إسرائيل تستهدف أطفال غزة.. ما الآثار الصحية للمجاعة وسوء التغذية؟
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
غزة- من المتوقع أن تلقي المجاعة التي تضرب قطاع غزة بتداعيات طبية جسيمة قصيرة وبعيدة المدى، وخاصة على الفئات الهشة كالأطفال وكبار السن والمواليد الجدد والنساء الحوامل، فقد بات الجوع سلاحا يستخدمه الاحتلال للفتك بالغزيين كعقاب جماعي.
ويحذر مختصون من الآثار الخطيرة للمجاعة المستشرية في شمال القطاع خاصة، أو لسوء التغذية في جنوبه، حيث تتمركز حاليا الكثافة السكانية الأكبر مع وجود أكثر من نصف التعداد الكلي للغزيين في مدينة رفح وحدها، واعتماد هذه الكتلة البشرية الكبيرة على أغذية معلبة تفتقد للكثير من العناصر الغذائية الضرورية والأساسية.
فما العناصر الغذائية الأساسية التي يتوجب توافرها للإنسان الطبيعي؟ وهل هي متوفرة في طعام الغزيين خلال الحرب الإسرائيلية الدائرة للشهر الخامس على التوالي؟ وهل فعلا يقبع سكان القطاع حاليا في قلب الكارثة؟ وما الآثار الصحية المترتبة على المجاعة وسوء التغذية، خاصة على الأطفال والأجيال الناشئة؟.
هذه المحاور وغيرها تجيب عنها الجزيرة نت بالاستناد إلى خبرات وتجارب اختصاصي التغذية العلاجية الدكتور محمود الشيخ علي، إلى جانب تقديرات وبيانات منظمات حقوقية محلية ودولية.
اختصاصي التغذية العلاجية محمود الشيخ علي: يفتقد الغزيون كل مكونات التغذية الصحية الكبرى والصغرى (الجزيرة) هل غزة في قلب كارثة المجاعة فعلا؟تشير جميع الصور والمشاهد الواردة من غزة إلى عمق الكارثة في القطاع الساحلي الصغير، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية طاحنة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتترافق هذه الحرب مع حصار خانق ومنع كل سبل الحياة عن زهاء 2.2 مليون فلسطيني.
وتبدو الأزمة الإنسانية أشد حدة وخطورة في النصف الشمالي من القطاع، حيث وصلت إلى درجة المجاعة الحقيقية، ويرجع ذلك إلى رفض سلطات الاحتلال السماح بوصول الإمدادات الإنسانية.
وتشير تقديرات محلية ودولية إلى أن عدد الموجودين في الشمال يتراوح ما بين 400 إلى 700 ألف فلسطيني، ويفتقر هؤلاء لأدنى مقومات الحياة الأساسية، حتى إن الظروف القاسية أجبرتهم على تناول أعلاف الحيوانات، وذبح حصان مصاب بنيران الاحتلال، وأكل ورق الشجر، من أجل البقاء على قيد الحياة، وبدت علامات الضعف والهزال الشديد واضحة على الكثير منهم.
وبحسب سكان وشهود تحدثت إليهم الجزيرة نت، فإن معظم السكان فقدوا ما بين 15 إلى 20 كيلو غراما من أوزانهم منذ اندلاع الحرب، ولم يكن هذا الفقدان بشكل صحي، بل كان نتيجة الجوع أو الاعتماد على أغذية غير صحية.
وواقع الغزيين في النصف الجنوبي من القطاع، أصليين ونازحين، ليس أفضل حالا من شماله، فالمساعدات التي ترد إليهم عبر معبر رفح البري مع مصر شحيحة للغاية.
وفقا لبيانات رسمية صادرة عن منظمات محلية ودولية، فإن المساعدات لا تسد إلا من 3 إلى 5% من احتياجاتهم الأساسية، فضلا عن نوعيتها التي لا تتوفر بها العناصر الغذائية اللازمة لجسم الإنسان وصحته، خاصة الفئات الهشة من المواليد الرضّع والأطفال والنساء الحوامل والمرضى وكبار السن.
