هل تحل سفن الشحن الجديدة العملاقة أزمة البحر الأحمر؟
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا حول تأثير هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر على حركة الشحن والاقتصاد العالمي وعلى تكاليف الشحن والتجارة العالمية وسلامة الملاحة البحرية.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن تكلفة شحن البضائع من آسيا ارتفعت بأكثر من 300 بالمائة بعد أن بدأ الحوثيون مهاجمة السفن في البحر الأحمر، مما أثار مخاوف من أن اضطرابات سلسلة التوريد قد تؤدي إلى تعكير صفو الاقتصاد العالمي مرة أخرى.
ويواصل الحوثيون الذين يسيطرون على شمال اليمن، تهديد السفن، مما يجبر الكثيرين على اتخاذ طريق أطول بكثير حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، ولكن هناك دلائل تشير إلى أن العالم قد يتجنب أزمة شحن طويلة الأمد.
وأوضحت الصحيفة أن أحد أسباب التفاؤل هو دخول عدد كبير من سفن الحاويات التي تم طلبها منذ عامين أو ثلاثة إلى الخدمة، ويُتوقع أن تساعد هذه السفن الإضافية شركات الشحن في الحفاظ على الخدمة المنتظمة. وقد طلبت شركات الشحن هذه السفن عندما أدت الزيادة غير العادية في التجارة العالمية التي حدثت أثناء الوباء إلى خلق طلب هائل على خدماتها.
ورغم استمرار ارتفاع تكاليف الشحن، فإن بعض المحللين يتوقّعون أن يؤدي العرض القويّ للسفن الجديدة إلى خفض الأسعار في وقت لاحق من هذا العام.
وأشارت الصحيفة إلى أن السفن القادمة من آسيا كانت قبل الهجمات تعبر البحر الأحمر وقناة السويس، التي تتعامل عادة مع ما يقدر بنحو 30 بالمائة من حركة الحاويات العالمية، للوصول إلى الموانئ الأوروبية، أما الآن فيدور معظمها حول رأس الرجاء الصالح مما يجعل تلك الرحلات أطول بنسبة 20 إلى 30 بالمائة، مما يزيد من استخدام الوقود وتكاليف الطاقم.
ووفقًا لبعض المحللين فإن هناك قلقًا من أن تؤدي الرحلات الطويلة إلى ارتفاع التكاليف بالنسبة للمستهلكين، لكن المديرين التنفيذيين للشحن يتوقّعون أن تتكيف عملياتهم مع اضطراب البحر الأحمر قبل الربع الثالث، وهو موسمهم الأكثر ازدحامًا، عندما يقوم العديد من تجار التجزئة في أوروبا والولايات المتحدة بالتخزين لعطلة الشتاء.
وحسب بريان ويتلوك، كبير المديرين والمحلل في شركة غارتنر للأبحاث، فإن السفن الجديدة تمثل أكثر من ثلث قدرة الصناعة قبل بدء طفرة الطلب، وسيتم تسليم معظمها بحلول نهاية هذا العام.
وأكدت الصحيفة أن السفن الجديدة من شأنها أن تزيد قدرة الشحن لشركة الشحن الدنماركية العملاقة ميرسك بنسبة 9 بالمائة، وذلك وفقا لشركة غارتنر.
ويخطط بعض منافسيها لإضافات أكبر بكثير، وتضيف شركة "إم إس سي"، أكبر شركة نقل عبر المحيطات، 132 سفينة مما يعزز قدرة أسطولها بنسبة 39 بالمائة ـ وستقوم شركة "سي إم إيه سي جي إم" الفرنسية، ثالث أكبر شركة شحن في العالم، برفع طاقتها بنسبة 24 بالمائة.
ووفقًا لفنسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك، فإنها مسألة وقت فقط حتى يتم حل مشكلة القدرة الإنتاجية بالكامل.
