فى دفاتر الأسرة المصرية.. حكايات توجع القلب تنتظر قانون الأحوال الشخصية
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
جبروت الخناقات الزوجية يكسر كيان الأسرة المصرية
فى أروقة محاكم الأحوال الشخصية وعلى صفحات السوشيال ميديا تأتى الحكايات بالفعل (مرعبة)، والأرقام فى تزايد تكشفها إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فعدد حالات الطلاق في مصر سجلت 269.8 ألف حالة عام 2022 مقابل 254.8 ألف حالة طلاق عام 2021م، والأسوأ بعيداً عن حجم الأرقام الكبير هو أن الاختلاف بين الزوجين لم يعد مثلما كنا نراه فى الماضى يسعى الجميع للصلح من أجل مصلحة الأولاد.
وقائع مأساوية للخلافات الزوجية ربما كان أكثرها حزنًا فى القلب قصة مريم مجدى بنت مصرية من المنصورة تزوجت من مصري- سويسري عاشا مع بعضهما عدة سنوات أنجبا خلالها طفلتين. ولكن حدث خلاف بينهما لمعاملته السيئة فقررا الانفصال، وبما أن الأطفال تحت سن الرشد فمن الطبيعي أن يكونوا فى حضانة الأم بحسب القانون المصرى، وتم الحكم للزوج بالرؤية، ولكن الزوج الذى يحمل الجنسية المصرية والسويسرية نجح فى أن يهرب بالبنتين إلى سويسرا منذ عام لتبدأ الأم الشابة رحلة عذاب، ولكن بإصرار من أجل إعادة بنتيها لحضنها فسافرت لسويسرا ورفعت دعاوى قضائية هناك وبعد جلسات ومشاورات أخذت الإقامة السويسرية لتستطيع التعامل، ومباشرة القضايا لديها ونقل حضانة البنتين إليها. وتم الاتفاق بينها وبين زوجها (إلى أن تفصل المحكمة بينهما بشكل رسمى) أن تذهب البنتان إليه عدة أيام وإليها عدة أيام وتم منه الالتزام الرسمى بأن الأم سترى بنتيها عندما تريد لحين الفصل النهائي أيضًا واستلامها أوراق حضانتها للبنتين، وإلى أن توفر الحكومة السويسرية سكن معيشى يليق بها وبطفلتيها. وقد وافقت الحكومة السويسرية عليها وألزمت الأب بدفع مبالغ مالية لنفقة الأم والبنتين لأنها ما زالت على ذمته ولم تطلقهما المحكمة إلى الآن ولكنهما لا يقيمان فى مسكن واحد.وقد أحضر الزوج مسكنًا آخر للبنتين والأم لكى يتلاقوا فيه حين الرؤية للبنتين وكل هذا قيد الأحكام النهائية للأم رسميًا حتى يوم 31 يناير 2024 حيث ذهبت مريم كالعادة لرؤية بنتيها حيث كشفت كاميرات الفندق أن زوجها كان آخر شخص خرجت معه فى ذلك اليوم، ولكنها لم تعد إلى الفندق حتى وجدوها فى مشهد مأساوى، كما يقول أحمد بدوي نائب رئيس الجالية المصرية في سويسرا، حيث تم العثور على جثة مريم بعد اختفاء لعشرة أيام عن محل إقامتها فى سويسرا حيث وُجدت جثتها هامدة على ضفاف نهر الراين ليتم القبض على زوجها كمشتبه به للخلافات الكثيرة بينهما على ضم البنتين للأم.
يقول بدوى: كنا فى جمعية المصريين بسويسرا على تواصل دائم مع السفارة المصرية ممثلة في السفير المصري وائل جاد، والقنصل أمجد رزق لمتابعة سير التحقيقات لتيسير دفن جثمان مريم فى وطنها مصر، ومتابعة مصير الطفلتين، لتكتمل فصول القصة الحزينة لأم اتبعت كل الطرق القانونية لإعادة بنتيها ودفعت الثمن حياتها، والأسوأ هنا ليس فى وفاة الأم ومقتلها بهذه البشاعة، ولكن فى مصير الطفلتين، فقد لا تتمكن أسرة مريم من إعادتهما أبداً بحسب القوانين السويسرية.
