علوم تظنها حديثة.. ولكنها من تراث المسلمين "الأخيرة ستفاجئك"
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
في ظل تقدم العلوم والتكنولوجيا في العصر الحديث، يظهر أن العديد من الاكتشافات والتقنيات التي قد نعتقد أنها حديثة، في الواقع، تمتلك جذورًا تاريخية تمتد إلى التراث العلمي الغني للمسلمين. إن تفاجئنا بكيفية مساهمة علماء المسلمين في تطوير وتأسيس مجموعة من العلوم يُعد أمرًا مثيرًا وملهمًا.
على مر القرون، أسهمت الحضارة الإسلامية بشكل فعّال في تقديم العديد من العلوم التي تعد جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
من بين هذه العلوم، نجد الطب، حيث قام العلماء المسلمون بإحداث تقدم هائل في فهمهم للجسد البشري وعلاج الأمراض. كتب الطب الإسلامية، مثل "القانون في الطب" لابن سينا، و"الكنوز في الطب" للرازي، تعد شاهدًا على هذا الإرث الطبي الذي لا يُقدّر بقيمته.
في مجال الرياضيات والفلك، قام العلماء المسلمون بإسهامات هامة، حيث أدخلوا مفاهيم رياضية جديدة وقاموا بإعادة اكتشاف أعمال العلماء اليونانيين القدامى. الخوارزمي، الذي سميت عليه الخوارزمية، وابن الهيثم الذي ساهم في فهمنا لظاهرة الانكسار الضوءي، يمثلان نموذجين لتلك الإسهامات.
وفي ميدان العلوم الطبيعية، قدم العلماء المسلمون مفاهيم متقدمة في الكيمياء والفيزياء. ابن الهيثم، الذي يُلقب بـ "أبي البصريات"، كان له دور كبير في تطوير فهمنا للبصريات وعلم البصريات.
هذا وإلى اليوم، نجد أنفسنا نستلهم ونستفيد من هذا التراث العلمي المميز الذي قدمته حضارة المسلمين. إن فهمنا للعلوم الحديثة يستدعي إلقاء نظرة على الجذور الإسلامية لهذه العلوم، مما يبرز أهمية الحضارات القديمة في تشكيل مسار تقدم العلوم وتأثيرها الإيجابي على عالمنا المعاصر.
علم المراعيفي العصور القديمة، كان الإنسان يقوم بالهجرة من مكان إلى آخر بحثًا عن الأماكن الملائمة للرعي والزراعة والتجارة، بهدف توفير وسائل العيش وتوفير ظروف الأمان والاستقرار. يعتقد الكثيرون اليوم بشكل خاطئ أن علم المراعي هو من العلوم الحديثة، حيث يُرجح أن يعود تأسيسه إلى بدايات القرن العشرين. ومن بين المؤرخين الذين يعزون بدايات هذا العلم إلى القرن العشرين الأمريكي آرثر سامبسون، الذي أسس أول محطة لأبحاث المراعي في ولاية أريزونا عام 1903.
ومع ذلك، يُظهر البحث الدقيق في تراث المسلمين أن علم المراعي لم يكن حديث النشأة، حيث سبقه العالم الإسلامي أبا حنيفة الدينوري، الذي توفي عام 282 هـ. قدم الدينوري تعريفًا محددًا للمرعى ووضح أهمية مواسم الرعي وخصائص الدورات الرعوية. وقد روى عن ابن الأعرابي بعض المصطلحات البيئية الرعوية والتي كان يعتمد عليها الرعاة، مثل "الحمض" و"الخلة" و"السهب" و"الحزن" و"الصمان" و"العضاة".
أوضح الدينوري أيضًا فهم العرب لعلاقة جودة المرعى بقربه من مصادر الماء، وتطرق إلى موضوع إدارة المراعي وكيفية انتقال الرعاة بحثًا عن الكلأ في الفصول المختلفة. وكان لدى الإسلام اهتمام بحماية البيئة، حيث صدرت تشريعات لحمايتها، منع فيها الصيد عبر الحمى وحدد مناطق محمية للرعي.