المجاعة تعصف بسكان غزة جراء القيود الإسرائيلية المشددة على المساعدات الواردة عبر معبر رفح البري مع مصر (الجزيرة) وما العناصر الغذائية التي يحتاجها الإنسان في طعامه وشرابه؟من أجل غذاء صحي يحتاج الإنسان لمغذيات كبرى وهي عبارة عن النشويات والبروتين والدهون، ومغذيات صغرى كالفيتامينات والمعادن والألياف.
وتشير دراسات صحية إلى أن النشويات تشكل في الطعام السليم نسبة 55% مع التنوع الغذائي من العناصر الأخرى، إضافة للماء النظيف الصالح للشرب، ليتمتع الإنسان بصحة جيدة.
استنادا لذلك هل تتوفر هذه العناصر في طعام الغزيين خلال الحرب؟سكان القطاع في شماله وجنوبه يعانون نقصا حادا في الموارد الغذائية وسوء في التغذية، وهذا بحد ذاته حُكم بالموت البطيء.
وقد وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية محلية حالات وفاة نتيجة الجوع، خاصة في شمال القطاع المعزول والمحاصر.
ومن الفئات الأكثر تضررا من حالة المجاعة وسوء التغذية؟هناك قاعدة تقول إن الإنسان لا يمكنه البقاء حيا من دون هواء لأكثر من 3 دقائق، ومن دون ماء لأكثر من 3 أيام، ومن دون غذاء لأكثر من 30 يوما، وينطبق ذلك على شمال القطاع أكثر من جنوبه، بعدما بلغ الجوع مبلغه، ووصل لحد الخطر الحقيقي على الحياة، وهو ما تثبته حالات الوفاة التي وثقتها المنظمات الحقوقية وغالبيتها في الشمال.
ويمكن تحديد فئات يدهمهما الخطر بصورة أكبر وأسرع من غيرها، كالأطفال الذين يمكن أن يصابوا بالتقزم وفقر الدم ومشكلات في الدماغ وقلة التركيز، قد يصل الأمر للتخلف العقلي.
والمجاعة كذلك تؤثر في الأجنة بالأرحام، فالمرأة الفلسطينية الحامل التي لا تجد رغيف الخبز كيف لها أن توصل الغذاء لجنينها، وهذا يعني احتمال إصابتها وجنينها بمشكلات صحية عالية جدا. وأيضا الخطر يحدق بكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة الذين يحتاجون إلى الغذاء الصحي بكميات ونوعيات معينة ليست متوفرة في ظل ظروف الحرب، وبالتالي فإن حياتهم في خطر كبير.
لماذا يشكو سكان جنوب قطاع غزة من الأغذية المعلبة؟
يشكو كثير من الغزيين من سوء المعلبات بأنواعها التي توزع عليهم فيما تسمى محليا بـ"كوبونات المساعدات"، سواء من حيث الطعم ورداءة المنتج أو لقرب انتهاء صلاحيتها، حتى إنهم يقولون إن ما يقدم لهم ترفض القطط والكلاب تناوله، فهي مصنعة بقليل من اللحم وكثير من النشا والصويا ومكونات أخرى غير صحية.
وتناول سكان جنوب القطاع هذه الأغذية المعلبة لا يقل خطورة على صحة الإنسان من المجاعة التي تعصف بسكان الشمال، فمن هم في شمال القطاع يمكنهم التعافي مع مرور الوقت واكتساب الصحة والوزن المفقود نتيجة ندرة الأكل، أما الأغذية المعلبة التي تمثل الآن أساس غذاء سكان الجنوب بكل ما تحتويه من كميات كبيرة من الصوديوم والمواد الحافظة، تبقى آثارها عالقة في الجسم، ويخزنها ويصعب التخلص منها مستقبلا، وخطرها أكبر على الكبد الذي يقوم بـ5 آلاف وظيفة.