وأفادت الصحيفة بأن هذا التعديل السريع يعكس نسبيًا حقيقة أن سلاسل التوريد العالمية في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه ما بين 2021 و2022. في ذلك الوقت، كان المعروض من السلع مقيّدًا بينما كان الطلب من المستهلكين العالقين في المنزل قويا، وكانت الموانئ وشركات الشحن وغيرها تعاني أيضًا من نقص العمال والحاويات والسفن.
ويشير محللو الشحن والمسؤولون التنفيذيون أيضًا إلى أن قناة السويس ما زالت تستقبل حتى الآن ما معدله 30 سفينة شحن يوميًا، مقارنة بـ 48 سفينة في سنة 2023، وذلك وفقًا للبيانات التي جمعها صندوق النقد الدولي وجامعة أكسفورد. لكن الارتفاع في أسعار الشحن يسبب ألمًا حقيقيًا للشركات الصغيرة التي تفتقر إلى عقود طويلة الأجل مع شركات الشحن، مما يجعلها أكثر عرضة للارتفاع المفاجئ في أسعار نقل الحاويات.
وأضافت الصحيفة أن سوق الشحن يعتمد على ما يسمى بالسوق الفورية حيث تكون أسعار الفائدة أعلى بكثير مما كانت عليه خلال معظم السنة الماضية. وفي سنة 2023، انخفضت أسعار الشحن إلى مستويات ما قبل الوباء.
وتستورد شركة "إل إس إم" للمنتجات الاستهلاكية والمكتبية اللوازم المكتبية من الصين والهند. وحسب مارسيل لانداو، المدير الإداري للشركة، فإن تكلفة شحن حاوية واحدة قفزت إلى 3000 دولار من حوالي 1000 دولار قبل هجمات البحر الأحمر. وأضاف أنه لا يستطيع ببساطة تحميل عملائه هذه التكاليف، لأن أسعاره محددة في العقود، لذلك يتوقع أن تلتهم تكاليف الشحن المرتفعة حوالي نصف أرباحه.
ووفقًا لليندساي هوج، مديرة شركة هوج العالمية للخدمات اللوجستية، وهي شركة تقع في إنجلترا وتقوم بترتيب الشحن للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، فإن العديد من عملائها يشعرون بالقلق من الارتفاع الكبير في تكاليف الشحن وأن البعض منهم يؤخر الشحنات.
وأوضحت الصحيفة أن تكلفة شحن حاوية يبلغ طولها 40 قدمًا من آسيا إلى شمال أوروبا، وهو أحد الطرق الأكثر تضررا من هجمات البحر الأحمر، بلغت 4587 دولارا في الأسبوع الماضي، أي بزيادة 350 بالمائة عما كانت عليه في نهاية أيلول/سبتمبر، وذلك وفقا لبيانات السوق الفورية من شركة فريتوس. وقد ساعد الضغط في الشرق الأوسط على رفع تكلفة الشحن حتى على الطرق البعيدة حيث ارتفعت تكلفة السفر من آسيا إلى موانئ الساحل الغربي في الولايات المتحدة بنسبة 190 بالمائة منذ أيلول/سبتمبر، وفقًا لشركة فريتوس.
وأضافت الصحيفة أن أزمة البحر الأحمر تأتي في وقت لم يتمكن فيه سوى عدد قليل من السفن من المرور عبر قناة بنما، التي تعاني من انخفاض منسوب المياه حيث تسببت مشاكل هذه القناة أيضًا في حدوث تأخيرات وتحويلات. وحسب خبراء بحريين فإن الالتفاف حول أفريقيا هو السبب الرئيسي للارتفاع الكبير في تكاليف الشحن.
وتظل سفن الحاويات المسافرة من آسيا إلى أوروبا في البحر لمدة أطول بنحو 20 إلى 30 في المائة عما ستكون عليه لو مرت عبر قناة السويس. وقد أدى هذا في الواقع إلى انخفاض قدرة الشحن، مما تسبب بدوره في ارتفاع الأسعار.
