الصحراء الغربية.. هل يعكر تصريح الوزير الفرنسي علاقة الجزائر بباريس؟
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
بينما أعادت زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى المغرب، الدفء إلى العلاقات بين الرباط وباريس، قد يثير تصريحه هناك، بخصوص ملف الصحراء الغربية، الجارة، الجزائر، التي تساند جبهة البوليساريو، الطامحة لاستقلال الإقليم.
والاثنين، جدد الوزير الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، دعم باريس "الواضح والمستمر" لمقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب لحل النزاع، وهو ما قد يضع علاقات بلاده بالجزائر على المحك.
ويطرح المغرب التفاوض حول خطته للحكم الذاتي حلا وحيدا للنزاع، بينما تطالب جبهة البوليساريو باستفتاء لتقرير المصير، فيما تحث الأمم المتحدة الطرفين إلى جانب الجزائر وموريتانيا على استئناف مفاوضات متوقفة منذ العام 2019، لإيجاد حل سياسي متوافق عليه "دون شروط مسبقة".
وتعد فرنسا والمغرب، حليفين تقليديين لكن علاقاتهما الدبلوماسية شهدت توترات قوية في السنوات الأخيرة تزامنت مع سعي الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى التقارب مع الجزائر، في حين قطعت الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط عام 2021.
وتضغط الرباط على باريس لكي تتخذ موقفا مماثلا لذلك الذي أعلنته الولايات المتحدة أواخر العام 2020 حين اعترفت بسيادة المملكة على إقليم الصحراء الغربية، في مقابل تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
الاعترافات تتوالى بـ "مغربية الصحراء".. ما تبعات ذلك على القضية؟ تتوالى اعترافات الدول بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ودعم مقترح الحكم الذاتي، الذي تعرضه المملكة كحل وحيد للملف العالق منذ عقود، بينما تنظر جبهة "بوليساريو" ومن ورائها، الجزائر، إلى تلك الاعترافات على أنها صفقات "لا قيمة قانونية ولا سياسية لها". "لا تغيير"يرى المحلل الجزائري، فيصل مطاوي، أن تصريح الوزير الفرنسي بخصوص موقف بلاده من ملف الصحراء الغربية ليس بجديد، وأنه من هذا المنظور "لن يغير أي شيء في العلاقات الجزائرية الفرنسية".
وفي اتصال مع موقع "الحرة"، أوضح مطاوي أن تصريح سيجورنيه "مجرد تشديد على موقف معروف".
في المقابل، يرى المحلل المغربي، أشرف طريبق، بأن التقارب بين باريس والرباط في حد ذاته "يمكن أن يؤثر في العلاقات بين فرنسا والجزائر" على اعتبار التنافس المرير بين الغريمين.
وقال طريبق لموقع "الحرة" إن "العلاقة بين الجزائر والمغرب لم تعد علاقة جوار طبيعية، بل أصبحت علاقة تنافس في العديد من الملفات".
يذكر أن موقف باريس من مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل لقضية الصحراء الغربية ليس جديدا، لكن وهجه انطفأ خلال السنوات الأخيرة، وفق طريبق.
من هذا المنظور، يمكن أن يعيد تأكيد الوزير الفرنسي على موقف بلاده الداعم لكفة المغرب على حساب كفة البوليساريو المدعومة من الجزائر، علاقة الأخيرة المتأرجحة مع فرنسا إلى المربع الأول.
يشار في هذا السياق، إلى أن باريس لا تزال عازمة على مواصلة جهودها لتحسين علاقاتها مع الجزائر، ويُرتقب أن تلتقي السكرتيرة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية، آن ماري دوكوت، الثلاثاء، كلا من نظيرها الجزائري ووزير الخارجية أحمد عطاف في العاصمة الجزائر.