الواقع بهذا السوء، ما صورة المستقبل القريب بالنسبة لسكان غزة؟يحذر مختصون من أن قطاع غزة مقبل على كارثة صحية، وكم كبير من الأمراض في مدى قصير لن يتجاوز شهر الصيف، فمضاعفات الواقع الصحي والمعيشي الحالي ستظهر بصورة خطيرة، خاصة بالنسبة لآلاف من النساء الحوامل اللواتي سيضعن قريبا، لأن مواليدهن عرضة للولادة بتشوهات أو بمشكلات ذهنية وسلوكية، وقد يواجهون مع الوقت صعوبات في النمو، وضعف المناعة وعدم القدرة على مقاومة الأمراض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العناصر الغذائیة شمال القطاع فی شمال
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تمهل سكانًا في القنيطرة بسوريا ساعتين لتسليم أسلحتهم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت مصادر إعلامية، اليوم الأحد، أن القوات الإسرائيلية قد أمهلت سكان مدينة البعث في محافظة القنيطرة جنوب سوريا ساعتين لتسليم الأسلحة التي بحوزتهم، مهددة باقتحام المدينة في حال عدم الاستجابة.
هذا التطور يأتي في وقت يشهد فيه جنوب سوريا توغلًا إسرائيليًا في عدد من القرى والبلدات الواقعة في المنطقة العازلة، مستفيدة من التغيرات السياسية والميدانية في دمشق لتنفيذ عمليات توغل جديدة. في قرية جباتا الخشب، الواقعة في الجزء الشرقي من هضبة الجولان المحتلة، تجول الجنود الإسرائيليون في الشوارع الرئيسية، بينما تتمركز الدبابات على أطراف القرية. هذا المشهد غير المعتاد فاقم المخاوف في صفوف السكان المحليين، الذين اكتفوا بمراقبة الوضع عن بُعد.
مدينة البعث، التي تقع وسط القنيطرة، شهدت هي الأخرى توغلًا للقوات الإسرائيلية، حيث قامت الجرافات الإسرائيلية بتدمير العديد من الشوارع ورفع العلم الإسرائيلي على تلال مشرفة على المدينة. وقال سكان المدينة إن القوات الإسرائيلية انتشرت في الأماكن الاستراتيجية داخل المنطقة العازلة، وسط مشاعر من القلق المتزايد بشأن مصير المنطقة بالكامل.
من جهته، عبّر الدكتور عرسان عرسان المقيم في مدينة البعث عن استياء السكان من التوغل الإسرائيلي، مؤكدًا أنهم مع السلام بشرط أن يتم انسحاب إسرائيل إلى خط وقف إطلاق النار الذي تم تحديده بموجب اتفاق فض الاشتباك عام 1974. وأشار إلى أن التدمير الذي لحق بالشوارع واللافتات في المدينة كان "عملًا غير إنساني"، في ظل وجود قوات إسرائيلية في المناطق المجاورة.
في نفس السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه البالغ بشأن التوغل الإسرائيلي في المناطق التي كانت تحت إشراف الأمم المتحدة، معتبرًا إياه "انتهاكًا لسيادة سوريا". وشدد على أن ما يحدث في المنطقة يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي وقد يؤدي إلى تصعيد غير مبرر.
وكانت إسرائيل قد شنت سلسلة من الغارات الجوية على مواقع عسكرية سورية ومخازن أسلحة في الأيام الماضية، بالتزامن مع تقدم فصائل المعارضة السورية بقيادة "هيئة تحرير الشام" في بعض المناطق الجنوبية. وقد وصف القائد العسكري لهيئة تحرير الشام هذه العمليات بأنها تشكل "تهديدًا للسلام الإقليمي"، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك لوقف هذا التوغل.
في مدينة البعث وبلدات أخرى في القنيطرة، أبدى السكان قلقهم من التصعيد الإسرائيلي المتواصل، مشيرين إلى أن التوغل قد يؤدي إلى مزيد من التقسيم للمنطقة. وأكدوا على ضرورة أن تتحمل حكومة الإنقاذ والمجتمع الدولي مسؤولياتهم لوقف هذا التوغل وحماية المدنيين.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث شهدت المنطقة تغييرات كبيرة على الصعيدين العسكري والسياسي، مما يزيد من تعقيد الوضع ويثير تساؤلات حول المستقبل القريب لمناطق جنوب سوريا.