وأفادت الصحيفة بأن المنظمّين يراقبون الوضع ويريدون أن تجني شركات الشحن ما يكفي من المال للحفاظ على سير عمل سلاسل التوريد بسلاسة، لكنهم يريدون أيضًا حماية عملاء شركات الشحن من التلاعب بالأسعار. وحسب دانييل مافي، رئيس اللجنة البحرية الفيدرالية الأمريكية، فإن هناك مخاوف بشأن الرسوم الإضافية التي أضافتها شركات الشحن بسبب هجمات البحر الأحمر وانخفاض قدرة الشحن الإجمالية في الوقت الحالي، لكن هذه المخاوف قد تكون أقل على المدى المتوسط بسبب كل هذه السفن التي ستبدأ في العمل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثيين اليمن اليمن البحر الاحمر الحوثي سفن الشحن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البحر الأحمر تکالیف الشحن شرکات الشحن الصحیفة أن من آسیا
إقرأ أيضاً:
مدبولي: نعاني اليوم من أزمة أمنية غير مسبوقة في منطقة البحر الأحمر
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، احتفالية هيئة قناة السويس بيوم التفوُّق، على ضفاف قناة السويس الجديدة بالإسماعيلية.
وذلك بحضور عدد من الوزراء، والمُحافظين، ورئيس هيئة قناة السويس، وقائد الجيش الثاني الميداني، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدي مصر وجامعة الدول العربية، وعددٍ من سفراء دول الاتحاد الأوروبي ومُمثلي البعثات الدبلوماسية، والأمين العام لغرفة الملاحة الدولية ICS، ومسئولي الجهات المعنية وقيادات هيئة قناة السويس، ولفيف من رؤساء ومُمثلي التوكيلات الملاحية العالمية.
وألقى رئيس الوزراء كلمة استهلها، بالترحيب بالحضور في هذه البقعة الطيبة من أرض مصر على ضفاف قناة السويس الجديدة، التي التقت عندها مياه البحر الأحمر بالبحر المتوسط لأول مرة منذ عشرة أعوام في أغسطس ٢٠١٥ لتكون شرياناً حيوياً جديداً يربط الشرق بالغرب ويُحقق الاستدامة لسلاسل الإمداد العالمية، وإيذاناً لفكر جديد ومتطور في إدارة أحد أهم الممرات الملاحية في العالم إن لم يكن أهمها على الإطلاق.
وأضاف رئيس الوزراء، أنه مُنذ هذا التاريخ شَهِدت هيئة قناة السويس جُهوداً مُستمرةً لا تتوقف، مُحققةً طفرةً في مشروعات تطوير المجرى الملاحي بالقناة بتعميق مناطق الانتظار في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وإنشاء جراجات للطوارئ، وشمعات رباط عملاقة لربط السفن، ثم المشروع الأضخم بتطوير القطاع الجنوبي للقناة، والذي لم يشهد أي تطوير منذ عام ١٩٩٠، نتيجةً للصعوبات والتحديات المُرتبطة بطبيعة التربة الصخرية شديدة الصلابة في تلك المنطقة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه على الرغم من التحديات المُختلفة التي واجهتها ولا تزال تواجهها قناة السويس، فإن الدعم المُستمر والمُتواصل من الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتوافر القدرات والإمكانات البشرية والفنية لدى الهيئة العريقة، كان الدافع الرئيسي لنجاح الهيئة في اجتياز المواقف الصعبة وتخطي الأزمات المتتالية.
وتابع قائلاً: نُعاني اليوم من أزمة أمنية غير مسبوقة في منطقة البحر الأحمر، التي كان لها بالغ الأثر في تراجع مُعدلات الملاحة بالقناة وتراجع الإيرادات المُحققة، رغم أن مُسببات الأزمة لا ترتبط بالأساس بقناة السويس، وهو ما يُشكل عبئاً على مصالح الدولة المصرية باعتبار القناة أحد أهم مصادر النقد الأجنبي.