Heureuse d'être à Alger avec notre ambassadeur @ambafrancealger pour renforcer le partenariat ????????????????. Avec une délégation interministérielle nous souhaitons développer nos coopérations dans tous les domaines. pic.twitter.com/HjDwamR56e
— Anne-Marie Descôtes (@amdescotes) January 24, 2023 قضايا تقنيةرئيس المعهد الفرنسي للتحليل الاستراتيجي، فرانسوا جيري، يرى، أنه بالإضافة إلى التقارب بين باريس والجزائر، كان التوتر بين المغرب وفرنسا، سببه قضايا تقنية، أبرزها، ملف التأشيرات.
وفي اتصال مع موقع "الحرة"، شدد جيري على أن عودة الدفء لعلاقات باريس والرباط، والتأكيد على موقف فرنسا من قضية الصحراء الغربية "لن يؤثر بشكل كبير في علاقات باريس والجزائر على اعتبار أن الموقف ليس بجديد".
من أبرز محطات التوتر بين البلدين في الأعوام الأخيرة قرار فرنسا في سبتمبر 2021 بخفض عدد التأشيرات للمغاربة إلى النصف، وقد قوبل بانتقادات حادة في المغرب.
وفي الجانب الفرنسي، أبدت السلطات امتعاضها بعدما كشف تحقيق صحفي استقصائي استهداف المغرب أرقام هواتف ماكرون ووزراء في عام 2019 ببرنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس"، وهي اتهامات نفتها الرباط.
كما أدت إدانة البرلمان الأوروبي في يناير 2023 ما وصفته بتدهور حرية الصحافة في المغرب إلى زيادة التوترات الدبلوماسية، بعدما اعتبر مسؤولون مغاربة أن فرنسا تقف وراء القرار.
وفي سبتمبر، نشأ جدل جديد بعدما تجاهلت الرباط عرض فرنسا تقديم المساعدة إثر زلزال مدم، ضرب أجزاء من المغرب.
بعد ذلك، بدت العلاقات كأنها وصلت إلى طريق مسدود قبل أن يقر السفير الفرنسي في المغرب في نوفمبر الماضي بأن قرار تقييد حصول المغاربة على تأشيرات فرنسية كان خطأ، وليتم بعد ذلك، تعيين سفيرة مغربية في فرنسا بعد أشهر من الشغور.
وبينما يرى طريبق أن التقارب الفرنسي المغربي سيؤثر في علاقات الجزائر وباريس، يؤكد مطاوي أن الجزائر لا ترى علاقتها مع فرنسا من هذا المنظور.
جيري، من جانبه، يؤكد أن المشهد بالكامل، ربما يؤكد الحاجة لتوسط فرنسا بين الجزائر والمغرب "طالما أن علاقة الثلاثة، مرهونة ببعض، تاريخيا، سياسيا، وواقعيا".
يذكر أن الرئيس ماكرون سعى منذ عدة أشهر لتحقيق تقارب مع الجزائر على شكل مصالحة تاريخية، كان من المقرّر أن تتحقّق في ربيع 2023 بزيارة دولة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون إلى باريس، لكنّ هذه الزيارة لم تتم "ما يشير إلى استمرار الخلافات بين البلدين" وفق وكالة فرانس برس.
في هذا الصدد، يقول مطاوي إن "فرنسا هي من تحتاج للجزائر أكثر من حاجة الأخيرة لها" مبرزا الدور المحوري الذي أضحت تلعبه بلاده في ظل أزمة الطاقة التي ولّدتها الحرب الروسية على أوكرانيا، و"استغناء" عدة دول أوروبية، عن الغاز الروسي.
تنافس؟قال مطاوي "لا أحد في الجزائر ينتظر من فرنسا أن تغير موقفها المعروف أصلا، ليتلاءم مع ما تدافع عنه هي"، مشيرا إلى كون بلاده مساندا لحركات التحرر في أفريقيا والعالم.
وتابع "ملف الصحراء الغربية مطروح أمام الأمم المتحدة، بلجنة تصفية الاستعمار" مفندا فكرة أن الجزائر تنافس المغرب في العلاقات الخارجية.