قصص حزينةالقصص الحزينة فى ملف الأحوال الشخصية كثيرة، والضحية كثيرًا ما تكون الأم، وأحيانًا يكون الأب، ففى قصة سارة فصول لم تكتمل بعد حيث داخت سارة طوال ثلاث سنوات، وهى محرومة من أولادها وكانت غلطتها أنها عملت بصلة الرحم، وأرسلت الأولاد لأبيهم وأهله لكى يراهم ولكن العم والأب رتبا الأوراق وسافر بالأولاد خارج مصر لتبدأ سارة رحلة طويلة مع المحاولات الودية، لتسترد أولادها التوأم محمد وعلي وكلها باءت بالفشل إلى أن توفي أبوها حزنًا عليها وعلى أحفاده. حتى تدخلت العناية الإلهية ودعوات الناس وساعدها محافظ الإسكندرية ومدير الأمن واستلمت سارة بمساعدة قوة الشرطة والقضاء أولادها بصورة قانونية أثناء زيارة الأب لمصر.
أما عم محمد فقد كان تفكيره سببًا فى مأساة بناته فهو يرى أن جوازهن سترة، لذلك رفض أن يستكملن تعليمهن وقام بتزويجهن فى سن 15 و16 سنة ليتم طلاق الكبيرة، وهى فى سن 25 سنة، ومعها ثلاثة أولاد، لتعمل بوابة فى عمارة لتنفق على عيالها بعد أن رفض طليقها أن يدفع لها جنيهًا واحدًا، ولم تستطع أن تثبت لها دخلاً. أما البنت الثانية فتزوجت من مدمن يضربها ليلاً ونهارًا ويرفض طلاقها، وبدأت هى الأخرى سلسلة من الدعاوى لكى تنجو من النار التى تعيشها مع زوج كلما جاء له إنذار من المحكمة يذهب إلى بيت أهلها، ويمسك بالطفلين ليوسعهما ضرباً أمام الجميع..
أما سلوى فقد اضطرت أمام ضيق ذات اليد أن ترسل ابنتها لتعيش شهور الأجازة مع والدها كشرط أساسى لاستمرار دفع مصروف البنت (600 جنيه شهريًا)، ولكى يرسل نفقة لإخوتها الصغار، وفى إحدى الأجازات جاءت مكالمة الزوج أنه سيزوج ابنته التى تبلغ من العمر 24 عامًا، فالجواز سترة لها، وهنا صرخت البنت، وكانت المحكمة، والقضايا هى الحل الوحيد الذى لا زال ينتظر الحكم.
الأزواج أيضًا ضحايافى مشاكل الأحوال الشخصية الشرير هو صاحب النفس المريضة، وقد تكون الزوجة هى هذا الشخص مثلما حدث مع محمود الذى طلق زوجته بما يرضى الله، وأعطى لها حقوقها كاملة من أجل الحفاظ على سلامة نفسية الولد والبنتين. وانتظم فى دفع النفقة، وبزيادة ولكن ما إن علمت الزوجة أنه قرر الزواج، وبدأت الدعاوى تنهال عليه من كل جانب ويجد أن الزوجة نجحت من خلال محامٍ أن تحصل على حكم متجمد نفقة وصل لأكثر من 200 ألف جنيه ليجد نفسه ممنوعًا من السفر طالما لم يسدد المبلغ بل معرض للحبس، وعندما اتصل بمحامى الزوجة أخبره بأنه إما الدفع أو الحبس، واضطر أن يدفع المبلغ ثم على الفور يذهب هو أيضًا لمحامٍ ليقرر أن (يدوخ) طليقته السبع دوخات على النفقة جزاء لفعلتها.