إذًا، يظهر أن علم المراعي كان موجودًا في التراث الإسلامي منذ فترة طويلة وله أصوله وتطبيقاته في مجالات متعددة.
علم الشفرةعلم الشفرة، أو علم التشفير (Cryptology)، يُفهم كالعلم الذي يعنى بتحويل النص الواضح إلى نص آخر غير مفهوم باستخدام طرق معينة، حيث يمكن للشخص الذي يعرف هذه الطرق أن يفهم النص، ويُمكن التفريق بين الشيفرة والعملية العكسية، والتي تتمثل في تحويل النص المشفر إلى نص واضح، ويُعرف هذا العمل بـ "تحليل الشفرة" (Cryptanalysis). يحظى هذا العلم بأهمية كبيرة في العصر الحالي للحكومات، المؤسسات، والأفراد، خاصة في مجالات الأمان العسكري، والصناعة، والتجارة، والسياسة، والاقتصاد، والاتصالات.
تاريخيًا، يُشار إلى دور العرب البارز في تأسيس وتطوير علم الشفرة، حيث قاموا بصياغة العديد من المخطوطات والكتب حول هذا الموضوع. أحد هؤلاء العلماء هو الكندي الذي ألف رسالة في علم التعمية واستخراج المعمى في النصف الأول من القرن الثالث الهجري. ويشير الباحث دافيد كان إلى أن العرب كانوا يمارسون علم تحليل الشفرات قبل الغرب بفترة طويلة، معترفًا بالدور الكبير الذي لعبوه في تطوير هذا العلم.
تقوم طرائق تعمية النصوص على الاستبدال أو التبديل واستخدام أشكال مبتكرة للحروف. كما قام العلماء المسلمون بتحديد مراتب الحروف في اللغة واستخدامها لحل الشفرات. استمرار التراث الإسلامي في هذا المجال يعزز أهمية هذا العلم في العصر الحديث، حيث يتطلب الحفاظ على البيانات والمعلومات في ظل التطور التكنولوجي واستخدام الحواسيب الضخمة.
يركز هذا النص أيضًا على دور العلماء المسلمين البارزين مثل ابن الدريهم والكندي، الذين سبقوا الغرب في تقديم الأسس والمبادئ الرئيسية لعلم الشفرة. يشير النص أيضًا إلى الأساليب المتقدمة التي تم استخدامها في حل الشفرات، مثل تحليل الترتيب الحرفي والاستفادة من الحواسيب الإلكترونية في هذا السياق.
بشكل عام، يظهر النص أهمية علم الشفرة في الماضي والحاضر، وكيف أسهم العلماء المسلمون في تأسيس وتقدم هذا العلم الحيوي.
علم الوراثةعلم الوراثة يظهر كجزء حيوي من تاريخ الحضارة الإسلامية، حيث تتعامل مختلف العلوم الأساسية مثل الفسيولوجيا، وعلم الخلايا، وبيولوجيا التناسل، والهندسة الوراثية، وعلم التحسين الوراثي مع تفاصيل وتطورات الوراثة. يُرجع بعض المؤرخين نشأة علم الوراثة إلى الراهب النمساوي مندل، الذي وضع الأسس والقوانين الأولية له، وتقدم فيه علماء آخرون مثل دي فريز وباتيسون ومورجان.
تشير الأدلة التاريخية إلى دور بارز لعلماء المسلمين في تأسيس علم الوراثة، حيث استخدموا مصطلح "القيافة" وتحدثوا عن تحسين النسل وأشاروا إلى الانتقاء الوراثي الذي مارسوه على الخيول العربية. كما أظهروا فهمًا لظاهرة "التهجين" في الإنسان والحيوانات والطيور، وأدركوا حكمة التشريع الإسلامي في تحريم زواج الأقارب.
القيافة تُعد أساسًا لعلم الوراثة، حيث استخدمت في تفسير التشابه بين الخلف والسلف. وقد تناولت الكتب التراثية الإسلامية مفاهيم القيافة لتفسير التشابه بين الأجيال.