"وقف القروض".. هل عاقبت الجزائر دولا انضمت إلى مبادرة مغربية؟ قررت الجزائر إغلاق حسابات قروض تمنح لدول أغلبها أفريقية، وفق ما أعلن في العدد الأخير من الجريدة الرسمية للدولة، وأرجعت الأموال المخصصة إلى خزينة الدولة.في المقابل، يرى طريبق بأن الجزائر والمغرب يتنافسان على أكثر من صعيد "في الاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، والعلاقات مع فرنسا، وحتى مع الولايات المتحدة" وفق تعبيره.
وجدد التأكيد بأن "كل ما يمكن أن يمثل فصلا جديدا في علاقات المغرب مع دولة أخرى، أكيد سيكون له تأثير في إطار التنافس ما بين الجزائر والمغرب".
جيري من جانبه، يفضل رؤية العلاقات بين فرنسا والمغرب والجزائر أيضا من منظور أكثر إيجابية، ويقول إن باريس يمكن أن تضطلع بدور وسيط بين الجزائر والرباط.
وشدد جيري، على أن فرنسا التي لها علاقات تاريخية بالبلدين الجارين "يمكن أن تضطلع بدور جديد بينهما، وهو الوساطة الإيجابية للدفع بهما نحو أفاق جديدة مبنية على التعاون الثنائي والثلاثي وحتى الإقليمي".
وأكد في سياق تحليله على أن تقارب باريس والرباط لم يتضمن أي صفقة أسلحة حتى يغضب الجزائر، مشيرا بدوره إلى أن الأخيرة حافظت على نوع من العلاقات الجيدة مع باريس رغم موقفها من ملف الصحراء الغربية منذ عقود وقال "لماذا يراد لهذا أن يتغير الآن؟".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجزائر والمغرب الوزیر الفرنسی العلاقات بین بین الجزائر یمکن أن على أن
إقرأ أيضاً:
الجزائر تُصعّد من أعمالها العَدائية.. خبير : المغرب لن يَنجَرّ وراء التّهريج
زنقة 20 | الرباط
قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، سعيد الصديقي، أن البهرجة الإعلامية على بعض وسائل الإعلام الجزائرية، حول ما سمي ”يوم الريف“، الذي نظم بالجزائر العاصمة يوم 23 نونبر 2024، لم يكن سوى استعراض عبثي بلغة خشبية خاوية ومحللين يفتقرون للنزاهة والإنصاف.
و اعتبر الصديقي ، أن محاولة الجزائر استدعاء أفراد هامشيين لتقديمهم كصوت يمثل الريف المغربي هي محاولة استعراضية تفتقر إلى أي أساس واقعي.
هؤلاء الأشخاص بحسب الصديقي، ليسوا سوى حطب نار مستعرة سياسيا -حتى الآن على الأقل- ستنتهي برميهم في دائرة النسيان، أو سيظلون دمى تتقاذفهم المصالح السياسية لمن صنعهم.
الصديقي، قال الجزائر لم تجد عاقلا واحدا من أبناء الريف لينخرط في هذه المسرحية السياسية، فاستدعت هذه الثلة من المهرجين، مما يؤكد عزلة هذه الفكرة وافتقارها إلى أي صدى شعبي أو سياسي.
في المقابل، يظل أبناء الريف الحقيقيون في المغرب والمهجر، كما كان آباؤهم وأجدادهم من قبل، رغم كل المحن والآلام وسوء الفهم، شركاء في هذا الوطن، ومساهمين بفعالية في بناء حاضره ومستقبله. وقد كانوا دائماً في طليعة الصفوف للدفاع عن الوطن، سواء في مواجهة الاستعمار في الشمال أو في حماية الوحدة الترابية في الأقاليم الجنوبية بحسب الصديقي.
واعتبر الخبير المغربي ، أن قيام النظام الجزائر بتنظيم هذا النشاط العبثي، ومحاولة إنشاء كيان وهمي على غرار ”البوليساريو”، واستدعاء مسؤولين من دول أخرى للاعتراف به، يمثل عملاً عدائيا واضحا لا لبس فيه، الا أن على المغرب أن يتجنب الانجرار إلى سياسات رد الفعل، مثل دعم الحركات الانفصالية داخل الجزائر.
و يرى الصديقي ان جزائر موحدة ومستقرة وديمقراطية أفضل للمغرب وللمنطقة بأكملها.