أما سمير فقد قامت طليقته برفع دعوى تمكين، ونفقة وقامت بضربه بمساعدة بلطجية ثم جرحت نفسها لتحصل ضده على جنحة ضرب، وحكم بالحبس، وعندما تقرر المحكمة له رؤية أولاده تكون الأساليب الشيطانية من الزوجة حتى لا يراهم، ليظل على هذا الوضع أكثر من ثلاث سنوات، وحتى الآن.
أما خالد فقد قتل ابنته بعد أن اشتعلت فيه نار الغيرة بسبب طلاق زوجته وزواجها من رجل آخر وبعد أن ظل يهددها بأنه سيقتلها إذا تزوجت غيره، وفى النهاية كانت الابنة هى الضحية التى دفعت ثمن تلك الخلافات.
قانون إنسانىنحن بحاجة إلى قانون إنسانى يفض الاشتباك، وهذا الجرم والقسوة فى التعامل بين زوجين قررا عدم استكمال الحياة، ولكن العناد جعل الضحايا بينهما هم الأطفال، ولعل المبادرة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ مارس الماضى عندما طالب بتعديل القانون، ومتابعة الثغرات للحفاظ على كيان الأسرة المصرية، والحفاظ على الأطفال ضحايا التفكك الأسرى تجعلنا نتطلع للخروج بقانون موحد توافقي يحقق التوازن بين طرفي النزاع، ويراعي مصلحة الطفل في المقام الأول، بحسب تصريحات للدكتور إيهاب رمزي عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، والذى قال: إن "أبرز ملامح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد إنشاء صندوق لرعاية الأسرة، ووثيقة تأمين لدعمها ماديًّا في مواجهة النفقات، وإعادة صياغة وثيقة الزواج، وتوثيق حالات الطلاق، فالتعديلات الجديدة ستمنح الزوجة الحق في ضم حضانة الطفل في حالة زواجها مرة أخرى بعد الطلاق، وذلك إذا رأى القاضي عدم وجود ضرر على الطفل في ذلك الوقت، لأن بعض الأمهات التي يتم طلاقهن في سن صغيرة يعانون رفض الزواج مرة ثانية حتى لا يفقدوا حق الحضانة مما يحرمهم من الحق في الزواج مرة ثانية.
وكانت نشوى الديب عضو مجلس النواب، ومعها 60 نائبًا، قد تبنت مشروع قانون أعدته مؤسسة قضايا المرأة المصرية المتعلقة بها، ويطرح مشروع القانون المقترح عدة تعديلات منها: أن يكون الطلاق بيد المحكمة، وذلك بأن يقوم كل من الزوج والزوجة الراغبين في الطلاق بتقديم طلب للمحكمة يتم فيه إبداء أسباب الطلاق، وبعد محاولات الإصلاح عن طريق اللجان المتخصصة، وفي حالة فشلها مع إصرار الزوج على إيقاع الطلاق تقوم المحكمة بإجابة طلب طلاق زوجته مع إعطائها كل الحقوق المترتبة على الطلاق (عدة- متعة- مؤخر صداق)، وتحديد نفقة للأطفال إن وجد، ويأتي ذلك توفيرًا للجهد الذي تتكبده النساء، وأولادهن فى الحصول على حقوقهن، ونفقة أولادهن.
وفي حالة ما إذا كانت الزوجة هي مقدمة الطلب، ووجدت المحكمة أسبابًا منطقية للطلاق طلقتها مع إعطائها كافة حقوقها القانونية، بينما في حالة عدم وجود أسباب منطقية، وإصرارها على الطلاق يتم الطلاق مع تنازلها عن جميع حقوقها القانونية، وهو ما يؤدي إلى توفير الكثير من الوقت، والتكاليف والمجهود، ومن ثم المساعدة على الاستقرار النفسي، والمعنوي لكثير من الأسر والأطفال. كما يشدد القانون على احتفاظ الأم بأولادها في حالة زواجها للمرة الثانية، مع مراعاة المصلحة الفضلى للطفل.