وفي ذات السياق، أوضح رئيس الوزراء أن الدولة المصرية أبدت مُنذ اليومِ الأول للأزمة تَفهماً للتداعيات السياسية والاقتصادية، ولم تنخرط في اتِّخاذ أيَّة إجراءاتٍ تتعارضُ مع دورها الإقليميِّ، بل على العكس، عَملت على اتخاذ خطواتٍ فعالة نحو حل جُذور ومُسببات الأزمة سياسيًا، وتعويض الآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عنها باتخاذ خطوات فعلية نحو تعزيز الاستثمارات، وتوطين الصناعات الثقيلة، ومُواكبة التوجه العالمي للطاقة النظيفة والمُتجددة، وتنمية أنشطة الجذب السياحي وغيرها من الأنشطة التي تتضمنها خطة الدولة المصرية، وفي القلب منها قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي حديثه قائلاً: ومن هذا المنطلق، فإننا نشهدُ اليوم بالفعل تحولاً جِذرياً في أنشطة وخدمات قناة السويس وحجم شراكاتها وانفتاحها على العالم، لتتحول من هيئة ملاحية مَعْنية بالأساس بإدارة المِرفق الملاحي لقناة السويس إلى هيئة مُتعددة الأنشطة والخدمات البحرية واللوجيستية المُختلفة.
وأضاف رئيس الوزراء أن قناة السويس بدأت في استحداث خدماتٍ جديدةٍ والتَّوسع بها، كخدمات صيانة وإصلاح السفن بترسانات الهيئة، وخدمات الإسعاف البحري وتبديل الأطقم البحرية، وأيضاً خدمة جمع وإزالة المُخلفات من السفن العابرة للقناة بطريقة آمنةً ومُستدامةً، تتناسب مع جهود الهيئة للتحول الأخضر بحلول عام 2030.
وقال: كُنتُ شَاهداً على بدء توقيع اتفاق التعاون المُشترك بين هيئة قناة السويس وشركة "آنتيبوليوشن" اليونانية لتقديم خدمة الجمع الآمن لمُخلفات السفن العابرة للقناة، واليوم نشهد ثِمّار تلك الجُهود بتواجد تلك الخدمة والإعلان عنها وتقديمها بأيادٍ مصرية وبتقنيات مُتطورة صديقة للبيئة.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي حديثه قائلاً: وتُجسد هذه الشراكة نَجاحاً تتجلي مَعهُ جُهود الدولة المصرية بالتوسع في جذب الاستثمارات الأجنبية وعقد شراكات مع الشركات العالمية الكبرى، وهي دعوة جادة نتمنى من خلال سفراء دول الاتحاد الأوروبي وشركاء النجاح من الجهات المعنية بصناعة النقل البحري والخدمات البحرية واللوجيستية استثمارها، لتكون قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة مِنَصة عالمية للخدمات البحرية واللوجيستية.
وخلال كلمته، أوضح رئيس الوزراء أن قناة السويس تعمل بشكلٍ مُتوازٍ على تَعزيز الشراكات الوطنية لتوطين صناعة بناء الوحدات البحرية واليخوت السياحية من خلال مصنع مصر للقاطرات، وشركة قناة السويس للقوارب الحديثة ضمن المنطقة الحرة بسفاجا، بالشراكة مع شركة ترسانة جنوب البحر الأحمر.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي، أن هذه جُهود مُستمرة على مُختلف الأصعدة للخروج من عُنق الزجاجة لآفاقٍ أرحب من التطوير والتحديث والتنمية بقناة السويس والمنطقة الاقتصادية المُحيطة بها، بما يُشكل الضمانة الحقيقية لريادة القناة وتعظيم دورها ومكانتها العالمية مهما تصاعدت حِدّة التحديات المُحيطة.