أيضًا، تناولت الأعمال العلمية لعلماء المسلمين قضايا خلق الأجنة، وأشار ابن قيم الجوزية إلى أن التشكيل الصحيح للكائن الحي يعتمد على اتحاد نطفة الذكر ببويضة الأنثى. تركز الكتب الإسلامية على هذا التأصيل الديني والتفسير القرآني للتشكيل الصحيح للكائنات الحية.
من ثم، أشار ابن قيم الجوزية إلى وحدات صغيرة في نطفة الرجل وبذرة الأنثى يُطلق عليها "عناصر"، مما يشكل أساسًا لنظرية المورثات (الجينات) في العلم الحديث. يتفق كلامه مع تطور العلماء الحديثين في تحديد الدور الأساسي للجينات والكروموسومات في نقل الصفات الوراثية.
يظهر أن علم الوراثة لم يكن مجرد ابتكار حديث، بل كان له جذور عميقة في التراث الإسلامي، وقد أسهم علماء المسلمين بمفاهيمهم وأفكارهم في بناء هذا العلم الحديث.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: علوم علم الوراثة هذا العلم أن علم
إقرأ أيضاً:
دراسة حديثة: النساء يسمعن أفضل من الرجال بفارق ملحوظ
كثيرون يتذكرون كيف كانت أمهاتهم يلتقطن همساتهم على مائدة الطعام في الطفولة، ويوبخنهم على الفور، بينما كان الآباء مشغولين بتناول الطعام دون أن يلاحظوا شيئًا.
الآن، يبدو أن هذا الانطباع القديم بأن النساء يسمعن بشكل أفضل من الرجال له أساس علمي، وفقًا لما توصل إليه باحثون من بريطانيا وفرنسا.
بعد إجراء اختبارات على نحو 450 شخصًا من 13 دولة مختلفة، كشفت النتائج أن النساء يتمتعن عادة بدرجة سمع أعلى بنحو ديسيبلين مقارنة بالرجال.
وقال الفريق البحثي في دراسة نُشرت في مجلة "ساينتفيك ريبورتس": "النساء يظهرن باستمرار حساسية سمعية أعلى بمقدار 2 ديسيبل في المتوسط عبر كامل نطاق الترددات المختبرة في جميع الفئات السكانية التي شملها البحث".
وخلص الباحثون إلى أن آذان النساء قد تكون أكثر حدة حتى 6 كيلوهرتزات مقارنة بآذان الرجال في بعض الفئات السكانية، موضحين أن النساء لا يتمتعن فقط بـ"حساسية قوقعية مرتفعة" -في إشارة إلى الجزء المملوء بالسوائل داخل الأذن الداخلية الذي يساعد على تحويل الموجات الصوتية لتُفهم من قِبل الدماغ- بل يتفوقن أيضًا على الرجال في اختبارات سمعية أخرى.
ويرى العلماء أن السبب في ذلك هو أن لدى النساء "وظائف أفضل في كل من النظام السمعي الطرفي والمسار السمعي المركزي".
إعلانوقالت توري كينغ من جامعة باث: "فوجئنا عندما وجدنا أن النساء لديهن حساسية سمعية أكثر بنحو ديسيبلين في جميع الفئات التي قمنا بقياسها، وكان هذا هو السبب الرئيسي وراء الاختلافات بين الأفراد".
وعلى صعيد آخر، أظهرت الاختبارات أن الأشخاص الذين يعيشون في الغابات يتمتعون بـ"أعلى حساسية سمعية"، بينما كان أداء سكان الجبال هو الأسوأ، حيث وصف الباحثون سمع الأشخاص "الذين يعيشون في المرتفعات العالية" بأنه الأقل حساسية.
ووجد الباحثون أن السكان، والبيئة، واللغة، كلها عوامل تسهم بشكل كبير في اختلافات السمع، وذلك اعتمادًا على عوامل مثل "المناظر الصوتية المتنوعة"، ومستويات الضوضاء، والتعرض للتلوث.
وقالت باتريشيا بالاريك من مركز التنوع البيولوجي والبحوث البيئية في تولوز: "تحدياتنا للافتراضات السائدة تسلط الضوء على ضرورة أخذ كل من العوامل البيولوجية والبيئية في الاعتبار عند دراسة السمع".