تعديلات مطلوبةهناء عطافى رئيس اتحاد محاميات جنوب الجيزة ترى أن التعديلات الجديدة ستمنح الزوجة الحق في ضم حضانة الطفل في حالة زواجها مرة أخرى بعد الطلاق، وذلك إذا رأى القاضي عدم وجود ضرر على الطفل في ذلك الوقت، لأن بعض الأمهات التي يتم طلاقهن في سن صغيرة يعانين رفض الزواج مرة ثانية حتى لا يفقدن حق الحضانة.
وقالت عطافى: إن قانون صندوق رعاية الأسرة المصرية الذى يتكون من 13 مادة سيعمل على تأمين دعم الأسرة ماديًا في مواجهة النفقات، والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية، وقالت إن قانون الأحوال الشخصية الجديد المكون من 355 مادة، ينظم النواحى الموضوعية والإجرائية للأحوال الشخصية والولاية، وتتضمن أهم محاور قانون الأحوال الشخصية الجديد أن يكون هناك توثيق للطلاق كما هو الحال في توثيق الزواج، وعدم ترتيب أي التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به، كما منح صلاحيات جديدة للقاضي للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة، والسماح للقاضى بمخاطبة جهة عمل المطلق لمعرفة دخله وتقدير النفقة، ووضع القانون نظامًا جديدًا يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة على أن يتم الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج، ونصيب كلٍ منهم في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج فضلاً عن تقصير مدد الفصل فى دعاوى الأسرة، واستحداث إجراءات للحد من الطلاق.
ونظم القانون عملية الرؤية، وعدم السماح لمن يرفض دفع النفقة لأبنائه من رؤيتهم، كما استحدث مادة متعلقة بتنظيم الاستضافة لمدة يومين أو ثلاثة أيام فى الشهر، فضلاً عن استحداث الرؤية الإلكترونية لغير الحاضن المتواجد فى الخارج، كما يعالج القانون الأمور المالية المتعلقة بمصاريف التعليم، وضمان استمرار تعليم الأطفال فى المستوى التعليمى الذي كانوا عليه قبل الطلاق.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قانون الأحوال الشخصية قانون الأحوال الشخصیة الأسرة المصریة الطفل فی فی حالة من أجل
إقرأ أيضاً:
مستشار الطائفة الإنجيلية: قانون الأحوال الشخصية تسلسل لاستحقاقات تاريخية للمسيحيين
أكد يوسف طلعت، المستشار القانوني للطائفة الإنجيلية، أنه في قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين الجديد لن يسمح بالتطليق أو الزواج من أخرى بين الزوجين من خلال شهادات تغيير الملة الصورية.
وقال يوسف طلعت، خلال لقاء له لبرنامج “نظرة”، عبر فضائية “صدى البلد”، تقديم الإعلامي “حمدي رزق”، أن الطائفة الإنجيلية لا تصدر أي شهادات لتغير الملة منذ سنوات، وحال تغيير الملة يتم وفق إجراءات معقدة بحسب المجلس الإنجيلي الأعلى.
وتابع المستشار القانوني للطائفة الإنجيلية، أن قانون الأحوال الشخصية هو تسلسل لاستحقاقات تاريخية للمواطنين المسيحيين، مشيرا إلى أن القانون يتكون من 160 مادة، مفصل بنحو 10 أبواب متعددة.
وأشار إلى أن الرجل والمرأة في مواد المواريث بالقانون الجديد سيكون للذكر مثل الأنثى، عكس المعمول به على قاعدة الدين الإسلامي وهي للذكر مثل حظ الأنثيين.