن بالاعتكاف مع الصلاة والتذلّل إلى الله من أجل تحقيق هدف صالح أو رفع ضيق مُعيّن. أيّ أن نُكرّس صومنا للرب، وللرب وحده. لأن الرب لا يُعطي مجده لآخر
أخيرًا مكافأة الصوم
هناك من تظاهر بالصوم فنال أجرته من الناس «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ»، لكن ما أروع ما يوجه الرب يسوع أنظارنا إليه «فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (متى٦: ١٦، ١٨).
ولنا في دانيآل المحبوب مثال رائع لاستجابة الرب، فيقول دانيآل «فَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَى اللَّهِ السَّيِّدِ طَالِبًا بِالصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ بِالصَّوْمِ وَالْمَسْحِ» ثم جاءت الاستجابة «وَأَنَا مُتَكَلِّمٌ بَعْدُ بِالصَّلاَةِ إِذَا بِالرَّجُلِ جِبْرَائِيلَ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الرُّؤْيَا فِي الاِبْتِدَاءِ مُطَارًا وَاغِفًا (طائرًا بسرعه) لَمَسَنِي عِنْدَ وَقْتِ تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ. وَفَهَّمَنِي وَتَكَلَّمَ مَعِي وَقَالَ: يَا دانيآل إِنِّي خَرَجْتُ الآنَ لِأُعَلِّمَكَ الْفَهْمَ» (دانيآل٩: ٣-٢٢).
إذا الصوم مرتبط بالصلاة والإنكسار أمام الرب. لقد مارسها واختبرها كل رجال الله، وعاشها الرب يسوع أيام تجسده، فكان للصوم أثر كبير في شركتهم مع الرب، واستجابات الصلاة، وحياة النصرة والقوة وضبط النفس. هل نعود للصوم والصلاة، أفرادًا وجماعةً؟ دعونا لا ننسى المكتوب القائل «الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالاِبْتِهَاجِ» (مزمور١٢٦: ٥)
فدعونا في زمن الصوم نفكر في 4 أشياء مهمين ما لي في السماء غيرهم:
1-اسمي «افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ» (لو10: 20)،
2- كنزي «وَلَكِنْ لَنَا هَذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ لِلَّهِ لاَ مِنَّا» (2كو4: 7)،
3-بيتي «لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ» (2كو5: 1)،
4- ميراثي «لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ» (1بط1: 4)، «عَالِمِينَ انَّكُمْ مِنَ الرَّبِّ سَتَأْخُذُونَ جَزَاءَ الْمِيرَاثِ، لأَنَّكُمْ تَخْدِمُونَ الرَّبَّ الْمَسِيحَ» (كو3: 24).
والجدير بالذكر ان الصوم الميلادي ينتهي بتقليد “مغارة الميلاد”ففي الكنائس الكاثوليكية حول العالم، يتم بناء “مغارة الميلاد” (أو “المذود”) التي تمثل مشهد ولادة يسوع وتحتوي المغارة على تماثيل تمثل مريم ويوسف والمولود الجديد يسوع، بالإضافة إلى رعاة وأحيانًا حكماء المجوس مع التراتيل الميلاديةوالتي تقام بعيد الميلاد في قداسات وصلوات خاصة الترانيم مثل “المجد لله في الأعالي” تُستخدم لخلق جو من الفرح والتأمل في حدث الميلاد